عن صحافة لبنان وأزمتها الوجودية
آخر تحديث GMT 12:11:16
 فلسطين اليوم -

عن صحافة لبنان وأزمتها الوجودية

 فلسطين اليوم -

عن صحافة لبنان وأزمتها الوجودية

بقلم: طلال سلمان

وكان لا بد أن تخرج إلى العلن الأزمة الخانقة التي تعيشها الصحافة في لبنان، على اختلاف توجهاتها السياسية وانتماءات أصحابها وأقلامها المشرقة بالفكر وحب الناس والرغبة في خدمتهم فتصيب الجميع بالوجوم، ولادة الحزن، وهم ينتبهون إلى خطورة الزلزال الذي يتهدد وطن الأرز في بعض أعز ما يتباهى به من مزايا تزكي نظامه الفريد، برغم كل ما فيه من عيوب، وتعزز الادعاء بأنه موطن الحرية.

بل إن الوجوم الذي سيستدعي الحزن الجماعي لن يقتصر على اللبنانيين وحدهم، فالعرب في مشارق أرضهم الواسعة وفي مغاربها قد سارعوا إلى التعبير عن صدمتهم بما تتعرض له الصحافة في لبنان من مخاطر قد تودي بها، مقررين أن هذه كارثة جديدة تضاف إلى سجل الكوارث التي يعيشون تحت وطأتها في ديارهم جميعاً في قلب مسلسل دموي مرعب من «حروب الأخوة» أو الحروب الأهلية التي تكاد تذهب بأوطانهم.

فصحافة لبنان، على اختلاف اتجاهاتها، لعبت دوراً رائداً في نشر الوعي مشرقاً ومغرباً، وربطت بين العرب في سائر أقطارهم، وأسهمت في معارك التحرير والتحرر التي خاضوها ضد الاحتلال الأجنبي عموماً، وتجندت في خدمة القضية الفلسطينية فاضحة الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه وتخاذل أهل النظام العربي عن نصرتها.. كما أنها وقفت ضد حروب الاستعمار جديده والقديم على البلاد العربية، مشرقاً ومغرباً (العدوان الثلاثي ـ الأحلاف الأجنبية التي استرهنت بعض الأنظمة والقيادات التي حكمت شعوبها خلافاً لإرادتها إلخ..).

ومن حق هذه الصحافة الادعاء أنها قد شكلت، بالنسبة لقرائها اللبنانيين وسائر العرب، مصدراً أساسياً من مصادر معلوماتهم بحقيقة الأوضاع في بلادهم، وما يدبر لها، وحركة الصراع السياسي داخل أقطارهم..

بل إن بيروت، بصحافتها الرائدة، شكلت دليلاً على حيوية الأمة ونضال شعوبها من أجل استكمال حريتها.. فضلاً عن دورها الثقافي كدار نشر لإبداع كتابهم وشعرائهم والروائيين والقصاصين منهم، والأخطر: المفكرين الذين لا يجرؤون على الجهر بآرائهم الدالة على الطريق إلى التغيير في بلادهم المحكومة بالصمت بوصفه بين مصادر الأمان للحكام والمتحكمين الذين لم يعترفوا يوماً بحق الرعايا في المعرفة.. ناهيك بالاعتراض.

لقد عرفوا منها وعبرها شعراءهم الكبار وروائييهم المبدعين ومفكريهم المستقبليين، فقرأوا نتاجهم وإبداعاتهم وآراءهم ومناقشاتهم الفكرية، وقرأوا فيها ما لا يصل إلى البلاد المحكومة بالقمع، ما يعزز ثقتهم بأنفسهم وبحقهم في الحرية والتقدم.

كانت صحافة لبنان منذ عشرات السنين مؤسسة تعمل على نشر الوعي، تنصر قضايا شعبها وتؤكد جدارته ببناء غده الأفضل.

كذلك فإن صحافة لبنان زادت من رصيده عند أهله العرب، إضافة إلى ما اكتسبته من مكانة عند عواصم القرار في العالم، وأسهمت في نصرة القضايا العربية وفي الطليعة منها فلسطين التي اجتاحها العدو الإسرائيلي بدعم دولي مفتوح وعجز عربي لا يختلف في النتائج عن التآمر..

ليس هذا رثاء للصحافة في لبنان، بل هو رثاء للوطن الذي قتله نظامه السياسي القائم على تزوير إرادة الناس وإتاحة موارد البلاد للنهابين من النافذين فيه، ورحَّل شبابه الذين يحتاجهم وطنهم لبنائه وتقدمه.

إن غياب الصحافة إدانة لهذا النظام السياسي و«رجالاته» الذين ضربوه بطاعون الطائفية التي أهاجوها ليستمر تحكمهم بدولته ونهب خيراته وضرب وحدة شعبه وتهشيل كفاءاته وأجياله الجديدة التي كان يمكنها أن تعمل على بنائه وتعزيز موارده لتحرير إرادته.

ثم إن غياب الصحافة إدانة للصوص الهيكل الذين اجتهدوا لشراء أهل الرأي من كتاب وصحافيين مميزين، وإخضاعهم ـ متى تيسر لهم ذلك ومع من عرض قلمه للبيع ـ لطموحات أهل النفط وسعيهم إلى التعتيم على مخازيهم الشخصية فضلاً عن فضائحهم السياسية.

إن الوطن العربي، بأقطاره جميعاً، يكاد يخلو من صحافة تستحق اسمها. فالمؤسسات الصحافية عموماً تكاد تكون مسترهنة للحاكم، ملكاً كان أم أميراً أم رئيساً بأصوات مزورة وفرها القمع والرشوة واعتبرها مصدراً لشرعيته.

ولقد كان لبنان، بصحافته الحرة ـ على اختلاف منابرها ـ شهادة جدارة لهذا النظام الفاسد المفسد، لا سيما إذا ما قورن بسائر الأنظمة العربية القائمة في ما بين المحيط والخليج.
ولن تستسلم الصحافة ولن تختفي طالما بقي في لبنان «رأي عام» يعلي صوته مناصراً القضايا المحقة، فاضحاً الفاسدين ومستغلي الوظيفة العامة ونهابي المال العام..
وسيكون لنا كلام آخر قريباً.. فإلى اللقاء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن صحافة لبنان وأزمتها الوجودية عن صحافة لبنان وأزمتها الوجودية



GMT 08:03 2017 السبت ,20 أيار / مايو

رصاص على حرف النون

GMT 06:49 2016 الأربعاء ,21 كانون الأول / ديسمبر

حضارة ومدناً ورعايا قتلى أو غرقى!

GMT 06:48 2016 الخميس ,15 كانون الأول / ديسمبر

سفير الأمة

GMT 11:08 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

سعدى علوه: اغتيال النهر وناسه

GMT 12:59 2016 الأربعاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

عالم عربي من الركام! عن الثورات المجهضة والهجوم المضاد

تارا عماد تتألق بإطلالات عصرية ملهمة لطويلات القامة من عاشقات الموضة والأناقة

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday