مؤتمر الشباب فى أسوان
آخر تحديث GMT 12:11:16
 فلسطين اليوم -

مؤتمر الشباب فى أسوان

 فلسطين اليوم -

مؤتمر الشباب فى أسوان

بقلم معتز بالله عبد الفتاح

ألمس جدية شديدة عند مؤسسة الرئاسة بشأن التواصل مع الشباب، وهى مسئولية تضطلع بها مؤسسة الرئاسة لأن المؤسسات الوسيطة (الأحزاب، المجتمع المدنى، الإعلام) لم تقم بدورها فى هذا الصدد على النحو المطلوب، وبما أن ذلك كذلك، فأنا أعيد طرح فكرة أمريكية أعتقد أنها مفيدة لمصر فى الفترة المقبلة. تعالوا نسافر فى الزمان والمكان لنبدأ من الولايات المتحدة الأمريكية فى الثلاثينات ثم نعود إلى مصر المستقبل. تسلم الرئيس الأمريكى فرانكلن روزفلت الولايات المتحدة فى 1933 وكانت نسبة البطالة رسمياً 25 بالمائة، بسبب الكساد الكبير، مشكلة غير تقليدية تقتضى تدخلاً غير تقليدى من شخص غير تقليدى.

طبقوا فكرة اسمها كتائب الخدمة المدنية (Civilian Conservation Corps) اللى هى، أعزكم الله، الـ (سى سى سى)، وهو برنامج تأهيلى عام للرجال العاطلين، جزء من رؤيته الأكبر لإصلاح أحوال الولايات المتحدة الأمريكية، الذى أسماه الرجل آنذاك: «الصفقة الجديدة» (New Deal) التى تعنى عمل مشروع وطنى جديد بين الحكومة والشعب، وكان أحد أهم مكونات هذه الصفقة الجديدة هو برنامج الـ(سى سى سى).

ده برنامج تدريب مهنى يهدف إلى الاستفادة من طاقة الشباب المعطلة فى حفظ وتنمية الموارد الطبيعية فى الولايات المتحدة 1933 حتى 1942، وهو توقف فى عام 1942 لأن الولايات المتحدة دخلت الحرب العالمية الثانية واحتاجت الشباب فى الحرب، تم تصميم الـ(سى سى سى) لكى يؤهل العاطلين عن العمل من الشباب بسبب الكساد الكبير فى كل ما احتاجته الدولة فى كل المجالات، مثل السيطرة على الفيضانات: الرى، وسدود الصرف الصحى، والخنادق، والعمل بالقناة، واستصلاح الأراضى وتهذيب الغابات وزراعة الأشجار والشجيرات والوقاية من الحرائق، والتحكم فى الحشرات والأمراض، وتنمية أراضى المنتزهات والبحيرات وتنظيف مواقع البرك وتعبيد الطرق، والقضاء على الحيوانات المفترسة؛ والحياة البرية: واستزراع الأسماك، والأغذية والغطاء النباتى، هذا البرنامج موجه للشاب الأمريكى، غير المتزوج، العاطل عن العمل، الذى عمره ما بين 18- 25 سنة. يبدأ الشاب البرنامج متطوعاً، وبعد مروره من الاختبار البدنى لمدة ستة شهور يمكن مد خدمته لمدة عامين، يعيش الشاب فى مخيمات للعمل، وكان يقبض 30 دولاراً فى الشهر (مع تخصيص إلزامى لـ22-25 دولاراً ترسل إلى عائلاتهم كنوع من دعم الأسر الفقيرة)، ويتم توفير لهم الغذاء والملبس والرعاية الطبية، هذا البرنامج واجه تحديات مهولة كانت يمكن أن تقوده للفشل، وسأروى بعض التحديات فى السنتين الأوليين، حيث كان هناك 463 معسكر عمل بـ250 ألفاً من المبتدئين الصغار، و28 ألفاً من قدامى المحاربين والضباط المتقاعدين، و14 ألفاً من الهنود الأمريكيين و25 ألفاً من الرجال المحليين فى كل منطقة من المناطق التى وجد فيها المعسكر، عاش العمال فى مخيمات، وارتدوا زىاً رسمياً، وعاشوا تحت مراقبة عسكرية، ولكن مثلهم مثل المدنيين كانوا غير خاضعين للأنظمة العسكرية. وعند وقت الدخول كان يعانى نحو 70% من العمال من سوء التغذية وفقر الملبس، كان هناك القليل جداً من الحاصلين على أكثر من سنة فى المدرسة الثانوية، الكثير من هؤلاء تمردوا على النظام والانضباط فى البداية، وكان يتم الحفاظ على الانضباط بواسطة التهديد «بالتسريح من الخدمة». فى البداية، رفض الآلاف حلف يمين الولاء لـ«سى سى سى»، لكنهم حين آمنوا بنبل القضية، أصبحوا أكثر حرصاً على البرنامج، ولأن أمريكا آنذاك لم تكن قد التزمت بسياسات المساواة الفعلية بين البيض والسود، فقد تم عزل نحو 200 ألف أمريكى من أصول أفريقية فى معسكرات خاصة بهم ولكنهم كانوا يتساوون مع غيرهم فى الأجور والسكن، كل هذه مشاكل ليست موجودة فى السياق المصرى، شهادات الذين شاركوا فى هذا البرنامج إيجابية، ويوجد على اليوتيوب وثائقيات متعددة عنه، تحكى عن نجاح التجربة، وكيف كان يزورهم فرانكلن روزفلت ويأكل من طعامهم ويضحك معهم.

نجحت كتائب الخدمة المدنية وكانت من أكثر برامج «الصفقة الجديدة» شهرة بين العامة، لأنها وفرت الإغاثة الاقتصادية لمئات الآلاف من الأسر وأنقذت جيلاً كاملاً من آفات البطالة، وأهلت ودربت نحو 3 ملايين شاب على مهن حرفية ويدوية ومكتبية كثيرة.

طيب نعملها إزاى فى مصر؟

أولاً، لازم ندرسها كويس، لأن أكثر 4 نماذج فى العالم لما يشابهها من برامج كانت شديدة الاختلاف فى التفاصيل، سواء تلك التى صنعها دينج تساو بينج فى الصين تحت اسم «جيش التنمية» أو تلك التى ابتكرها فيدل كاسترو فى كوبا للقضاء على الأمية أو تلك التى استحدثت فى المكسيك لاستصلاح الأراضى.

ثانياً، لدينا فى مصر طاقة معطلة مهولة، متمثلة فى مراكز الشباب، عددها حوالى 4450 مركز شباب، والمساجد التى تزيد على 108 آلاف مسجد و2800 كنيسة و50 ألف مدرسة و40 ألف مؤسسة مجتمع مدنى و30 جامعة ومئات المعاهد. كل هذه المؤسسات هى مراكز تجمع مهول لعدد كبير من الشباب، الذين يمكن أن يُستخدموا لخدمة المناطق والأحياء التى يعيشون فيها أو فى محيطها، هذا لن يحدث إلا إذا كانت هناك خطة عمل واضحة ورؤية محددة وتوزيع مهام قائم على دراسة جادة لحاجات المناطق والأحياء والقرى والمحافظات.

ثالثاً، لا بد من استقدام خبراء من الخارج من تلك الدول التى قامت بعمل مشابه للتعلم منهم، الموضوع فيه بعض الفنيات، ليست صعبة ولا معقدة ولكنها ضرورية ولا ينبغى أن تخضع للتقاليد البيروقراطية المتعارف عليها فى مصر لأنها قد تدمر المشروع من أصله.

رابعاً، من يقود هذا المشروع لا بد أن يكون مؤمناً به مطلعاً على تفاصيله فى الخارج، لديه تصور واضح بالمنتج النهائى الذى يريد أن يصل إليه.

خامساً، هذا البرنامج ليس بديلاً ولا موازياً للخدمة العسكرية الإجبارية الموجودة فى مصر، وإنما هو مسألة اختيارية للكثير من الشباب العاطلين عن العمل الذين يقضون أيامهم ولياليهم بلا هدف أو طموح، فى أن يتحولوا إلى طاقات عمل وبناء فى مجالات مدرة للربح للدولة ولهم، وهى كثيرة مع ضمان الحد الأدنى من الراتب المعقول لهؤلاء الشباب، حتى لو كان مصدر دخول هؤلاء الشباب سيكون من ضرائب خاصة لهذا المشروع.

سادساً، نحن نكافئ الأسر الأكبر بدعم مالى أكبر، ونعطى الكثير من الأموال لموظفى القطاع الحكومى مع عدم حاجتنا لإسهامهم وكأنها إعانات بطالة، هذه الفكرة التى طبقها الأمريكان فى الثلاثينات، أعمق وأفضل من فكرة إعانة البطالة التى تمنح للفقراء بلا توقع عمل منهم.

سابعاً، نحن بحاجة لأفكار غير تقليدية فى مواجهة التحديات التى نعيش فيها وتعيش فينا بسبب فقر الفكر وفكر الفقر الذى نعيشه، نحن لسنا فقراء فى جيوبنا فقط، نحن فقراء فى عقولنا أيضاً، ولو لم نثر عقولنا بأفكار مبتكرة، سنظل محلك سر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مؤتمر الشباب فى أسوان مؤتمر الشباب فى أسوان



GMT 07:57 2017 الجمعة ,02 حزيران / يونيو

لا تنجح مؤامرة متآمر إلا بتقصير مقصر

GMT 06:01 2017 السبت ,25 شباط / فبراير

أكثر ما يقلقنى على مصر

GMT 23:15 2017 الثلاثاء ,21 شباط / فبراير

من المعلومات إلى القيم والمهارات

GMT 04:03 2017 السبت ,18 شباط / فبراير

جاستن ترودو: رئيس وزراء كندا - الإنسان

GMT 23:13 2017 الأربعاء ,15 شباط / فبراير

نصائح للوزراء الجدد

تارا عماد تتألق بإطلالات عصرية ملهمة لطويلات القامة من عاشقات الموضة والأناقة

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday