بقلم أسامة غريب
قدمت شبكة حلول التطوير المستدامة التابعة للأمم المتحدة تقريرها السنوى الرابع الخاص بالدول الأكثر سعادة عالمياً، وفيه استحوذت الدول الأوروبية على المراكز الأولى حيث حلت النرويج فى المرتبة رقم واحد تليها السويد ثم سويسرا، أيسلندا، الدنمارك، كندا، فنلندا، هولندا، أستراليا، نيوزيلاندا. اعتمد التقرير على عدة معايير مثل حصة الفرد من إجمالى الناتج المحلى فى دولته ومتوسط العمر المتوقع ومعدلات الفساد وكذلك الحريات المتاحة.
كانت المراكز العشرة الأخيرة من نصيب مدغشقر وتنزانيا وليبيريا وغينيا ورواندا وبينين وأفغانستان وسوريا وبوروندى وتوجو.. وقد حلت مصر فى المركز رقم 120 عالمياً وهى نسبة تعنى أن المصريين تعساء، أشقياء إلى أبعد الحدود. بالنسبة لدولة مثل النرويج فإن ما ميزها هو أن 75 بالمائة من سكانها لديهم وظائف ثابتة تضمن لهم الاستقرار، بينما يتمتع 80 بالمائة من شعبها بحالة صحية ممتازة، وتصل نسبة التحصيل العلمى إلى 81 بالمائة ومتوسط عمر الإنسان هناك 81 عاماً. ويلفت النظر فى التقرير أن الثروة لم تكن المعيار الأهم فى التقدير وإنما الحريات السياسية جاءت فى مرتبة سابقة على المال وكذلك غياب الفساد ووجود الشبكات الاجتماعية القوية وكذلك مستوى الصحة الجسدية والنفسية علاوة على الاستقرار الوظيفى والأسرى. ويلاحظ أنه رغم الثراء الفاحش لبعض الدول العربية وتمتع رعاياها بمستوى دخل مرتفع فإن أياً منها لم تدخل دائرة الدول الأسعد ولم تتبوأ أى منها أحد المراكز العشرة الأولى، وهذا طبيعى لأنه لا توجد دولة عربية واحدة مع تعدد وتباين الظروف تتمتع بالديمقراطية أو توفر الحريات السياسية أو يحظى المواطن فيها بالمساواة فى الفرص مع غيره من القريبين من السلطة. وقد نلاحظ التهليل الإعلامى فى الدول العربية التى حصلت على ترتيب متقدم أكثر من غيرها، وهى محقة فى ذلك بالتأكيد بالقياس إلى أن دولاً عربية أخرى تقبع بين الدول الأكثر بؤساً وتعاسة. حصلت الإمارات على المركز الأول عربياً والثامن والعشرين عالمياً، وحصلت السعودية على المركز الثانى عربياً والرابع والثلاثين عالمياً، كما حصلت قطر على المركز الثالث عربياً والسادس والثلاثين عالمياً، والجزائر على المركز الخامس عربياً والثامن والثلاثين عالمياً وتليها الكويت ثم البحرين فليبيا والصومال، ويلاحظ أن الأخيرتين (ليبيا والصومال) قد تقدمتا فى الترتيب رغم الاضطرابات السياسية والحروب الأهلية على دول مثل الأردن والمغرب ولبنان وتونس ومصر!.. كما يلاحظ أن اليمن وسوريا هما الأكثر تعاسة عربياً.
الخلاصة أن الدول العربية التى أحرزت مراكز قبل غيرها هى الدول النفطية التى يأتيها المال من باطن الأرض، ولعل المال كان المعيار الوحيد الذى ميّزها، أما معايير مثل الشفافية والحريات السياسية والثقة فى العدالة والأمان النفسى فإن الدول العربية كافة تتساوى فى غيابها وإن تفاوتت النسب والدرجات، ويمكننا أن نقرر باطمئنان أن جانباً من الدول العربية قد نجح فى توفير حقوق الخروف لمواطنيه (الأكل والشرب والمأوى) بينما فشلت الأنظمة العربية جميعاً فى تقديم حقوق الإنسان (الحرية والكرامة والمساواة).