الثابت الوحيد في إسرائيل
آخر تحديث GMT 17:29:13
 فلسطين اليوم -

الثابت الوحيد في إسرائيل

 فلسطين اليوم -

الثابت الوحيد في إسرائيل

خيرالله خيرالله
بقلم : خيرالله خيرالله

شكّل بنيامين نتنياهو حكومة إسرائيلية جديدة أم لم يستطع ذلك. المهمّ أخذ العلم بالتغيير الكبير الذي حصل في إسرائيل، حيث صارت المنافسة بين اليمين واليمين ومزايدة بينهما على استبعاد أيّ دور للأحزاب العربية. لا يريد الحزبان اليمينيان الكبيران («ليكود»، و»أزرق أبيض») السماع بالأحزاب العربية على الرغم من النتيجة الجيّدة التي حققتها في الانتخابات الأخيرة.من الواضح أن «بيبي»، كما يسمّيه الإسرائيليون، استطاع تعويم نفسه أوّلاً وتحقيق انتصار سياسي كبير في الوقت ذاته. حصل تكتل ليكود على 35 أو 36 نائباً، من أصل 120، في الكنيست نتيجة الانتخابات الأخيرة، وهي الثالثة في غضون سنة واحدة. لم يعد أمام الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين سوى تكليفه تشكيل حكومة نظراً إلى أن حزبه حلّ أولاً… إلا إذا حصل تدخل من القضاء يمنع ريفلين من الإقدام على مثل هذه الخطوة.

يبدو لافتاً التوجّه لدى الجمهور الإسرائيلي إلى إعادة الثقة بنتنياهو على الرغم من تهم الفساد الموجّهة إليه، والتي ستجبره على المثول أمام القضاء في غضون أسبوعين. يشير ذلك إلى أن الشعب في إسرائيل لم يعد مهتماً بأيّ قيم ذات طابع أخلاقي. كلّ ما يهمّ الإسرائيلي العادي حالياً متابعة سياسة يمينية تقوم على تحقيق الرفاه والعيش الرغيد وتكريس الاحتلال للضفّة الغربيّة من جهة، في غياب أيّ اهتمام بما كانت تسمّى عملية السلام مع الفلسطينيين من جهة أخرى.

يس مضموناً أن يشكل «بيبي» حكومة. ليس لديه إلى الآن سوى 58 صوتاً في الكنيست، فيما يحتاج إلى 61 صوتاً. على الرغم من ذلك كلّه، هناك نقاط عدّة لا مفرّ من التوقّف عندها. مثل هذه النقاط، التي تستأهل بعض الاهتمام، قد تساعد في فهم التحوّل الجذري الذي شهدته إسرائيل في السنوات العشرين الأخيرة، وصولاً إلى تمكين «بيبي» من أن يكون «ملك إسرائيل». حاز على هذا اللقب نظراً إلى أنّه أمضى المدة الأطول من أي سياسي آخر في موقع رئيس الوزراء.

في مقدّم النقاط، التي يستحسن التوقّف عندها، أن من انتصر في إسرائيل هو قاتل إسحق رابين في تشرين الثاني من العام 1995. اسم هذا القاتل ييغال عمير، وهو شاب يهودي متطرّف من أصول يمنية. قرّر عمير، استناداً إلى اعترافاته، قتل رابين بسبب توقيعه اتفاق أوسلو مع ياسر عرفات في خريف العام 1993. منذ قتل رابين، ماتت عملية السلام وتبيّن أنّ هناك إسرائيل أخرى وُلدت في اللحظة التي استطاع فيها عمير إطلاق الرصاصة القاتلة التي أنهت حياة رجل سياسي بكلّ ما كان يرمز إليه، بما في ذلك دوره كرئيس للأركان في حرب 1967. كان رابين يرمز، قبل أيّ شيء آخر، إلى القدرة على اتخاذ قرار صعب يقضي بعقد اتفاق مع هذا الطرف العربي أو ذاك.

مع اغتيال إسحق رابين، لم يعد في إسرائيل قادة سياسيون لديهم تاريخ مرتبط بأحداث مهمّة محدّدة منذ إعلان ديفيد بن غوريون عن قيام الدولة في العام 1948، ثم الحروب التي خاضتها إسرائيل إنْ في 1956 أو 1967 أو 1973. بقي شمعون بيريس الذي تبيّن مع الوقت أنّه لا يمتلك أي مواصفات قيادية، شخصية عاجزة عن الحسم عندما كانت هناك حاجة إليه. الدليل على ذلك، أنّه لم يستطع البقاء حيّاً سياسياً في غياب إسحق رابين. نجح في خسارة انتخابات 1996 على الرغم من أنّ الإسرائيليين كانوا متعاطفين مع حزب العمل في تلك المرحلة. أمّا أرئيل شارون فظلّ مجرّد سياسي يميني لا همّ له سوى الدفع في اتجاه قضم مزيد من الأراضي الفلسطينية، وصولاً إلى يوم لا يعود فيه أي أمل بقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة.

يمثل «بيبي» إسرائيل الأخرى التي ولدت يوم اغتيال رابين. يمثّل قبل كلّ شيء التحوّل الذي شهده المجتمع الإسرائيلي. ساعدت «حماس» في حصول هذا التحوّل عن طريق العمليات الانتحارية التي نفذتها في القدس وتل أبيب وغيرها في تسعينيات القرن الماضي وفي مطلع القرن الواحد والعشرين، من أجل إفشال أي عملية سلام. ففي مثل هذه الأيّام من العام 2002 وفيما كانت القمة العربية في بيروت تنهي أعمالها، كانت هناك عملية انتحارية في منطقة قريبة من الحدود اللبنانية قُتل فيها مدنيون إسرائيليون. لم يكن من هدف للعملية سوى خنق مبادرة السلام العربية التي أقرّتها القمّة العربية في المهد.

لا يمكن الحديث فقط عن دور «حماس» المدعومة من إيران في تغيير طبيعة المجتمع الإسرائيلي. هناك عوامل أخرى ساهمت في هذا التغيير، من بينها الثروة الكبيرة التي بدأت تصنعها الشركات الإسرائيلية التي تعمل في مجال التكنولوجيا المتطورة. صارت بعيدة تلك الأيّام التي كانت فيها حياة الكيبوتس ترمز إلى المجتمع الإسرائيلي.تغيّرت إسرائيل من الداخل كلّياً. تغيّرت طبيعة العلاقات الأميركية – الإسرائيلية في عهد دونالد ترامب. تغيّرت المنطقة أيضاً. شمل التغيير العلاقة الروسية – الإسرائيلية. هناك تنسيق واضح بين الجانبين في سورية. هناك أيضاً علاقة متميّزة بين الرئيس فلاديمير بوتين و»بيبي». ظهر ذلك في مناسبات عدّة كشفت عمق الروابط بين الرجلين…

ما يتجاهله كثيرون أنّ تفاعلات الزلزال العراقي الذي وقع في مثل هذه الأيّام من العام 2003 مستمرّة. انتهى العراق الذي عرفناه في ضوء الاجتياح الأميركي وقيام نظام جديد ليس قابلاً للحياة. انتهت أيضاً سورية التي عرفناها، فيما دخل لبنان مرحلة الانهيار الفعلي. ليس معروفاً كيف سيتأقلم «حزب الله»، الميليشيا المذهبية التابعة لإيران والتي تسيطر على «العهد القوي» في لبنان، مع هذا الانهيار. فوق ذلك كلّه، هناك رأي عام عربي رسمي وشعبي بات يعتبر، بأكثريته، أن إيران تمثّل الخطر الأكبر على العرب عموماً.

ليس مهمّاً أن يشكل «بيبي» حكومة، بمقدار ما أنّ المهم هو السعي إلى رؤية التغيرات الكبيرة التي تشهدها المنطقة وذلك من خلال ما يحدث في إسرائيل نفسها.أليس مُستغرباً أنّ تُدينَ السلطة الوطنية الفلسطينية «صفقة القرن»، وأن تقف بعد ذلك موقف المتفرّج؟ أليس مستغرباً أكثر الكلام عن استعادة الوحدة الوطنية ردّاً على «صفقة القرن»، فيما يشير الواقع إلى أن الانقسام الفلسطيني – الفلسطيني بات أكثر عمقاً من أيّ وقت؟
هذه مجرّد ملاحظات على ما نراه من تغييرات في المنطقة كلها وفي إسرائيل نفسها، حيث الشيء الوحيد الثابت استمرار الاستيطان وتوسيع رقعة الاحتلال… شكّل «بيبي» حكومة أم لم يشكّل مثل هذه الحكومة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثابت الوحيد في إسرائيل الثابت الوحيد في إسرائيل



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 17:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25
 فلسطين اليوم - "نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 08:51 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 21:38 2020 الأحد ,03 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 06:51 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحمل" في كانون الأول 2019

GMT 07:28 2020 الخميس ,18 حزيران / يونيو

«الهلال الشيعي» و«القوس العثماني»

GMT 01:18 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة "أيقونة" رفع الأثقال بعد صراع مع المرض

GMT 22:54 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أصحاب دور العرض يتجهون إلى رفع "عمود فقرى" من السينما

GMT 10:32 2020 الأربعاء ,20 أيار / مايو

فساتين خطوبة للممتلئات بوحي من النجمات

GMT 16:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أحدث تصاميم ديكور لحدائق المنزل

GMT 17:03 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

اعتقال موظف وعشيقته داخل مقر جماعة في شيشاوة

GMT 12:46 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

العقوبات الأميركية تطال منح الطلاب الفلسطينيين في لبنان

GMT 09:52 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

قناعاتنا الشخصية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday