لحظة الحقيقة والاستحقاق
آخر تحديث GMT 12:38:00
 فلسطين اليوم -

لحظة الحقيقة والاستحقاق

 فلسطين اليوم -

لحظة الحقيقة والاستحقاق

بقلم :عريب الرنتاوي

ليس من الواضح حتى الآن، ما إذا كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيطلع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عندما سيلتقيهما على هامش اجتماعات الجمعية العام للأمم المتحدة، على خطته الخاصة بـ"صفقة القرن"، أم أن سيكتفي باعتبار لقاءاته بالرجلين، استكمالاً للقاءاته وجولات موفديه الاستكشافية، لا بل أننا لسنا على يقين من أنه سيتلقى الرئيس الفلسطيني في نيويورك، سيما بغياب الكيمياء بين الرجلين، بعد آخر اجتماع لهما في بيت لحم، ومع تواتر الأنباء عن مسعى إسرائيلي لمنع انعقاد مثل هذا اللقاء من ضمن مسعى أوسع لـ "شيطنة" الرئيس عباس واعتباره رجلاً "ليس ذي صلة".

ولسنا متأكدين كذلك من صدقية الأنباء التي تسربت حول ملامح خطة ترامب لـ"صفقة القرن"، والتي قيل أنها تشتمل على حكم ذاتي موسع للفلسطينيين وصلاحيات أوسع في مناطق "أ و ب" وفقاً لتقسيمات أوسلو وخطوطه الانتقالية، فضلاً عن ترك بعض الأحياء العربية في القدس الشرقية للفلسطينيين، وإبقاء كامل المدينة "عاصمة أبدية موحدة" لإسرائيل، مضافاً إليها "رزمة مساعدات مالية واقتصادية" تساعد القيادة الفلسطينية على هضم مثل هذه الصفقة المُذلة، وتجعلها أمراً ممكناً.

لكننا في ضوء ما نعرف عن هذه الإدارة وما قرأناه من السير الذاتية لموفديها "المبدعين والأذكياء" على حد وصف ترامب للثلاثي كوشنير – جرينبلات – فريدمان، المولجين بملف إعداد هذه "الصفقة"، لا نستبعد أن تكون هذه التسريبات صحيحة في مضمونها، فواشنطن في ظل ترامب، قلصت المسافة إلى أدنى حد، بين مواقفها ومواقف إسرائيل من قضايا الحل النهائي للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، حتى أن بعض موفدي ترامب ومعاونيه، أظهروا انحيازاً جارفاً لرواية اليمين الإسرائيلي وسردياته، كما ظهر في وصف فريدمان للاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية بوصفه "احتلالاً مزعوماً".

لن يمضي وقت طويل قبل أن تسدل الستارة على الفصل الاستكشافي في جهود ترامب وإدارته، وعندها سيصبح ممكناً التعرف على مضامين خطته للحل النهائي وملامح صفقته الإقليمية الشاملة، وقد لا ينتهي هذا العام، قبل أن تكون الصورة قد اكتملت، وعندها سيتعين على الفلسطينيين قبل غيرهم، وأكثر من غيرهم، أن يواجهوا لحظة الحقيقة والاستحقاق ... والحقيقة أنه لن يكون في جعبة ترامب ما يلبي الحد الأدنى من حقوق الفلسطينيين وتطلعاتهم للحرية والاستقلال، أما الاستحقاق فيتمثل في الحاجة لشق طريق جديدة لاستنهاض الحركة الوطنية الفلسطينية واستئناف مسيرة هذا الشعب لانتزاع حقه في تقرير مصيره بنفسه وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

هي أشهر قلائل تفصلنا عن لحظة الحقيقة والاستحقاق، التي ضغط عربٌ كثيرون على السلطة وقيادتها، للامتناع عن القيام بأي تحرك من شأنه أن يحبط مسعى ترامب ويقطع الطريق على "صفقته"... نحن من جهتنا لم نكن متأكدين من أن القيادة الفلسطينية كانت ستشتق طريقاً مغايراً بكل ما للكلمة من معنى، ولم نكن نتوقع أكثر من وقفة "عتب" أو لحظة "حرد"، تنتهي مع وصول أول موفد عربي ودولي، أو بمجرد التلويج بإمكان ترتيب لقاء آخر مع الرئيس الأمريكي، وهذا ما وعد كوشنير عباس به عندما التقاه مؤخراً في رام الله على أية حال.

ستنتهي الفرصة التي طُلب إلى عباس منحها لأحدث محاولة لاستنقاذ مسار التفاوض والحلول السياسية في غضون أشهر معدودات، لكن من المؤكد أن محاولات تمديد الفرصة أو طلب غيرها، لن تنتهي أو تتوقف ... وستبذل جهود إضافية من أجل إقناع القيادة الفلسطينية أو إجبارها على تمديد الفرصة وتجديدها، دون أن يرتبط بذلك بأية وعود جدية من نوع التزام أمريكي بقواعد مقبولة للحل النهائي أو بجدول زمني لإنجازه ... فتقع القيادة الفلسطينية وشعبها من جديد، في إسار عملية شراء الوقت وتقطيعه، وتتكرس المقاربة الأمريكية القائمة على إدارة الأزمة بدل حلها، والاهتمام باستمرار "العملية" السلمية دون الالتزام بالسلام المبني على إنهاء الاحتلال.

غالبية الفلسطينيين تنظر بقلق بالغ لاستمرار حالة المراوحة والدوران في المربع الأول، وهي ملّت الانتظار في قاعات الترانزيت، وتريد لقطار الحل أن ينطلق صوب محطته النهائية، وهذا ما يتعين على القيادة الفلسطينية أن تعمل بهديه، ليس بعد انتهاء المهلة الممنوحة لإدارة ترامب لبلورة مبادرتها، بل وقبل ذلك، والأصل أنها فعلت ذلك منذ زمن طويل ... فمنح الفرص للمفاوضات والمبادرات قد يكون خياراً مفروضاً على القيادة الفلسطينية، شريطة ألا يمنعها ذلك من السير على مسارات بناء القوة والاقتدار الفلسطينيين، ومن بينها تصعيد المقاومة الشعبية السلمية في القدس والضفة، ضد الاستيطان والجدران والانتهاكات، وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية واستيعاب الطاقات الخلاقة والمبدعة للشعب الفلسطيني في الوطن المحتل والمحاصر والشتات، والتوجه باندفاع لترميم الانقسام الفلسطيني بوصفه خياراً لا رجعة عنه، ومطاردة إسرائيل في كافة المحافل الدولية، والتوجه إلى الشعوب والمجتمعات العربية والإسلامية والصديقة، بلغة جديدة وبرامج جديدة، وطاقم جديد، غير ذاك المترهل المبثوث في المؤسسات والوزارات والسفارات الفلسطينية ...  لا يجوز الانتظار على مقاعد النظار والمتفرجين بانتظار أن يكمل ترامب وإدارته إنجاز "وظائفهم المنزلية"، فمكتوب ترامب يُقرأ من عنوانه، والوقت الذي يتبدد ستتكشف أهميته القصوى عندما تحين لحظة الحقيقة والاستحقاق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لحظة الحقيقة والاستحقاق لحظة الحقيقة والاستحقاق



GMT 09:53 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

سؤالنا وتجربتهم

GMT 09:19 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

تونس على صفيح الصراع الإقليمي الساخن

GMT 09:05 2020 الخميس ,23 تموز / يوليو

العراق بين زيارتين وثلاث قذائف

GMT 06:33 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

هل بات «الضم» و«صفقة القرن» وراء ظهورنا؟

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 01:45 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 05:59 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

تصوير دينا الشربيني وعمرو دياب خلسة بحضور أحمد أبو هشيمة

GMT 15:41 2017 الثلاثاء ,17 كانون الثاني / يناير

أسعار الفضة تشهد تحركات ضعيفة وتحقّق 16.81 دولارًا للأونصة

GMT 04:37 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقع التواصل تُزيد من مخاطر التنمر الإلكتروني بين الأطفال

GMT 05:40 2016 السبت ,17 كانون الأول / ديسمبر

الفنان مروان خوري يوضح سر عدم زواجه

GMT 02:05 2019 السبت ,23 شباط / فبراير

هاري وميغان في زيارة إلى المغرب تستغرق 3 أيام

GMT 15:22 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

أسرار إعادة الحب والسعادة والمودة إلى الحياة الزوجية

GMT 13:51 2015 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

اللواء تيسير البطش يتفقد معبر بيت حانون
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday