الحزن
آخر تحديث GMT 15:59:33
 فلسطين اليوم -

الحزن

 فلسطين اليوم -

الحزن

بقلم أسامة غريب

يتردد دائماً أن معدلات الانتحار فى بلاد الشمال مثل السويد والنرويج وأيسلندا هى أعلى منها بالنسبة للبلاد الأخرى، ويعزون ذلك إلى التقدم والرفاهية التى أصابت الناس بالملل وجعلتهم يفضلون الموت على الحياة. ورغم وجود قدر من الصحة فى هذا الكلام إلا أننى فى واقع الأمر أتصور أن معدلات الانتحار فى بلاد مثل سوريا والعراق واليمن ومصر والسعودية والأردن هى أكثر بكثير، بسبب البؤس والفقر والقهر والتعاسة والواقع المزرى، ولا يمكن تصور أن الرفاهية تؤدى إلى قتل الناس أنفسهم، بينما التعذيب والظلم وقهر النساء والاختفاء القسرى تؤدى إلى التمسك بالحياة والتشبث بتلابيبها!. الفرق بين بلادنا وبلاد الشمال أن إحصائياتهم سليمة وصادقة، أما عندنا ففى بعض البلاد العربية ممنوع وجود صفحة للحوادث والجرائم بالصحف لأن هذا يسىء إلى سمعة البلاد! وبالتالى لا يمكن معرفة أى إحصاء دقيق لعدد المنتحرين الذين فضلوا الرحيل عن البقاء فى بلاد واعدة بالشقاء على الدوام.

وباعتبارى قد عشت سنوات فى واحدة من بلاد الشمال (كندا)، يمكننى أن أنحّى جانباً مسألة الانتحار وأتحدث عن ظاهرة الحزن. فى هذه البلاد حيث الشتاء الجليدى الطويل يكسو الحياة لثمانية أشهر على الأقل من العام، مع إحاطة اللون الأبيض بالإنسان طوال الوقت، يمكن تفهّم أن يصاب الإنسان بشىء من الاكتئاب نتيجة افتقاده الشمس والدفء الطبيعى وتفتح الزهور ونور الإشراق والملابس الملونة. إن الملابس الثقيلة كالمعاطف والكوفيات والطواقى وأحذية الجليد تثقل كاهل من يرتديها وتحتاج جهداً فى لبسها وفى انتزاعها، كما تفرض الحياة على الإنسان البقاء بالداخل معظم الوقت، حيث إن البقاء بالخارج قد يعرضه لقرصة برد تنتهى بقطع أذنه أو بتر أحد أطرافه!. لكل هذا فإن شيئاً من الحزن تجده يغلف الشخصية المنتمية لبلاد الشمال الباردة، وربما أن هذا الحزن يظهر على شكل حنان ورحمة تُميز الناس هناك، فمعظم جمعيات ومؤسسات حقوق الإنسان التى ترعى اللاجئين وتدافع عن المظلومين تجدها فى هذه البلاد أكثر من وجودها فى البلاد الغربية الأخرى، رغم ديمقراطيتها، ولعلنا لم نسمع أبداً أن الدنمارك أو فنلندا ردّت لاجئاً أو رفضت إجارة مستغيث أو نصرة ملهوف. الحزن الشفيف والتعاطف هو ما لمسته فى البشر فى هذه البلاد، وطبيعى أن من بينهم من لا يستطيعون احتمال حياة بها من يلقى براميل متفجرة على جزء من شعبه، وبها من يخون أهله ويعرضهم للهلاك وهو يبتسم.

نوع آخر من الحزن شاهدته فى احتفاليات عاشوراء فى بغداد والكويت والبحرين.. رأيت حزناً أبدياً صافياً، حزناً نبيلاً لا نهاية له يأسى الناس فيه على الإمام الحسين الذى غدر به السفاحون من بنى أمية.. حدث هذا منذ أربعة عشر قرناً ومع ذلك لا يريدون أن ينسوا حتى لا يكون النسيان بحراً يفصلهم عن آل البيت فتضيع منهم البركة ويتوه منهم الطريق.

الحزن أصناف وأنواع، وأشد بنى الإنسان شقاءً هو من لا يحترم حزن الناس ويتخذه سبيلاً للسخرية من آلامهم والهزء بما يكويهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحزن الحزن



GMT 06:44 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

الجنون والمسخرة

GMT 00:39 2017 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

المينى بار

GMT 04:02 2017 الجمعة ,11 آب / أغسطس

بيتى أنا.. بيتك (1)

GMT 04:17 2017 الجمعة ,04 آب / أغسطس

البيان رقم واحد

GMT 06:03 2017 الجمعة ,28 تموز / يوليو

رائحة الفقر

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday