مقالات   في السجال الدائر حول خطة ترامب والانتفاضة الثالثة
آخر تحديث GMT 12:38:00
 فلسطين اليوم -

مقالات > > في السجال الدائر حول "خطة ترامب" و"الانتفاضة الثالثة"

 فلسطين اليوم -

مقالات   في السجال الدائر حول خطة ترامب والانتفاضة الثالثة

بقلم : عريب الرنتاوي

ثمة من يجادل بأن قرار الرئيس ترامب بشأن القدس، لم يحسم الجدل حول مستقبل المدينة ومصيرها النهائي، وأنه أبقى الباب مفتوحاً لعاصمة فلسطينية في القدس الشرقية (ناقصةً البراق/المبكى وربما غيره)، او ربما لمدنية موحدة بعاصمتين اثنتين ... هؤلاء يقترحون التريث بانتظار "صفقة القرن" التي ستستبطن مؤشرات إضافية حول صيغة الحل النهائي للمسألة الفلسطينية.

مثل هذه الفرضية، تصدر عن جهات عربية وإسرائيلية على حد سواء، بل وعن مصادر غربية ما زالت "غير مصدقة" أن رئيس أكبر وأقوى دولة في العالم، قرر الانفراد بموقف يتعارض مع إجماع دولي نادر، تكشف في ردود الأفعال الكونية على القرار، ما يعني أنه يتعين علينا التريث لبضعة أشهر أخرى، قبل أن ننجرف إلى مواقف قطعية وقاطعة سواء من مستقبل عملية السلام أو من الدور الأمريكي في هذه العملية.

سندع جانباً المواقف التي تصدر عن "عجز" أو "تواطؤ" كما ذهبنا في تشخصينا للحالة العربية في مقالات سابقة، وسنفترض لغايات النقاش، أن هذه الفرضية تنطوي على قدر من الصحة، لنتساءل: ما الذي يتعين على الفلسطينيين والعرب فعله في هذه المرحلة، وإلى أن يتصاعد الدخان الأبيض من "مدخنة" البيت الأبيض؟ ... وكيف يمكن الاطمئنان إلى صحة هذه "النظرية"؟
نحن لا نعرف ابتداءً متى سيكشف ترامب عن "صفقة العصر والزمان"، فضلاً عن أن أحداً من الفلسطينيين أو العرب، لا يعرف شيئاً أكيداً عن مضمون هذه الصفقة، وربما جاء إعلان القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها، وما تبعه من شروحات وتوضيحات، لا تُخرج "حدود" المدينة من جدول أعمال المفاوضات النهائية، وتبشر بمرحلة تمتد لثلاث سنوات لإتمام نقل السفارة، نقول ربما جاء هذا الإعلان من قبيل "جس النبض"، ومحاولة التعرف على الحدود النهائية للموقفين الفلسطيني والعربي من هذه المسألة شديدة الحساسية والتعقيد.

وسنبني على الشيء مقتضاه، لنقول إن ما قام به الفلسطينيون على وجه التحديد، وحتى الآن على الأقل، هو "أضعف إيمان" ردود الفعل المطلوبة في مواجهة القرار الأمريكي ... فإن كان الصراع ما زال دائراً على "حدود" القدس، فإن من المنطقي، ومن باب "تحصيل الحاصل" إن يعمد الفلسطينيون إلى استخدام كافة أوراق القوة التي بحوزتهم، استناداً إلى عدالة قضية والصحوة الكونية التي فجّرها القرار لصالح حقوقهم العادلة والمشروعة.

ومن دون أن تكون لديهم أية أوهام هو مواقف هذه الدولة أو تلك، هذا الزعيم أو ذاك، لا مندوحة أمامهم سوى استثمار كل صوت وتوظيف كل موقف او تصريح أو حتى إيماءة، للدلالة على خطورة القرار الأمريكي وبؤس المقاربة التي استند إليها الفريق الرئاسي في واشنطن، عندما تقدم لسيد البيت الأبيض بمثل هذه التوصية الخرقاء.

هنا يأخذنا الجدل، بفرضياته المتعددة، إلى موضوع آخر، متصل تماماً بالموضوع، والمقصود به موضوع "الانتفاضة الثالثة"، وما إذا كان بمقدور الفلسطينيين الانتقال جدياً من الاحتجاج إلى الانتفاضة، أو ما إذا كان عليهم فعل ذلك أم لا ...هنا نقول: صحيح أن مياه كثيرة قد جرت بين أول انتفاضة وأزمتنا الراهنة، وبين ثاني انتفاضة بالأمس القريب وما يدور اليوم من هبّات وتحركات شعبية ... لكن الصحيح كذلك، أن "الترويكا الإسرائيلية" الحاكمة، و"الترويكا الأمريكية" المولجة بملف الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، تركتا الفلسطينيين وظهورهم إلى جدار، ولم تبقيا لهم من خيار آخر سوى الانتفاض

يفترض البعض أن الانتفاضة الثالثة، تعني "كارثة ثالثة"، ويستدل على ذلك بإحجام الفلسطينيين عن الانخراط في فعل انتفاضي شامل ... والحقيقة أن ثمة إحجام وتردد، ليس مرده النتائج الكارثية للانتفاضتين السابقتين كما يزعم، بل جراء التحولات التي طرأت على بنية المجتمع الفلسطيني بعد ثلاثين عاماً من الانتفاضة الأولى وسبعة عشر عاماً من الثانية، وهي تحولات أشرف عليها وهندسها في إطار نظرية السلام الاقتصادي الإسرائيلية، وترجمتها الفلسطينية "بناء الدولة تحت جلد الاحتلال"، أو "الفياضية" نسبة إلى سلام فياض، وفقا لتعبير توماس فريدمان، نقول أشرف عليها وهندسها كل من طوني بلير والجنرال كيت دايتون.

إن كانت الانتفاضتان الأولى والثانية، قد اندلعتا بصورة تلقائية وعفوية، قبل أن تلتحق بركبهما الفصائل والقوى الفلسطينية المنظمة، فإن "الانتفاضة الثالثة" هذه المرة، ربما تأتي على نحو مغاير، وربما تكون بحاجة إلى "تصنيع" وإعداد مسبقين، وربما بنفس طويل، من قبل القوى المنظمة، داخل الفصائل وخارجها ... ولا يضير الانتفاضة الحالية أن معظم المنخرطين فيها من جيل ما بعد أوسلو، فالانتفاضتان السابقتان، كانتا فعلاً شبابياً وفي سياقاتهما نشأت مصطلحات من نوع "أطفال الحجارة" ... المهم أن يكسر الحراك الشعبي الفلسطيني جدار الصمت والركود، وأن يسعى في رفع كلفة الاحتلال بأي ثمن، مع الأخذ بنظر الاعتبار دائماً وفي كل الظروف، بعضٍ من أهم المحدودات والضوابط التي يتعين عدم اجتيازها واللعب بها وأهمها: (1) أن يكون الفعل الشعبي من جنس القضية ونوعها، أخلاقياً بامتياز، فما من قضية في العالم تستبطن هذا القدر من القيمة الأخلاقية مثل القضية الفلسطينية ... (2) وأن تعتمد كافة الوسائل الكفاحية التي تنسجم تماماً، وتنسجم فقط، مع هدف الشعب الفلسطيني في البقاء على أرضه والصمود على ترابه الوطني ... (3) وأن تسد كافة الأبواب والنوافذ والشقوق في وجه أية محاولة للتسلل إلى الداخل الفلسطيني من قبل العواصم والمحاور المتصارعة في الإقليم المضطرب من حولنا، حتى لا تخرج القضية عن سياقها، بوصفها قضية خارج المحاور كافة، وفوقها جميعاً.

في مطلق الأحوال، ومختلف الظروف، يتعين على الفلسطينيين إقناع العالم بأن زمن السكينة والهدوء قد انتهى، وأن عصر الاحتلال "غير المكلف" قد ولّى إلى غير رجعة، وأنهم إذ يرحبون بأي دعم وإسناد عربي أو أجنبي، صديق او شقيق، فإنهم هم من سيصنع مستقبلهم بتضحياتهم، غير منتظرين للترياق، لا من "الباب العالي" ولا من المحاور المتصارعة على ضفتي الخليج العربي/ الفارسي، ولا من أية جهة أخرى مهما كانت، فما حك جلدك غير ظفرك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مقالات   في السجال الدائر حول خطة ترامب والانتفاضة الثالثة مقالات   في السجال الدائر حول خطة ترامب والانتفاضة الثالثة



GMT 09:53 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

سؤالنا وتجربتهم

GMT 09:19 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

تونس على صفيح الصراع الإقليمي الساخن

GMT 09:05 2020 الخميس ,23 تموز / يوليو

العراق بين زيارتين وثلاث قذائف

GMT 06:33 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

هل بات «الضم» و«صفقة القرن» وراء ظهورنا؟

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 01:45 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 05:59 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

تصوير دينا الشربيني وعمرو دياب خلسة بحضور أحمد أبو هشيمة

GMT 15:41 2017 الثلاثاء ,17 كانون الثاني / يناير

أسعار الفضة تشهد تحركات ضعيفة وتحقّق 16.81 دولارًا للأونصة

GMT 04:37 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقع التواصل تُزيد من مخاطر التنمر الإلكتروني بين الأطفال

GMT 05:40 2016 السبت ,17 كانون الأول / ديسمبر

الفنان مروان خوري يوضح سر عدم زواجه

GMT 02:05 2019 السبت ,23 شباط / فبراير

هاري وميغان في زيارة إلى المغرب تستغرق 3 أيام

GMT 15:22 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

أسرار إعادة الحب والسعادة والمودة إلى الحياة الزوجية

GMT 13:51 2015 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

اللواء تيسير البطش يتفقد معبر بيت حانون
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday