العراق شبّ على الطوق، والعلمانيون هـم أول الـرصـاص وأول الحـجــارة
آخر تحديث GMT 11:50:11
 فلسطين اليوم -

العراق شبّ على الطوق، والعلمانيون هـم أول الـرصـاص وأول الحـجــارة

 فلسطين اليوم -

العراق شبّ على الطوق، والعلمانيون هـم أول الـرصـاص وأول الحـجــارة

بقلم :عريب الرنتاوي

استفزازية للغاية، تلك التصريحات التي صدرت عن مستشار مرشد الثورة الإسلامية على أكبر ولايتي في زيارته الأخيرة للعراق، والتي قال فيها “أن الصحوة الإسلامية لن تسمح لليبراليين والشيوعيين – العلمانيين – بالعودة لحكم العراق”، في نقد مباشر لتحالف “سائرون” الذي يضم التيار الصدري وعددا من القوى المدنية والحزب الشيوعي العراق الذي سيخوض الانتخابات النيابية القادمة في العراق، المقررة في أيار/ مايو المقبل.

استفزازية لروح وعقل وضمير، كل عراقي يستشعر هويته وكرامته الوطنية، فكيف لمسؤول كبير في دولة مجاورة، أن يتدخل على هذا النحو من الفجاجة والفجور، في شأن داخلي – سيادي عراقي ... وكيف سمح لنفسه بأن يكون “ناخباً” من خارج اللوائح والقوائم الانتخابية المسجلة... بل وكيف يقبل بعض العراقيين، لزائر جاء بلادهم في توقيت غير مناسب، أن يكون “مايسترو” التحالفات الانتخابية و”عراب” الترتيبات النهائية للبيت الشيعي الداخلي، وأن يظهر على وسائل إعلامه، شاهراً سيف الإقصاء والإلغاء، حتى لا نقول سيف التكفير، واضعاً “الصحوة الإسلامية”، التي لا هي “صحوة” ولا أدري إن كانت “إسلامية”، في تناقض وتضاد وتقابل مع القوى المدنية والعلمانية والليبرالية والشيوعية واليسارية العراقية؟

وهي استفزازية على نحو خاص، لكل “علماني” و”ليبرالي” و”شيوعي” و”يساري” و”مدني” عراقي أولاً، وعربي على وجوه العموم ... كاتب هذه السطور، ومن موقعه وموقفه المنتمي لهذه التيارات “غير الدينية”، يشعر بالاستفزاز والاستهداف أيضاً ... فهل تنوي إيران حقاً إعادة إنتاج نظامها السياسي في العراق، هل ثمة تفكير جدي في أرفع دوائر صنع القرار في طهران، بأن العراق يمكن أن يحكم على الطريقة الإيرانية؟ ... ألم يستخلص هؤلاء دروس الانقسام والاحتراب الأهليين، ونفاذ داعش إلى عمق الجغرافيا والبنية الاجتماعية العراقية، جراء ذلك؟ ... ألا يدركون أن أحد أسباب المُعمّقة للانقسام العربي – الكردي والطاردة لكرد العراق عن مركزه، إنما تتمثل في تلك السياسات والتحالفات القائمة على الهيمنة والاستتباع، وخلط الدين بالسياسة، التي ميزت “عراق ما بعد صدام”؟ ... والسؤال الأهم من كل ما ورد هو: هل نجح نموذج الحكم الإيران في موطنه الأصلي، حتى يجري التفكير بتصديره لدول الجوار؟ ... من يقبل بذلك، ومن يرتضي هذا المستوى السافر من التدخل الإيراني في صميم شؤون العراق الداخلية؟

نحن العلمانيين العرب، غير “المستتبعين”، من يساريين وقوميين ومدنيين وليبراليين ووطنيين، نعلن رفضنا لمحاولات فرض ما يسمى بـ “الصحوة” بقوة السلاح والمليشيات والمال على مستقبل العراق والعراقيين، وندعم بالقدر ذاته، الميول الوطنية – العروبية – الديمقراطية الآخذة في التجذر في خطاب التيار الصدري وممارسته السياسية وتحالفاته الانتخابية، ونتطلع لتجذير هذه التوجهات وتحويلها إلى منهج ثابت في العمل السياسي الوطني... كما نعلن وبالقوة ذاتها، دعمنا وتضامننا مع رموز التيار العلماني العراقي، بمدارسه المختلفة، التي تتعرض لأبشع عمليات الابتزاز والتهويل عشية استحقاق انتخابي هام، نراهن عليه ويراهن عليه العراقيون وأصدقاؤهم، للخروج من جملة الاستعصاءات التي تعتصرهم.

ولا نجد أكثر مما رد به تحالف “سائرون” على الوزير والمستشار الإيراني الرفيع، بأن العراق للعراقيين جميعاً، بصرف النظر عن خلفياتهم الدينية والعرقية وأيديولوجياتهم وميولهم السياسية والفكرية والاجتماعية، وأن العراق “السيّد- المستقل” وحده من يقرر شكل الحكم وتركيبة البرلمان والحكومة وطبيعة التحالفات الانتخابية وبرامجها، وأن على “الزائر الإيراني” أن يتوقف عند حدود بلاده، وألا يتخطاها إلى العمق العراقي، فالعراق بلغ سن الفطام، و”شبّ على الطوق”، وهو ليس بحاجة لوصاية من أحد، أياً كان ومن أية جهة أتى.

وليسمح لنا معالي الوزير – المستشار رفيع المستوى، بتقديم جردة حساب عن سنوات حكم “الصحوة” الخمسة عشر، إذ احتل العراق صدارة قوائم الدول والحكومات المضروبة بآفة الفساد، وتحول إلى ملعب لدول الجوار الإقليمي وجيوشها (العراق وتركيا)ومليشياتها، دع عنك “الناتو” وقواعد البنتاغون المنتشرة على أرض الرافدين، وبات ساحة لكل أشكال التدخل في شؤونه الداخلية، وأمكن لعصابة إجرامية من مثل داعش، أن تسيطر على ثلث مساحته بين عشية وضحاها، في “عزّ” هيمنة “الصحوة” وتفردها بحكم العراق، وهو اليوم أكثر انقساماً مما كان عليه منذ استقلاله الوطني، أما عن انهيار منظومة الخدمات من ماء وكهرباء وخدمات صحية وتعليمية، فحدث ولا حرج، وأمامه مشوار الثلاثين عاماً لبناء ما دمرته حروبه الداخلية وحروب الآخرين عليه، من دون أن يتوفر لأحد من أبنائه وبناته الثقة بكفاءة الطبقة السياسية الحاكمة، الصحوة أساساً، وقدرتها على التصدي باقتدار لتحديات “مرحلة ما بعد داعش” و”ما بعد الاستفتاء”.

من حق العراقيين أن يحاسبوا أحزابهم وطبقتهم السياسية على الفشل المتكرر والمتراكم الذي منيت به هذه الطبقة (وفي قلبها الصحوة)، خلال العشرية الفائتة، والانتخابات هي فرصة العراقيين لتقييم المسار وتقويمه، وليس من حق أحد أن يقف بين الناخب العراق وصندوق الاقتراع ... ليس من حق أحد، أن يحول بين من يضع العراقيون فيه ثقتهم، سواء أكان من العلمانيين أو “الصحوويين” وبين وصوله إلى الندوة البرلمانية وحكومة ما بعد الانتخابات.

ونجدها مناسبة لمخاطبة “المستتبعين” من يساريين وقوميين، أردنيين وفلسطينيين وعرباً، لقراءة مغزى هذه التصريحات ومضامينها، وألا يسمحوا لبعض مواقف طهران وشعاراتها، أن تحجب عنهم رؤية مواضع أقدامهم، وأن ينفضوا عن أنفسهم غبار “التبعية” و”الاستتباع”، فالمقاومة في الأصل، من صنعتهم، فهم أول الرصاص في حركات التحرر من الاستعمار وأول الحجارة في انتفاضات فلسطين والربيع العربي، هم أول من دعم وساند الثورة الإسلامية ضد شاه إيران، وأول من اصطف إلى جانب الشعوب المستضعفة في العالم... أما تراجع أدوارهم الحالية،فلا ينبغي أن يكون سبباً لتسويق وتسويغ “ذوبانهم” وفقدانهم للونهم وهويتهم الفكرية والإيديولوجية، فلا مطرح لهؤلاء في سلم الأولويات الإيرانية و”الصحوية” إلا من موقع القوة والتميز، أما التبعية والاستتباع، فلن تجعل منهم سوى “كومبارس” أو “خرزة زرقاء” في أحسن سيناريو، و”أيتام على مأدبة لئام”، في أسوئها.

المصدر ـ جريدة الدستور

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العراق شبّ على الطوق، والعلمانيون هـم أول الـرصـاص وأول الحـجــارة العراق شبّ على الطوق، والعلمانيون هـم أول الـرصـاص وأول الحـجــارة



GMT 09:53 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

سؤالنا وتجربتهم

GMT 09:19 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

تونس على صفيح الصراع الإقليمي الساخن

GMT 09:05 2020 الخميس ,23 تموز / يوليو

العراق بين زيارتين وثلاث قذائف

GMT 06:33 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

هل بات «الضم» و«صفقة القرن» وراء ظهورنا؟

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 10:19 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحداث المشجعة تدفعك إلى الأمام وتنسيك الماضي

GMT 16:13 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتورة أميرة الهندي تؤكد استحواذ إسرائيل على ثلث المرضى

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عروض فنية للأطفال في افتتاح مسرح "متروبول"

GMT 06:02 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تألق سويفت ولارسون وكلارك وصلاح في حفل "تايم"

GMT 14:01 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

سكارليت جوهانسون تُوضِّح أنّ وقف تقنية "deepfake" قضية خاسرة

GMT 06:31 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

خبراء يكشفون عن أسوأ 25 كلمة مرور تم استعمالها خلال عام 2018

GMT 15:38 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحمد أحمد يتوجّه إلى فرنسا في زيارة تستغرق 3 أيام

GMT 09:02 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"إسبانيا" الوجهة المثالية لقضاء شهر عسل مميز

GMT 04:53 2015 الأحد ,15 آذار/ مارس

القلادة الكبيرة حلم كل امرأة في موضة 2015
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday