الكاظمون الغيظ
آخر تحديث GMT 21:12:46
 فلسطين اليوم -

الكاظمون الغيظ

 فلسطين اليوم -

الكاظمون الغيظ

بقلم أسامة غريب

لو أن شخصاً أغاظك أو ضايقك بشكل شخصى، فمن الطبيعى أن تضايقه وتنكد عليه بشكل شخصى، أى أن ترد التهكم بتهكم والسخرية بسخرية، لكن ليس من العدل أن تسىء إليه فى مكان عمله مثلاً، أو أن تسعى فى حصوله على جزاء إدارى لا علاقة له بالخلاف الشخصى بينكما، أو أن تنثر الأقاويل حول زوجته وتسىء إلى سمعتها لمجرد أنه أحرجك أمام الآخرين. إنك إذا تصرفت على هذا النحو وتصورت أنك ثأرت لنفسك وانتهى الأمر فسوف تكون مخطئاً، ليس فقط لأنك ستكون قد ارتكبت إثماً سوف يثقل ضميرك ومارست الظلم بحق من لا يستحق، وليس كذلك لأنك ستدفعه للغضب والرد المضاد، ولكن لشىء أخطر من ذلك. هذا الشىء هو أنك ستكون مضطراً لتبرير ما فعلت أمام كل من يتوجه إليك متسائلاً: لماذا فعلت بفلان ما فعلت؟.. ستجد نفسك دون أن تدرى تنحدر إلى طريق رهيب من الخسة والافتراء لا أعتقد أنك كنت تقصده من البداية.. ولا أظن أنك سوف تصارح الناس بحقيقة الأمر وتقول لهم إن فلاناً قد أغاظك أو سخر منك فاضطررت إلى إيذائه فى لقمة عيشه، لكنك حتى تبرر فعلتك ستنسب إليه أفعالاً شائنة لم يفعلها وجرائم لم يرتكبها، كما أنك ستلصق به صفات أنت أول من يعلم أنه بعيد عنها.. كل هذا ستفعله للدفاع عن نفسك وعن موقفك الخاطئ، وستجد نفسك فى النهاية قد ارتكبت جريمة بشعة فى حق إنسان برىء، فقمت بتلويث شرفه وتحطيم سمعته لتأكيد أن ما فعلته به كان مستحقاً أو أقل مما يستحق!.

لهذا فإن وعد الله للكاظمين الغيظ والعافين عن الناس بالجنة هو وعد جميل، لأنه سبحانه وتعالى يعلم أن كظم الغيظ ليس بالأمر الهين، ويعلم أن الاستسلام للانفعال والاستجابة لدواعى الغضب هو أمر مريح نفسياً وأسهل بكثير من تحكيم العقل والارتفاع فوق الصغائر.

غير أن القليل من الناس هم من يستجيبون لكبح جماح النفس الغاضبة، أو على الأقل الاكتفاء بأن يكون رد الفعل مساوياً للفعل.. وقد برر لى أحد الأشخاص ذات يوم افتراءه على زميله وإلحاق أفدح الضرر بمسيرته المهنية وسمعة عائلته فى آن واحد تبريراً عجيباً، إذ قال لى: لقد كان دائم السخرية منى والتنكيت علىَّ أمام الزملاء، وأنا لا أملك طلاقة لسانه ولا خفة دمه حتى أرد عليه بالمثل، فماذا أفعل؟ وجدت نفسى أسعى بالدس والوقيعة بينه وبين الرؤساء فى العمل حتى نجحت فى حرمانه من ترقية كان يستحقها، وعندما وُوجهت بما فعلت لم أجد أمامى سوى أن أضيف إلى كومة الأكاذيب كذبة جديدة فاتهمته بتسريب أسرار المكتب للمنافسين، ولم أتوقف عند هذا الحد لكنى قمت بإطلاق الشائعات بحق زوجته أيضاً!.. ثم أضاف: لا أنكر أننى نادم، لكنى لا أستطيع التراجع، فالتراجع قد يكلفنى وظيفتى، غير الصورة السيئة التى سيرانى عليها الناس!.

هكذا تبدأ الإساءة بسيطة نسبياً وتهدف إلى تسجيل هدف فى مرمى الخصم، ثم تتدحرج الكرة وتخرج الأمور عن السيطرة عندما نُسأل عن أسباب ما فعلنا فنضطر للكذب والتشنيع والاغتيال المعنوى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكاظمون الغيظ الكاظمون الغيظ



GMT 22:40 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... وما ورائيات الفوز الكبير

GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 08:51 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 21:38 2020 الأحد ,03 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 06:51 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحمل" في كانون الأول 2019

GMT 07:28 2020 الخميس ,18 حزيران / يونيو

«الهلال الشيعي» و«القوس العثماني»

GMT 01:18 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة "أيقونة" رفع الأثقال بعد صراع مع المرض

GMT 22:54 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أصحاب دور العرض يتجهون إلى رفع "عمود فقرى" من السينما

GMT 10:32 2020 الأربعاء ,20 أيار / مايو

فساتين خطوبة للممتلئات بوحي من النجمات
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday