من «الاعتمادية» إلى «الاعتماد على الذات»
آخر تحديث GMT 12:38:00
 فلسطين اليوم -

من «الاعتمادية» إلى «الاعتماد على الذات»

 فلسطين اليوم -

من «الاعتمادية» إلى «الاعتماد على الذات»

بقلم :عريب الرنتاوي

يتعين على الحكومة بذل مزيد من الجهد لشرح وتوضيح «استراتيجيتها» للانتقال بالبلاد من إسار «الاعتمادية» الراهنة إلى فضاء «الاعتماد على الذات» ... يوم أمس، حاور الوزير عماد الفاخوري جمعاً من الخبراء والنواب والإعلاميين ورجال أعمال والأحزاب والمجتمع المدني، في ورشة حملت عنوان هذه المقالة، وبدا الرجل متمكناً من جميع «ملفاته»، ولم يبق سؤالاً من دون أن يجيب عليه، وبتوسع وحماسة ظاهرين، الأمر الذي أثار احترام المشاركين، بمن فيهم من اختلفوا معه في الرأي والفكرة، وشجع قطاعاً واسعاً منهم على طلب المزيد من هذه اللقاءات، وبمشاركةٍ أوسع من وزراء الحكومة ومسؤوليها في مختلف الاختصاصات، فقنوات التواصل والحوار بين الحكومة والرأي العام، ليست سالكة تماماً، وبانسدادها تتعمق فجوة الثقة بين المواطن ومؤسسات دولته، وتلكم ليست أفضل «وصفة» يمكن الركون إليها، سيما في هذا الوضع المتفجر من حولنا، وما يعتمل في «دواخلنا» من مشكلات وتحديات.

الدكتور جواد العناني، كعادته دوماً، جمع بين السياسة والاقتصاد، وقدم مفهوماً لـ «الاعتمادية» لحظ جوانبها السياسية والاستراتيجية، مع أن الوزير الفاخوري، كان عرض لمعايير «الاعتماد على الذات»، وحدد ملامح المفهوم من وجهة نظره، التي هي وجهة نظر عابرة للحكومات في الغالب الأعم، كونه تنقل بين مواقع مهمة ومسؤولة في إدارة الملف الاقتصادي وتولي المسؤولية عن جوانب عديدة منه.

خلاصة القول: إن قنوات الحوار بين المسؤول والمواطن، ليست مفتوحة بالاتجاهين، وهذه وضعية لا يجوز الاستمرار بها، بأي حال من الأحوال، لم تخسر الحكومة شيئاً بتكليف الوزير الفاخوري المشاركة في الورشة، بل ربحت الشيء الكثير، على الأقل بدا أن هناك فهماً أفضل، وربما «تفهماً» أكثر جدية، للخطاب الحكومي، حتى وإن ظل التباين والخلاف، قائمين.

والحكومة معنية بتوسيع وتنويع قنوات التواصل والحوار، والانتقال به عبر القطاعات والمحافظات والفئات الشعبية والاجتماعية، فلا يمكن للسياسة الاقتصادية وما رافقها وصاحبها، من إجراءات قاسية على جيوب المواطنين، أن تمر بأقل قدر من الكلفة، من دون ردم فجوة الثقة، والاستعانة بفهم الجمهور وتفهمه، وصولاً إلى بناء التفاهمات والتوافقات الوطنية الأوسع والأعرض، وطالما أن المواطن هو «المانح» الرئيس للموازنة العامة للدولة، وبنسبة تفوق بعشرة أضعاف، كل ما يردنا من مساعدات وقروض وتسهيلات، فإن من المنطقي أن نعود للمواطن لاستشارته فيما نفعله أو ننوي فعله، مثلما نفعل باهتمام وانتظام مع مجتمع المانحين الإقليميين والدوليين.

وعلى الحكومة ألا تستسهل «حالة الإنكار» أو تقع فيها، وأن تستشعر القلق المتأتي عن غضب المواطنين وضيقهم بسياساتها وإجراءاتها، فهؤلاء ظهورهم إلى جدار، والإجراءات تمس صميم احتياجاتهم اليومية كحليب أطفالهم وقوت عائلاتهم ... ولا يجوز بحال الركون من دون تحفظ، إلى انضباط المواطن الأردني ووعيه وحرصه على أمن بلده واستقراره، وخشيته من الانزلاق إلى أتون فوضى لا يرغب بها أحد، وليس لأحد منّا مصلحة فيها، يتعين البناء على كل هذا وذاك، للوصول إلى درجة أعلى من التفاهم والتوافق، والطريق الوحيد لذلك، هو التواصل والحوار.

لقد كنّا بالأمس، أمام «بروفة» تصلح أن توصف بأنها «مقطع عامودي» لأي حوار وطني حول العناوين المشار إليها ... تمثلت الحكومة ومختلف شرائح المجتمع الأردني تقريباً، وكان حواراً حضارياً، تكشف عن وجهات نظر ومدارس عديدة، يمكن التوفيق بينها والتجسير بين مقاربتها ... فهناك من كان مشدوداً للمعالجة الفورية لأزمة العجز والمديونية، ولديه ما يقترحه من أدوات مالية ونقدية لفعل ذلك، ويمكن فهم ذلك إلى حد معين، وهناك من كان مشدوداً للمعالجة متوسطة وبعيدة المدى، وقدم مداخلات تنتمي إلى المدرسة الاقتصادية – التنموية، وهناك من سعى في خلق المزاوجة بين المدرستين والاحتياجين، وسعى في نسج ملاح خطة خلاص وطني، يعرف كل فريق منّا، دوره فيها على اكمل وجه.

الأردنيون الغاضبون من قرار رفع الدعم والضرائب، ضاقوا ذرعاً بحالة «الاعتمادية» التي تعتصر بلادهم، ومن استمع إلى شعارات التظاهرات الأخيرة وخطاباتها، تلمس هذه الظاهرة بكل الوضوح ... وهم يتطلعون، حتى وهم في ذروة غضبهم، لمرحلة يبلغ فيها الأردن، «سن الفطام» عن مجتمع المانحين، فثمة جرعة من الكرامة والكبرياء، يمكن البناء عليها لاجتراح استراتيجية الاعتماد على الذات.

يتعين على الدولة بكل مؤسساتها، أن تستنهض حواراً وطنياً جامعاً، يعيد الثقة للأردنيين بمؤسساتهم، وبالعملية السياسية الجارية في بلدهم، تجسيراً للفجوة، وتوطئة لتوزيع أعباء الاستراتيجية الاعتماد على الذات، والأهم من كل هذا وذاك وتلك، تعزيز قناعة المواطنين بأننا سائرون على هذا الطريق، من دون هوادة، وأننا لسنا أمام «فزعة» أخرى، من تلك التي اعتدنا عليها.

المصدر : جريدة الدستور

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من «الاعتمادية» إلى «الاعتماد على الذات» من «الاعتمادية» إلى «الاعتماد على الذات»



GMT 09:53 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

سؤالنا وتجربتهم

GMT 09:19 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

تونس على صفيح الصراع الإقليمي الساخن

GMT 09:05 2020 الخميس ,23 تموز / يوليو

العراق بين زيارتين وثلاث قذائف

GMT 06:33 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

هل بات «الضم» و«صفقة القرن» وراء ظهورنا؟

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 10:19 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحداث المشجعة تدفعك إلى الأمام وتنسيك الماضي

GMT 16:13 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتورة أميرة الهندي تؤكد استحواذ إسرائيل على ثلث المرضى

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عروض فنية للأطفال في افتتاح مسرح "متروبول"

GMT 06:02 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تألق سويفت ولارسون وكلارك وصلاح في حفل "تايم"

GMT 14:01 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

سكارليت جوهانسون تُوضِّح أنّ وقف تقنية "deepfake" قضية خاسرة

GMT 06:31 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

خبراء يكشفون عن أسوأ 25 كلمة مرور تم استعمالها خلال عام 2018

GMT 15:38 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحمد أحمد يتوجّه إلى فرنسا في زيارة تستغرق 3 أيام

GMT 09:02 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"إسبانيا" الوجهة المثالية لقضاء شهر عسل مميز

GMT 04:53 2015 الأحد ,15 آذار/ مارس

القلادة الكبيرة حلم كل امرأة في موضة 2015
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday