أبعد من مصير الصحافة
آخر تحديث GMT 12:11:16
 فلسطين اليوم -

أبعد من مصير الصحافة

 فلسطين اليوم -

أبعد من مصير الصحافة

بقلم: طلال سلمان

كشفت الأزمة الحادة التي تتهدد الصحافة اللبنانية في وجودها حقائق سياسية موجعة تتصل بطبيعة الطبقة السياسية (حاكمة ومعارضة..) ومدى إيمانها بالديموقراطية، أي حرية الفكر والقول والعمل السياسي عموماً، الحزبي والنقابي وصولاً إلى الجمعيات الأهلية ومختلف وجوه الحراك الشعبي.

لتوضيح الصورة بكامل أبعادها لا بد من الإشارة إلى أن هذه الأزمة التي كادت تعصف بـ «السفير»، خلال الأسبوع الماضي، إنما تحاصر الزميلتين «النهار» و«اللواء».. وعلى مستوى آخر، فإنها تحاصر أيضاً أبرز محطات التلفزة في لبنان. وليس خارج التوقع أن يستفيق الناس ذات صباح فإذا ليس في وطنهم صحافة مكتوبة أو مرئية.

ومع التقدير للتعاطف الذي شارك فيه اللبنانيون والكثير من الأخوة العرب، فلا بد من التنويه بالاهتمام الجدي الذي أبداه وزير الإعلام النقيب رمزي جريج، وانهماكه في إعداد مقترحات عملية لاستنقاذ الصحافة عبر إجراءات جدية تتخذها الدولة، فإن الناس يكادون ينسون وجود هذه الحكومة التي تعطلها خلافات «مكوناتها» حول كل قرار وأي قرار.
إن الأمل في عشق الطبقة السياسية للديموقراطية والحريات العامة، وحرصها بالتالي على وجود الصحافة واستمرارها كأمل إبليس في الجنة... فهذه الطبقة السياسية لا تريد صحافة خارج مدى سيطرتها، تماما كما لا تريد دولة لشعبها بل تريد الدولة لها، وهذا ما تؤكده على مدار الساعة، سواء برموزها القيادية أو باتباعهم من وزراء ونواب ووجاهات اجتماعية طامحة إلى دخول نادي الحكم والاستمتاع باستثمار النفوذ على شكل صفقات مجزية وتسهيلات تحلل المحرم وتجيز الممنوع من الصفقات والتجاوزات وتحقيق الثروات في زمن قياسي، مطمئنة إلى انعدام المساءلة والمحاسبة.

إن هذه الطبقة السياسية قد وصلت إلى «مواقعها القيادية» بأساليب من «الديموقراطية الطوائفية» وعبر الإفادة من ظروف استثنائية يمكن نسبتها إلى تردي الصراع السياسي وسقوطه، بل إسقاطه في المستنقع الطائفي والمذهبي، فضلاً عن تحول التنافس ومشاريع التكامل بين الدول العربية إلى مشاريع حروب مفتوحة ومدمرة.

وفي نظر النظام، والطبقة السياسية التي استولدها لتتولى حمايته مستفيدة من مغانمه، فلا وجود للشعب، بل هناك مجاميع من رعايا الطوائف، وليس «الرعايا» ولا يجوز أن يكونوا أصحاب مواقف فضلاً عن ان يكونوا أصحاب مطالب وحملة أفكار ومبادئ ورؤى مستقبلية من شأنها ان تحصن الحريات وأن تجمع بين أفرقاء مختلفي المنابت ولكنهم مؤمنون بوطنهم.

وما أزمة الصحافة التي تهدد وجودها إلا الدليل على الافتراق بين «الرعايا» الذين يريدون ويعملون لأن يكونوا مواطنين في «جمهورية» ذات دستور ومؤسسات دستورية (رئاسة، مجلس نيابي، حكومة، ومن ثم قضاء نزيه يحكم بالحق لا بالأمر، ومجلس خدمة مدنية للتوظيف بالكفاءة لا بالشفاعة (أو بالرشوة)، وجيش لحماية الوطن وليس لخدمة السلطان، وأجهزة أمنية لحماية المواطن وحقوقه وليس لحماية المستقوي بتبعيته للمتنفذ أو بالمال الحرام)..

للوهلة الأولى يتبدى وكأن الغلط قد اجتاح البلاد، وأن النظام الفاسد المفسد قد ضرب فأسقط المبادئ والأخلاق والعرف وكل ما يجعل الحياة الطبيعية ممكنة.

فإن أردنا التدقيق اكتشفنا أن الطبقة السياسية قد ضربت فخربت «النظام» الذي استولدها ورعاها ومكن لها السيطرة شبه الكاملة على أسباب الحياة في البلاد:
÷ باتـت رئاسـة الجمهوريـة شـاغـرة، مفتـوحة على الفراغ، مرتهنة للتدخل الخارجي الذي يكاد اللبنانيون يسلمون «بحقه في اختيار رئيسهم»! وهو رمز البلاد، صاحب التوقيع المؤكد للشرعية واحترام الدستور فضلاً عن التزام موجبات التوازن الوطني في قمة السلطة.

÷ وبات المجلس النيابي برئيس ولا نواب، يعيش إجازة مفتوحة ومدفوعة التكاليف، بما فيها الإجازات، ويتسبب في تعطيل غير مبرر للتشريع (إلا استجابة لأمر خارجي بوقف إقراض الدولة أو إجبارها على التعهد بتنفيذ مشروعات حيوية معطلة منذ زمن..) ـ هل من الضروري التذكير بأن هذا المجلس المعطل يكلف الدولة المغيبة، حتى إشعار آخر، أعباء ثقيلة كرواتب وتعويضات سفر ومخصصات تشمل السيارات بلا جمرك وأجور المرافقين وإشغال غير مبرر لبناية ملحقة فخمة المعمار لتكون «مكاتب النواب» الذين لا عمل لهم ولا إنتاج.

- أما الحكومة فكل جلسة لها تبدأ بعركة بين «مكوناتها» المتباعدين، وتنتهي بصفقة أو صفقات فيها لكل مجتهد نصيب (للمثال: الزبالة، وبعض التعيينات).

- وأما الجيش فقيادته وأركانه عناوين لنشرات الأخبار وموضوعات لتصريحات سياسية تمسه في كرامته وجدارته بدوره الوطني الذي لا غنى عنه ولا بديل منه فيه.

- وأما الأوضاع الداخلية في قوى الأمن فتحتل، هذه اللحظة، الصدارة في التحقيقات الصحافية المتلفزة أو المكتوبة ومعها وسائل التواصل الاجتماعي.

لهذا فلا أمل باستمرار الصحافة في لبنان لأجل طويل (بمعزل عن تطور وسائل التواصل الاجتماعي..) فمن يعطل الدولة بمؤسساتها جميعاً، رئاسة ومجلساً نيابياً وحكومة وإدارات رسمية، لن يهتم ـ بالتأكيد ـ لوجود الصحافة حتى باعتبارها شهادة للنظام بأنه «ديموقراطي».

عشتم وعاش لبنان: بلد النور والحرية!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أبعد من مصير الصحافة أبعد من مصير الصحافة



GMT 08:03 2017 السبت ,20 أيار / مايو

رصاص على حرف النون

GMT 06:49 2016 الأربعاء ,21 كانون الأول / ديسمبر

حضارة ومدناً ورعايا قتلى أو غرقى!

GMT 06:48 2016 الخميس ,15 كانون الأول / ديسمبر

سفير الأمة

GMT 11:08 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

سعدى علوه: اغتيال النهر وناسه

GMT 12:59 2016 الأربعاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

عالم عربي من الركام! عن الثورات المجهضة والهجوم المضاد

تارا عماد تتألق بإطلالات عصرية ملهمة لطويلات القامة من عاشقات الموضة والأناقة

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday