الأردن وأسئلة لماذا وكيف وإلى متى
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

الأردن وأسئلة لماذا وكيف وإلى متى؟

 فلسطين اليوم -

الأردن وأسئلة لماذا وكيف وإلى متى

عريب الرنتاوي

حيثما حللت وارتحلت، فإن سؤال “كيف أمكن للأردن أن يبقى بمنأى عن فوضى الإقليم”، هو أول ما تلهج به ألسنة من تلتقيهم من سياسيين وإعلاميين وباحثين وخبراء ... سؤال يستبطن قدراً من الاهتمام والإعجاب، المشوبين بقدر أكبر من “القلق” على المستقبل ... ومؤخراً، لم يبق مركز أبحاث واحد من تلك التي تعنى بالشرق الأوسط، إلا وتناول الموضوع من إحدى زواياه الشائكة والمتداخلة.
الأردن ما زال “واحة للأمن والاستقرار”... حقيقة يعترف بها القاصي والداني، وهي كـ “التاج على رؤوس الأصحاء” لا يراه إلا المرضى، المصابين بعدوى “الفوضى البناءة”والاحتراب الطائفي والمذهبي، ولو أدرك كل واحد منا هذه الحقيقة، وعمل بهديها ووحيها، لأمكن لنا اجتياز هذا “القطوع” الإقليمي، المرير والطويل، بأقل قدر من الخسائر.
ثمة قناعة مشتركة لدى معظم من تناول الشأن الأردني من الخارج، بأن التهديد الأكبر لأمن الأردن واستقراره، لن يأتيه من الخارج، فالأردن من بين دول عربية قليلة، لديه دولة قوية وجيش محترف وأجهزة أمنية يقظة، وهو قادر على ملاقاة التهديدات قبل أن تصل إلى غرف نوم أبنائه وبناته، حصل ذلك من قبل، وهو يحصل الآن، وليس ثمة ما يحول دون أن ننجح في ذلك في المستقبل كذلك.
مصدر التهديد الرئيس لأمننا واستقرارنا، إنما يكمن في “داخلنا”، فلدينا بيئة سياسية وثقافية واجتماعية، مهيأة لاستقبال واستنبات الغلو والتطرف، ومن يتابع تعليقات مواطنين، لا نعرف نسبتهم، على ما يجري من حولنا من تطورات، سيصاب حتماً بالدهشة والذهول، وثمة جيوب للتطرف والغلو، في بعض مناطقنا القريبة والبعيدة عن حوارنا، تدعونا للقلق والتحسب، والحيطة والحذر.
لا شك أن “الأضواء الحمراء” كانت اشتعلت منذ زمن في أروقة صنع القرار السياسي/ الأمني، ولا شك أن حديثاً عن “استراتيجية جديدة” لمحاربة الغلو والتطرف، واستتباعاً الإرهاب، قد جرى التداول بشأنها ... بيد أننا لم نلمس حتى الآن، ولم نتعرف بعد، على ملامح هذه “الاستراتيجية” ومحاورها ... سيما وأن كل من تتحدث إليه من المسؤولين في الدولة والمجتمع، ينبئك، بأن “ليس بالأمن وحده يُحارب الإرهاب”.
نحن بحاجة لاستراتيجية شاملة، متعددة المراحل، لاستئصال بذور التطرف وتجفيف تربة الغلو ... استراتيجية بأبعاد اقتصادية – اجتماعية، طالما أن الفقر والبطالة هما “محركان رئيسان” لكل بواعث العنف والخروج على القانون .... استراتيجية بأبعاد تربوية وتعليمية، تخرّج أجيال بعقول حداثية ونقدية، لا “مشاريع” أهداف سهلة لكل فقهاء الظلام وأصحاب العقول المغلقة ... استراتيجية بأبعاد ثقافية، ترى العالم بتعدده وتنوعه، لا بأحاديته ولونه الواحد، تعترف بالآخر وتحترم خصوصيته، تقبل بقيم الديمقراطية وقواعد حقوق الإنسان، وتعيشها “نمط حياة” لا جمل محفوظة عن ظهر قلب.
نحن بحاجة لثورة بيضاء في المدرسة والجامعة والجامع ... فلا يعقل أن تظل مئات المدارس وعشرات الجامعات وألوف المساجد، ساحات مفتوحة للفكر الغيبي الظلامي، ولمناهج أقل ما يمكن أن يقال في وصفها، بأنها لا تنتج إلا أجيالاً من “المتلقين”، لا يعقل أن تبقى جامعاتنا على “تقهقرها” تربوياً وتعليمياً وسياسياً، وهي التي كانت “الحواضن الدافئة” لأجيال من المثقفين والمناضلين والسياسيين، الذين رفدوا الدولة والمجتمع، بكل  طاقات الإبداع والقيادة والتنوير والحداثة.
نحن بحاجة لإعمال “سيادة القانون”، فلا يجوز أن تكون هناك “رقاع سوداء” على خريطتنا الوطنية، متمردة أو خارجة على القانون ... لا أحد فوق القانون، ولا منطقة خارجه ... والقانون سيّد، لا يستثنى من سلطانه أحد، ولا يخرج عن ولايته “مقام”، مهما علا شأنه.
نحن بحاجة لتفعيل مبدأ “المواطنة الفاعلة والمتساوية”، فالمواطن قيمة بذاته، بصرف النظر عن درجة فقره أو غناه، عن أصله وفصله، عن دينه ومذهبه، عن لونه أو جنسه، عن صحته ومرضه، عن شبابه وشيخوخته وطفولته ... منظومة حقوق المواطن وواجباته، يجب أن ترعاها الدولة، وتحرص على احترامها، بل وعلى فرض احترامها على كل من تسوّل له نفسه، فرداً كان أم مؤسسة، وفي كل الظروف ومطلق الأحوال، وقديماً قيل “العدل أساس الملك”.
العالم “المُتخيّل” الذي يبشر بها فقهاء الغلو والتطرف، لا مكان له في واقعنا المعاش ولا في عصرنا الراهن ... مكانه الوحيد في العقول الماضوية، المبنية على الخرافات والأساطير، المنفصلة عن العصر وتحدياته، المفصومة عن الواقع بوقائعه العنيدة ... هذا العالم “الافتراضي” المستوحى من بطون الكتب الصفراء البالية، لا مكان له، في مجتمع يحترم “العقل النقدي” و”العقلانية” و”المنهج العلمي”، ويصبو لمواكبة العصر واللحاق بركب الحداثة، فهل نحن سائرون على هذا الطريق؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأردن وأسئلة لماذا وكيف وإلى متى الأردن وأسئلة لماذا وكيف وإلى متى



GMT 07:46 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

«آخر الكلام»

GMT 07:34 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مش معقول.. ستة دنانير فطور صحن الحمص!

GMT 07:23 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف النار في الجنوب اللبناني وما بعد!

GMT 07:20 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

سفينة العراق والبحث عن جبل الجودي

GMT 07:18 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

متغيرات في قراءة المشهد السوداني

GMT 07:14 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

GMT 07:07 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثلث نساء العالم ضحايا عنف

GMT 07:04 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أوكرانيا...اليوم التالي بعد الألف

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 10:19 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحداث المشجعة تدفعك إلى الأمام وتنسيك الماضي

GMT 16:13 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتورة أميرة الهندي تؤكد استحواذ إسرائيل على ثلث المرضى

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عروض فنية للأطفال في افتتاح مسرح "متروبول"

GMT 06:02 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تألق سويفت ولارسون وكلارك وصلاح في حفل "تايم"

GMT 14:01 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

سكارليت جوهانسون تُوضِّح أنّ وقف تقنية "deepfake" قضية خاسرة
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday