مغزى الانتصار في نيويورك ودلالاته
آخر تحديث GMT 12:38:00
 فلسطين اليوم -

مغزى الانتصار في نيويورك ودلالاته

 فلسطين اليوم -

مغزى الانتصار في نيويورك ودلالاته

بقلم : عريب الرنتاوي

من حق الفلسطينيين أن يحتفلوا بانتصار قضيتهم في الأمم المتحدة، فالعالم يظهر للمرة «الألف»، أنه ما زال يقف موحداً مع عدالة هذه القضية وشرعيتها، رغم سياسات الضغط والابتزاز التي مورست على دوله «المستضعفة»، والتي انخرط بها، كما لم يحدث من قبل، الرئيس الأميركي شخصياً وعدد من طاقم إدارته، في مقدمهم سفيرته في نيويورك نيكي هالي.

أساليب الضغط والترهيب والإكراه لم تكن مألوفة أبداً، فالبيت الأبيض وضع المنظمة الدولية ذاتها في خانة الاستهداف بالعقوبات المالية، وإدارة ترامب لم تبق جهداً إلا وبذلته لابتزاز الدول الأعضاء بالمساعدات التي تقدم لها، وبصورة فجّة، أسقطت كافة المبررات التي طالما ساقتها واشنطن لتبرير وتفسير دعمها لهذه الدول، ليبلغ «العري» أوجه عندما انكشف الستار عن هدف هذه المساعدات، وهو «استتباع» هذه الدول وتحويلها إلى مجموعة من «العازفين» الرديئين في الأوركسترا الأميركية.

الحق انتصر على القوة، والعدالة انتصرت على الغطرسة، إذ حتى الدول شديدة الاعتماد والحاجة لهذه المساعدات، غلبت منطق الحق والعدالة على بلطجة القوة وغطرستها ... دول مثل الأردن ومصر، ما كان لها إلا أن تفعل ما فعلت، ولم يكن يساور الشك أحداً، بأنها ستسلك طريقاً آخر على أي حال.

والسلطة الفلسطينية، بإصرارها على الذهاب حتى نهاية الشوط، أظهرت من جديد، أن في «ضعفها تكمن عناصر قوة جبارة، وأنها تستطيع أن تقف في وجه الغطرسة مهما بلغت الصعوبات والتحديات، وأن مصدر هذه القوة، ينبع من الحق والعدالة والشرعية، وليس من مكامن القوة التقليدية التي نعرفها ويدرسها طلبة العلوم السياسية في سنتهم الأولى.

صحيح أن الجهد الأميركي – الإسرائيلي المكثف أسفر عن زيادة عدد الدول «الممتنعة» عن التصويت قياساً بما كان يحدث في ظروف أخرى ... لكن التدقيق جيداً في قوائم المؤيدين والمعارضين والممتنعين، يظهر جانباً إيجابياً آخر، ويتمثل في انتقال دول مثل كندا استراليا والتشيك وغيرها، من خانة التأييد الأعمى للولايات المتحدة، إلى خانة الامتناع عن التصويت، وهذا تطور يمكن البناء عليه مستقبلاً، وتتعين متابعته وتعميقه.

هنيئاً للسيدين ترامب ونتنياهو بدعم الهندوراس وغواتيمالا وماكرونيزيا لمواقفهما، ومع أننا نأسف لخروج دولتين لاتينيتين عن السرب القارّي، إلا أن «الأيام دول» في تلكم القارة، واليمين المتطرف لن يبقى في السلطة إلى الأبد فيها، فالقارة اللاتينية لا تعرف الركود والثبات، وهي أظهرت وتظهر باستمرار، دعمها وإسنادها لقضية شعب فلسطين وحقوقه الوطنية المشروعة.

ويكفي أن كافة الدول المقررة والمؤثرة في هذا العالم، قد وقفت إلى جانب فلسطين مرتين خلال أسبوع واحد، الأولى بالتصويت الإجماعي في مجلس الأمن الدولي والذي لم تخرقه سوى السيدة نيكي هالي التي تنافس نفتالي بينيت على حب إسرائيل ودعم سياساتها الاستيطانية التوسعية، والثانية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، عندما جددت هذه الدول مرة أخرى، إسنادها للحق الفلسطيني.

ما حصل في المنتظم الدولي خلال الأسبوع الماضي، هو تصويت عالمي على عدالة القضية الفلسطينية ومشروعية الحق الفلسطيني، وكانت نتيجته احتلال فلسطين لأكبر مساحة من التأييد العالمي، مقابل إحكام أطواق العزلة والحصار على الاحتلال والاستيطان الإسرائيليين، والرعاية الأميركية التامة، لطموحات أقصى اليمين الديني والقومي في إسرائيل.

وإن كنا لا تساورنا الشكوك ولا تستوطننا الأوهام حول فرص تحويل القرار الدولي إلى خطة عمل لإنهاء الاحتلال، وترجمة ركام القرارات الدولية السابقة، إلى خرائط طرق تنتهي بتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه الوطنية المشروعة، إلا أننا لا نستطيع إلا أن نحتفي بالصفعة التي أطاحت بغطرسة القوة وصلفها، سواء صدرت عن واشنطن أو تل أبيب.

ولا شك بأن القرار الدولي الجديد، يرتب على الفلسطينيين، ومن تبقى من العرب، تكثيف الجهود وحثها لإدامة هذا الدعم والبناء عليه، من خلال تشديد حملات المقاطعة وفضح السياسات الإسرائيلية ومطاردة القائمين عليها في كل محفل دولي، سياسي وحقوقي، توطئة لنزع الشرعية عن الاحتلال والاستيطان، الذي يشكل كابوساً يؤرق مضاجع حكومة اليمين واليمين المتطرف في إسرائيل.

ولن ننتظر طويلاً حتى نرى، أن التهديدات التي «أرغى بها البيت الأبيض وأزبد»، لن تجد طريقها إلى حيز التنفيذ، فواشنطن لن تستطيع أن تفرض عقوبات جماعية على العالم بأسره، وحتى على الدول التي تبدو بأمس الحاجة لها، مثل الأردن والسلطة ومصر، وهي إن فعلت تكون قد حررت هذه الدول من الكثير من الاعتبارات والحسابات التي تكبل سلوكها وتحد من هوامش حركتها، برغم المعاناة المؤقتة التي قد تتسبب بها إجراءات عقابية من هذا النوع.

ولا أدري حقاً، إن كان في واشنطن «عاقل» واحد، فكر ولو للحظة واحدة، بأن التلويح بوقف المساعدات سيثني دولاً مثل مصر والأردن عن دعم القرار وحشد التأييد له، إن كان هناك حقاً من يفكر بهذه الطريقة في البيت الأبيض، فتلك مصيبة، لاسيما بوجود كل تلك الجيوش من الخبراء و»المخضرمين» ومراكز البحث والتفكير، وإن كان الأمر لا يتعدى «التهويل» و»التخويف» فالمصيبة أعظم، لاسيما على هيبة واشنطن وصورتها كدولة قائدة في العالم.

لا أدري حقاً، إن كان في واشنطن «جريء» واحد، يستطيع أن يتقدم لترامب بكشف عن الدول والمنظمات والجهات والأفراد الذين دعموا قراره بشأنه، وهو كشف سيكون قصيراً للغاية على أي حال، إذ حتى أقرب حلفاء واشنطن وأخلص أتباعها والمستتبعين لسياساتها، لم يجرؤ على الجهر بتأييد القرار، فأين الحكمة في تحدي إرادة العالم ومشاعر ملايين الناس لكسب ود حفنة من العتاة والغلاة في دولة الاحتلال والاستيطان والتمييز العنصري؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مغزى الانتصار في نيويورك ودلالاته مغزى الانتصار في نيويورك ودلالاته



GMT 09:53 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

سؤالنا وتجربتهم

GMT 09:19 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

تونس على صفيح الصراع الإقليمي الساخن

GMT 09:05 2020 الخميس ,23 تموز / يوليو

العراق بين زيارتين وثلاث قذائف

GMT 06:33 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

هل بات «الضم» و«صفقة القرن» وراء ظهورنا؟

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 10:19 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحداث المشجعة تدفعك إلى الأمام وتنسيك الماضي

GMT 16:13 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتورة أميرة الهندي تؤكد استحواذ إسرائيل على ثلث المرضى

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عروض فنية للأطفال في افتتاح مسرح "متروبول"

GMT 06:02 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تألق سويفت ولارسون وكلارك وصلاح في حفل "تايم"

GMT 14:01 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

سكارليت جوهانسون تُوضِّح أنّ وقف تقنية "deepfake" قضية خاسرة

GMT 06:31 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

خبراء يكشفون عن أسوأ 25 كلمة مرور تم استعمالها خلال عام 2018

GMT 15:38 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحمد أحمد يتوجّه إلى فرنسا في زيارة تستغرق 3 أيام

GMT 09:02 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"إسبانيا" الوجهة المثالية لقضاء شهر عسل مميز

GMT 04:53 2015 الأحد ,15 آذار/ مارس

القلادة الكبيرة حلم كل امرأة في موضة 2015
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday