سوريا هل من نقطة فـي منتصـف الطـريــق
آخر تحديث GMT 12:38:00
 فلسطين اليوم -

سوريا: هل من نقطة فـي منتصـف الطـريــق؟

 فلسطين اليوم -

سوريا هل من نقطة فـي منتصـف الطـريــق

عريب الرنتاوي

تقترب الأزمة السورية شيئاً فشيئاً من مفترق “استراتيجي” حاسم، حيث تبدو الخيارات مفتوحة على اتساعها، من التقسيم الواقعي لإمارات الطوائف والمذاهب والأقوام، توطئة – ربما – للترسيم النهائي... إلى سيناريو “التسوية السياسية” التي ستضع الحروب الدائرة في سوريا وعليها، على سكة أخرى، ولا نقول “التسوية التي تضع معها هذه الحروب أوزارها”... الأخبار السيئة من سوريا، أن أي سيناريو من السيناريوهات -حتى أكثرها تفاؤلاً- لن يضع في القريب العاجل أو المدى المرئي المنظور، حداً للتقتيل والتدمير والتخريب، فمشوار سوريا مع استعادة الأمن والاستقرار ما زال طويلاً وشائكاً ودامياً.
الجغرافيا السورية تتوزع على عدة خرائط وجبهات، تسيطر على كل “قطعة” منها، قوى مختلفة ... “سوريا المفيدة” تخضع لسيطرة النظام وحلفائه، وهي في الأساس دمشق وحمص وحماة وصولاً للساحل، مع مواقع ما زالت مهمة في كل من حلب والمحافظات الجنوبية وأطراف الحسكة ... تشكل مساحتها مع يقرب من ثلث الأراضي السورية، وفيها أكثر من نصف السكان ... نصف الجغرافيا السورية يخضع لسيطرة داعش، وبقية المناطق تتوزعها وحدات الحماية الكردية والنصرة وبقايا الجيش الحر بمسمياته وتحالفاته وغرف عملياته المختلفة والمصطرعة فيما بينها.
عسكرياً، وبعد سلسلة من الاختراقات التي حققها الجيش السوري وحلفاؤه في أواخر العام الفائت ومطلع العام الحالي، يبدو أن الصورة آخذة في الانقلاب ... الجيش خسر تدمر وشمال شرق سوريا (إدلب وجسر الشغور) ويواجه وضعاً صعباً في محافظات الجنوب الثلاث (السويداء ودرعا والقنيطرة) وأطراف محافظة ريف دمشق ... والتقدم الذي يحرزه الجيش وحزب الله، لا يعني أن معركة القلمون والسلسلة الشرقية قد انتهت، كما أن “سوريا المفيدة” ذاتها، ما زالت “مفخخة” بالكثير من الجيوب والمناطق الخارجة عن طوع النظام وسيطرته، لعل أخطرها المنطقة الممتدة من جوبر إلى دوما، من دون أن ننسى اليرموك والحجر الأسود على أبواب الشام.
عسكرياً أيضاً، ومن حيث توازنات القوى، تتبلور الآن أربع قوى رئيسة مسيطرة على المساحة الأكبر من مسرح العمليات الحربية: الجيش والمليشيات المتحالفة معه ... “داعش” في الشمال الشرقي ما زالت “باقية وتمدد” ... “النصرة” وحلفاؤها من فصائل إسلامية وجهادية تشببها ولا تختلف عنها كثيراً، المنضوية في إطار جيش الفتح المدعوم من تركيا والسعودية وقطر ... وأخيراً وحدات الحماية الشعبية التي أظهرت شراسة في القتال من عين العرب إلى تل أبيض ... أما الجيش الحر، فليس له من تأثير يذكر إذا استثنينا “الجبهة الجنوبية” التي ما زالت أوضاعها متحركة ولم تستقر على صورة أو شاكلة محددة بعد.
خرائط القوى والمناطق و”الإمارات” المتنافسة، تثير خشية لدى كثير من الأطراف في المنطقة، بالذات دول الجوار ... تركيا لا تريد “دولة كردية” في شمال سوريا، وأردوغان يتوعد باتخاذ أي إجراء لمنع ذلك، وصحافة أنقرة تتحدث عن خطط لشريط عازل قد يمتد لثلاثين أو خمسين كيلومتراً في العمق السوري وبطول لا يقل عن 110 كيلومتراً على امتداد الحدود ... الأردن لا يريد لداعش او النصرة أن يرابط أيٌ منهما على حدوده الشمالية، ولهذا يتحدث عن “دعم وتسليح العشائر”، ويتبنى بصورة غير رسمية “الجبهة الجنوبية”، والأنباء تتحدث عن تعزيزات عسكرية على الحدود الشمالية، وسيناريوهات الشريط العازل في الجنوب تتطاير تزامناً مع أنباء “الشريط الشمالي”.
حيال وضع كهذا، تبدي أطرافٌ إقليمية ودولية قلقاً وتحسباً من تحديات المرحلة المقبلة وأخطارها ... روسيا لا تكف عن تجديد دعمها للنظام ورئيسه، وآخر تأكيد على ذلك جاء في اللقاء الذي جمع فلاديمير بوتين بوليد المعلم، وإيران تتحدث عن خطوة نوعية استراتيجية لتظهير الحلف المناهض للإرهاب، في إشارة إلى تطوير تحالف إيراني – عراقي – سوري مع بقية القوى “اللادولاتية” القريبة من هذا الحلف: حزب الله والمليشيات العراقية والحوثيين، الأرجح أن تظهيره سيكون ممكنا بعد التوقيع على الاتفاق النووي وليس قبله ... وقاسم سليماني يتحدث عن جيش من 150 ألف مقاتل ينتشر على امتداد هذا المحور تحت شعار محاربة داعش والإرهاب.
الأنباء التي تتحدث عن تقارب في المواقف بين روسيا والولايات المتحدة، لا تنقطع ... بعضها يرجح قبولاً أمريكياً – غربياً، يعارضه المثلث الإقليمي (السعودي -التركي -القطري) لبقاء الأسد لمرحلة انتقالية مع حكومة بصلاحيات واسعة، تجمع النظام والمعارضة ... وبعضها الآخر، يشير إلى استعداد روسي لبحث مستقبل الأسد “ما بعد المرحلة الانتقالية” ... كلا المقاربتين تنطلقان من إقرار بالحاجة للحفاظ على الدولة ومؤسساتها وجيشها، حتى لا تقع سوريا برمتها تحت قبضة التطرف والإرهاب.
المعارضة السورية السياسية رسمت في القاهرة برنامجها على مقاس خطوط التلاقي بين موسكو وواشنطن، وأصدرت تصوراً للحل يلحظ الحوار والتفاوض مع النظام، ولا يشترط إسقاط الأسد أو تنحيته كشرط لبدء الحوار والتفاوض، بل ربما كنتيجة ختامية للمسار الانتقالي ... أما في إسطنبول، فإن المعارضة بصدد انتخابات جديدة، وجولة جديدة من الصراع السعودي – التركي – القطري، على الهيمنة على الائتلاف السوري المعارض ... تركيا تمسك اليوم بزمام هذا الائتلاف، عبر رئيسه المقرب (يقال العضو) من حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم... نتائج الانتخابات أياً كانت لا تدعو للتفاؤل بتغير جوهري في موقف وموقع الائتلاف الذي ربط نفسه تماماً بحركة هذا المثلث الخليجي – التركي وتوازناته.
ثمة إذن، نقطة في منتصف الطريق إلى الحل، وتتعلق بمصير الأسد ... إذ يبدو أن وجوده في مرحلة انتقالية أمراً يمكن أن يكون جزءاً من الحل و”الصفقة الكبرى”، على ان بقائه للأبد، وفقاً للشعار السلطوي الشهير في دمشق، بات من الماضي ... حتى الآن، لا نعرف بالضبط كيف سيكون الأداء الإيراني في هذه المسألة بعد التوقيع على “النووي”، هل ستلاقي إيران القوى الدولية في منتصف الطريق، أم أنها ستفضل خيار المواجهة؟ ... إيران نفسها لا تتحدث بلغة واحدة في هذا المجال، ومستقبل الأزمة السورية، ربما يكون رهناً بموازين القوى بين متشددي طهران وإصلاحييها، وتلكم مفارقة كبرى إضافية، في منطقة، يبدو تاريخها المعاصر، تاريخ مفارقاتها النافرة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوريا هل من نقطة فـي منتصـف الطـريــق سوريا هل من نقطة فـي منتصـف الطـريــق



GMT 10:32 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 10:30 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 10:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 10:15 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

GMT 10:12 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الشريك المخالف

GMT 10:08 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ظالم ومظلوم

GMT 10:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد رحيم.. يرسم ملامح المطرب بالنغمة والإيقاع!

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 01:45 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 05:59 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

تصوير دينا الشربيني وعمرو دياب خلسة بحضور أحمد أبو هشيمة

GMT 15:41 2017 الثلاثاء ,17 كانون الثاني / يناير

أسعار الفضة تشهد تحركات ضعيفة وتحقّق 16.81 دولارًا للأونصة

GMT 04:37 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقع التواصل تُزيد من مخاطر التنمر الإلكتروني بين الأطفال

GMT 05:40 2016 السبت ,17 كانون الأول / ديسمبر

الفنان مروان خوري يوضح سر عدم زواجه

GMT 02:05 2019 السبت ,23 شباط / فبراير

هاري وميغان في زيارة إلى المغرب تستغرق 3 أيام

GMT 15:22 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

أسرار إعادة الحب والسعادة والمودة إلى الحياة الزوجية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday