«الندّ الإيراني الذكي» ماذا عن العرب
آخر تحديث GMT 12:38:00
 فلسطين اليوم -

«الندّ الإيراني الذكي» ...ماذا عن العرب؟!

 فلسطين اليوم -

«الندّ الإيراني الذكي» ماذا عن العرب

عريب الرنتاوي

استيقظ الرئيس الأمريكي باكراً صباح أمس، وأيقظ معه نائبه جو بايدن، فالمناسبة لا تحتمل الغرق في النوم، ولا ممارسة طقوس التكاسل ... لم تكن عقارب الساعة قد بلغت السابعة تماماً، حتى كان ونائبه، في كامل التأهب للإدلاء بأول تعليق على “اتفاق فيينا النووي” ... رئيس الدولة الأعظم، ضبط ساعته على توقيت العاصمة النمساوية، وكذا فعل رئيس الدولة الإقليمية الأكبر: الشيخ حسن روحاني.
من استمع لكل من الرئيسين، وهما يستعرضان “إنجازات” وفديهما في فيينا، ظنّ للوهلة الأولى، أن أحدهما قد ألحق هزيمة نكراء بالآخر ... كل واحد منهما، وجد في الاتفاق ما اعتبره نصراً مبيناً له، وتلبيةً كاملةً لشروطه، كل فريق وصف الاتفاق بـ “التاريخي” و”الجيد”، من دون أن يغفل عن ذكر: “أن هذا هو الاتفاق الذي أردناه بالضبط”... الرجلان كانا بخطابيهما، يتوجهان للداخل، لخصوم الاتفاق القابعين بين ظهرانيهما ... أوباما يتطلع لنقاشات حامية في الكونغرس ملوحاً بالفيتو محذراً من “البدائل الكارثية” للاتفاق، ومشدداً على أنه “اتفاق العالم مع إيران” وليس مع واشنطن وحدها ... روحاني، كان يحذر خصومه من مغبة اللجوء إلى الكذب والافتراء لتوجيه طعنة نجلاء لآمال الإيرانيين وتطلعاتهم وفرحتهم بازدهار قريب.
الخلاصة الجوهرية التي يخرج بها المستمع لما قاله الرجلان، تفضي إلى الاستنتاج بان “اتفاق فيينا”، سمح لكل منهما، بتقديم ما يخصه من مكاسب وإنجازات، وفر لكل واحد منهما، “البضاعة” التي يحتاجها لتمرير الاتفاق في مراحله التالية، وضمان النجاح في حملة تسويغه وتسويقه ... ولهذا وُصِفَ الاتفاق بأنه “اتفاق رابح – رابح”، وهي العبارة التي طالما كررها الوزير محمد جواد ظريف، والذي كان أكثر واقعية في توصيف ما حصل، حين قال أن الاتفاق ليس الأفضل لكل فريق من الأفرقاء، بيد أنه ضمن لكل فريق، الحد الأدنى مما أراده وتطلع إليه.
الجملة الأهم في خطاب أوباماً، قوله إن “إيران كانت ندّاً ذكياً” ... ربما هذا ما سعت إيران إلى تجسيده طوال اثنتي عشرة سنة من عمر الأزمة “النووية” وقرابة العامين من المفاوضات الشاقة والمريرة، جلس خلالها وزيرٌ واحدٌ (ظريف) في مواجهة سبعة وزراء خارجية، يمثلون القوى الأعظم في العالم ... إنه درس في التفاوض، لا يمكنك أن تتعلمه من كتاب “المفاوضات حياة” الأشهر... إنه الفرق بين دولة تعرف ما تريد، وتصبر على تحقيق ما تريد، وبين مفاوض عربي وفلسطيني، راوح أداؤه ما بين “الهرولة” و”الاستجداء”، أو “التوسل” و”التسول” وفقاً لتعبير الوزير القطري الإشكالي في مواقفه ونواياه و”مرابط خيوله”.
أظهرت إيران “ندّية” مُلهِمة في مفاوضاتها النووية مع “المجتمع الدولي” بأسره ... لا أدري مدى شهدت البشرية مفاوضات من هذا النوع ... لا أدري أيهما أصعب على واشنطن، المفاوضات أدارها جون كيري مع وفد طهران برئاسة محمد جواد ظريف حول برنامج الأخيرة النووي، أم المفاوضات التي قادها هنري كيسنجر مع وفد هانوي برئاسة لي دوك تو قبل أربعين عاماً لوضع حد للحرب الأمريكية على فيتنام؟ ... المؤكد أنها مفاوضات لا يوجد نظير لها من حيث الصبر والمواظبة والصلابة والمهارة والدهاء، في تجاربنا التفاوضية العربية، سواء مع أنفسنا، وبالأخص مع خصومنا.
وأظهر المفاوض الإيراني “ذكاءً” لفت أنظار الرئيس أوباما ... ذكاء لم يتوفر لخصوم طهران في العالم العربي، الذين غرقوا لسنوات وعقود في معاركهم وحروبهم الجانبية، وتركوا بلدانهم ومجتمعاتهم نهباً لفراغ ملأته قوى إقليمية وحركات أصولية متشددة ... وحين قرروا “انتزاع زمام المبادرة”، غرقوا في مستنقعات اليمن وجباله الجرداء، في حرب عبثية، لا طائل من ورائها، ولا أهداف نبيلة ترتجى بنتيجتها.
باستثناء إسرائيل والسعودية، فقد تنفس العالم الصعداء بعد اتفاق فيينا ... حتى الوزير الفرنسي، الذي لعب دور “الشريك المشاكس”، المنافح عن مطالب و”هواجس” زبائن بلاده المدججين بمليارات الدولارات المرصودة لشراء الأسلحة والمفاعلات النووية، عاد للتعبير عن أمله، بأن “حصة شركات بلاده” محفوظة في السوق الإيرانية ... نسي الوزير قضايا السلم العالمي ومنع الانتشار وحقوق الانسان والديمقراطية ... فكل ما يقلقه، ألا تتسبب مناوراته ومشاكساته، في إضعاف حصة “الشركات الفرنسية” في السوق الإيرانية؟!
مفاوضات الأشهر الـ “23” الفائتة، تستحق أن تُدَرّس في علوم السياسة والدبلوماسية والتفاوض، والمأمول أن يكون الجانب العربي، قد تلقى درساً قد يسعفه ذات يوم، وهو الذي اعتاد أن يخرج من جولة مفاوضات، بعروض أقل من الجولة التي سبقتها، في مسلسل لا تحصى حلقاته، حافل بالتنازلات والتفريط، من لاءات الخرطوم الثلاثة، إلى “دويلة غزة زائد”؟!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الندّ الإيراني الذكي» ماذا عن العرب «الندّ الإيراني الذكي» ماذا عن العرب



GMT 10:32 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 10:30 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 10:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 10:15 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

GMT 10:12 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الشريك المخالف

GMT 10:08 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ظالم ومظلوم

GMT 10:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد رحيم.. يرسم ملامح المطرب بالنغمة والإيقاع!

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 01:45 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 05:59 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

تصوير دينا الشربيني وعمرو دياب خلسة بحضور أحمد أبو هشيمة

GMT 15:41 2017 الثلاثاء ,17 كانون الثاني / يناير

أسعار الفضة تشهد تحركات ضعيفة وتحقّق 16.81 دولارًا للأونصة

GMT 04:37 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقع التواصل تُزيد من مخاطر التنمر الإلكتروني بين الأطفال

GMT 05:40 2016 السبت ,17 كانون الأول / ديسمبر

الفنان مروان خوري يوضح سر عدم زواجه

GMT 02:05 2019 السبت ,23 شباط / فبراير

هاري وميغان في زيارة إلى المغرب تستغرق 3 أيام

GMT 15:22 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

أسرار إعادة الحب والسعادة والمودة إلى الحياة الزوجية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday