بقلم: أسامة غريب
عجيب جداً البرنامج الذى تقدمه وتروج له قناة إم بى سى والذى تشغل إعلاناته حيزاً كبيراً من وقت قنوات المحطة، وأقصد به البرنامج الذى يغرى الناس بالجوائز ويشعل أحلام البسطاء بالفوز بالفلوس أو البيت أو السيارة. وجه العجب فى البرنامج أولاً أنه لا يقول للطامحين الذين يتابعونه عن مقدار المال الموعود ولا شكل وحجم البيت المنتظر ولا نوع السيارة، كما لا يحدّث جماهيره عمن يتحمل قيمة الجمرك فى البلاد التى تطبق رسوماً باهظة على ما يأتى من الخارج.
ما سبق كان استهلالاً، أما مربط الفرس فهو كيف تقوم قناة يفترض أنها سعودية بالترويج للعب القمار أى الميسر بين الجماهير العربية؟. إن هذا البرنامج لا يقوم على فكرة مسابقة مجانية فى المعلومات، ثم يتم عمل قرعة بين أصحاب الإجابات الصحيحة لاختيار الفائز. لا.. إنه يقوم على عمل مكالمات من جانب المتسابق على أرقام حددها البرنامج سلفاً، بعد أن قام بالاتفاق مع شركات الاتصالات، فى مختلف البلاد العربية، بتقاسم حصيلة المكالمات.. أى أن حضرة البرنامج الذى يعد جمهوره بالمكسب يتربح ويسترزق ويغنم أموالاً طائلة تقدر بملايين الملايين من الجماهير، ثم يتظاهر بأنه هو صاحب اليد السخية الكريمة التى تختار كل فترة اسماً من واحد من البلاد العربية ليقوم البرنامج بتصوير صاحبه وهو يحتفل بكل عبط بالبرنامج العظيم الذى أغناه وحقق حلم حياته. وإذا علمت يا حضرة المشاهد أن الأسئلة التى يتلقاها المتسابق على تليفونه بعد أن يطلب الرقم هى أسئلة لا نهائية بمعنى أنها فعلياً لا تنتهى أبداً.. يرسلون سؤالاً سهلاً فيجيب المتسابق فيتبعونه بسؤال آخر فيجيب مرة أخرى ثم يلحقونه بسؤال ثالث فيرد وهو لا يدرى متى يتوقفون عن الأسئلة.. إنهم كلما أجاب عن سؤال سألوه غيره، وفى كل رسالة تلتهم شركة التليفونات مبلغاً من رصيده. إننى أعرف شخصياً أحد الأصدقاء الذى تعشم فى الفوز وقضى ليلة بأكملها يجيب عن الأسئلة المتوالية وكانت الأسئلة التافهة تُعاد وتتكرر فى استهزاء صارخ بوقت الناس وفلوسهم، ولما يئس توقف عن الرد عليهم وقد جاءته فاتورة الموبايل بثمانية آلاف جنيه!. إن مجرد تكرار الأسئلة وكلها بفلوس يدل على المنزلق الذى يهوى إليه المتسابقون ويدل على استهتار البرنامج وعدم حرصه حتى على وجاهة الشكل. ما الذى يفترق فيه هذا البرنامج عن نوادى القمار التى يدخلها الزبون بغرض الربح فتسحب فلوسه وتجعل كل رواد النادى من الخاسرين باستثناء واحد أو اثنين من أجل عمل الدعاية وجذب مزيد من المغفلين. إن هذا البرنامج يختلف تماماً عن برنامج «من سيربح المليون» والأخير عبارة عن أسئلة حقيقية يفوز من يجيب عنها بمقدار إجادته والمستوى الذى تؤهله له معارفه ومعلوماته، والمشارك فى من سيربح المليون لا يدفع مقابل المشاركة ولا يستنزف البرنامج ماله مقابل الجرى وراء سراب ضربة حظ تتحقق لواحد من كل عدة ملايين. وبصراحة فإننا لا ندرى لماذا لا تقوم البلاد العربية التى تشجع مثل هذه البرامج بفتح كازينوهات ونواد صريحة للقمار بدلاً من التخفى وراء برامج وتليفزيونات والتظاهر بأن هذا البرنامج هو عمل إعلامى وليس مائدة قمار!