«وعد بوتين» 2018 عام القضاء على «النصرة»
آخر تحديث GMT 12:38:00
 فلسطين اليوم -

«وعد بوتين»: 2018 عام القضاء على «النصرة»؟!

 فلسطين اليوم -

«وعد بوتين» 2018 عام القضاء على «النصرة»

بقلم : عريب الرنتاوي

 سجل العام 2017 الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة، سقوط أسطورة "داعش" وانهيار التنظيم الإرهابي الأكثر دموية، كـ "دولة" وجغرافيا ومؤسسات، على أنه ما زال حاضراً بقوة بوصفه تهديداً ماثلاً، ليس في الدولتين اللتين أقام دولته على خطوط "سايكس بيكو" الفاصلة بينهما فحسب، بل وفي عموم المنطقة والعالم كذلك ... وثمة ما يكفي من التقديرات والمعلومات الاستخبارية التي تؤكد حقيقتين اثنتين: الأولى، أن آلافاً من عناصر التنظيم وكوادره وقياداته المجربة، ما زالت مبثوثة في قرى وبلدات سورية والعراق، وتحديداً على امتداد نهر الفرات وعمق البادية، تستهدف المواطنين وتستنزف الأجهزة الأمنية ... والثانية، أن التنظيم يؤسس لقاعدة جديدة في العمل "الجهادي"، مفادها أن خسارة ساحة توجب الانتقال إلى ساحة أخرى، ولهذا فإن ظاهرة "العائدين من أرض الجهاد"، جاءت في أدنى مستوياتها هذه المرة، ما يعني أن ارتفاع وتائر التهديد في أفريقيا عبر البوابة الليبية، فضلاً عن ساحات الجذب الأخرى مثل أفغانستان والباكستان.

المعركة طويلة إذن، والتنظيم بأذرعه "الأخطبوطية، ما زال قادراً على الضرب والإيلام، بل وما زال قادراً على إلهام جماعات "جهادية" من خارجه، لأن تحذو حذوه ... ارتفاع وتائر الإرهاب في مصر، واتخاذها طابعاً دموياً، لا يعرف الرحمة ولا الهوادة، هو دليل آخر على "النفس" الذي يبثه التنظيم في عروق "الحركات الجهادية" الأخرى، ما يعني أن الحرب على الإرهاب، أبعد من أن تكون قد وضعت أوزارها، وأن الذي تغير مع مختتم العام 2017، هو انتقاله لأساليب أخرى وأدوات مغايرة، وساحات بعضها جديد، وبعضها الآخر، قديم – جديد، وسط تقديرات بأن الفشل السياسي في إطلاق عمليات سياسية وبناء نظم سياسية متوازنة في كل من سوريا والعراق، وغيرها بالطبع، من شأنه أن يفعّل طاقة الغضب ويوفر بيئة خصبة تمكن التنظيم، بصورته الحالية، أو بأي صورة جديدة سيظهر بها، من استعادة قدرته على "التجنيد" بعد أن سجلت تراجعا ملحوظاً بعد تحرير الموصل والرقة، وفقاً لتقديرات الخبراءوالمصادر الأمنية الإقليمية والدولية.

العام الذي يطل برأسه، 2018، مثقلاً بكل الملفات المفتوحة والمتوارثة من السنوات، وأحياناً العقود، الماضية، يحمل في طيّاته بشرى إنهاء سيطرة "النصرة" على مساحات واسعة نسبياً من الجغرافيا السورية، هذا "وعد بوتين" على أقل تقدير، وهذا ما تشي به وجهة المعارك التي يخوضها الجيش السوري وحلفاؤه في الربع الأخير من العام الجاري.

"النصرة"، بخلاف "داعش"، تكاد تكون محصورة في منطقتين جغرافيتين: إدلب وجنوب غرب سورية ... في الشمال، يحظى تنظيم الجولاني بدعم تركي غير قابل للشك أو الطعن، وفي الجنوب الغربي، يحظى "فرع القاعدة" وذراعها، بدعم إسرائيلي، وثقته تقارير الأمم المتحدة على أية حال، ولم يعد سراً بعد أن ذاع وانتشر، بالصورة والمعلومة.

لا تتوفر "النصرة" على ما كان لدى "داعش" من مقدرات بشرية ومادية، بيد أنها تتفوق عليه، بما تتوفر عليه من شبكة علاقات محلية وإقليمية، فهي لا تعمل وحدها، وإن كانت تجنح دائماً للهيمنة، ولطالما عملت على "الاستظلال" بالفصائل الأخرى، من جيش حر وغيره، وهي تجهد في الإبقاء على شرايين الدعم التركي وغيره، مفتوحة ومن دون انسدادات، قد تتسبب بكشفها وتقديمها لقمة سائغة لدمشق وطهران ومن خلفهما موسكو.

عام 2018، هو عام القضاء على جبهة النصرة، فلا يمكن تخيّل أي حل سياسي لسوريا، من دون "تحييد" هذا التنظيم، لا "سوتشي" ولا "أستانا" ولا "جنيف" يمكن أن تتقدم من دون حسم وضع "النصرة" ميدانياً... يمكن لتحالفات التنظيم أن ترجئ لحظة الاستحقاق، وأن تؤجل المعركة لأشهر كما نجحت في تأجيلها لسنوات، لكن لحظة الحسم آتية لا ريب، وموعدها في العام المقبل، على أرجح تقدير.

والمفارقة أن كثيرا من القوى الغربية، المنضوية في إطار التحالف الذي تقوده واشنطن ضد الإرهاب، لا تتحدث كثيراً عن "تهديد النصرة"، مع أنها رسمياً، امتداد للقاعدة، ربما لأن التنظيم لم ينفذ عمليات خارج حدود سورية، ولأهداف تكتيكية ذكية، وربما لأن بعض أطراف التحالف، وتحديداً قيادته، الولايات المتحدة، تريد للتنظيم أن يلعب دوراً في "تهميش صورة النصر الروسي" في سورية، حتى ولو أفضى ذلك للتحرش بقاعدة "حميميم" كما حصل مؤخراً ... وتريد للتنظيم أن يواصل دوره في "تهشيم" قوات النظام وحلفائه ... لم نسمع منذ زمن عن "تهديد النصرة"، والأهم، أننا لا نرى فعلاً ميدانياً جدياً ضد قواعده وقياداته ومناطق نفوذه من قبل التحالف بكل مكوناته.

"النصرة" مشكلة دمشق، فهي تسطير على إدلب في موقع القلب من عدة محافظات شمالية، بما فيها اللاذقية وحلب، وهي مفتوحة على الحدود مع تركيا، ومن دون استعادة المحافظة التي تحولت إلى "مركز تجمع" لكل مقاتلي النصرة الهاربين من ساحات وجبهات أخرى، ستبقى "سورية المقيدة" في قلب دائرة الاستهداف، وسيبقى نصر الأسد ناقصاً ومثلوماً.

و"النصرة" مشكلة موسكو أيضاً، ليس لأن قذائفها بدأت تنهمر على أهم قاعدة لروسيا خارج حدودها، بل لأن كل مشروع الكرملين في سورية، مرتبط بالقضاء على النصرة، وفتح الطريق أمام مختلف الفصائل للانضمام بمسار أستانا – سوتشي... فـ"النصرة" بعد "داعش"، باتت التنظيم العسكري المعارض الأقوى بعد وحدات الحماية الكردية، في عموم الأراضي السورية، وهذا أمرٌ لا يمكن السكوت عليه طويلاً.

على أن مهمة محور موسكو – دمشق – طهران لن تكون نزهة قصيرة، لا ميدانياً ولا سياسياً ... ميدانياً، ووفق تقديرات أميركية، فإن إدلب تحولت إلى أكبر "تجمع جهادي"، إذ لم يحصل أن وجد في بقعة جغرافية واحدة، هذا العدد الهائل من المقاتلين المجربين، مع عائلاتهم وذويهم، منهم من سيبحث عن "تسوية" و"مخرج"، ومنهم من سيقاتل حتى الرمق الأخير، من دون أن تكون لدينا منذ الآن، تصورات دقيقة عن "الحالة المعنوية" للتنظيم.

سياسياً، سيتعين على هذا المحور، أن يسير في حقلي ألغام، تركي وإسرائيلي، أنقرة ما زالت تعوّل على دور للنصرة يدعم حضورها في سورية، وعلاقاتها بالجولاني يبدو أنها أكثر تشعباً مما نظن ويظن كثيرون ... وإسرائيل تبني حساباتها على "الاختيار بين أهون الشرين"، وهي ترى في "النصرة" تهديداً أقل بكثير من تهديد "حزب الله"، وتفضل التعامل معها على "الشيك" الحدودي، على أن ترى رايات الحزب الصفراء ترفرف على الضفة المقابلة من الحدود ... موسكو التي ترتبط بعلاقات وطيدة مع كل من تركيا وإسرائيل، ستكون مهمتها صعبة، عندما تحين لحظة "التوفيق" و"المواءمة" في حسابات الربح والخسارة، والمصالح والضمانات، لكل فريق من الأفرقاء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«وعد بوتين» 2018 عام القضاء على «النصرة» «وعد بوتين» 2018 عام القضاء على «النصرة»



GMT 09:53 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

سؤالنا وتجربتهم

GMT 09:19 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

تونس على صفيح الصراع الإقليمي الساخن

GMT 09:05 2020 الخميس ,23 تموز / يوليو

العراق بين زيارتين وثلاث قذائف

GMT 06:33 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

هل بات «الضم» و«صفقة القرن» وراء ظهورنا؟

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 10:19 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحداث المشجعة تدفعك إلى الأمام وتنسيك الماضي

GMT 16:13 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتورة أميرة الهندي تؤكد استحواذ إسرائيل على ثلث المرضى

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عروض فنية للأطفال في افتتاح مسرح "متروبول"

GMT 06:02 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تألق سويفت ولارسون وكلارك وصلاح في حفل "تايم"

GMT 14:01 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

سكارليت جوهانسون تُوضِّح أنّ وقف تقنية "deepfake" قضية خاسرة

GMT 06:31 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

خبراء يكشفون عن أسوأ 25 كلمة مرور تم استعمالها خلال عام 2018

GMT 15:38 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحمد أحمد يتوجّه إلى فرنسا في زيارة تستغرق 3 أيام

GMT 09:02 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"إسبانيا" الوجهة المثالية لقضاء شهر عسل مميز

GMT 04:53 2015 الأحد ,15 آذار/ مارس

القلادة الكبيرة حلم كل امرأة في موضة 2015
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday