عن الكويت بمناسبتين
آخر تحديث GMT 12:38:00
 فلسطين اليوم -

عن الكويت بمناسبتين

 فلسطين اليوم -

عن الكويت بمناسبتين

بقلم : عريب الرنتاوي

زرت الكويت مرة واحدة فقط طوال سنيّ حياتي، كان ذلك بعد سنوات قلائل من “التحرير”، وكنت من ضمن “عصبة” من الأصدقاء الإعلاميين الأردنيين، وفي مسعى من الجانب الكويتي لإعادة جسر ما تهدّم من أواصر العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين ... يومها كان الأمير صباح الأحمد وزيراً للخارجية، وقد استقبلنا في مكتبه بحرارة، مشجعاً على استئناف الزيارات والتبادل بين البلدين، وكذلك فعل وزير الإعلام في حينه سعد بن طفلة العجمي، وكانت لنا لقاءات من رئيس مجلس النواب وممثلين لنخب إعلامية وثقافية وسياسية كويتية.

وأذكر ذات عشاء في الكويت، لم أعد استذكر عند مَنْ أو بدعوة ممن، أنني التقيت بالسفير الكويتي الأسبق لدى لبنان، عبد الحميد البعيجان، لم أكن أعرفه، لكني كنت أتتبع أخباره التي تتصدر الصفحات الأولى لصحف لبنان صبيحة كل يوم، زمن الحرب الأهلية، وكان الرجل دائم الحضور والتنقل بين مختلف الأفرقاء، يسعى في ترميم ما خربته الحرب في النفوس والنصوص، قبل أن يكون في العمران والبنى التحتية، كان نجماً لبنانياً بامتياز، حين كانت سفارات كثيرة، تتآمر على لبنان، وتتحول إلى أوكار لصب المزيد من الوقود على نيران الحرب الأهلية المشتعلة.

لكني، من بعيد، أحتفظ بصورة إيجابية عن هذه الدولة الخليجية عموماً ومواقفها المتوازنة والمتزنة... قبل الغزو كانت الكويت “بيروت الخليج” فيها صحافة حرة، نجحت في استقطاب أقلام عربية متنوعة في مشاربها وخلفياتها، وفيها برلمان قوي، يلعب دوراً مشاكساً للحكومة، وفيها ديوانيات، تقوم بمقام الأحزاب، وتلعب دوراً في تأطير الرأي العام ... فضلاً بالطبع عن دور “رجل الإطفاء” الذي ميّز السياسة الخارجية الكويتية، وجعل وزيرها المخضرم، الأمير اليوم، حاضراً في جميع ملفات المنطقة وصراعاتها، ومن موقع الوسيط المقبول، ورجل “المساعي الحميدة” المنتظر.

لست خبيراً في شؤون الاتصال والتواصل، وليس من أبرز صفاتي القدرة على إدامة العلاقات والصلات مع من ألتقيهم في حلّي وترحالي، فمنذ أن غادرت الكويت، لم أجر اتصالاً هاتفياً واحداً مع من التقيتهم هناك، ولا أعرف شيئاً عن هذا البلد إلا من خلال ما يتيسر من معطيات في الصحافة ووسائل الإعلام ... ولكنني لطالما أسفت لاستنكاف الكويت عن القيام بأدوار الوساطة في الأزمات العربية التي تتكاثر كالنبت الشيطاني في أزمتنا المعاصرة.

أذكر أنني كتبت ذات يوم، في هذه الزاوية بالذات، ما يفيد بأن العالم العربي خسر “دبلوماسيتين” نشطتين، حين مسّت الحاجة إليها زمن الأزمات المتناسلة، قصدت بهما: الدبلوماسية الكويتية التي أصيبت في مقتل بعد الغزو العراقي للكويت، والدبلوماسية الجزائرية النشطة، التي تعطلت بعد العشرية السوداء التي ضربت هذا البلد الشقيق في مقتل ... وللمصادفة فإن حاكمي هذين البلدين اليوم، كانا وزيرين مخضرمين للخارجية في بلديهما، ولطالما كان لكل منهما حضوراً كثيفاً في رأب الصدع وإصلاح ذات البين.

والحقيقة أن ثمة تطورين اثنين، استدعيا هذه الذكريات والتداعيات لديّ: الأول؛ ويتعلق بالموقف الكويتي المشرف الذي اتخذه رئيس البرلمان الكويتي مرزوق الغانم ضد غطرسة وفد الكنيست الإسرائيلي في اجتماعات البرلمان الدولي الأخيرة في سانت بطرسبيرغ، حين تصدى للعنصري نحمان شاي ووصفه بقاتل الأطفال والنساء، ونجاحه في طرده من قاعة الاجتماعات وسط تأييد عالمي نادر لهذا الموقف القومي الشجاع.

والثاني؛ وأنا أقرأ بالأمس تصريحات أمير الكويت بخصوص الأزمة الخليجية، والتي وردت في افتتاح جلسة للبرلمان، وفيها تحذير من مغبة الانزلاق إلى ما لا تحمد عقباه، ودعوته الأطراف لتحكيم صوت العقل والحكمة، وتنبيهه للجميع، من مخاطر تفاقم الأزمة ودخولها في نفق جديد، لا أحد يعرف متى سينبثق الضوء في نهايته.

في الموقف الأول، التفت الإعلام إلى مواقف رئيس البرلمان الكويتي، والرجل استحق بجدارة كل الشكر والثناء، في زمن التهافت والهرولة نحو تل أبيب، حيث تتورط دول عربية  متزايدة في هذه اللعبة المشؤومة، لكن قلة انتبهوا إلى الرسالة التي بعث بها أمير البلاد إلى رئيس مجلسه، معرباً عن الدعم لموقفه والثناء على شجاعته، والفخر بما أنجز في المنتظم الدولي، نصرة لقضية العرب المركزية الأولى ... هذا الموقف من الأمير ورئيس البرلمان الكويتي، يثلج الصدور، ويذكر بأن صورة المشهد العربي القاتمة، ما زالت تحتمل بروز إشراقات ونقاط مضيئة بين الحين والآخر، وهذه المرة جاءت من الكويت.

أما فيما خص مساعي الوساطة الكويتية في الأزمة الخليجية، فقد نالت الكويت دعم العالم بأسره لجهوده، وكل من جال في المنطقة وأدلى بدلائه في أزمتها، كان شديد الحرص على تثمين المبادرة الكويتية، ودعم جهود الأمير لتحقيق المصالحة، بل ووضع كافة الإمكانيات والقدرات في تصرف الوسيط الكويتي لمنع انزلاق دول مجلس التعاون في قعر هاوية لن يخرج منها أحدٌ منتصراً.

مساعي الكويت لم تتوقف، والأمير لن يدخر ما بوسعه من جهد لرأب الصدع في البيت الخليج، بيد أن الرؤوس الحامية على ضفتيها، تجعل مساعيه شديدة الصعوبة، وتصيبها في بعض الأحيان بالعطب ... لكن، وكما اشتهرت الدبلوماسية الكويتية بدورها كرجل إطفاء، دؤوب ومثابر، فإننا نأمل أن تستأنف هذا الدور، وتتوسع به، بدءاً من وقف النزف في الجرح الخليجي المفتوح.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن الكويت بمناسبتين عن الكويت بمناسبتين



GMT 09:53 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

سؤالنا وتجربتهم

GMT 09:19 2020 الخميس ,30 تموز / يوليو

تونس على صفيح الصراع الإقليمي الساخن

GMT 09:05 2020 الخميس ,23 تموز / يوليو

العراق بين زيارتين وثلاث قذائف

GMT 06:33 2020 السبت ,18 تموز / يوليو

هل بات «الضم» و«صفقة القرن» وراء ظهورنا؟

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 10:19 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحداث المشجعة تدفعك إلى الأمام وتنسيك الماضي

GMT 16:13 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتورة أميرة الهندي تؤكد استحواذ إسرائيل على ثلث المرضى

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عروض فنية للأطفال في افتتاح مسرح "متروبول"

GMT 06:02 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تألق سويفت ولارسون وكلارك وصلاح في حفل "تايم"

GMT 14:01 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

سكارليت جوهانسون تُوضِّح أنّ وقف تقنية "deepfake" قضية خاسرة

GMT 06:31 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

خبراء يكشفون عن أسوأ 25 كلمة مرور تم استعمالها خلال عام 2018

GMT 15:38 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحمد أحمد يتوجّه إلى فرنسا في زيارة تستغرق 3 أيام

GMT 09:02 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"إسبانيا" الوجهة المثالية لقضاء شهر عسل مميز

GMT 04:53 2015 الأحد ,15 آذار/ مارس

القلادة الكبيرة حلم كل امرأة في موضة 2015
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday