حماس ودحلان وبينهما أحمد يوسف
آخر تحديث GMT 12:38:00
 فلسطين اليوم -

حماس ودحلان وبينهما أحمد يوسف

 فلسطين اليوم -

حماس ودحلان وبينهما أحمد يوسف

بقلم :عريب الرنتاوي

القيادي الحمساوي، “المفرط في اعتداله”، أحمد يوسف، أبلغ الزميلة ناديا سعد الدين من صحيفة “الغد” أمس، بأن حركته بحثت في القاهرة مؤخراً، مع وفد “التيار الإصلاحي الفتحاوي”، تيار القيادي المفصول من حركة “فتح”، النائب محمد دحلان، تشكيل “ إدارة مشتركة لقطاع غزة، بمشاركة وطنية واسعة، بحيث تضم كلا من حماس وتيار دحلان، ومن يرغب من القوى والفصائل الوطنية والإسلامية”.

يوسف في معبر تسويقه وتسويغه للقاء و”الاتفاق”، استند إلى أمرين اثنين: الأول؛ “استمرار حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية بتجاهل مسؤولية القطاع” وتهربها المستمر من تحمل مسؤوليته، تحت ذريعة “التمكين”، المقصود تمكين الحكومة.. والثاني؛ أن “التيار الفتحاوي الإصلاحي” تيار وطني وله حضور قوي في القطاع، وأبدى الاستعداد التام لتحمل المسؤولية، في ظل ما قدمه فعلياً لغزة، وأن “دحلان جزء من معادلة الحل ومن التركيبة الوطنية، كما أن التيار شريك حقيقي في تنسيق العلاقة مع مصر لضبط الأمن عند الحدود وفي القطاع”، والكلام دائماً ليوسف وبمفرداته.

وقبل أن يختم مطالعته الغريبة تلك، لفت المسؤول الحمساوي المعروف بمواقفه الإشكالية، إلى أهمية “حضور وفد مصري للإشراف بنفسه على مسار الأوضاع في غزة والرصد عن قرب للجهة التي تضع العراقيل أمام إنهاء الانقسام الفلسطيني”، الممتد منذ العام 2007.

القراءة المتفحصة لتصريحات يوسف، تشف عن أمرين اثنين: أولهما، أن الحركة تعود مجدداً لتكتيك “اللعب بورقة دحلان” في مواجهة فتح والسلطة والرئيس عباس، علّه يجدي هذه المرة، بعد أن أخفق في مرات سابقة، في ابتزاز السلطة وفتح ودفعهما للهبوط عن شجرة مواقفهما “المتصلبة” ... أما ثانيهما؛ فترك الباب مفتوحاً أمام شتى الخيارات والبدائل (والعبارة ليوسف أيضاً) ومن بينها الذهاب حتى النهاية في مشوار الشراكة مع دحلان، بما يمثل، فمأزق حماس في غزة، ومأزق غزة مع حماس، بات من النوع العصي على الاحتمال، القابل للانفجار والانهيار تماماً، وهنا يمكن للغاية أن تبرر أي وسيلة، وغاية حماس استمرار الإمساك بقبضة السلطة في غزة، حتى وإن تدثرت بـ “طربوش” السلطة في رام الله، أما الوسائل، فيمكن أن تتضمن “تلزيم” ملف غزة لمصر، وفتح الباب للدحلان، مع كل ما يقتضيه ذلك من ارتباطات إقليمية، وربما نقل البندقية من كتف إلى كتف.

تصريحات يوسف، تكفي للدلالة على المصائر الصعبة والكارثية التي آل إليها حكم حماس لغزة، وهي بهذا المعنى، لا تقل سوءاً (إن لم تكن أكثر سوءاً) من مآلات السلطة والحركة الوطنية الفلسطينية تحت الاحتلال المباشر في رام الله والضفة الغربية ... متطلبات إدامة السلطة من خدمات وموظفين ورواتب وفواتير، تصبح أكثر أهمية وأولوية من “الرؤية” و”الرسالة” و”الأهداف”، وأكثر إلحاحية من ثوابت البرنامج الوطني الفلسطيني، وإلا كيف يمكن نفسر “تهافت” يوسف على الرعاية الأمنية المصرية للمصالحة و”الشراكة” مع دحلان، ومن دون أن يكلف نفسه عناء الإجابة عن سؤال: وكيف سيؤثر ذلك كله على “مشروع المقاومة” وبرنامجها وتحالفات الحركة الإقليمية القائمة أو تلك التي يجري العمل على ترميمها بنشاط في الآونة الأخيرة؟
أمس، كان مشعل، رئيس مكتب حماس السياسي السابق، يدعو حركته لدعم عباس والوقوف إلى جانبه، بوصفه صاحب “القول الفصل” في التصدي لترامب ومشروعه و”صفقة القرن”... اليوم، يأتينا من حماس، قيادي آخر، حالي لا سابق، يدعو حركته لبناء شراكة مع الدحلان، ضارباً عرض الحائط بكل ما قاله مشعل.

ليس هذا التناقض الفج، بين ما قاله مشعل وما نطق به يوسف، هو التناقض الوحيد الذي يميز مواقف حماس ويطبعها اليوم بطابعه ... فكافة المؤشرات، وبالتحديد منذ قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إليها، كانت تدعو للاعتقاد بأن حماس ماضية في ترميم علاقاتها مع “محور المقاومة والممانعة”، الرجل الثاني في حماس، صالح العاروري، قام بزيارة ناجحة لطهران، وعقد لقاءً نادراً مع السيد حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية، وسط أنباء عن تقارب غير مسبوق، وعن تفاهمات تتخطى اللحظة الراهنة إلى “التفاهم الاستراتيجي”.

وبعد إسقاط الدفاعات السورية لطائرة الإف 16 الإسرائيلية، بادرت حماس إلى تهنئة دمشق والشد على يدها، وتنادى عدد من القادة الميدانيين للكتائب في غزة، للتشديد على أهمية هذه الخطوة، وأدرجوها في سياق المقاومة والممانعة، وأخذ الحديث يسري عن محاولات لإعادة المياه إلى مجاريها بين الحركة والقيادة السورية ... وثمة من المراقبين، من كان ينتظر المزيد من هذه الخطوات، قبل أن يخرج علينا أحمد يوسف، بتصريحات، يقترح فيها طريقاً آخر أمام للحركة:  عرض الشراكة مع الدحلان

حماس تتخبط، تماماً مثلما يخبط الغريق بيديه وقدميه الماء على أمل النجاة من موت محقق ... حماس تختنق بغزة، وهي تسعى جاهدة إلى رفع رأسها عالياً والوقوف على رؤوس أصابعها، علّها تحظى بقليل من الأكسجين الذي يبقيها على قيد الحياة .... ربما يظن البعض اننا أمام لعبة “تقاسم أدوار”، وفي ظني أن هذا غير صحيح ... وربما ظن البعض، أنها لعبة “الشطّار” الذين يستطيعون الرقص على حبال المحاور والمعسكرات المتقابلة بتوازن وثبات، وهذا خيار محفوف بخطر السقوط الحر ومن ارتفاعات شاهقة، ومن دون مظلة أو شبكة أمان ... تستطيع حماس أن تحتفظ بعلاقات طبيعية أو “هدنات” مؤقتة مع بعض هذه المحاور، مقابل إقامة علاقات وطيده مع بعضها الآخر، ولكنها لن تستطيع أن تقيم علاقات وثيقة وعميقة، متزامنة وفي الوقت ذاته، مع كل العواصم والمحاور المتناحرة في مختلف ساحات الأزمات المفتوحة في الإقليم، هذه المهمة كانت صعبة دوماً، وهي اليوم مستحيلة في ظل تفاقم حدة الاستقطابات بين دول الإقليم ومحاوره ... حبال الرقص قصيرة ومشدودة، والسحر قد ينقلب على الساحر، وبأسرع مما يظن “الشطّار” أو يقدرون.

فتح تدرك ذلك تمام الإدراك، ولكنها من موقع “فئوي” لا تريد أن تمد الحبل لحركة حماس، مع أن موقع فتح “الوطني”، كرائدة للحركة الوطنية الفلسطينية وقائدة لنضالات شعب فلسطين طوال أزيد من خمسة عقود، يملي عليها أن تتصرف وطنياً، وبكل ما تمليه المسؤولية الوطنية، فحماس قد تفضل رفع الرايات البيض لعواصم ومحاور عربية، ولـ “أحصنة طروادتها” الجاهزة “غب الطلب”، وعندها، لن ينفع فتح أنها بدت على صواب وحماس على خطأ ... عندها سيقال لفتح والسلطة والرئاسة، وحماس كذلك: “في الصيف ضيّعت اللبن”.

المصدر : جريدة الدستور

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حماس ودحلان وبينهما أحمد يوسف حماس ودحلان وبينهما أحمد يوسف



GMT 09:53 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

سؤالنا وتجربتهم

GMT 09:19 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

تونس على صفيح الصراع الإقليمي الساخن

GMT 09:05 2020 الخميس ,23 تموز / يوليو

العراق بين زيارتين وثلاث قذائف

GMT 06:33 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

هل بات «الضم» و«صفقة القرن» وراء ظهورنا؟

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 10:19 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحداث المشجعة تدفعك إلى الأمام وتنسيك الماضي

GMT 16:13 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتورة أميرة الهندي تؤكد استحواذ إسرائيل على ثلث المرضى

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عروض فنية للأطفال في افتتاح مسرح "متروبول"

GMT 06:02 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تألق سويفت ولارسون وكلارك وصلاح في حفل "تايم"

GMT 14:01 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

سكارليت جوهانسون تُوضِّح أنّ وقف تقنية "deepfake" قضية خاسرة

GMT 06:31 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

خبراء يكشفون عن أسوأ 25 كلمة مرور تم استعمالها خلال عام 2018

GMT 15:38 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحمد أحمد يتوجّه إلى فرنسا في زيارة تستغرق 3 أيام

GMT 09:02 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"إسبانيا" الوجهة المثالية لقضاء شهر عسل مميز

GMT 04:53 2015 الأحد ,15 آذار/ مارس

القلادة الكبيرة حلم كل امرأة في موضة 2015
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday