قراءة في التكتيك
آخر تحديث GMT 19:08:29
 فلسطين اليوم -

قراءة في التكتيك

 فلسطين اليوم -

قراءة في التكتيك

عريب الرنتاوي

الانتقادات التي وجهت للتعديلات الدستورية الأخيرة، انصبت في الأساس على “انتقاصها” من مفهوم “الولاية العامة للحكومة”، إذ أنها سحبت من مجلس الوزراء صلاحية التنسيب لاختبار قائد للجيش ومدير للمخابرات العامة، على أنها لم تغفل كذلك، الحديث عن إسراع الحكومة أو تسرعها في تمرير هذه التعديلات، ومن دون مشاورات كافية مع مختلف الأفرقاء ذوي الصلة ... وأحسب أن الجدل الوطني الأردني ما زال يراوح حول هذه النقطة، مع أنها لن تقدم أو تؤخر في موضوع التعديلات الدستورية.
على مستوى الرأي الشخصي لكاتب هذه السطور في التعديلات المذكورة، فقد كنا أوضحناه في هذه الزاوية في حينه، عندما أيدنا فكرة “التدرج” في الذهاب إلى حكومات منتخبة كاملة الصلاحية والولاية العامة، وأعربنا عن عميق إيماننا بضرورة إبعاد الجيش والأمن عن التجاذبات السياسية والحزبية، أياً كان شكلها، منطلقين في ذلك، من الخلاصات المريرة لسنوات الربيع العربي الدامية في معظم بلدانه وساحاته.
على أننا مع ذلك، ومن منظور إجادة التكتيك، رأينا أن على الأحزاب السياسية والقوى الاجتماعية المنادية بالإصلاح، أن تغتنم الفرصة، وأن تعيد الكُرة إلى ملعب الحكومة، إن كانت تريد الدخول في معترك العمل السياسي وتكتيكاته ... رئيس الوزراء قال أكثر من مرة، في معرض الحديث عن “التعديلات” إنها خطوة إصلاحية بامتياز، تمهد الطريق لولوج عتبة الحكومة البرلمانية ... حسناً، التعديلات أنجزت، وقد آن أوان التزام الحكومة بتعهداتها، والشروع في تقليب صفحات الحكومة البرلمانية، فهذه لم تنجز بعد، وقد لا تنجز في المدى المنظور، ما يعني أن التعديلات ستبقى أما الحكومة البرلمانية فقد لا تأتي.
لتفادي مثل هذا السيناريو، لا يكفي أن نبقى نردد مواقفنا المؤيدة أو المعارضة للتعديلات الدستورية، على أهمية ذلك ... الأكثر أهمية بالمعنى السياسي والتكتيكي الآن، هو الشروع في رسم معالم خريطة طريق للوصول إلى هذه الحكومة، علينا أن نطرح جملة من الأسئلة والتساؤلات، وأن نسعى في الإجابة عليها، والأهم، أن نعمل لتأمين توافق وطني من حولها.
عن أي حكومة برلمانية نتحدث؟ ... هل هناك نموذج محدد يمكن الاقتداء به واستحضاره أردنياً، أم أنه سيتعين علينا اشتقاق نموذجنا الخاص؟ ... هل كل حكومة تحصل على ثقة مجلس النواب، أو تضم نواباً في صفوفها، هي حكومة برلمانية؟ ... هل نتحدث عن حكومة الأغلبية في البرلمان، واستتباعاً، حكومة الظل التي تنتظم المعارضة؟ ... هل يمكن الانتقال إلى الحكومة البرلمانية في ظل مجلس نيابي مبني بالأساس على “النائب الفرد”، وليس على القوائم والكتل والبرامج والأحزاب؟ ... هل ننجز قانون انتخابات جديد (صديق للأحزاب) ونجري انتخابات مبكرة أو موعدها، على أن نشرع بعدها في ولوج عتبات التجربة؟
ماذا عن “المتطلبات المسبقة” للحكومة البرلمانية، هل نفكر بقانوني أحزاب وانتخاب جديدين، ماذا عن بقية القوانين الناظمة للعمل العام، ألا تحتاج بدورها لإصلاح وتغيير؟ ... ماذا عن البنية الدستورية للحكومة البرلمانية، هل هي كافية للشروع في التجربة، أم أننا بحاجة لوجبة إصلاحات دستورية جديدة، حتى تصبح الحكومات البرلمانية أمراً ممكناً ودستوريا؟
لو كنت في موقع الناصح للأحزاب السياسية، لقلت إنها يجب أن تُطلق أوسع عملية حشد تأييد، لإنجاز قانون انتخابات “صديق” لها، باعتبارها التوطئة الضرورية لبرلمان قائم على التعددية الحزبية، واستتباعاً لحكومة برلمانية تنبثق عن تيار الأغلبية داخل المجلس ... بخلاف ذلك، حتى لو شرعنا في إنفاذ تجربة الحكومات البرلمانية، فإن حكوماتنا العتيدة القادمة، لن تخرج عن سقف تجاربنا السابقة في “توزير النواب”، لا أكثر ولا أقل.
العادة والعرف في الأردن، أن الملك هو من يختار قائد الجيش والأجهزة، وقد جرت اليوم، “دسترة” هذا العرف والتقليد ... وثمة إجماع وطني على ضرورة تحييد الجيش والأمن عن السياسة والساسة، تحت طائلة ما يحيط بنا من محاذير وتجارب، رأينا تجلياتها البشعة في عدد من دول الجوار القريب والبعيد ... والأحزاب التي بالكاد تستطيع الوصول إلى البرلمان، ستكون قد خطت خطوة نوعية كبرى، إن أمكن لها أن تشكل حكومات في قادمات الأيام، حتى وإن انتزعت من صلاحياتها، مسألتي قائد الجيش ومدير المخابرات ... فلماذا الإصرار على اعتبار “الولاية الكاملة” للحكومة، شرطاً للانفتاح على فكرة الحكومة البرلمانية، بل ولماذا لا يُتّخذ من هذه السانحة فرصة للدفع في هذا الاتجاه، ومن على قاعدة، ما لا يدرك كله لا يترك جلّه.
لن يذهب الأردن، دفعة واحدة إلى الديمقراطية الأنجلو ساكسونية، وليست هناك إرادة كافية لإحداث اختراق على مسار الإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي ... لكن هل يمنع ذلك أن تقوم الأحزاب والقوى الإصلاحية لإحداث قفزة على هذا المسار، وأن تدفع باتجاهه بقوة ... أليس من الأنسب للأحزاب العمل بقاعدة خذ وطالب، بدءا بقانون الانتخاب الممهد للبرلمان التعددي المفضي لحكومة برلمانية.
سنظل نردد تحفظاتنا على التعديلات لعام آخر من دون جدوى، لكن وضع أهداف ملموسة لعمل جماعي مشترك ولجبهة عريضة من قوى الإصلاح، وبهدف وضع الحكومة وجهاً لوجه أمام تعهداتها والتزاماتها، بشأن الحكومة البرلمانية، هو التكتيك الذي يتعين العمل به، وإلا ستظل كافة هذه الانتقادات، غير المرتبطة بأهداف ملموسة، صرخات في وادٍ سحيق.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قراءة في التكتيك قراءة في التكتيك



GMT 11:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 11:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 11:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 11:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 11:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 11:49 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 11:47 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 11:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 08:51 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 21:38 2020 الأحد ,03 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 06:51 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحمل" في كانون الأول 2019

GMT 07:28 2020 الخميس ,18 حزيران / يونيو

«الهلال الشيعي» و«القوس العثماني»

GMT 01:18 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة "أيقونة" رفع الأثقال بعد صراع مع المرض

GMT 22:54 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أصحاب دور العرض يتجهون إلى رفع "عمود فقرى" من السينما

GMT 10:32 2020 الأربعاء ,20 أيار / مايو

فساتين خطوبة للممتلئات بوحي من النجمات
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday