رائحة الفقر
آخر تحديث GMT 07:27:39
 فلسطين اليوم -

رائحة الفقر

 فلسطين اليوم -

رائحة الفقر

بقلم :أسامة غريب

هل لأفراد شعب ما رائحة تميزهم عن رائحة أفراد شعب آخر؟. بمعنى هل يمكن أن نميز رائحة المصريين ورائحة الإنجليز ورائحة اليابانيين مثلاً؟. قفز الأمر إلى ذهنى حين كنت أقف مع صديق بالشارع عندما مر إلى جوارنا أحد الأشخاص فهلت بقدومه رائحة قوية غير مريحة ووصفها صديقى الذى عاش فى الخليج طويلاً بأنها تشبه رائحة الهنود!.. فهل للهنود حقاً رائحة تميزهم عن غيرهم؟

فى رواية «العطر»، التى كتبها الألمانى باتريك زوسكند، كان بطل الرواية يمتلك أنفاً استثنائياً قادراً على تمييز شتى الروائح ومعرفة الناس من رائحتهم دون أن يراهم، فكان يعرف الكاهن من خلال رائحة الخل التى تميزه، ويعرف الشرطى من رائحة التبغ العالقة به، وثالثا من رائحة الحلبة، وآخر من رائحة السباخ التى تفوح منه، وكان أنفه هو دليله فى الحياة كما كان مقتله فى النهاية. لقد أدركت ما عناه صديقى برائحة الهنود لأننى عشت فترة من عمرى بالخليج، وعرفت الهنود الذين يمثلون أكثر من ثلثى السكان هناك، وقد خبرت بنفسى تلك الرائحة التى تحدث عنها صديقى ونسبها للهنود. ولكن فى اعتقادى أن هذه ما هى إلا رائحة الفقر مخلوطة ببعض التوابل ليس أكثر.

وقد أرانى التجوال فى أرض الله الفقراء والمعدمين من سكان العشش الصفيح فى أفريقيا وفى جنوب شرق آسيا وفى عشوائيات مصر، وهى أماكن لا يمكن أن يصدر عن ساكنيها ما يسعد الأنف، حيث مكان السكن عطن غير متجدد الهواء، والطعام فى الغالب غير صحى وغير نظيف ومياه الشرب ملوثة، والصرف الصحى لا وجود له، ومن الطبيعى فى ظروف كهذه أنّ عادات النظافة الشخصية لا يستطيع أن يكتسبها ويتمسك بها الكثيرون، بل ومن العادى أن يعتبرها البعض ترفاً لا يجوز التطلع إليه.. وهذا فى تقديرى هو حال العمالة الفقيرة فى كل مكان.

وبالطبع لا تخلو الحياة من فقراء معدمين شديدى الحرص على النظافة رغم قسوة الحياة، ولكن هذا استثناء لا يقاس عليه.. أما بالنسبة لصديقى الذى تحدث عن رائحة الهنود فلقد كانت خبرته ناتجة عن تجربته بالعيش فى الخليج، حيث العمالة الهندية الكثيفة، وأغلبها يعيش فى ظروف صعبة شديدة البؤس فى مستعمرات سكنية مكدسة. ولكن بعيداً عن العمال الذين يتم جلبهم للعمل فى ظروف غير إنسانية، وبعيداً عن الوسيط الكافر الجالب للعمالة، سواء كان شركة أو فردا، ذلك الذى يأخذ لنفسه معظم الراتب ويمنح العامل مبلغاً ضئيلاً يقوم بإرساله لأهله فى حيدر أباد أو بيشاور ويعيش هو على الكفاف.. بعيداً عن كل هذا، لو أن صديقى مد بصره فنظر إلى المهنيين الهنود فى الخليج كالأطباء والمهندسين والعلماء، أولئك الذين تؤهلهم خبراتهم لمكانة متميزة ودخل عالٍ وسكن طبيعى فلا أظنه كان سيذكر حديث الروائح هذا.

هى رائحة الفقر إذن فى كل زمان ومكان وليست رائحة شعب بعينه.. كل الحكاية أنها مع فقراء الهنود تأتى مخلوطة بالكارى!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رائحة الفقر رائحة الفقر



GMT 06:44 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

الجنون والمسخرة

GMT 00:39 2017 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

المينى بار

GMT 04:02 2017 الجمعة ,11 آب / أغسطس

بيتى أنا.. بيتك (1)

GMT 04:17 2017 الجمعة ,04 آب / أغسطس

البيان رقم واحد

GMT 06:17 2017 الأربعاء ,26 تموز / يوليو

أخطاء عبدالناصر وإنجازاته

GMT 09:20 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية لتحسين وظائف الكلى ودعم تطهيرها بطرق آمنة

GMT 22:40 2020 الخميس ,11 حزيران / يونيو

بالكمامات.. باسم ياخور وزوجته يواجهان كورونا

GMT 09:13 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء متوترة وصاخبة في حياتك العاطفية

GMT 14:27 2019 السبت ,19 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع متوسط دخل الفرد في روسيا خلال الربع الثالث من 2019

GMT 14:27 2018 الخميس ,07 حزيران / يونيو

إعتقال مواطن داس علم إسرائيل في وادي عارة

GMT 14:38 2018 الأربعاء ,23 أيار / مايو

كلوب يصدم جماهير ليفربول قبل نهائي كييف

GMT 02:54 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس عباس يعزي الأمير مقرن بن عبد العزيز بوفاة نجله

GMT 08:59 2017 الإثنين ,30 تشرين الأول / أكتوبر

ريهام عبدالغفور تكشف عن عودتها إلى شاشة السينما قريبًا

GMT 20:30 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

مدرب المنتخب العراقي يرغب في المشاركة في بطولة غرب آسيا

GMT 03:11 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لجنة الحكام تقرر إيقاف الحكم محمد فاروق

GMT 17:08 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

زولا يكشف لتشيلسي البديل الأمثل لدييغو كوستا

GMT 11:29 2016 الجمعة ,02 كانون الأول / ديسمبر

فندق فرنسي يجعل غرفه على شكل زجاجة لجذب مُحبي المغامرة

GMT 01:00 2017 الجمعة ,06 كانون الثاني / يناير

أحمد زاهر يجسد دور ضابط شرطة في "الحالة ج"
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday