بقلم : أسامة غريب
أثار القرار الذى أصدرته وزارة الأمن الداخلى بالولايات المتحدة، بشأن منع ركاب بعض الرحلات من اصطحاب الأجهزة الإلكترونية على متن كابينة الركاب بالطائرات.. أثار نوبة من التساؤلات حول مغزاه فى هذا التوقيت، وهل له أسباب أمنية فعلاً أم أنه يأتى فى سياق التضييق على مواطنى الدول العربية والإسلامية من قِبَل إدارة ترامب؟.
ويلاحظ أن القرار الأمريكى قد حدد عشرة مطارات تنطبق عليها الإجراءات الجديدة، وهى مطارات: القاهرة وإسطنبول وأبوظبى ودبى والدوحة وعمّان وجدة والرياض والكويت والدار البيضاء. يأتى هذا بعد قرار سابق أبطلته المحاكم الأمريكية كان يقضى بمنع مواطنى سبع دول من دخول أمريكا، وهى: ليبيا واليمن وسوريا وإيران وأفغانستان والصومال والعراق، قبل أن يقوم ترامب باستبعاد العراق من قائمته السوداء. من السهل القول أن الرئيس الأمريكى يحارب شركات الطيران العربية، بالإضافة للخطوط التركية بسبب تغلغلها فى السوق الأمريكية وتحقيقها لنسب امتلاء كبيرة، وقد كان هذا الأمر مثار شكوى من الناقلات الأمريكية أثناء اجتماع ترامب بها الشهر الماضى. تلخصت شكواهم فى أن شركات مثل الاتحاد والإماراتية والقطرية تحصل على وقود مجانى وأشكال أخرى من الدعم الحكومى بما يجعل التنافس معها على أسس اقتصادية صعباً، لكن يدحض هذا الرأى أن الشركات الأمريكية مثل أميريكان ويونايتد ودلتا لا تعمل فى المنطقة العربية إلا بشكل موسمى ومحدود ولا تعتبر الشرق الأوسط ملعباً لها، وعليه فإن هذا القرار لن يفيد سوى الشركات الأوروبية التى تنقل الراكب إلى أمريكا بشكل غير مباشر كأن تأخذه من الرياض إلى فرانكفورت مثلاً ومنها إلى نيويورك. لكن على الرغم من علامات الاستفهام التى يثيرها القرار، وعلى الرغم من أن بريطانيا شرعت هى الأخرى فى تطبيقه على بعض الدول، فإن المراقب المحايد لا يسعه سوى التسليم بأن الإرهاب والتفجيرات التى تتعرض لها المدن الغربية لا يأتى منفذوها إلا من أبناء هذه البلاد! ورغم القول بأن القرار لا يعالج الإرهاب لأن من يريد القيام بعمل من هذا النوع يستطيع الوصول لأمريكا عبر أوروبا، فإنه يمكن الاحتجاج بأن ما لا يدرك كله لا يترك كله. أمر آخر يمكن ملاحظته فى هذا الشأن هو أن أمريكا لا تتحرج من اتخاذ إجراءات عدائية ضد أبناء دول تعتبر من أشد حلفاء أمريكا قرباً وحميمية،
دول تعتمد على أمريكا فى شراء السلاح وفى تعزيز الميزانية الأمريكية وتوفير فرص عمل لمواطنين أمريكان، دول حكامها أقرب لعرائس ماريونيت يلهو بها أى رئيس أمريكى.. لكن يبدو أن الخوف هو من المواطنين الذين لا يشاركون حكامهم الغرام بالعم سام!. تتبدى الغرابة أيضاً فى أن دولة مثل إيران لم يتورط أبناؤها فى أعمال إرهابية بأمريكا أو أوروبا تشملها قرارات منع الدخول لأمريكا التى سعى إليها ترامب، بينما الدول التى أتى منها نجوم 11 سبتمبر غير ممنوعين من الدخول!. نرجو أن تكشف الأيام عن أسباب هذه القرارات العجيبة، كما نرجو أن نستفسر إذا كان الشخص الراغب فى دخول أمريكا يمكنه الاحتفاظ باللباس.. بالنظر إلى إمكانية تفخيخه؟.