بقلم :أسامة غريب
لا شك أن أى حاكم عربى أو مسلم فى عالمنا اليوم يدين بالفضل فى وجوده للحكام والخلفاء القدامى الذين وضعوا أسس الاستبداد وأخفوا عن الناس دين محمد ماذا لو علم المسلمون أن الدعائم التى تشكل بنيانهم الفكرى هى فى أغلبها من صنع خلفاء كرهوا شعوبهم وخافوها فصنعوا للناس ديناً جديداً لا ينظر فى القرآن إلا نادراً، لكن يعتمد بالأساس على أحاديث اخترعها فقهاء الحكام حتى يظل الوجه الكريم للدين مخفياً ويظل الناس يعتقدون أن دينهم يقبل الظلم وينبذ المساواة ويرحب بالاستبداد ويكره الشورى ويمجد القمع ويرفض الحرية؟، نعم فالذين وضعوا لبنات هذا الدين قد تظاهروا بتأييد محمد واتّباع دينه، بينما ظلوا فى داخلهم مخلصين لدين آبائهم، رافضين للبدَع التى أتى بها محمد، تلك التى تساويهم بالعبيد وتوزع الثروة والسلطة بالعدل والقسطاس.
والعجيب أن عامة الناس يشعرون بالحنين الشديد لزمن الخلافة وكأن ما يفعله بهم حكامهم من ظلم ونكال لا يكفيهم فيستدعون بكل الفخر زمن الحجاج بن يوسف وغيره من الوحوش إن هذا يعيدنا لسؤال: لماذا انتصر «محمد» على الكفار بينما أخفق على بن أبى طالب فى الانتصار على نفس القوم؟..
أعتقد لأن الكفر كان واضحاً صريحاً بالنسبة لأعداء محمد، بينما الذين دخلوا الإسلام بعد فتح مكة وظلوا على ولائهم القديم للات والعزى ومجتمع السادة والعبيد كانوا يَبدون للناس مسلمين، فصعب على الإمام على أن يجمع كلمة الناس على عدائهم ومحاربتهم.. لقد أضمروا الشر للرسول وآله حتى نجحوا فى الثأر منه فقتلوا أبناءه وسبَوا نساءه وألحقوا الهوان بذريته. بعد أن تحقق لهم الانتقام تفرغوا لإعادة صياغة الدين حتى لا تقوم للنهج المحمدى قائمة بعد ذلك. كان القرآن عقبتهم الكبرى وهم لا يستطيعون العبث به أو التبديل فيه..
ماذا يصنعون إذن حتى يجردوا الإسلام من فضائله؟ أجاب عن هذا السؤال الخدم والشماشرجية الذين ارتدوا ثوب العلماء فقاموا بتأليف الأحاديث التى تظهر الإسلام ديناً متعطشاً للدماء، فجعلوا القتل عقوبة ترك الصلاة وقاموا بتأليف الأحاديث التى تحض على طاعة الحاكم المجرم ولو أكل مالك أو جلد ظهرك، وجعلوا الناس تنشغل ببول الناقة وبول البعير وحكاية اللبن والذبابة، كما أنهم أدخلوا ما يفوق الأفلام الهندية خيالاً مثل فيلم إرضاع الكبير.. ليس هذا فقط لكنهم جعلوا الصحابة جزءاً من الدين يتعين تقديسه حتى لو كان هؤلاء الصحابة قد استأثروا بالمال لأنفسهم وأصدقائهم وحتى لو كانوا قد ذبحوا بعضهم البعض فى صراعهم على متاع الدنيا الزائل. صنعوا للناس ديناً يباعد بينهم وبين الحياة، ديناً يحمل الكراهية لمن يخالفنا ويعد الملتاثين بالجنة إن هم فجروا أنفسهم فى الأبرياء لحساب الحكام
ومع ذلك فالدين الجديد لا يأخذ موقف العداء من العبادات والشعائر كالصلاة والحج والعمرة.. بالعكس إنهم يشجعون على المزيد منها طالما أن أصحابها يبتعدون عن جوهر الإسلام الحقيقى، أى عن الحرية والمساواة والعدل والشورى وللأسف فإن البسطاء ما زالوا يتعلقون بدين بنى أمية وبنى العباس ويظنونه دين محمد!.