حي الأميركان الحياة ضد الأصوليات
آخر تحديث GMT 23:06:33
 فلسطين اليوم -
وزارة الدفاع الإسرائيلية تعلن انتهاء أول تدريبات مع القوات الأميركية باستخدام ذخائر حية لمنظومات دفاع جوي الجيش الاسرائيلي يعلق على تقارير استهداف حزب الله لقوات اليونيفيل مؤكدا استمرار حزب الله في انتهاك القانون الدولي وتعريض المدنيين والمنظمات الدولية للخطر وزارة الخارجية الأميركية تعلن أن التشريع المتعلق بحظر عمل الأونروا قد يترتب عليه عواقب وفقًا للقانون والسياسة الأميركية الخارجية الأميركية تقول إن الغارة الإسرائيلية التي قتلت العشرات في شمال غزة "مروعة" قصف إسرائيلي يستهدف سوق الصحابة في غزة ويخلّف عشرات القتلى والجرحى ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي على غزة إلى أكثر من 43 ألف قتيل و101 ألف مصاب وفق وزارة الصحة في القطاع" استشهاد شاب فلسطيني مُتأثرًا بإصابته برصاص الاحتلال الإسرائيلي قرب رام الله إطلاق نار في دير بميانمار يودي بحياة 22 ومعارضون يتهمون الجيش الاحتلال الإسرائيلي يفرج عن 4 فتيان فلسطينيين شرط إبعادهم عن البلدة القديمة بالقدس الجيش الإسرائيلي يعتقل شابًا يعتقد أنه تسلل من الأراضي اللبنانية
أخر الأخبار

"حي الأميركان": الحياة ضد الأصوليات

 فلسطين اليوم -

حي الأميركان الحياة ضد الأصوليات

خالد الحروب

كان يتعرق في داخله وفي جسده إلى درجة مهولة. ينتظر لحظة الصفر كي يضغط على زر الحزام الناسف الذي يطوق جسده، كي يحيل هذا الباص المزدحم بالركاب والمنطلق من بغداد نحو الجنوب إلى دمار هائل من جثث ودم وحرائق. إسماعيل الذي وصل حديثا إلى “أرض المعركة” بعد رحلة تهريب طويلة وعصيبة من “حي الأمريكان” الشعبي في طرابلس يشعر بأن جسده قد التحم بالحزام الناسف وأصبحا كتلة واحدة. 
مسؤولو التدريب والتفجيرات ألحوا عليه بأن يداوم على الصلاة وقراءة القرآن طيلة الساعات الطويلة التي يقبع فيها في المقعد الأخير من الباص وقبل أن يصل إلى محطة الركاب الأخيرة ويطلق حمم جهنم من متفجراته ليتضاعف عدد القتلى. 
كان “الإخوة المدربون” قد تطاولت بهم الخبرة ليدركوا أن أية فترة صمت وتأمل قد تمر بـ “الجهادي الانتحاري” قد تقوده إلى مساءلة الهدف والغاية من الفعل البشع الذي سيقدم عليه. 
سوف يغرق في وجوه الناس العاديين قبل أن يتحولوا إلى أشلاء من اللحم والدم، وقد يضعف ويتراجع. 
لقد ضعف وتراجع كثيرون في اللحظة الأخيرة وإسماعيل يجب أن لا يكون منهم. 
في رحلته الأوديسية المرعبة من لبنان لينضم إلى “قاعدة بلاد الرافدين” كادت الساعات المديدة التي بانت وكأنها لن تنتهي أن تقضي عليه وهو حبيس صهريج التهريب. 
لا يريد أن يموت رخيصا، يريد أن يموت شهيدا وبطلاً، لا يهم كيف وضد من، رمزية الفعل تتعدى جوهره وهدفه والغاية منه، لا مكان للتفصيل هنا. 
حاله ليس بعيدا عن حال رفاقه “الإخوة” الذين ضمهم صهريج التهريب واجتمعوا فيه هكذا صدفة تائهة تافهة تجمع “مشاريع موت”. 
كل منهم جاء لهدف واحد هو الموت، أفدح القصص، ربما، كانت قصة أبو عبد الله الصومالي الذي بدأ رحلة التهريب من موريتانيا وصولا إلى ليبيا ومنها بحرا إلى ميناء اللاذقية، ثم إلى لبنان، وعودة إلى سورية ملتحقا بصهريج التهريب المنظم تنظيما دقيقا. 
عندما وصل إلى “أرض المعركة” كان نصيبه تدريبا على دراجة نارية سوف تحمله لاحقا إلى شمال العراق ليفجر نفسه في عرس شعبي محتشد للأكراد الفيلية ويقتل ويجرح المئات. 
لا يعرف لماذا يحول هؤلاء السكان الذين عاشوا في هذه المنطقة آلاف السنين، وهو القادم من الصومال وبالكاد يعرف موقع العراق على الخارطة، إلى كومة دم ورماد ولحم محروق. 
حيث ولد وترعرع، أي في “حي الأمريكان”، يعكس إسماعيل حالة جيل كامل ضاع في ضجيج صدام الأصوليات والاستبدادات والمخابرات. 
لم تعد هناك بوصلة، ولم يعد هناك ما هو واضح، طرابلس العريقة التي عاندت العثمانيين وقاومت الفرنسيين وأنتجت تاريخها وشخصيتها وتعدديتها وهوياتها المتصالحة انزلقت على منحدر سريع صار يعري كل العراقة التي فيها. 
طرابلس آل العزام والعائلات القديمة وما امتد منها أو حولها، وتناغمُ مسيحييها العفوي مع مسلميها من دون تقعر بالتعايش صارت تختفي. صوفيوها صاروا يختفون ويظهر مكانهم غرباء عنيفون في المسلك والمظهر. 
طالت لحى كثيرة وظهرت أثواب مقصرة وهيئات غريبة، أئمة جوامع المدينة وأعيانها الذين احترمهم الناس قرونا من الزمن أجبروا على الانزياح لهؤلاء النابتين من تراكمات الفشل والذين يريدون أن يقاتلوا من “أجل عزة أمة الإسلام”. 
من هي أمة الإسلام؟ وما هي عزتهم؟ ومن هم أعداؤهم؟ وهل وكلتهم أمة الإسلام بالدفاع عنها؟ ولماذا يقتلون أمة الإسلام نفسها التي يريدون الدفاع عنها؟ وألف سؤال وسؤال آخر لا يلتفت إليها إسماعيل ولا بقية “الإخوة” القادمين من كل أصقاع الأرض ليفجروا انفسهم ويحتفلوا بالموت. 
المهمة “الجهادية” الأولى التي ينخرط فيها إسماعيل كانت محاولة تفجير صلاة هندوسية جماعية للخادمات في طرابلس انتقاما لاضطهاد البوذيين للمسلمين في الهند! 
ليس ثمة مكان للتفاصيل في ذهن صُناع الموت فيصبح الهندوس والبوذيون واحدا، لا يهم إن كانوا دينيين أو حتى أعداء، المهم أنهم من “الفسطاط الآخر”. 
لحسن الحظ تفشل العملية ولا تنفجر القنبلة التي وضعت في سلة مهملات المبنى الذي كانت ستؤول إليه الخادمات المسكينات، لكن ذلك لا يؤثر على مسيرة صناعة الموت. 
مرة أخرى يبدع جبور الدويهي، الروائي اللبناني المالك للغة والتفاصيل، في تصوير تحولات مدينة الشمال اللبناني وانهياراتها. 
من بين شقوق الإنهاك الداخلي لناس “حي الأمريكان” الشعبي ولناس آل العزام الارستقراطيين يلتقط نمو التطرف والعنف والأصوليات. 
عبد الكريم العزام، سليل العائلة المحترمة يعيش متشظيا بين الماضي الذهبي لجده وأبيه الذي ليس له قدرة على إرثه وتمثله، وفردانيته الحالمة والضائعة في تجربة نصف فاشلة في فرنسا، أعادته إلى مدينته متيما بحبيبة بلقانية ذابت فجأة كثلج بلادها. 
بعد “مطر حزيران” و”شريد المنازل” يقدم الدويهي رواية “حي الأمريكان” ملتقطا بدقة السينمائي المجنون بالتفاصيل أنفاس ناس الشوارع، وروائح الأزقة والدكاكين، وألوان الأتربة الخفية في طيات الزوايا. 
عندما يتحدث عن طرابلس، الفقيرة أو الغنية، يكون السرد بطيئا، تفصيليا، فيه كل شيء يتنفس، ...، إلى درجة الرتابة والملل. 
هنا وهذه هي الحياة وصورة الناس والمدينة، هنا الحقيقة. عندما يتحدث عن طرابلس الطارئة وأصولييها، يصبح السرد سريعا وعموميا لا مكان فيه للتفاصيل، لا ملامح لناسه، ولا روائح ولا ألوانا نحس بها طالعة منهم أو لهم، هنا وهذا هو الموت وصورة القاتلين القادمين، هنا الزيف.
الدويهي لا ينحني أمام ريح الموت التي تعصف بالناس في المدينة، ينتصب في وجهها وينتصر للحياة. 
كابية هي تحولات مصطفى وناس كثيرين ولجوا بوابات الموت. لكن، وفي تلك اللحظة العصيبة التي كان ينتظر فيها إسماعيل اللحظة الأخيرة لضغط الزر وتفجير نفسه وحزام الإبادة حوله في الباص، نزل ولد صغير من حضن أمه في المقعد الثاني من الباص وصار يلهو ويمشي ويعد الركاب بلكنة عراقية تزهر على فمه اليافع. 
كان يمر على كل كرسي ويضغط بإصبعه الهش صدر أو أفخاد الركاب ويواصل العد.  وصل إلى إسماعيل، نظر في عينه وابتسم، وضغط على صدره وعد 37. 
كانت صلوات إسماعيل قد توقفت وهو يراقب الولد ويرى فيه أخاه الذي تركه وراءه، مع عد الركاب بالصوت الولادي البريء تقلص الموت في قلب إسماعيل ووجدانه، وقامت قيامة الحياة. 
انفصل الحزام الناسف عن جسده، تعرق كثيرا، ثم نزل من الباص في أول فرصة، وتحرر من الحزام والموت. 
اقتحم جبور تنظيم «قاعدة بلاد الرافدين» وتنظيمات مسلحة كثيرة، وهناك جند خلية صغيرة من إسماعيل وعبد الكريم آل عزام وأم محمود وانتصار والمشنوق، كانت مهمتها الانتصار للحياة وإبطال صاعق الحزام الناسف ... كي ينجو الولد الذي يعد الركاب، ونجحوا. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حي الأميركان الحياة ضد الأصوليات حي الأميركان الحياة ضد الأصوليات



GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ فلسطين اليوم
في مهرجان الجونة السينمائي 2024، تألقت الممثلة التونسية هند صبري بإطلالة مميزة أبهرت الحضور وجذبت الأنظار، اختارت هند صبري فستانًا باللون الوردي الراقي من توقيع علامة MOONMAINS، والتي تميزت بتصاميمها العصرية والأنيقة، الفستان تميز بقصته الأنيقة وأكمامه المنفوخة، التي أضافت لمسة من الأنوثة والرقي لإطلالتها، اللون الوردي اللامع أضفى على هند لمسة مشرقة وملفتة، تتماشى تمامًا مع الأجواء الاحتفالية للمهرجان. لم تكتفِ هند صبري بالفستان الراقي فحسب، بل أضافت لمسة من الفخامة على إطلالتها من خلال ارتدائها لمجوهرات مميزة من تصميم عزة فهمي، المصممة المصرية الشهيرة، اختارت سوارًا مزينًا بأحجار كريمة تضفي بريقًا إضافيًا على مظهرها، هذه المجوهرات لم تكن مجرد إضافة جمالية، بل كانت بمثابة تكريم للتراث المصري بلمسات عصرية تتماشى مع أجواء ...المزيد

GMT 06:06 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

كندة علوش تدعم فلسطين بإطلالتها في مهرجان الجونة 2024
 فلسطين اليوم - كندة علوش تدعم فلسطين بإطلالتها في مهرجان الجونة 2024

GMT 06:11 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح لتنسيق الديكورات حول المدفأة الكهربائية
 فلسطين اليوم - نصائح لتنسيق الديكورات حول المدفأة الكهربائية

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 14:17 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 14:58 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

محمد رمضان يتحدّى منافسيه بفيلمه "هارلي"

GMT 09:41 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء متوترة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 08:34 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تشعر بالغضب لحصول التباس أو انفعال شديد

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 04:46 2024 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

أفكار مبتكرة للفواصل في ديكور المنازل العصرية

GMT 12:32 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

غوغل وفيس بوك تطلقان مبادرة لمواجهة الأخبار الكاذبة

GMT 14:46 2016 الأحد ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ثلاثة عروض جديدة ومميزة في مهرجان "آفاق مسرحية" الأحد

GMT 07:22 2016 الأربعاء ,19 تشرين الأول / أكتوبر

نور عرقسوسي تستعد لتصوير جديدها الغنائي في أربيل

GMT 15:13 2016 الأربعاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

قواعد "التجميل" التي تجعل النساء يرغبن في الاعتناء بأظافرهن

GMT 13:51 2016 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

اوبل" تعلن عن إطلاق سيارتها الجديدة كاسكادا موديل 2017
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday