بقلم : أسامة غريب
باعتبارى من ركّاب الطائرات المحترفين والدائمين فإننى قد لاحظت أن الركاب لا يحلو لهم استخدام التليفون المحمول إلا عند بدء الإقلاع بالطائرة وكذلك عند الشروع فى الهبوط.. يفعلون ذلك عندما تكون الإشارة على وشك أن تختفى بفعل الصعود التدريجى للطائرة وابتعادها عن تأثير أبراج الاتصالات أو عند ظهور الإشارة بعد طول غياب لدى اقتراب الطائرة من الأرض. والعجيب أنهم فى فعلهم هذا يضربون عرض الحائط بالتعليمات الصريحة التى تؤكد عليها شركات الطيران بأنه يُمنع استعمال الموبايلات وأجهزة الكمبيوتر أثناء عمليتى الإقلاع والهبوط لأن ذلك الاستعمال قد يتداخل مع الأجهزة الملاحية للطائرة ويمنع عملها بكفاءة!.. وعلى الرغم من أنه يتم تشغيل عشرات الآلاف من الرحلات حول العالم كل يوم فإنه لم يحدث أبداً أن أدت المكالمات التليفونية والعبث بتطبيقات الموبايل إلى وقوع حادثة واحدة، فكل حوادث الطائرات التى وقعت فى السنوات الماضية حدثت والطائرات فوق البحار والمحيطات فى منتصف الرحلة حيث يغيب البث التليفونى وينقطع النت وينعدم التداخل مع أجهزة الطائرة الملاحية، ولعل هذا يذكرنى بالأديب باولو كويلو ونظريته الشهيرة التى قدمها فى رواية «الرابح يبقى وحيداً» عندما أكد أن شركات الطيران تمنع استعمال التليفون أثناء الرحلات لأنها تريد من الركاب أن يستخدموا الخدمة التليفونية التى تقدمها الطائرة بأسعار باهظة!
أمر آخر يحدث فى المطارات ولا أظن له أهمية حقيقية وهو التفتيش بخلع الأحذية.. حدث هذا للمرة الأولى فى عام 2001 بعدما قام شاب بريطانى بمحاولة تفجير الطائرة التى كانت فى طريقها إلى نيويورك عندما حاول إشعال فتيل فى حذائه قبل أن ينقض عليه الركاب الذين شاهدوا المحاولة ويسلموه لطاقم الطائرة. هذه الحكاية تمت روايتها بواسطة أجهزة المخابرات ولم يتسن التأكد منها من خلال شهودها المزعومين، لأن الشاب البريطانى المسلم الذى تم اتهامه كان يستطيع أن يقوم بالعملية داخل دورة المياه بعيداً عن أعين الناس!.. لكن المهم أنه من يومها أصبح خلع الأحذية تراثاً يُخلص له الجميع وتخضع له المطارات، وبعضها مثل مطار القاهرة يجعل الراكب يخلع الحذاء مرتين، واحدة قبل دخوله إلى كاونترات شركات الطيران والثانية عند وصوله لبوابات السفر، وكأن الجزمة الأولى التى تم تفتيشها ليست هى نفسها التى يتم فحصها من جديد!.. أما موضوع منع المواد السائلة من الصعود إلى الطائرة خشية أن تتضمن مواد يسهل تفجيرها ففيها وجهات نظر تتغير من مطار إلى آخر، فبعض المطارات تسمح بوجود السوائل فى الحقائب التى يتم شحنها بمخازن الطائرة ولا تسمح بنفس السوائل بصحبة الراكب! كما أن هناك من المطارات التى تصادر زجاجة الماء مع الراكب قبل دخوله المنطقة الجمركية، وهذا فى حد ذاته مفهوم ومقبول، لكن غير المفهوم هو أن الراكب قد يشترى زجاجة مياه من إحدى الكافيتريات الملاصقة لبوابات الرحيل والتى يفترض أنها مؤمنة ومعقمة أمنياً فإذا بموظفى الأمن على باب الطائرة يمنعونه من الدخول بها مع أنها زجاجتهم هم وبضاعتهم هم والراكب لم يأت بها من الخارج، لكن الإجراءات الأمنية كثيراً ما تلغى العقل وتمنع طرح الأسئلة المنطقية.. وعجبى!