ما الذي تريده إسرائيل للبنان
آخر تحديث GMT 12:38:00
 فلسطين اليوم -

ما الذي تريده إسرائيل للبنان؟

 فلسطين اليوم -

ما الذي تريده إسرائيل للبنان

بقلم : عريب الرنتاوي

يعيش اللبنانيون، المثقفون منهم على وجه الخصوص، تداعيات صدمة القبض على المخرج والممثل المسرحي المعروف زياد عيتاني بتهمة التخابر مع "الموساد" الإسرائيلي ... وبين مُصدق للخبر ومُكذب له، تمضي التحقيقات مع المتهم، وتتوالى اعترافاته، لتكشف جانباً من "مستور" النوايا الخبيئة والخبيثة للإسرائيليين حيال لبنان وأهله.

لا شيء مثير للدهشة في حكاية تجنيد العيتاني ... القصة باتت معروفة، فتاة جميلة تتواصل بك عبر شبكات التواصل الاجتماعي، تطلب صداقتك وتحاورك في الشأن العام، وتسعى في "تخليق" مشتركات بينك وبينها، ولا بأس من ممارسات جنسية حميمة عبر أثير الفيسوك والمسانجر، تنتهي إلى ابتزازك بنشر "غسيلك الوسخ"، وإن كنت تورطت في البوح بما تعتقده معلومات حساسة عن جهات خاصة أو عامة، سيُستخدم ضدك ولابتزازك ... هذا ما حصل مع المخرج الشاب، المعروف في الأوساط الفنية والثقافية والسياسية.

لكن ما يثير الاهتمام حقاً في قصة العيتاني، أن "مشغلته"، الضابطة الحسناء في "الموساد" الإسرائيلي كوليت فيانفي، كلفت "الفنان" بالتقرب من شخصيتين لبنانيتين سنيتين معروفتين، وإن معسكرين مختلفين ... الأول، هو وزير الداخلية الحالي وأحد المقربين من الرئيس سعد الحريري، نهاد المشنوق، من خلال مدير مكتبه محمد بركات ... والثاني، هو الوزير السابق عبد الرحيم مراد، الناصري السابق، من خلال نجله حسن، الذي صادف أنه من معارف المخرج – المتهم.

لا أدري لماذا استعجلت الأجهزة الأمنية لإلقاء القبض على العيتاني، وهو الذي كان على موعد مع الضابطة الإسرائيلية في لبنان بعد بضعة أيام، في فندق البستان الجميل، في بلدة برمانا الجبلية المذهلة، حيث كان بالإمكان ضبط "المُشغل" و"المشتغل به" بالجرم المشهود، بما يمثل جائزة كبرى للبنان وأجهزته الأمنية ... يبدو أن ثمة تفاصيل عديدة، لم نعرفها بعد عن مجريات التحقيق.

السؤال الذي يجد إجابته من دون بحث وكبير عناء، هو: لماذا تهتم إسرائيل بجميع بيانات تفصيلية عن مسؤوليين لبنانيين، ليسا مندرجين في قائمة أعدائها الألداء، وهما بكل تأكيد ليسا متورطين في أية أعمال "إرهابية" ضدها، ولا من يومياتهما، متابعة تجنيد وتدريب وتسليح وتمويل، خلايا المقاومة في الضفة والقدس وقطاع غزة وداخل الأخضر ... وإذا كان الوزير مراد من بيئة حزب الله السياسية، فإن الوزير المشنوق، من زعماء المعسكر المناهض لحزب الله البارزين.

التفسير الذي يُجمع اللبنانيون عليه، هو أن إسرائيل باستهدافها لهاتين الشخصيتين أو أي منهما، تسعى في إشعال الصراع المذهبي في لبنان ... وإعادة البلاد إلى مناخات "حرب الاغتيالات" التي أعقبت اغتيال الرئيس رفيق الحريري في العام 2005 ... لو أن "المُشغلة" الحسناء، وصلت إلى بيروت، واستطلعت أهدافها، وأعطت أوامرها لفرق القتل والتنفيذ والاغتيال، لكان لبنان، غرق في بحر من الفوضى وحروب الاتهامات، ولكان انزلق إلى المستنقع الذي أُريد له أن ينزلق إليه، بعد حكاية الحريري وغيبته واستقالته وبقية القصة المعروفة.

تعلمنا هذه الواقعة، التي تتولاها أجهزة أمنية غير محسوبة على فريق حزب الله وجماعة 8 آذار، أن إسرائيل يمكن أن تتورط  في مسلسل اغتيالات، ويمكن أن تطيح بوجوه وزعامات وشخصيات، ليست من نادي "مقاوميها"، بل من خصومهم ... فكيف يجرؤ كثيرون على رفض التفكير بمسؤوليتها عن جرائم سابقة وقعت في لبنان، وكانت سبباً في انقسام أبنائه واصطراعهم، ووصولهم إلى حافة الحاوية منذ العام المشؤوم لاغتيال الحريري.

قد يتقبل كثيرٌ من اللبنانيين اليوم، فرضية أن إسرائيل تخطط لإذكاء الفتنة الطائفية والمذهبية في لبنان، في ضوء التحقيقات التي جرت مع زياد عيتاني، ولكن أغلب هؤلاء، ما كانوا ليصدقوا هذه الفرضية، أو حتى يستمعوا لهذه الرواية، لو أنها كشفت بعد اغتيال المشنوق ومراد – أمدّ الله في عمريهما – قبل الجريمة الرواية قابلة للتصديق، أما بعدها، فهيهات أن تجد من يصغي لها.

قديماً كنا نحمّل إسرائيل وزر أي جريمة من هذا النوع، باعتبار أنها صاحبة مصلحة، وأن ذراعها طويلة، ورغبة منّا في البحث عن "مشجب" نعلق عليها أخطاءها وخطايانا ... لكن السنوات العشر الأخيرة، شهدت بروز ظاهرة معاكسة تماماً: فأي اتهام لإسرائيل في حالات من هذا النوع، يقابل بالسخرية والتشكيك، وننسبه إلى من نرى فيه خصماً من أهل البيت أو الأشقاء والأصدقاء والجيران ... إن أنت قلت أن اسرائيل تدعم النصرة، قوبلت بالإدانة والاستهجان، وأن أنت إشرت إلى دور إسرائيلي في العراق أو سوريا أو لبنان أو في الانقسام الفلسطيني، قيل لك أن تبحث عن مشجب، وأنك "تغمس خارج الصحن"... تصدمنا التحقيقات مع العيتاني وأمثاله كثر في لبنان على وجه الخصوص، من دون أن تعدل في أنماط تفكيرنا، أو تعيد توجيه بوصلتنا صوب الخطر الحقيقي والتهديد الماثل.

ميزة لبنان، ان لديه مساحة واسعة من الحرية، تسمح بنشر التحقيقات والكشف عن المعطيات أولاً بأول ... ما يجري في لبنان، يجري مثله وأضعافه في معظم إن لم نقل جميع الدول العربية، ولكن بصمت ومن وراء أبواب موصدة ... لا نعرف عنها سوى القليل الأقل ... وربما لدى لبنان، أجهزة أمنية أكثر احترافية في الكشف عن شبكات التخابر والتجسس مما هو عليه الحال بالنسبة لدول عربية أخرى ... وربما لبنان مستهدف إسرائيلياً أكثر من غيره، لوجود حزب الله على أرضه ومن بين شعبه، وهو الكابوس الذي تحسب له إسرائيل ألف حساب، حتى وإن خرج علينا من يحاول إقناعنا، بأنه "أداة إسرائيل وذراعها"، طالما هو "أداة إيران وذراعها".

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما الذي تريده إسرائيل للبنان ما الذي تريده إسرائيل للبنان



GMT 09:53 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

سؤالنا وتجربتهم

GMT 09:19 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

تونس على صفيح الصراع الإقليمي الساخن

GMT 09:05 2020 الخميس ,23 تموز / يوليو

العراق بين زيارتين وثلاث قذائف

GMT 06:33 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

هل بات «الضم» و«صفقة القرن» وراء ظهورنا؟

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 10:19 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحداث المشجعة تدفعك إلى الأمام وتنسيك الماضي

GMT 16:13 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتورة أميرة الهندي تؤكد استحواذ إسرائيل على ثلث المرضى

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عروض فنية للأطفال في افتتاح مسرح "متروبول"

GMT 06:02 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تألق سويفت ولارسون وكلارك وصلاح في حفل "تايم"

GMT 14:01 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

سكارليت جوهانسون تُوضِّح أنّ وقف تقنية "deepfake" قضية خاسرة

GMT 06:31 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

خبراء يكشفون عن أسوأ 25 كلمة مرور تم استعمالها خلال عام 2018

GMT 15:38 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحمد أحمد يتوجّه إلى فرنسا في زيارة تستغرق 3 أيام

GMT 09:02 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"إسبانيا" الوجهة المثالية لقضاء شهر عسل مميز

GMT 04:53 2015 الأحد ,15 آذار/ مارس

القلادة الكبيرة حلم كل امرأة في موضة 2015
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday