بقلم : أسامة غريب
أفادت الأنباء المتعلقة بالزيارة التى يزمع الرئيس الأميركى القيام بها للسعودية أن دونالد ترامب ينوى إلقاء محاضرة يوم الأحد القادم 21 مايو عنوانها «رؤية سلمية للإسلام». ليس خافياً على أحد الموقف الذى يقفه ترامب من الإسلام، ولا حجم التعصب والازدراء الذى يحمله للمسلمين لدرجة أنه سعى فى أول أيام تسلمه الرئاسة لمنع مواطنى سبع دول إسلامية من دخول الولايات المتحدة. إذا أخذنا هذا الموقف على محمل الجد سوف يتضح لنا ببساطة افتقاده إلى الأصالة وإلى الاتساق، ذلك أنه ضم لقراره (الذى فشل فى تمريره) دولاً مثل ليبيا لا علاقة لمواطنيها بأى أعمال إرهابية فى أوروبا وأمريكا، بينما سمح لمواطنى الدول التى انتمى إليها من قاموا بالعمليات الإرهابية فى الحادى عشر من سبتمبر 2001 بالدخول إلى بلاده!.
هذا يبين أن الرجل يكره المسلمين بوجه عام، لكن عندما يتضح له أن بعضهم لديه أموال متلتلة يسيل لها لعابه، فإنه يوجه عدوانيته وشره نحو فقراء المسلمين الذين لم يؤذوه، بل ويستعين عليهم بالمسلمين الأغنياء الذين أخبرهم، دون مواربة، أنه سيستولى على فلوسهم ثم يجنّدهم بالإكراه فى جيشه الذى يعتزم تكوينه منهم لمحاربة مسلمين آخرين لم يتورطوا فى أعمال إرهابية!.. هذه هى الصورة ببساطة، فتنظيم داعش الذى يزعم ترامب جمع البلاد السُّنية تحت قيادة إسرائيل لمحاربته لم تصنعه وتسلحه سوى هذه البلاد نفسها التى سوف يجتمع زعماؤها بالرئيس الأمريكى فى الرياض!..أما عن الخطر الإيرانى فهو تمثيلية يقوم فيها الجميع بالأدوار المطلوبة منهم، فالرئيس الأمريكى يصرخ محذراً منه والدول الخليجية تتظاهر بالفزع فيعود ترامب ويطمئنهم بأن لديه الحل ويتوصل معهم لصفقات سلاح بمائة مليار دولار يمكن أن تزيد إلى ثلاثمائة فى غضون السنوات العشر القادمة، علاوة على ذلك تتعهد المملكة بإنفاق مائتى مليار دولار أخرى لتحسين البنية التحتية فى الولايات المتحدة، وفى الحقيقة لا أحد يعلم العلاقة بين الخطر الإيرانى ومشروعات البنية التحتية فى أمريكا!..
وإذا كان سلاحاً بالغ التكلفة بهذا الشكل ومع ذلك لا يشكل إخلالاً بالتفوق الإسرائيلى على العرب مجتمعين، فهذا معناه أن الأمر عبارة عن إتاوة يحصلها البلطجى ممن لا يملكون إلا الدفع صاغرين. أما الحرب على الإرهاب فهو أكثر العناوين تضليلاً ويمكن فى ظله إخفاء الأهداف الحقيقية للتحركات التى تدور فى الخفاء لصالح إسرائيل، وأولها القضاء على حزب الله كذراع إيرانية مناوئة لإسرائيل، والحرب على الإرهاب هو عنوان يمكن استخدامه أيضاً لستر حقيقة أن بلاد العرب أصبحت تدفع الجزية للسيد الأمريكى بدون مواربة، فالرؤساء السابقون على ترامب كانوا يقتضون الجزية دون دعاية أو محاولة لإذلال الطرف الذى يدفع، أما هذا الرجل فإنه يحصل على ما يريد مع إهانة الممولين وتجريسهم فى وسائل الإعلام عندما يصرح بأنهم يجب أن يدفعوا ثمن حمايته لهم والتى لولاها لسقطوا وزالت ممالكهم.. والبؤساء العرب من جانبهم لا يجدون ما يقولونه لشعوبهم سوى أن هذه ليست جزية ندفعها، وإنما هى شراكة مع الرئيس ترامب فى الحرب على الإرهاب.. يقولون هذا دون خجل من أن حربهم ستجرى تحت قيادة بنيامين نتنياهو الذى أصبح يتزعم العالم السُّنّى!