من الحيلولة دون اتخاذ القرار إلى العمل على «احتواء تداعياته»
آخر تحديث GMT 12:38:00
 فلسطين اليوم -

من الحيلولة دون اتخاذ القرار إلى العمل على «احتواء تداعياته»

 فلسطين اليوم -

من الحيلولة دون اتخاذ القرار إلى العمل على «احتواء تداعياته»

بقلم : عريب الرنتاوي

لأن النظام الرسمي العربي لا يتوافر على أي قدر من "الجدية" و"المسؤولية"، وتراوح أغلب مكوناته بين العجز والتواطؤ، فقد جاء اجتماع وزراء الخارجية العرب، لاحقاً لقرار ترامب نقل السفارة والاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل ... التفكير المنطقي كان يقضي بانعقاد هذا الاجتماع قبل أخذ القرار، وبوقت ليس بالقصير، للحيلولة دون اتخاذه، بعد أن توضع الإدارة الأميركية أمام "جردة حساب" لما يمكن أن يصدر من ردود أفعال وتداعيات، ولتتعرف مسبقاً على "كلفة" هذا القرار وقيمة "فاتورته".

كنا جميعاً بانتظار القرار، والذين يتواصلون مع واشنطن كان يعرفون أن "شيئاً كبيراً" سيحدث ... والمسؤولون الأميركيون لم يتركوا الأمر للصدفة أو المفاجأة ... لم نؤخذ على حين غرة، ولم يهبط القرار علينا كالصاعقة ... لكننا آثرنا أن نلوذ بصمتنا وعجزنا، وأن نقف متسمرين، بين مصدق ومكذب، وأغلبنا كان مصدقاً، فقد قالوا لنا بالفم الملآن: ترامب سينقل السفارة وسيعترف بالقدس الموحدة عاصمة لإسرائيل.

قبل القرار، كان يمكن لموقف موحد وصلب يصدر عن النظام الرسمي العربي، أن يحول دون اتخاذه، أو أن يستطيع إرجاءه إن لم نقل إلغاءه ... سيما إن اقترن الموقف العربي المشترك ببعض التهديد، وتم التلويح بعدد من الإجراءات والخطوات التي ستُتخذ إن "ركب ترامب رأسه" ومضى في مشروعه ... بعد اتخاذ القرار، انتقلنا من الحديث عن الحيلولة دون اتخاذ القرار أو عن إرجائه، إلى حديث عن "احتواء تداعياته" والتقليل من آثاره السامّة والمدمرة ... ثمة فجوة بين الحالتين والمستويين.

لكن العرب وحدهم من دون المجموعات الإقليمية، لا "نظام إقليمياً" يجمعهم، تحسبهم جميعاً بيد أن قلوبهم شتّى ... معظم بلدانهم، تراوح بين العجز أمام واشنطن أو التواطؤ معها ... من منهم غير مُمسَكٍ به بالمال والمساعدات، "ممسوك" بنقاط ضعفه الداخلية وصراعاته مع جواره .

لقد تابع ترامب باهتمام وتشجيع ظاهرين، مسلسل التطبيع المتهافت لعواصم عربية قريبة وبعيدة مع إسرائيل ... إذ حتى بعد قرار نقل السفارة، لم تخجل وفود عربية، من زيارة حائط المبكى، وتحت ستار حوار الأديان... وحوار الأديان بات بوابة جديدة للتطبيع، وغطاء "شرعياً" لسياسة التسول والتوسل ... صورهم بالأمس في باحات الحائط، مستفزة لمشاعر الفلسطينيين والعرب، المسلمين والمسيحيين، إن لم تستحِ فافعل ما شئت، وهؤلاء لا يخجلون ولا يرف لهم جفن ولا دماء تجري في عروقهم ... إنهم كتماثيل الشمع، تدار بالريموت كونترول، ودائما تحت غطاء كثيف من الدعوات الزائفة والمنافقة حول التسامح والحوار والتعايش، بئس التسامح إن كان غرقاً في مستنقع الذل، وبئس التعايش إن كان تحت بساطير "جيش الدفاع"، وبئس الحوار إن كان بين مهزوم ومنتصر، بين ذليل ومتغطرس.

لو كانت في النظام العربية بقية من نفس أو نبض، لما ظل هامداً إلى أن خرج علينا الرئيس الأميركي بقراره الاستفزازي، ملوحاً ومنتشياً، ولما تجرأ على القول: إن هذا القرار "يخدم عملية السلام" ... هو يعرف الأنظمة أكثر منّا، وهو مطمئن إلى ردات فعلهم في نهاية المطاف، ولا يؤخذ بالبيانات التي لا تساوي الحبر الذي كتبت به ... هو يعرف أن الأمر لا يتعدى ركوب الموجة المؤقتة، وأن المياه ستعود لمجاريها قريباً، وكأن شيئاً لم يكن ... هو يعرف ذلك بلا شك، وهو لم يقارف فعلته النكراء، إلا مدفوعاً بهذه المعرفة.

لكن الأمر الذي لا يعرفه، هو أن الفلسطيني الذي سيقبل بمشروع "وصفقة القرن" لم يخلق بعد، وأن لا دولة فلسطينية من دون القدس عاصمةً لها ... وأن الكثرة الكاثرة من بيننا، تفضل خوض حرب المائة عام المقبلة، على أن تفرط بفلسطين وحقوق شعبها، وأن النصائح والتعهدات التي تلقاها من مسؤولين عرب، مقامرين وغير مجربين، سيذروها الريح.

سيدرك السيد ترامب، وإن بعد حين، أن من وعدوه بفرض الحصار على الفلسطينيين، سيجدون أنفسهم محاصرين، وأن فلسطين ستحاصرهم، وأن دماء أبنائها التي لم تتوقف عن الجريان منذ مائة عام، ستطاردهم ... فلسطين أسقطت الكثير من الأنظمة والحكومات من قبل، ودرس الأيام القليلة الفائتة، يقول: إنها ما زالت قادرة على إسقاط المزيد منهم من بعد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من الحيلولة دون اتخاذ القرار إلى العمل على «احتواء تداعياته» من الحيلولة دون اتخاذ القرار إلى العمل على «احتواء تداعياته»



GMT 09:53 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

سؤالنا وتجربتهم

GMT 09:19 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

تونس على صفيح الصراع الإقليمي الساخن

GMT 09:05 2020 الخميس ,23 تموز / يوليو

العراق بين زيارتين وثلاث قذائف

GMT 06:33 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

هل بات «الضم» و«صفقة القرن» وراء ظهورنا؟

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 10:19 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحداث المشجعة تدفعك إلى الأمام وتنسيك الماضي

GMT 16:13 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتورة أميرة الهندي تؤكد استحواذ إسرائيل على ثلث المرضى

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عروض فنية للأطفال في افتتاح مسرح "متروبول"

GMT 06:02 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تألق سويفت ولارسون وكلارك وصلاح في حفل "تايم"

GMT 14:01 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

سكارليت جوهانسون تُوضِّح أنّ وقف تقنية "deepfake" قضية خاسرة

GMT 06:31 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

خبراء يكشفون عن أسوأ 25 كلمة مرور تم استعمالها خلال عام 2018

GMT 15:38 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحمد أحمد يتوجّه إلى فرنسا في زيارة تستغرق 3 أيام

GMT 09:02 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"إسبانيا" الوجهة المثالية لقضاء شهر عسل مميز

GMT 04:53 2015 الأحد ,15 آذار/ مارس

القلادة الكبيرة حلم كل امرأة في موضة 2015
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday