حلفاء أخطر من أعداء
آخر تحديث GMT 12:11:16
 فلسطين اليوم -

حلفاء أخطر من أعداء

 فلسطين اليوم -

حلفاء أخطر من أعداء

بقلم: غسان شربل

 يكن باراك أوباما يبحث عن فرصة للتدخُّل في سورية. ولم يكن يفتش عن عذر لاقتلاع نظام بشار الأسد. لم يعتبر مصير سورية شأناً حيوياً للمصالح الأميركية. منطقة الشرق الأوسط بالنسبة إليه أقل أهمية وبكثير مما كانت لأسلافه. تعامَلَ مع سورية بوصفها مكاناً لا يستحق ان تَهدُر أميركا من أجله دم جنودها أو بلايين الدولارات. المسألة بالنسبة إليه تتخطى الدروس التي استخلصتها واشنطن من تجربة غزو العراق. يعتبر ان المنطقة عالقة في أفخاخ التاريخ، وأن بعض النزاعات التي تُدميها وافدة من الكهوف وتعزز الإقامة فيها.
كان حلم أوباما ان يبتعد عن التورُّط في منطقة ينظر إليها وكأنها حقول من الوحل والدم... من العصبيات والفشل في بناء الدولة الحديثة والتنمية. وإذا استثنينا موضوع الاتفاق النووي مع إيران، فإن سياسة أوباما اتَّسمت دائماً بالتردُّد لتبرير غسل الأيدي والابتعاد. لهذا لم يَعتَبِر تدخُّل فلاديمير بوتين العسكري في سورية انتصاراً لروسيا. اعتبره انزلاقاً نحو مستنقع لا يمكن الانتصار فيه. اعتبره فخاً سيظهر في النهاية حدود القوة الروسية وافتقارها الى القدرة على صناعة الحل، وسيستنزف اقتصاد روسيا المريض أصلاً.

لم تُغيِّر مشاهد المأساة السورية قناعات سيد البيت الأبيض. اكتفى من مسؤولية القوة العظمى الوحيدة ببعض بيانات الأسف. لهذا حرص في حديثه في «ذي اتلانتيك» على التبرُّم بحلفاء بلاده، وتوزيع الانتقادات عليهم، خصوصاً في ما يتعلق بالتطرُّف والتشدُّد. يساعد الحديث ليس فقط في فهم السلوك الأميركي في السنوات الأخيرة بل أيضاً بعض الخطوات التي اتّخذها حلفاء تقليديون لأميركا بعدما اكتشفوا خطورة النوم على وسادتها.

كان حلم أوباما الابتعاد عن الحريق السوري. كانت حسابات بوتين مختلفة. ترك الحريق يستفحل الى الدرجة التي تُرغم النظام على الاستجارة بالجيش الروسي. وبعد ظهور محدودية دور إيران وأذرعها، جاء بوتين في مهمة مدروسة ومحدّدة. مهمة جويّة تمنع سقوط النظام وتحصِّنه ضد هجمات المعارضة. لكنها ليست مهمّة مفتوحة يمكن ان توقظ لدى الروس أشباح أفغانستان جديدة. مهمّة تنقل الحديث من أوكرانيا والقرم إلى سورية، وتكرِّس روسيا شريكاً لا بد منه في رسم ملامح مستقبل سورية والمنطقة. مهمّة تحاول الإفادة الى أقصى الحدود من «عقيدة أوباما» وميوله الانسحابية.

أنقذ التدخُّل الروسي النظام السوري من خطر السقوط تحت ضربات المعارضة. أرجأ عملياً البحث في مصير الرئيس. عزّز موقع النظام التفاوضي ولكن ليس إلى الدرجة التي تجعله لا يحفل بمصير المفاوضات ويحتفل بكسر إرادة القوى الإقليمية المعارضة لبقائه. لم يمكّنه من استكمال تطويق حلب، ولم يستكمل إغلاق الحدود السورية - التركية. كانت الهدايا مبرمجة ومدروسة. أنقَذَ النظام ثم أعلَنَ انسحابه الجزئي ليطالبه بترسيخ الهدنة ودفع ثمن الهدايا على طاولات جنيف.

تصرَّف اوباما كمن لا يملك حلاً يستطيع فرضه من جانب واحد. وها هو بوتين يعترف عملياً بشيء من هذا النوع. كان عليه ان يأخذ في الاعتبار مشاعر العالم السنّي، وحسابات الأطلسي. وأسعار النفط وأوجاع الروبل. لهذا تنتظر موسكو جون كيري لاستكمال نسج مظلّة دولية فوق مفاوضات جنيف، تذكّر فريقَي المفاوضات بصعوبة الحصول على ما تعذّر الحصول عليه في أرض المعركة.

من حديث أوباما الى قرار بوتين الانسحاب، يتذكّر أهل الشرق الأوسط ثمن الرقص مع الأقوياء. القويّ يطمئنك أحياناً، ويحدُث ان يُنقِذك، لكنك لا تستطيع ان تضبط خطواته في الرقص على حساباتك ومخاوفك وأحلامك. حين تنام على وسادة حليفك القويّ عليك احترام شروطه وبنود أجندته والانصياع إلى مشيئته. حليفك القوي ليس جمعية خيرية. وأحياناً تكون مطالبه أقسى من مطالب خصومك. يستطيع وليد المعلم تجاهُل مطالب كيري لكن تجاهُل مطالب لافروف يهدِّد بإثارة غضب القيصر. يعرف المعلم ان رقص الضعفاء مع الأقوياء يرتِّب أثماناً باهظة، وأن أيام الانهيارات تؤكد ان بعض الحلفاء أخطر من الأعداء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حلفاء أخطر من أعداء حلفاء أخطر من أعداء



GMT 21:30 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

الشرق الأوسط والموعد الصيني

GMT 04:25 2019 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

أوساكا ومجلس إدارة العالم

GMT 04:40 2019 الإثنين ,06 أيار / مايو

أقوياء قلقون... فماذا نقول نحن؟

GMT 04:19 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

«الهلال» على صفيح ساخن

GMT 05:15 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

قمة تونس ومسؤولية العواصم والمخاضات

تارا عماد تتألق بإطلالات عصرية ملهمة لطويلات القامة من عاشقات الموضة والأناقة

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday