مشاهدات في «داون  تاون»
آخر تحديث GMT 16:30:17
 فلسطين اليوم -

مشاهدات في «داون - تاون» !

 فلسطين اليوم -

مشاهدات في «داون  تاون»

بقلم :حسن البطل

ليس للبلدة القديمة؛ رام الله ـ التحتا، ما للقلب الحجري المعتَّق للقدس العتيقة المسوّرة، أو للخليل ونابلس، لكن بعض ما في العاصمة القديمة لا نجده في ما صار العاصمة الإدارية للسلطة، التي "تنمو على عجل"!

أربعة شوارع تحدّها، متعاكسة في حركة سير السيارات شمال ـ جنوب، لكن حركة مزدوجة للسيارات والمشاة تتركز في شريانين: شارع السهل، وشارع البلدية، الذي كان شارع "الحسبة القديمة".

عندما "ينام" شارع ركب ـ الشارع الرئيسي يوم الجمعة، يبقى شارع السهل "صاحياً" وطيلة أيام الأسبوع. في الصباحات كلها، وصباح الجمعة خاصة، يصطف الناس بالدور على مطاعم الحمص والفول والفلافل؛ وفي المساءات تراهم يلتمُّون حول طاولات الرصيف لمطاعم المشاوي، ولمن يشاء سندويشات "السناك" الأوروبية أن يجد ضالّته.

ثلاثة أفران توفر لك رغيفك على أنواعه: الكماج، والعربي.. وأيضاً كعكة القدس بنكهة القدس تقريباً على أشكالها الثلاثة من فرن "على الحطب" ساخنة في الصباح وساخنة في الليل، أيضاً، كما في مخبز "عين العرب" أوّل شارع السهل، الذي يقدّم البيض المشوي، وعصائر الفاكهة الطازجة، وسندويشات "السناك" الغربية.

رصيف عريض للشارع، يمتلئ في ليالي الصيف بخاصة بالكراسي والطاولات، كما ليس في بقية أرصفة شوارع المدينة كثيرة المطاعم والمقاهي.

بعد العاشرة مساءً في حرِّ الصيف، قد لا تجد كرسياً شاغراً ولا طاولة على رصيف في مقهى الانشراح القديم، الذي تأسّس عام 1945 للسَمَرْ والتداول، ولألعاب الورق وطاولة الزهر والأراغيل، ومشاريب وعصائر، أيضاً، والأسعار متهاودة، أيضاً. ليس للانشراح ما ينافسه في المقاهي.

كثيرة هي المنازل الجميلة في رام الله الجميلة، لكن لعلّ أجملها هو مبنى قديم نسبياً لمطعم سناك شيلي ـ شيلي، بأضوائه، ومُعرَّشات نباتاته، وأبرزها دالية من العنب تتسلَّق من أرض الرصيف إلى الشرفة، وأخرى ياسمين.

في الشارع الموازي، شارع البلدية القديم، لم ينسحب تماماً من كونه شارع الحسبة القديم، حيث تتجاور حوانيت الخضار والفواكه، التي تجاورها دكاكين رام الله كما كانت للدكاكين اسمها ووظيفتها في بيع البضائع، مع مسحة هذه الـ"ميني ماركت" أحياناً.

لعلّ ما يميّز شارع البلدية هو ما لا تجده، ربما، في سائر رام الله كلها، أي "بسكيلاتي" خبير في تصليح الدرّاجات الهوائية. في الصباح يعمل في الظل على كرسيه في رصيف محلّه، وفي المساء يعمل على الرصيف المقابل، هذه السنة صار عمر البسكليت 200 سنة!

لو كنت من سكان هذه "داون - تاون" قد لا تحتاج ما ينقصك من محلات الخياطة، إلى محلات غسيل وكيّ الملابس، إلى محلات للأزياء والملابس والأحذية الراقية. هذه بلدة صغيرة في المدينة التي لا تكفّ ولا تتوقّف عن النمو والامتداد في أطرافها، وأحياناً في قلبها، أيضاً.

لا أعرف كم عدد سكان هذه "داون ـ تاون" التي تتجاور فيها الكنائس مع المساجد، لكن ملصقات على الجدران تقول، بالاسم والصورة، إن هناك 25 أسيراً من شباب ورجال رام الله ـ التحتا في السجون الإسرائيلية.. ومن حكم المؤبد ـ المؤبدات إلى أحكام متطاولة واعتقالات إدارية، وتبدو رام الله ـ التحتا شبه قلعة فتحاوية، وعند إطلاق سراح أسير أنهى محكوميته، تزدان شوارعها وأزقّتها برايات حركة "فتح" الصفراء وصور قادتها التاريخيين.

قلت إن المدينة القديمة فيها أربعة شوارع ـ شرايين متعاكسة حركة سير السيارات شمال ـ جنوب، لكن شارع السهل وشارع البلدية القديمة ملأى بحركة الناس طيلة أيام الأسبوع بمحلاتها ودكاكينها المفتوحة من الصباح الباكر إلى المساء المتأخِّر، لكن قلب هذا القلب هو زاروب صغير لا رصيف له، ولا أشجار على أرصفته بالتالي، لكنه مرصوف ببلاط صناعي، وفيه أعتق المباني الحجرية، أي أساس بيوت رام الله، وقامت البلدية، منذ سنوات، بترميمه، مع توسيعه ما أمكن لمرور السيارات، لكن مبنى قديما للاجتماع والتداول لسكان رام الله في المهجر لم يتم بعد تشطيبه.

في الزاروب ـ الشارع هذا، مقر لـ"كمنجاتي"، وورشة لتصليح وترميم الآلات الموسيقية على اختلافها، شرقية وغربية، وأبرز ما فيه هو ترميم وتجميل المقر الرئيسي لمؤسسة "تامر" للتعليم المجتمعي.

في احتفالية رام الله بمئوية بلديتها، قامت بإعادة بناء البنية التحتية والفوقية لمركز المدينة، وجمّلته، وزرعت الأشجار على أرصفته، وشمل هذا، ايضاً، تحديث البنية التحتية والفوقية لرام الله ـ التحتا أو "داون - تاون" وتشجير أرصفتها.

صار شارع السهل يجاري شارع ركب في التحديث الجميل، مع حفاظ أكبر على أصالته، بينما بقي شارع البلدية أكثر اقتراباً من طابع رام الله ـ التحتا، وفيه مركز محدّث لخدمات الجمهور ودفع الفواتير، وأيضاً ذلك الفرن الذي يعمل على مدار ساعات أيام الأسبوع، وتتوقف عنده سيارات ركاب قرى رام الله الغربية لشراء الخبز.

محظوظ أن تسكن رام الله، ومحظوظ أكثر إن كنت تسكن رام الله ـ التحتا، أو القديمة، أو "داون ـ تاون". أنا محظوظ جداً!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مشاهدات في «داون  تاون» مشاهدات في «داون  تاون»



GMT 11:22 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

"تابلو" على الحاجز

GMT 09:31 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

الاسم: فيصل قرقطي

GMT 10:32 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

خوف صغير!

GMT 11:21 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

«في القدس جيل مختلف»!

GMT 13:09 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

«كنيسة من أجل عالمنا»!

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 18:41 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

أميركا توسع قائمة العقوبات ضد إيران

GMT 21:49 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

انتقال النسخة الـ23 من بطولة كأس الخليج إلى الكويت

GMT 16:12 2016 الخميس ,30 حزيران / يونيو

أجنحة الدجاج بالليمون والعسل

GMT 09:12 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

استبعاد تاج محل من كتيب السياحة الهندي يُثير السخرية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday