سعدى علوه اغتيال النهر وناسه
آخر تحديث GMT 15:59:33
 فلسطين اليوم -

سعدى علوه: اغتيال النهر وناسه

 فلسطين اليوم -

سعدى علوه اغتيال النهر وناسه

بقلم : طلال سلمان

بدعوة من «السفير» توقع الزميلة سعدى علوه كتابها «اغتيال نهر الليطاني وناسه»، ويضم سلسلة التحقيقات المتميزة التي كانت أجرتها في وقت سابق من هذا العام، وصدرت على حلقات على صفحات «السفير»، وللمناسبة تقام في السابعة من مساء غد الأحد ندوة حول الكتاب في قاعة المحاضرات التابعة لمعرض بيروت العربي الدولي للكتاب (البيال)، يشارك فيها النواب علي فياض، واسماعيل سكرية (نائب سابق)، وجمال الجراح بالاضافة إلى الخبير كمال سليم. يقدم للندوة رئيس التحرير الزميل طلال سلمان، الذي كتب المقدمة التالية للكتاب

للّيطاني مع «السفير» حكاية حياة.. لا لأنه أهم نهر في لبنان، أو الأطول مسيرة في ما بين قلب البقاع، مخترقاً بلاد بعلبك فقضاء زحلة ثم البقاع الغربي قبل أن ينعطف جنوباً ليصبّ في القاسمية، بل لأن الإهمال الشعبي والتخلي الرسمي، فضلاً عن صفقات الفساد والإفساد التي استخدمها أهل النفوذ، قد دمرت هذا الشريان الحيوي الذي يعيش به وعلى ضفافه أكثر من مليون وربع المليون مواطن، فيهم الرجال والنساء والأطفال، الذين تحاصرهم الآن الأمراض القاتلة.

لقد تم إعدام هذا الشريان الحيوي أمام أعين المسؤولين، رؤساء وحكومات ووزراء ونواباً، الذين تظاهروا أنهم لم يروا ولم يعرفوا ولم يقرأوا ولم يسمعوا، وكأنهم صم بكم عمي فهم لا يفقهون.. مع أنهم يرون النملة حين يتصل الأمر بمصالحهم «الحيوية»..

سنة بعد سنة، وعهداً بعد عهد، حكومة بعد حكومة، كان النهر يتحول إلى مجرور، وكان مجراه يتحول إلى مكب للنفايات، وكانت الآبار التي تحفر على ضفافه مباشرة تشفط مياه الينابيع التي كانت تصب فيه... وهكذا تحول إلى مزبلة وإلى مصدر للجراثيم حاملة الأمراض القاتلة وإلى بيئة حاضنة للسرطان الذي انتشر بشكل مفزع بين أهالي المنطقة التي تحتضنه.
.. وعادت «السفير» مع الزميلة سعدى علوه إلى النهر الذي كان عند صدورها، قبل ثلاث وأربعين سنة، مصدراً للخير، يروي الناس ويخصب أراضيهم فتعطي أطيب المواسم وأشهى الثمار، قمحاً وعدساً، تفاحاً وعنباً، كثيراً من العنب للأكل والتصدير، للضيافة ولتصنيع الخمر والدبس، وكل ما لذ وطاب من الفواكه.

رافقته أول مرة مع الأهل الذين كانوا يعيشون من خيره، على ضفافه... وعادت إليه، مرة ثانية، فإذا هو مكب نفايات ومجرور يحمل جراثيم المرض القاتل، السرطان، وأنواعاً شتى من الأمراض، ولا من يعالج..

كان المحقق الأول الذي رافقه من منبعه في العليق، وعلى طول مجراه حتى القاسمية، الزميل الراحل الياس عبود، ابن القرعون التي كانت تعيش به وعليه، فأقفلت عليه الآن، وابتعدت عنه هاربة من مياهه الآسنة والأمراض التي ينشرها.

أما المحقق الثاني فهو الزميلة «أم الهمم» سعدى علوه.. وهي صاحبة باع طويل في التحقيقات الاجتماعية والأنشطة التي تستهدف نشر الوعي الصحي والوعي بحقوق المرأة كافة، في الزواج والطلاق والاحتفاظ بأبنائها بعده وسائر الحقوق المدنية.

ولقد تكبدت سعدى علوه عناءً عظيماً وهي «تبحث» عن نهر الخير الذي اختفى منبعه فسدّت عليه الطرق، بينما انتظمت الآبار الارتوازية على ضفتيه كأعمدة الهاتف أو الكهرباء.. ولا ماء، فيما سدّت مجراه بعد حوش الرافقة وصولاً إلى زحلة حيث اختفى «البردوني» بدوره متحولاً إلى مكب للنفايات وقد أضيفت إليها الآن ما هو أخطر: المتبقي من الكيماويات والأدوية التي تستخدمها المستشفيات مضافاً إليها ما ترميه مصانع الأدوية ومزارع تربية الدجاج والأبقار والأغنام والماعز، ومحالّ البقالة والملاحم والمطاعم إلخ..

استغرقت الرحلة نحو أربعين يوماً، عبر محطات على طول الطريق، استطلعت فيها آراء الأهالي الذين تباروا في رثاء النهر الذي كان يرويهم وأرضهم مشكلاً العمود الفقري لزراعاتهم، بل لحياتهم جميعاً... متجاهلين أنهم يتحملون مسؤولية الصمت عما أصاب شريان الحياة في ديارهم، وكذلك مساهمتهم في «طمره».

هذا الكتاب حصيلة هذه الرحلة لتفقد أحوال نهر الخير الذي يكاد الإهمال (المقصود) يحوله إلى نهر للأوبئة الآخذة إلى الموت.
والأمل أن يهبّ الناس، أهل الليطاني، أولاً وأساساً، إلى الدفاع عن حياتهم بإجبار من يعنيهم الأمر، الدولة، الناس ثم الأهالي الذين عاشوا مع النهر وبه، إلى حماية مصدر الخير.
 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سعدى علوه اغتيال النهر وناسه سعدى علوه اغتيال النهر وناسه



GMT 08:03 2017 السبت ,20 أيار / مايو

رصاص على حرف النون

GMT 06:49 2016 الأربعاء ,21 كانون الأول / ديسمبر

حضارة ومدناً ورعايا قتلى أو غرقى!

GMT 06:48 2016 الخميس ,15 كانون الأول / ديسمبر

سفير الأمة

GMT 12:59 2016 الأربعاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

عالم عربي من الركام! عن الثورات المجهضة والهجوم المضاد

GMT 12:15 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

حتى لا يمر قانون انتخاب يلغي الوطن والمواطن...

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday