عن الأردن في المرحلة الاستثنائية
آخر تحديث GMT 12:38:00
 فلسطين اليوم -

عن الأردن في "المرحلة الاستثنائية"

 فلسطين اليوم -

عن الأردن في المرحلة الاستثنائية

بقلم : عريب الرنتاوي

بات "الملف الفلسطيني" بكل تشعباته وأوراقه، أحد أهم مصادر القلق والتهديد والتحسب، لصانع القرار الأردني، بعد أن طغى ملف "محاربة الإرهاب" على جل اهتماماته وأولوياته خلال السنوات الأربع أو الخمس الفائتة، وهذا أمر طبيعي يمليه التاريخ والجغرافيا والديموغرافيا، ولطالما نبهنا إلى أن التهديد الأكبر للأردن، أمناً واستقراراً وكياناً وهوية، إنما يأتي من "الغرب" وليس من الشمال أو الشرق، وأن احتلال "الحرب على الإرهاب" مكان الصدارة على جدول أعمالنا، لا يجب أن يصرفنا عن التفكير بحسابات مواجهة قادمة مع إسرائيل على أكثر من "خط من تماس"، ليست "الرعاية الهاشمية" للمقدسات، سوى واحد منها.

وإن كان ما ذهبنا إلى صحيحاً، فأحسب أن هذه "الأولوية" ستعلب دوراً مقرراً في رسم خرائط التحالفات ودوائر التحرك الأردني في المرحلة المقبلة، سيما بعد "انكشاف" تضارب الأولويات بين عواصم الإقليم ومحاوره ... وأحسب أن بعض من اعتبرناهم "ذخراً" للأردن وسنداً لمواقفه المصطدمة مع أجندة اليمين الديني والقومي في إسرائيل، يتجهون اليوم للانقلاب علينا، وفي أحسن السيناريوهات وأقلها ضرراً، يديرون ظهورهم لنا، وعلى أكثر من صعيد.

من سياسة غض الطرف عن المأزق الاقتصادي الذي يعتصر الأردن والأردنيين، إلى محاولات التحرش بقطاع الأعمال والمصارف الأردني، وصولاً إلى محاولة التخلي عن "الدعم التقليدي" للدور الأردني التاريخي في رعاية المقدسات المقدسية، تبدو ملامح "انقلاب المشهد" في طريقها للتشكل، وإن استمر الحال على هذا المنوال، فليس مستبعداً أبداً، أن نؤتى من مأمنا، وأن تشرع الريح الصفراء بالهبوب على بلادنا، من حيث لا نحتسب ولا نتوقع.

من آيات ذلك، الحديث المتزايد، تلميحاً وتصريحاً، إلى "أسلمة" الرعاية المقدسات، وهي دعوة "مشبوهة" في توقيتها ودلالاتها، بل وفي ارتباطها بقرار ترامب الأخير، والاستعدادات والتحضيرات لاستقبال "صفقة القرن" ... "الأسلمة" في سياقها الراهن، قد تفتح باب "التدويل"، وهذا "أبغض الحلال"، أما السيناريو الأكثر احتمالاً و"سوداوية"، فيفضي إلى "الأسرلة" تحت مظلة "شرعية" زائفة، بوجود رايات إسلامية، تغطي الراية الوحيدة التي يُراد رفعها في "زهرة المدائن"، وأعني بها الراية الإسلامية.

الديبلوماسية الأردنية في وضع صعب، مشكلتها الرئيسة مع حلفائها التقليديين، عرباً وأمريكيين، وليس مع خصومها التاريخيين ... وهي لم تعتد العمل والتحرك خارج خرائط تحالفاتها المستقرة منذ قيام الإمارة وحتى يومنا هذا، برغم التقلبات التكتيكية التي كانت تقع بين الحين والآخر ... مشكلة الديبلوماسية أن كلفة الانتقال باهظة للغاية من جهة، وأن "المحطة البديلة" لا يمكن الوثوق بها أبداً، وهي ذاتها تعاني العزلة والحصار.

لا يستطيع الأردن التخلي عن دورٍ متوارث تاريخياً في القدس، وفي هذه اللحظة بالذات، وهو يعرف تمام المعرفة، كلفة تحول من هذا النوع وبهذا الحجم ... لكن استمرار هذا الدور، بات أكثر كلفة وصعوبة مما كان عليه في أي وقت مضى ... وهنا يتعين الاستعداد لشتى الاحتمالات والبدائل، بما فيها تنويع دائرة خطوط التحرك وتوسيع دائرة التحالفات، واعتماد مبدأ واحد قبل الانخراط في أي تحالف أو محور: أين يقع "الملف الفلسطيني" في سلم أولويات هذا التحالف/المحور، وماذا عن دور الأردن في هذا الملف، من منظور القوى المحركة والقائدة لهذا التحالف أو المحور؟.

وأحسب أن الدائرة الأولى في دوائر التحرك الأردني، يتعين أن تنطلق من المثلث الأردني – المصري – الفلسطيني، فإن أمكن الحفاظ على رؤية مشتركة وخطة تحرك متوافق عليها، لن يكون بمقدور أحد القفز من فوق مواقف ومصالح هذه الأطراف ... فهي صاحبة القضية والحلقة الأقرب إليها، وأي حل من أي نوع، لا بد أن يمر من هنا، ومن هنا حصراً، وبمقدور هذه الأطراف أن تلعب مجتمعة بأورق قوة، لا تتوفر لكل واحد منها على حدة، وبمعزل عن الفريقين الآخرين.

بعد ذلك، وبعد ذلك فقط، يمكن التوسع في رسم خرائط الحركة، من دون القفز في المجهول، إذ شتان بين الاستفادة من الموقف التركي الداعم للرعاية الهاشمية والرافض بشدة لقرارات ترامب من جهة، والانزلاق إلى عضوية محور تركي – قطري – إخواني ... وشتان ما بين "تطبيع" العلاقات مع إيران، أو الانزلاق إلى "محور المقاومة والممانعة" ... توسيع دائرة التحرك، وتنويع العلاقات ومصادر الدعم وأشكاله، وفتح آفاق جديدة للتبادل مع دول الجوار الإقليمي والعالم، يبدو أنه بات مطلوباً أكثر من أي وقت مضى.

وعلينا إعادة النظر، او على الأقل، التلويح بإعادة النظر، في انخراطنا وإن المحدود، في محاور وتحالفات، تصرفنا عن قضيتنا المركزية، إرضاءً لهذا الشقيق، أو مجاراة لذاك، فقد أظهروا ما يكفي من "عدم الاكتراث"، وسياسات بعضهم قادت وتقود المنطقة إلى الهاوية، ولقد تبين لنا، أنهم لا يمانعون كذلك، بالمس بنا في واحدٍ، من أكثر الموضوعات حساسية للدولة والقيادة، وأعني به ملف "الرعاية".

ليس هناك خيار سهل واحد أمام الأردن، جميع خياراتنا صعبة، ولكنها ليست مغلقة ولا مستحيلة، وعلينا الخروج من "شرنقة" المسلمات التي نهضت عليها تحالفات ومحاور تحركنا في السنوات الفائتة، والتفكير بالتوسيع والتنويع، وقد نجد أنفسنا مرغمين على تجريب "الاشتباك" السياسي والديبلوماسي مع من ظننا أنهم العون والعمق والسند، وهذا أمر يتطلب جبهة داخلية صلبة، وإجراءات تساعد في تمكين البلاد من اجتياز هذا "القطوع" الأخطر، بما في ذلك، التفكير بأنماط جديدة من الحكومات والسياسات الداخلية، فالمرحلة الاستثنائية ستحتاج لأدوات استثنائية كذلك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن الأردن في المرحلة الاستثنائية عن الأردن في المرحلة الاستثنائية



GMT 09:53 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

سؤالنا وتجربتهم

GMT 09:19 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

تونس على صفيح الصراع الإقليمي الساخن

GMT 09:05 2020 الخميس ,23 تموز / يوليو

العراق بين زيارتين وثلاث قذائف

GMT 06:33 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

هل بات «الضم» و«صفقة القرن» وراء ظهورنا؟

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 10:19 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحداث المشجعة تدفعك إلى الأمام وتنسيك الماضي

GMT 16:13 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتورة أميرة الهندي تؤكد استحواذ إسرائيل على ثلث المرضى

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عروض فنية للأطفال في افتتاح مسرح "متروبول"

GMT 06:02 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تألق سويفت ولارسون وكلارك وصلاح في حفل "تايم"

GMT 14:01 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

سكارليت جوهانسون تُوضِّح أنّ وقف تقنية "deepfake" قضية خاسرة

GMT 06:31 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

خبراء يكشفون عن أسوأ 25 كلمة مرور تم استعمالها خلال عام 2018

GMT 15:38 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحمد أحمد يتوجّه إلى فرنسا في زيارة تستغرق 3 أيام

GMT 09:02 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"إسبانيا" الوجهة المثالية لقضاء شهر عسل مميز

GMT 04:53 2015 الأحد ,15 آذار/ مارس

القلادة الكبيرة حلم كل امرأة في موضة 2015
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday