طقــطقــة
أخر الأخبار

طقــطقــة !

 فلسطين اليوم -

طقــطقــة

بقلم :حسن البطل

عدتُ إلى الطقطقة. هذه عودة ثانية إلى العادة. في الأولى كنتُ أطقطق طيلة 13 عاماً في قبرص. انقطعت عن الطقطقة منذ أوسلو، وعدت إليها منذ عام ونيّف.

لا أعرف ما الذي كان يقلق المتنبي، هذا الفحل الشعري، ودفعه إلى القول: «على قلق كأن الريح تحتي». يقولون في وصف الحالة غير المستقرة «قلقزة» ولعلّها مسمّى آخر للقلق.
في الطقطقة القبرصية، كانت ريح القلق تضربني من تحتي ومن فوقي، ومنذ عام ونيّف، صارت تهبُّ عليَّ من الجهات الأصلية والفرعية. 

ما يقلقني، مثلاً، أن هذه القرقعة القطرية «قلقزت» دول العالم بين مع وضد وبين بين؛ بأكثر مما فعلت «الصفقة» الموعودة الترامبية، التي أعادت كل أوراق الحل إلى السلّة الأميركية.
قديماً، قال الشاعر نفسه: لا خيل عندك تهديها ولا مال/ فليسعد النطق إن لم تسعد الحال»، وفلسطين لا يسعفها حتى النطق في هذه القرقعة، بينما تُسعد ادعاء إسرائيل المستجد، منذ هذا «الربيع العربي»، بأن فلسطين ليست القضية المركزية، لا للعرب.. والآن ولا للعجم!

الطقطقة هي صوت حبّات المسبحة بحركة إبهام الكفّ اليسرى أو اليمنى، مستندة إلى اصبع السبّابة، بينما «الانكتابة» الجديدة عدت بنقر أصابع اليدين على مفاتيح الحروف، والانكتابة القديمة التي أمارسها هي أسطرة الحروف على ورق غير صقيل بثلاثة أصابع من أصابع الكفّ، أي الإبهام والسبّابة والوسطى.

تعرفون أن حرف القاف/ في اللسان العربي بالذات، هو أعمق الحروف الحلقية، بينما حرف الميم هو أرقّها لفظاً، وأن «القلق» هو حيرة الإنسان، إن هبّت عليه من الجهات كلها؟
لا أعرف ما علاقة المسبحة وطقطقتها بالديانات، أرضية كانت أم سماوية، لكن في قبرص سألتني زوجة فلسطينية مسيحية لزوجٍ قبرصي: أتعرفون لماذا تعداد المسبحة يكون إمّا 33 حبّة أو 66 أو 99؟ وأجابت من عندها على حيرتنا بالزعم: صُلِبَ السيد المسيح على الخشبة لما كان له من العمر 33 عاماً. طيّب وماذا عن 66 و99 حبّة!

المسبحة القصيرة ذات الـ33 حبّة هي الأكثر رواجاً لكنني في زيارة إلى صنعاء العام 1983 اخترت مسبحة ذات 99 حبّة من العقيق اليماني الأحمر، وخاتم من الفضة اليمانية الخفيفة والمصنوع يدوياً، لأهديها إلى أُمّي.

طقطقت فيها أيّاماً، فانفرطت حبّاتها، وضاعت حبّة واحدة، تعب أخي طويلاً في الشام حتى عثر على ما يُضاهيها.

طقطقت أمي حبّات المسبحة الـ 99 زهاء ربع قرن بعد كل صلاة من الصلوات الخمس، وما بعد صلاة وصلاة، مترحّمة على أخي الشهيد، وداعية لي بالفلاح.

صرت أطقطق في قبرص بمسابح مختلفة، كانت تضيع الواحدة تلو الأخرى، وعدت للطقطقة في فلسطين بمسابح شتّى تضيع الواحدة بعد الأخرى، أيضاً.

لما خَتْيَرَت أمي، أرسلت لي، عَبر حفيدتها، حصّتي من مسبحة العقيق اليمانية حمراء الحبّات، وكانت 33 حبّة، وكان نصيب أخَوَي الكبيرين مسبحتين مماثلتين كما تتوقعون، خبّأت نصيبي في حرز حريز، وصرتُ أطقطق بمسابح صينية تصنيع من زجاج أو بلاستيك، ولما ضاعت مسبحتي الاحتياطية، طقطقت بمسبحة أمي يوماً واحداً، كان كافياً لأتوسّل للحصول على مسبحة أخرى كانت من خشب!

مع حصتي من المسبحة اليمانية أعادت لي أمي الخاتم اليماني الفضي، وبه حجر في حجم عين الذبابة من الياقوت الأثمن من العقيق، وأيضاً سترة زرقاء بحرية كانت الأثيرة لأخي الشهيد، ثم استحلتها ابنتي التي لا تعرف وجه أخي، لكن تحفظ له صورة في منزلها اللندني، كما أحفظ على جدران بيتي في رام الله صوراً للراحلين أبي، أمي، إخوتي الرجال وشقيقاتي النساء.
في زيارتي المقبلة، هذا الصيف أو الخريف، سأهدي ابنتي مسبحة العقيق الأحمر وخاتم الفضة.

منذ عام ونيّف، صرت أسطّر كعادتي بقلم «البغ» على  الورق بأصابعي الثلاث، وأطقطق بكفّ أصابعي اليسرى باصبعين، بدلاً من سيكارة أخرى تلو أخرى!

فرنسا الخامسة، إسرائيل الثالثة !
شارون البدين هو من جعل «حيروت» تحت اسم «الليكود» شرطاً لانضمامه إلى حزب بيغن، ثم شقّ «الليكود» وشكّل «كاديما ـ إلى الأمام» التي كانت أكبر فقاعة حزبية ما لبثت أن «نفّست».

ما الذي يذكّرني بشارون وحروبه وانشقاقه الحزبي؟، ربما ما حصل في فرنسا هذا العام من صعود صاروخي لحزب إيمانويل ماكرون: «الجمهورية ـ إلى الأمام»؟

كان الجنرال شارل دي - غول قد نَشَل بلاده من الفوضى الحزبية وأسّس ما يعرف بـ «الجمهورية الثالثة» الفرنسية، وأرسى ما يعرف بالجمهورية الرابعة الرئاسية، وانتقل من شعار: «جزائر فرنسية تحت البحر» إلى استفتاء على استقلال الجزائر.

بعد نصف قرن من «الجمهورية الرابعة» الفرنسية الرئاسية لا البرلمانية، صعد الشاب ماكرون رئيساً لجمهورية جديدة، ثم أحرز حزبه نصراً ساحقاً في الانتخابات للجمعية الوطنية (البرلمان) على حساب انهيار أحزاب اليمين وأحزاب اليسار الشيوعي منه والاشتراكي.

كانوا، في مرحلة ما، يقولون إن إسرائيل في حاجة إلى دي - غولها الذي يحرّرها من الاحتلال، لكن على كثرة الفقاعات الحزبية التي تتحدّى نتنياهو وليكوده، يبدو أن إسرائيل في حاجة إلى ماكرون إسرائيلي، يؤسّس لإسرائيل الثالثة، بعد إسرائيل الأولى حتى العام 1967، وإسرائيل الثانية الاحتلالية منذ نصف قرن. إسرائيل الإسرائيلية، لا الصهيونية ولا التوراتية.
اسمعوا ماذا يقول نتنياهو: كل المجال الجغرافي يبقى تحت سيطرة جيش الاحتلال. كل المستوطنات تبقى تحت السيادة الإسرائيلية.

ليس هناك دي - غول إسرائيلي، وليس في الأفق الإسرائيلي ماكرون. هناك أكثر من مارين لوبان إسرائيلية.. حتى إشعار آخر؟
طقطقة مشاريع حلول. طقطقة صفقات من حبّات خشب. طقطقة مسابح.. وطقطقة إسرائيل الصهيونية إلى إسرائيل التوراتية.
 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طقــطقــة طقــطقــة



GMT 11:22 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

"تابلو" على الحاجز

GMT 09:31 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

الاسم: فيصل قرقطي

GMT 10:32 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

خوف صغير!

GMT 11:21 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

«في القدس جيل مختلف»!

GMT 13:09 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

«كنيسة من أجل عالمنا»!

إطلالات النجمة يسرا المدهشة من فساتين الكاب إلى الجمبسوت

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تتميز دائماً النجمة يسرا بإطلالتها الأنيقة بمختلف الأوقات، ولكن لا زالت تحتفظ بأناقتها مع مرور السنوات. واحتفالاً بعيد ميلادها قررنا أن نشارككِ أبرز صيحات الموضة التي حرصت على اختيارها النجمة يسرا بمختلف الأوقات سواء بالحفلات والمهرجانات، والتي ساعدتها في الحصول على مظهر أنيق ورائع يخطف الأنظار. الفساتين بموضة الكاب اختيار يسرا كانت فساتين السهرة بموضة الكاب من أكثر الصيحات المفضلة لدى النجمة يسرا عند ظهورها على السجادة الحمراء في مختلف دول العالم. حيث اختارت الفستان العاجي المطرز بتفاصيل ذهبية، وذلك عند حضورها حفل الأوسكار 2020. لهذا تميل دائماً لاختيار هذه الموديلات من توقيع المصممين العرب مثل زهير مراد وإيلي صعب وجورج حبيقة. اختارت أيضاً الفستان السماوي بموضة الكاب بأقمشة الشيفون بشكل ناعم مفعم بالأنوثة خلال حضورها �...المزيد

GMT 11:50 2020 الإثنين ,13 إبريل / نيسان

أجمل 5 شواطئ في المملكة العربية السعودية

GMT 19:04 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

كيف تعلمي طفلك الصبر؟

GMT 09:43 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

مرسيدس تطلق سيارتها "سي إل أس"الجديدة والمميزة

GMT 19:49 2020 الأحد ,14 حزيران / يونيو

أرامكو تنفذ صفقة الاستحواذ على 70% من سابك

GMT 21:03 2020 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

عداء أميركي يفوز بماراثون افتراضي

GMT 09:38 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

كمال الشناوي

GMT 05:38 2017 الجمعة ,04 آب / أغسطس

أزمة المياه؟!

GMT 09:11 2016 الأربعاء ,28 كانون الأول / ديسمبر

أسباب نجاح مسلسلات السيرة الذاتية لكثير من الشخصيات المهمّة

GMT 22:38 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

هل يمكن تنفيذ التعليم الاستيعابي الجيد بتكلفة بسيطة؟

GMT 14:48 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

رسالة الى حزب الله وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 04:19 2016 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

ترامب يكشف الحقيقة‎

GMT 13:04 2017 الأربعاء ,27 أيلول / سبتمبر

معلول يكشف أن معدن لاعب "الأهلي" يظهر وقت الأزمات

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday