بقلم :أسامة غريب
هذا الرجل دونالد ترامب فى لقاءاته بالقادة والزعماء يقدم أنواعاً متعددة من الابتسامات، وكلها أغرب من بعضها. ابتساماته التى يقوم بتثبيتها زمناً كافياً لالتقاط الصور تؤكد أنه يعنيها ويحرص على وصولها بهذا الشكل. إذا تمعن المرء فى ابتسامات الرئيس الأمريكى فسيجدها تشبه تلك التى يقوم بها الناس أمام المرآة فى الصباح عندما يكونون وحدهم فى الحمام، كأن يقطب الشخص جبينه وهو يفتح فمه على اتساعه، أو هو يرفع حاجبيه لأعلى محاولاً أن يفك عضلات وجهه المتيبسة من طول النوم أو وهو يعوج فمه يميناً ويساراً ليتأكد من زوال الحبّاية التى طلعت له فى جانب فمه!..
المهم أن معظم الناس يفعلون هذا وحدهم، لكن دونالد ترامب يفعل هذا طول الوقت وهو بصحبة رؤساء وملوك وشيوخ، وربما يلاحظ المراقب الراصد أن الرجل يكثر من هذه الابتسامات العجيبة مع القادة العرب أكثر من غيرهم أعتقد أيضاً أن ترامب هو بالأساس رجل سعيد، وفضلاً عن كونه تاجرا وسمسارا ومحبا للمال فهو أيضاً محب للأنس والفرفشة ولا يضن على أسرته بمشاركته الأوقات السعيدة، بدليل أنه يصطحب زوجته وابنته إلى بلاد لا يلتقون فيها بالنساء، وإنما تحمل الصحف صورهن مع رجال بشوارب ولحى فى أحاديث يغلب عليها الود والصفاء، مثل طريقة هز فنجان القهوة وما إلى ذلك، ولا أعتقد أنه يصطحبهما لمساعدته فى جمع المال، فهو قادر على فعل ذلك بنفسه!. وفى ظنى أن ابتسامة ترامبية من النوع التى أتحدث عنه قد تم التقاطها فى زيارته الأخيرة للرياض وتُرجمت على أنها ضوء أخضر لدهس قطر وفتح الجبهات عليها من كل ناحية.
وقد تكون حيرة العرب فيما يخص الموقف الأمريكى من قطع العلاقات بين عدد من الدول العربية وقطر عائدة إلى أن ترامب أدلى بتصريح يفيد بموافقته على اتهام قطر بمساعدة الإرهاب وتأكيده على أن هذا ما سمعه من مضيفيه بالرياض، بينما فى اليوم التالى اتصل بأمير قطر وعرض مساعدته فى مساعى الوساطة بينه وبين خصومه الغاضبين. وقد يعود موقف قطر فى عدم الاستجابة الفورية إلى المطلوب منها إلى أن ابتسامة ترامب الغامضة قد فُسرت فى الدوحة على أنها: ولا يهمكم.. أنا معكم
فى ظنى أن هذا الخلاف لن يطول وستعود الدول العربية إلى ما كانت عليه قبل زيارة ترامب للمنطقة، ليس فقط بفعل جهود الوساطة التى اقترحها ترامب أو تلك التى يقوم بها بكل جدية أمير الكويت، ولا حتى بسبب التعاطى الفورى من قبل تركيا التى صادق برلمانها على إرسال قوات مسلحة إلى قطر، ولا بسبب ورود أنباء عن وجود قوات من الحرس الثورى الإيرانى تشرف على حماية القصر الأميرى بالدوحة.. وإنما قد يتلاشى الخلاف الخليجى القطرى عندما يوضح الرئيس الأمريكى أن ابتسامته الغريبة لم يكن القصد منها تشجيع هذا الطرف أو ذاك، وإنما لأنه يقوم بتمرينات لتنشيط عضلات الوجه!
أما الخلاف المصرى القطرى فلا شأن لابتسامة ترامب به، وإنما جذوره أعمق، ولا نعتقد أن عمليات تبويس اللحى وصافى يا لبن قد تنجح فى إزالته ما بقيت أسبابه.