سيناريو «حفر الباطن 2»
آخر تحديث GMT 21:12:46
 فلسطين اليوم -

سيناريو «حفر الباطن 2»

 فلسطين اليوم -

سيناريو «حفر الباطن 2»

عريب الرنتاوي

ثمة ما يشي بأن “شيئأ ما” يجري إعداده في غرف مغلقة، لتجاوز الاستعصاء في الحرب على داعش، فبعد أكثر من شهرين على بدء استهداف التنظيم بالغارات الجوية والصواريخ، لا يبدو أن تغيراً قد طرأ على الأرض، بل على العكس من ذلك تماماً، فقد حقق “داعش” اختراقين” على جبهتي الأنبار و”كوباني”، وربما يكون في طريقه لتحقيق اختراق ثالث، البعض يرجحه في بغداد ذاتها، والبعض الثاني، يراه  شمال لبنان، فيما البعض الثالث يقترح الجبهتين معاً، جرياً على عادة التنظيم المعروف بحروبه في عدة دول وعلى عدة محاور وجبهات.
الغرب -وتحديداً الولايات المتحدة- لا يريد الانزلاق إلى حروب برية، وآخر ما يرغب الرئيس أوباما  أن يراه على شاشة الـ”سي إن إن”، هو صورة رجل القاعدة، فارع الطول، طليق اللسان بالإنجليزية، ينحر جندياً أمريكياً، ويقطّع أوصاله ... أما “المتحمِّسون العرب” لاستئصال النظام السوري، بذريعة استئصال “داعش” وفي الطريق إلى هذا الهدف، فلن تتعدى مساهماتهم في الحرب البرية القادمة -إذا اندلعت-، ما سبق لهم تقديمه في “حفر الباطن”: وحدات خاصة رمزية، ومعسكرات على الخطوط الخلفية ترفع أعلام الدول المشاركة، لا أكثر ولا أقل.
الدولة الوحيدة المرشحة للقيام بالدور الضارب في البرِّ وعلى الأرض، هي تركيا المتحفزة لإسقاط الأسد، والتي ترى في نظامه، واستتباعا في الكيان الكردي السوري الناشئ، تهديداً أشد لأمنها واستقرارها من التهديد الذي تشكله “داعش”، وهذا ما يفسر إجماع الروايات، على أن تركيا تورطت في دعم التنظيم، وربما لا تزال تمده بشرايين التغذية المتعددة حتى اليوم، برغم كل الضغوط والانتقادات والإدانات.
لكن تركيا، أوضحت أكثر من مرة، أنها لن تذهب وحدها إلى الحرب في سوريا، حتى أن أردوغان اعتبر دعوة من هذا النوع، “مؤامرة على تركيا”، أنقرة تريد مظلة دولية وإقليمية لإنجاز هذا الاستحقاق ... وبالنظر لصعوبة الاستحصال على قرار من مجلس الأمن بفعل الفيتو الروسي – الصيني المشترك، الواقف بالمرصاد لأية محاولة من هذا النوع، فإن أنقرة قد تقبل ما هو دون ذلك: قرار أمريكي، مؤيد من التحالف الدولي والحلف الأطلسي، ومدعم بمشاركة عربية، ولو رمزية، في الحرب البرية القادمة، والتي ستفضي من ضمن ما ستفضي إليه، إلى تشكيل منطقة عازلة على امتداد الحدود السورية – التركية، وربما بعمق يزيد عن أربعين كيلومتراً بحد أدنى، وقد يتطور على طريقة “سلامة الجليل”، فتتوغل القوات في سياق المعركة إلى العمق السوري.
جملة من العقبات تحول دون اللجوء إلى هذا السيناريو من بينها: (1) أن واشنطن، بخلاف أنقرة، ترى أن “داعش” خطر مقدم على الأخطار التي يمثلها نظام الأسد، وأن الأولوية في الحرب المقبلة، هي لاستئصال هذا التنظيم، وليس لإسقاط الأسد ... (2) إن إيران، ومن خلفها روسيا والصين، لن تقف مكتوفة الأيدي حيال سيناريو كهذا، وأنها ستعمل ما بوسعها لتنغيص حياة الأتراك، والمس بمصالحها ... حتى الآن، لا ندري ما الذي بمقدور إيران أن تفعله لتنفيذ تهديداتها لتركيا، بيد أننا متأكدون، من أنها ستفعل شيئاً ... (3) باستثناء قطر، فإن جميع الدول العربية المنخرطة في التحالف، لا تخفي مخاوفها من الدور التركي في المنطقة، وهي وإن كانت تتفق مع أنقرة على وجوب الخلاص من نظام الأسد،  فإنها تختلف معه، حول الموقف من نظام السيسي، وجماعة الإخوان المسلمين والأزمة الليبية، وربما ملفات أخرى مفتوحة.
قطر التي لا تخفي “حلفها الاستراتيجي” مع تركيا، تسعى في تجسير الفجوات وتبديد المخاوف، بين الرياض وأنقرة، صحيح أن علاقاتها مع السعودية، ما زالت بحاجة لوسطاء ووساطات، إلا أن الدوحة تسعى في جمع أوسع ائتلاف ممكن من الدول المنضوية في محوري القاهرة – الرياض مع محور الدوحة – أنقرة، لمواجهة الاستعصاء السوري على أقل تقدير، لسان حال الأمير القطري في لقاء المفاجئ مع العاهل السعودي يقول: “إن كان التحالف سيؤمن استئصال داعش، فنحن نقترح عليكم حلفاً يسعى في استئصالها وإسقاط الأسد”، فدعونا نحيّد خلافاتنا لبعض الوقت للتفرغ لهذا المهمة الجسيمة وتحقيق هذا الهدف المشترك، وبعد ذلك لكل حادث حديث”.
لا ندري إن كانت السعودية ستستجيب لهذا المسعى وتتقبل هذا الطرح، لكن هناك بعض المؤشرات الدالة على أن الباب ليس مغلقاً في وجه احتمال كهذا ... فالسعودية شنّت هجوماً غير مسبوق على “الاحتلال” الإيراني لسوريا، واعتبرت الأسد فاقد الشرعية وسببا في المشكلة لا عنصراً في الحل، كما رأته عنصرا محفزا على نشؤ داعش وانتشارها وتعاظم نفوذها، جاء ذلك في أعقاب “أسبوع عسل” أعقب لقاءات إيرانية – سعودية، تكاثرت في ضوئه التقديرات المتفائلة باقتراب لحظة التعاون السعودي – الإيراني على حل مشكلات المنطقة، من اليمن حتى لبنان، مروراً بالعراق وسوريا.
وهناك مؤشرات أخرى دالة على احتمال سلوك المنطقة لمثل هذا السيناريو، منها الاستجابة القطرية الخجولة لمطلب إبعاد عدد من قادة الإخوان المسلمين عن الدوحة، وأمس نشرت السفير اللبنانية خبراً يتعلق بإقدام أنقرة على طلب “تجميد” أو تقليص أنشطة قادة جماعة الإخوان المسلمين العرب المتواجدين على أراضيها، توطئة لمسعى وفاقي مع السعودية ومصر والإمارات ... هذه المؤشرات لا يمكن المرور عليها مرور الكرام.
تركيا تراهن على عامل الوقت لإقناع الإدارة الأمريكية بأنه لا مناص من القبول بالشروط التركية للانضمام للحرب على “داعش”، وكذا الدول العربية والأجنبية المنضوية في الائتلاف ... تركيا تراهن على “انتصارات داعش”، من أجل تعظيم الفوائد والمكاسب التي ستجنيها جراء دخولها في حرب على سوريا، تتطلع وتتشوق إليها وتستعجلها!!
على أية حال، دعونا لا نستبق الأحداث ونغرق في التوقعات، لكن التطورات المتلاحقة في المنطقة، تعظم يوماً بعد آخر، احتمالات اللجوء إلى “سيناريو حفر الباطن 2”، وهو سيناريو يفترض تحالفاً تركياً– قطرياً مع بعض أو جميع عواصم “الاعتدال” العربي، لتدشين مرحلة الحرب البرية على “داعش” و”الأسد” في الوقت ذاته، إن لم يكن وصولاً لدمشق، فأقله لبناء مناطق عازلة شمالية وجنوبية، وتمكين المعارضة المسلحة في هذه المناطق المحظورة على طيران النظام التحليق فوقها، تمهيداً لحل سياسي أو عسكري يُخرج الأسد من عرينه، وإن بعد حين.
وقد لا يكون مستبعداً أن نرى قريباً “تحالف حفر الباطن 2”، وقد جمع رايات تركيا وعدد من الدول العربية والغربية في نقطة على الحدود التركية مع سوريا... أما المعارك الحقيقية في الداخل السوري، فستكون من نصيب الجيش التركي، وثمة في قصر “شنقايا” من يبدو متحمساً لقرع طبول هذه الحرب، ولا ينقصه سوى أعلام الدول الحليفة والصديقة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سيناريو «حفر الباطن 2» سيناريو «حفر الباطن 2»



GMT 11:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 11:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 11:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 11:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 11:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 11:49 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 11:47 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 11:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 08:51 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 21:38 2020 الأحد ,03 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 06:51 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحمل" في كانون الأول 2019

GMT 07:28 2020 الخميس ,18 حزيران / يونيو

«الهلال الشيعي» و«القوس العثماني»

GMT 01:18 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة "أيقونة" رفع الأثقال بعد صراع مع المرض

GMT 22:54 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أصحاب دور العرض يتجهون إلى رفع "عمود فقرى" من السينما

GMT 10:32 2020 الأربعاء ,20 أيار / مايو

فساتين خطوبة للممتلئات بوحي من النجمات
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday