طقــطقــة
آخر تحديث GMT 12:11:16
 فلسطين اليوم -

طقــطقــة !

 فلسطين اليوم -

طقــطقــة

بقلم :حسن البطل

عدتُ إلى الطقطقة. هذه عودة ثانية إلى العادة. في الأولى كنتُ أطقطق طيلة 13 عاماً في قبرص. انقطعت عن الطقطقة منذ أوسلو، وعدت إليها منذ عام ونيّف.

لا أعرف ما الذي كان يقلق المتنبي، هذا الفحل الشعري، ودفعه إلى القول: «على قلق كأن الريح تحتي». يقولون في وصف الحالة غير المستقرة «قلقزة» ولعلّها مسمّى آخر للقلق.
في الطقطقة القبرصية، كانت ريح القلق تضربني من تحتي ومن فوقي، ومنذ عام ونيّف، صارت تهبُّ عليَّ من الجهات الأصلية والفرعية. 

ما يقلقني، مثلاً، أن هذه القرقعة القطرية «قلقزت» دول العالم بين مع وضد وبين بين؛ بأكثر مما فعلت «الصفقة» الموعودة الترامبية، التي أعادت كل أوراق الحل إلى السلّة الأميركية.
قديماً، قال الشاعر نفسه: لا خيل عندك تهديها ولا مال/ فليسعد النطق إن لم تسعد الحال»، وفلسطين لا يسعفها حتى النطق في هذه القرقعة، بينما تُسعد ادعاء إسرائيل المستجد، منذ هذا «الربيع العربي»، بأن فلسطين ليست القضية المركزية، لا للعرب.. والآن ولا للعجم!

الطقطقة هي صوت حبّات المسبحة بحركة إبهام الكفّ اليسرى أو اليمنى، مستندة إلى اصبع السبّابة، بينما «الانكتابة» الجديدة عدت بنقر أصابع اليدين على مفاتيح الحروف، والانكتابة القديمة التي أمارسها هي أسطرة الحروف على ورق غير صقيل بثلاثة أصابع من أصابع الكفّ، أي الإبهام والسبّابة والوسطى.

تعرفون أن حرف القاف/ في اللسان العربي بالذات، هو أعمق الحروف الحلقية، بينما حرف الميم هو أرقّها لفظاً، وأن «القلق» هو حيرة الإنسان، إن هبّت عليه من الجهات كلها؟
لا أعرف ما علاقة المسبحة وطقطقتها بالديانات، أرضية كانت أم سماوية، لكن في قبرص سألتني زوجة فلسطينية مسيحية لزوجٍ قبرصي: أتعرفون لماذا تعداد المسبحة يكون إمّا 33 حبّة أو 66 أو 99؟ وأجابت من عندها على حيرتنا بالزعم: صُلِبَ السيد المسيح على الخشبة لما كان له من العمر 33 عاماً. طيّب وماذا عن 66 و99 حبّة!

المسبحة القصيرة ذات الـ33 حبّة هي الأكثر رواجاً لكنني في زيارة إلى صنعاء العام 1983 اخترت مسبحة ذات 99 حبّة من العقيق اليماني الأحمر، وخاتم من الفضة اليمانية الخفيفة والمصنوع يدوياً، لأهديها إلى أُمّي.

طقطقت فيها أيّاماً، فانفرطت حبّاتها، وضاعت حبّة واحدة، تعب أخي طويلاً في الشام حتى عثر على ما يُضاهيها.

طقطقت أمي حبّات المسبحة الـ 99 زهاء ربع قرن بعد كل صلاة من الصلوات الخمس، وما بعد صلاة وصلاة، مترحّمة على أخي الشهيد، وداعية لي بالفلاح.

صرت أطقطق في قبرص بمسابح مختلفة، كانت تضيع الواحدة تلو الأخرى، وعدت للطقطقة في فلسطين بمسابح شتّى تضيع الواحدة بعد الأخرى، أيضاً.

لما خَتْيَرَت أمي، أرسلت لي، عَبر حفيدتها، حصّتي من مسبحة العقيق اليمانية حمراء الحبّات، وكانت 33 حبّة، وكان نصيب أخَوَي الكبيرين مسبحتين مماثلتين كما تتوقعون، خبّأت نصيبي في حرز حريز، وصرتُ أطقطق بمسابح صينية تصنيع من زجاج أو بلاستيك، ولما ضاعت مسبحتي الاحتياطية، طقطقت بمسبحة أمي يوماً واحداً، كان كافياً لأتوسّل للحصول على مسبحة أخرى كانت من خشب!

مع حصتي من المسبحة اليمانية أعادت لي أمي الخاتم اليماني الفضي، وبه حجر في حجم عين الذبابة من الياقوت الأثمن من العقيق، وأيضاً سترة زرقاء بحرية كانت الأثيرة لأخي الشهيد، ثم استحلتها ابنتي التي لا تعرف وجه أخي، لكن تحفظ له صورة في منزلها اللندني، كما أحفظ على جدران بيتي في رام الله صوراً للراحلين أبي، أمي، إخوتي الرجال وشقيقاتي النساء.
في زيارتي المقبلة، هذا الصيف أو الخريف، سأهدي ابنتي مسبحة العقيق الأحمر وخاتم الفضة.

منذ عام ونيّف، صرت أسطّر كعادتي بقلم «البغ» على  الورق بأصابعي الثلاث، وأطقطق بكفّ أصابعي اليسرى باصبعين، بدلاً من سيكارة أخرى تلو أخرى!

فرنسا الخامسة، إسرائيل الثالثة !
شارون البدين هو من جعل «حيروت» تحت اسم «الليكود» شرطاً لانضمامه إلى حزب بيغن، ثم شقّ «الليكود» وشكّل «كاديما ـ إلى الأمام» التي كانت أكبر فقاعة حزبية ما لبثت أن «نفّست».

ما الذي يذكّرني بشارون وحروبه وانشقاقه الحزبي؟، ربما ما حصل في فرنسا هذا العام من صعود صاروخي لحزب إيمانويل ماكرون: «الجمهورية ـ إلى الأمام»؟

كان الجنرال شارل دي - غول قد نَشَل بلاده من الفوضى الحزبية وأسّس ما يعرف بـ «الجمهورية الثالثة» الفرنسية، وأرسى ما يعرف بالجمهورية الرابعة الرئاسية، وانتقل من شعار: «جزائر فرنسية تحت البحر» إلى استفتاء على استقلال الجزائر.

بعد نصف قرن من «الجمهورية الرابعة» الفرنسية الرئاسية لا البرلمانية، صعد الشاب ماكرون رئيساً لجمهورية جديدة، ثم أحرز حزبه نصراً ساحقاً في الانتخابات للجمعية الوطنية (البرلمان) على حساب انهيار أحزاب اليمين وأحزاب اليسار الشيوعي منه والاشتراكي.

كانوا، في مرحلة ما، يقولون إن إسرائيل في حاجة إلى دي - غولها الذي يحرّرها من الاحتلال، لكن على كثرة الفقاعات الحزبية التي تتحدّى نتنياهو وليكوده، يبدو أن إسرائيل في حاجة إلى ماكرون إسرائيلي، يؤسّس لإسرائيل الثالثة، بعد إسرائيل الأولى حتى العام 1967، وإسرائيل الثانية الاحتلالية منذ نصف قرن. إسرائيل الإسرائيلية، لا الصهيونية ولا التوراتية.
اسمعوا ماذا يقول نتنياهو: كل المجال الجغرافي يبقى تحت سيطرة جيش الاحتلال. كل المستوطنات تبقى تحت السيادة الإسرائيلية.

ليس هناك دي - غول إسرائيلي، وليس في الأفق الإسرائيلي ماكرون. هناك أكثر من مارين لوبان إسرائيلية.. حتى إشعار آخر؟
طقطقة مشاريع حلول. طقطقة صفقات من حبّات خشب. طقطقة مسابح.. وطقطقة إسرائيل الصهيونية إلى إسرائيل التوراتية.
 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طقــطقــة طقــطقــة



GMT 11:22 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

"تابلو" على الحاجز

GMT 09:31 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

الاسم: فيصل قرقطي

GMT 10:32 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

خوف صغير!

GMT 11:21 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

«في القدس جيل مختلف»!

GMT 13:09 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

«كنيسة من أجل عالمنا»!

تارا عماد تتألق بإطلالات عصرية ملهمة لطويلات القامة من عاشقات الموضة والأناقة

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 18:41 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

أميركا توسع قائمة العقوبات ضد إيران

GMT 21:49 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

انتقال النسخة الـ23 من بطولة كأس الخليج إلى الكويت

GMT 16:12 2016 الخميس ,30 حزيران / يونيو

أجنحة الدجاج بالليمون والعسل

GMT 09:12 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

استبعاد تاج محل من كتيب السياحة الهندي يُثير السخرية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday