بقلم - أسامة غريب
كتبتُ منذ أيام مقالاً أعلق فيه على قرار الحكومة بالموافقة على منح الجنسية المصرية لمن يدفع مبلغاً من المال. فوجئت بعد ذلك بمن يخبرنى أن الأستاذ عبدالمنعم عمارة قد علّق بعدد الأحد 7 مايو بـ«المصرى اليوم» منتقداً ما كتبت. بداية لست ممن يعتقدون فى صواب أحكامهم فى كل الأحوال، ولست ممن يتشبثون بآرائهم لو وجدوا من ينبههم للخطأ فيها، بشرط أن يكون المنتقدون من أصحاب الحكمة والرشاد.. أما أن يكتب الأستاذ عمارة كلاماً مفككاً خالياً من الأفكار وبلغة ركيكة لا هى فصحى ولا هى عامية، فهذا ما لا أستطيع أن أتعاطف معه. كتب سيادته: «قرار الدولة بإعلان م. شريف إسماعيل أنه قد تمت الموافقة على منح الجنسية المصرية لمن يدفع مبلغ 250 ألف دولار. ولأن الدولة مش هبلة طبعاً لن توافق على أى واحد والسلام، هم فيه الآلاف الذين يطلبون هذه الجنسية المصرية. ما حدث ليس بدعة مصرية بل هو موجود فى كل دول العالم الأكثر تقدماً منا والتى يسعى أى شخص فى العالم للحصول على هذه الجنسية، أمريكا فيها أوروبا كلها».
هذه هى الفقرة الأولى فى مقاله وقد حرصتُ على نقلها بالنقطة والفصلة. الجملة الأولى كلها عبارة عن «مبتدأ» لكنها تنتهى دون أن نعثر فيها على «الخبر»!.. قرار الدولة بكذا كذا.. ماله قرار الدولة؟ تنتهى الجملة ولا نعرف ماذا به قرار الدولة! ثم نأتى للجملة التى تليها، وليت أحداً يفيدنى إذا كان قد فهم شيئاً من قول سيادته: هم فيه الآلاف الذين يطلبون هذه الجنسية المصرية. أما الجملة الأخيرة فى هذه الفقرة فاقرأوها وحدكم وفكوا شفرتها!
بعد ذلك يقول الأستاذ عمارة: «حضرات القراء.. أكيد ستسمع بعض المتشنجين...»، فلا نفهم إذا كان عمارة يخاطب حشداً أم يتحدث إلى شخصٍ واحد!
قصدت أن أورد لكم نموذجاً من لغة يونس شلبى هذه قبل أن أشكو إليكم قسوة الأستاذ عمارة فى وصفه لما كتبت، فمرة يصفه بكلام المتشنجين ومرة بالآراء الخائبة، قبل أن يصنف المقال كله بـ«مقال مسمم فيه السم فى العسل».. لا أعتقد أننى أستحق اللغة الخشنة التى تحدث بها السيد عمارة، فأنا رجل غلبان حتى لو كنت كاتباً يستطيع الرد ولديه الأفكار والمنطق والقدرة على التعبير ولست مجرد مسؤول متقاعد!.. لقد رفض سيادته كلامى عن الأمريكى والأوروبى والخليجى والكورى والجيبوتى الذين لن يسعى أحدهم لطلب الجنسية المصرية، دون أن يقول لنا أسباب اعتقاده أن بعض هؤلاء سيأتون لطلب جنسيتنا!. والغريب أنه عندما أراد أن يضرب مثلاً لمن قد يسعون لطلب الجنسية المصرية فإنه ذكر الدكتور مجدى يعقوب! ولعل شخصاً متعلماً يخبره أن مجدى يعقوب بالذات ولد مصرياً وعاش بمصر حتى تعرض للاضطهاد والتمييز ثم فر بجلده وهرب لائذاً ببريطانيا التى منحته الجنسية والكرامة ولقب سير!.. وبعد ذلك حدّثنا سيادته عن الطليان والجريج الذين عاشوا بمصر زمان، وكأن هذا القرار سيغريهم اليوم بالعودة من جديد!
لا أستطيع أن أخفى أسفى ودهشتى لأن العشرات من الكتاب الجيدين لا يجدون مكاناً ينشرون فيه، بينما الصحف تمنح إقطاعيات لمسؤولين سابقين لأسباب لا تخفى عليكم.. وليتهم يحسنون ملأها!