واشنطن و «الاخوان»
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

واشنطن و «الاخوان»

 فلسطين اليوم -

واشنطن و «الاخوان»

بقلم : عريب الرنتاوي

تتجه واشنطن، كما يصدر عن دوائرها، إلى إعلان «جماعة الاخوان المسلمين» منظمة إرهابية، وإدراجها على قوائمها السوداء، مع كل ما يستدعيه ذلك من تداعيات ومترتبات... القرار لم يصدر بعد، وهو يثير خلافات داخل الإدارة، لكن أغلب الترجيحات تؤكد أنه سيصدر، وربما بأقرب مما نعتقد ويعتقد كثيرون، جرياً على دأب هذه الإدارة منذ توليها مقاليد السلطة في الدولة الأعظم.

لماذا القرار؟ ولماذا الآن؟ من الذي أوحى به؟ وما هي تداعياته الأوسع؟ وهل من انعكاسات على الأردن؟
لا شك أن جماعات الإخوان المسلمين، وضِعت تحت مجهر الدوائر والأجهزة الأمنية الغربية منذ زمن طويل، وبالأخص بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، وعلى نحو أخص بعد الانهيارات التي أعقبت سقوط حكمهم في مصر في العام 2013... لكن هذه الدوائر، بدت مترددة في إدراج الجماعة على قوائمها السوداء، ونجحت في إدارة الظهر لمطالبات من داخل عالمنا العربي بفعل ذلك، ولذلك جملة أسباب منها:

أولاً: أنه لا دليل صلباً على تورط الجماعة في الإرهاب، ربما تكون بعض أجنحتها في بعض الدول قد تورطت بهذا القدر أو ذاك، ربما تكون بعض فروعها قد أقدمت على تشكيل ما يسمى «التنظيم الخاص/ السري» كمنظمة أمنية مسلحة... وربما تكون بعض الحركات الجهادية قد انبثقت عنها أو خرجت من رحمها أو خرجت عليها ...لكن الجماعة بكليتها، وهي التنظيم الأعرض والأقدم والأكثر شعبية من بين جماعات الإسلام السياسي في العالمين العربي والاسلامي، لم تتورط بالإرهاب ... هكذا خلصت تحقيقات لندن وباريس وألمانيا، وبهذا يحاجج معارضو التوجه الجديد للرئيس دونالد ترامب من داخل إدارته.

ثانياً: إن إدراج الجماعة على لائحة الإرهاب، سيخلق مشاكل عديدة للسياسات الدولية حيال هذه المنطقة، وفي بعض دول العالم من خارجها، فالتنظيم يحتفظ بعلاقات تحالفية أنظمة الحكم في العديد من دول العالم (الباكستان، تركيا وقطر على سبيل المثال لا الحصر)، والتنظيم بطبعاته المختلفة، يتولى السلطة أو يشارك فيها في كل من المغرب وتونس و»قطاع غزة» ... وهو يقاتل إلى جانب واشنطن في اليمن، ويندرج في عداد المعارضات السورية التي رعتها واشنطن ودعمه حلفاؤها، وهو من ضمن «الحكومة الشرعية» في طرابلس، ويتواجد في برلمانات عدد من الدول الصديقة والحليفة للولايات المتحدة (الأردن، البحرين وغيرهما)، وفوق هذا وذاك وتلك، فالتنظيم ما زال حاضراً وبقوة في الشوارع العربية والإسلامية ... إدراجه على لوائح الإرهاب، «يحرم» الدبلوماسية الأمريكية» من فرص سياسة عديدة، وقد يعرقل أدوارها في عديد من الساحات ودول الأزمات.

ثالثاً: إن إدراج التنظيم على لوائح الإرهاب، سيعني من ضمن ما يعني، فقدان دول غربية لقنوات اتصال وتعاون أمني وسياسي مع الجماعة الكبيرة التي تحتفظ بمئات المؤسسات التابعة لها، من دعوية واجتماعية وتربوية ومالية واقتصادية في الغرب، وهي – الجماعة - في سبيل الحفاظ على وجودها هناك، تتعاون مع دوائر وأجهزة استخبارية غربية، في توفير معلومات عن «شبكات إرهابية» ... والغرب ظل ينظر للجماعة منذ نشأتها قبل ما يقرب من قرن، بوصفها أحد خياراته إن لمواجهة المد القومي واليساري والشيوعي في أزمنة سابقة، أو لمواجهة التهديد «الإيراني/الشيعي» في أزمنة لاحقة، أو كبدائل محتملة لأنظمة متهالكة وفاقدة للشرعية،  كما في سياقات الربيع العربي ... تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية، سيحرم الغرب من هاتين الإمكانيتين.

سؤال لماذا الآن، هو ذاته سؤال من الذي أوحى لواشنطن بذلك؟، فالمعلوم أن عدداً من أقرب الدول الحليفة لواشنطن، استبقت واشنطن لإعلان الجماعة منظمة إرهابية، وهي تنظر لها بوصفها تهديداً جدياً لمستقبلها، وتضعها في صدارة استهدافها، ويبدو أن ترامب بات مقتنعاً بضرورة إرضاء هؤلاء الحلفاء، ولا ندري إن كان لذلك ثمن في المقابل، وما إن كان هذا الثمن مرتبط بـ»صفقة القرن» أم بــ «صفقات مالية فلكية»؟
بالنسبة لنا في الأردن، يأتي القرار الأمريكي في توقيت غير ملائم أبداً ... الأردن نجح في تحمل ضغوط  لإدراج الجماعة في عداد المنظمات الإرهابية والانقضاض عليها، وهو ما ترك أثراً إيجابيا لدى الحركة الإسلامية الأردنية، ودفعها لتقديم مبادرات وخطابات تصالحية أكثر اعتدالاً ... غداً سيأتينا الضغط من «الحليف الاستراتيجي» لكأنه لا تكفينا «التهديدات والتحديات» التي تستبطنها مبادرته المعروفة بـ»صفقة القرن»، حتى يضيف إلى أعبائنا عبئاً جديداً ... مثل هذا التطور الخطير إن وقع، يستدعي الشروع في أعمق الحوارات السياسية للوصول إلى «الفهم والتفهّم والتفاهم « حول مترتبات هذا القرار وتداعياته، مستثمرين في «الريح الجديدة» التي هبّت على خطاب الحركة الإسلامية ومراجعاتها، والتطورات التي شهدتها العلاقة بين نظامنا السياسي والحركة الإسلامية، حتى ننجح في حفظ «خصوصيتنا» الأردنية، النابعة من رشد ورشاد مختلف أطراف العملية السياسية في بلادنا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

واشنطن و «الاخوان» واشنطن و «الاخوان»



GMT 22:40 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... وما ورائيات الفوز الكبير

GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 02:22 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

أبل تقلّل أداء الموديلات القديمة للحفاظ على البطارية

GMT 14:47 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

فوزي غلام يستمر مع نابولي ويجدد لفقراء الجنوب

GMT 08:57 2014 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

نصائح إيمي تشايلدز لتعيش حفل رأس سنة مميز

GMT 08:55 2015 الأربعاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ترشيح ثلاثة مدربين لقيادة نادي "اتحاد الشجاعية"

GMT 20:31 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

"أسرة فيلم الفيل الأزرق2" تنتهي من تصوير العمل بعد أسبوعين

GMT 07:59 2018 الخميس ,27 كانون الأول / ديسمبر

السياح يغلقون فنادق موسكو في أعياد رأس السنة الجديدة

GMT 18:08 2018 السبت ,22 كانون الأول / ديسمبر

سانتياغو سولاري في حيرة بسبب خط الوسط قبل مواجهة "العين"
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday