بقلم :أسامة غريب
ما هذا يا قوم؟ هل أصابكم مس أم أن الخلل الضارب أطنابه فى المجتمع قد أفقدكم الرشد؟ ما هذا الإعلان الغريب الذى تقوم فيه طفلة صغيرة باحتضان وتقبيل كل الناس فى الشارع كدليل على الامتنان نتيجة تبرعهم حتى يتاح لها إجراء العملية؟ هل تدركون تأثير هذه الصورة على الأطفال الصغار الذين سوف يندفعون بكل البراءة لمحاولة تقليد الإعلان بالذهاب إلى أى أحد فى الشارع ومنحه بوسة وحضنا؟
إن الأهالى يعيشون فى رعب حقيقى وسط مجتمع المتحرشين هذا.. المجتمع الذى اتصلت فيه مستمعة ببرنامج أحد الشيوخ تشكو له أن أباها يتحرش بها ويسعى لممارسة الجنس معها، فما كان من فضيلة الشيخ سوى أن نصحها بضرورة بر الوالدين وطاعة الأب حتى لا يغضب الله منها.. فضيلة الشيخ الموكوس لم ينصحها بالاتصال بالبوليس كما لم يطلب منها اللجوء إلى الأعمام والأخوال وطلب الستر والحماية منهم، وإنما طالبها برفض ما يقوم به الوالد مع عدم إغضابه!.. إن عقلية المتحرش تسيطر حتى على مقدمى هذه البرامج فلا يرون حماية الأنثى تتقدم على طاعة المتحرش الجبان!.. فى مجتمع كهذا يظهر لنا إعلان ظاهره الامتنان للمتبرعين لكن باطنه رهيب، لأن كل أب وكل أم يقوم بتلقين أطفاله كل صباح أهمية عدم الاقتراب من الغرباء وعدم السماح بأى اقتراب حميم منهم ومن الأقارب أيضاً.
نقوم بتحذير أطفالنا لأننا نعرف أن الذئاب التى تعوى داخل الرجال والشباب والمراهقين والصبية من الضراوة بحيث إنها تسمح لضبع بشرى متوحش بأن يغتصب رضيعة ترتدى حفاضة. إن هذه الجريمة لعمرى هى الأولى فى تاريخ البشرية التى يمارس فيها رجل الجنس مع رضيعة، وقد تم تسجيلها فى موسوعة جينيس مرتبطة باسم بلدنا المتدين الوسطى الجميل، وشعبنا الذى يصلى التراويح كل ليلة ويسد الشوارع ويمنع السيارات من المرور لأن الصلاة أوْلى.
حرام عليكم يا من صنعتم هذا الإعلان بحسن نية دون أن تدروا أى منزلق انزلقتم إليه حين ضربتم كل ما قضينا الوقت نلقنه لأطفالنا. الآن استعدوا لفيضان من جرائم التحرش والاغتصاب عندما تجرى الطفلة التى تلهو فى الحارة وتذهب إلى البواب وإلى العسكرى وإلى البائع لتمنحه حضناً وقبلة. هل صار لدينا فى مصر المليئة بالعواطلية والشبيحة من يفهم قبلة بريئة من طفلة أم أن غرائزه ستتحرك وتدعوه لئلا يفلت الرزق الذى أتى إلى بابه!. لعنة الله على إعلانات التسول التى جعلت الناس تنسى كل شىء وتتذكر فقط المال الذى سيجنونه من وراء الإعلان حتى لو تسولوا بعاهة طفل مريض يتساقط شعره من العلاج.. المهم هو المال الذى يعلم الله وحده أين يذهب.
لو أن هذه الأموال المتلتلة التى يتم تحصيلها كل سنة كانت تتوجه فعلاً لعلاج المرضى لما بقى عندنا مرضى إلا فى الحد الأدنى والطبيعى وليس بعشرات الملايين! لكن يبدو أن سعار المال جعلهم يصنعون دون أن ينتبهوا إعلاناً يخرب تعاليمنا للطفل الذى ربيناه رغم أنوفنا فى وطن المتحرشين على أن الغريب قد يكون شريراً فإذا بهم يدعونه إلى احتضان وتقبيل النطيحة والمتردية وما طفحه السبع!