قمة تمهد لثلاث قمم
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

قمة تمهد لثلاث قمم

 فلسطين اليوم -

قمة تمهد لثلاث قمم

بقلم : خير الله خير الله

زيارة ولي عهد أبوظبي لواشنطن أظهرت أن هناك بين الخليجيين على وجه الخصوص، وبين العرب عموما، من يدرك معنى التغيير الحاصل في واشنطن وأبعاده الاستراتيجية.

ثلاث قمم وليست قمّة واحدة في الرياض. قمة أميركية- سعودية، وقمّة أميركية- خليجية، أي بين الرئيس دونالد ترامب وقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وقمّة أميركية- إسلامية تشارك فيها دول عربية وأخرى إسلامية، ليست إيران بينها.

ليس سرّا أن الإعداد الأميركي للقمم الثلاث اتسّم بالجدّية. الدليل على ذلك حرص الرئيس الأميركي على أن يستقبل في البيت الأبيض الشيخ محمّد بن زايد ولي عهد أبو ظبي الذي يمتلك نظرة شاملة للمنطقة ومشاكلها والأخطار المحدقة بها.

في مقدّم الأخطار المشروع التوسّعي الإيراني وميليشياته المذهبية والحركات السنّية المتطرّفة مثل “داعش” وأخواته، وهي حركات تربّت في أحضان تنظيم الإخوان المسلمين. يبدو أن هذا التنظيم سيكون موضع اهتمام أميركي في عهد ترامب، علما أن ليس بالإمكان الكلام بدقّة في هذه الأيام بالذات عن المدى الذي ستذهب إليه الإدارة الأميركية في التصدي للإخوان ومن يدور في فلكهم.

كشف اللقاء بين ترامب ومحمّد بن زايد، الذي كان من ثماره توقيع اتفاق جديد للتعاون الدفاعي، تطورا أساسيا في نظرة الولايات المتحدة إلى العالم وإلى منطقة الخليج تحديدا، خصوصا أن هذا الاتفاق الجديد يوضّح “حجم” الانتشار العسكري الأميركي في الإمارات وشروطه.

يبدو أنّ هناك جدّية أميركية في النظر إلى التحديات الجديدة- القديمة المتمثّلة في المخططات الإيرانية التي تستهدف كلّ دولة من دول المنطقة. إيران موجودة في العراق وسوريا ولبنان واليمن وهي تعمل على ضرب الاستقرار في البحرين. اكتشفت خلايا تابعة لها في الكويت ولم يعد سرا أنها تعمل على تطويق المملكة العربية السعودية التي أدركت في الوقت المناسب معنى الوجود الإيراني في اليمن عبر الحوثيين (أنصار الله) وأبعاد هذا الوجود.

إذا كانت هناك من زاوية لا بد من التركيز عليها في ضوء النشاط المستجدّ لمسؤولي الإدارة الأميركية الحالية، فهذه الزاوية تتمثّل في استيعاب أركان الإدارة لواقع معيّن. يشير هذا الواقع إلى أن الإرهاب الذي يمارسه “داعش” لا يختلف في شيء عن ذلك الذي تمارسه الميليشيات المذهبية التابعة لإيران والأنظمة التي لا تزال قائمة بسبب الدعم الإيراني لها.

في طليعة هذه الأنظمة يأتي النظام السوري الذي لم يعد يخفي أنّ وجوده مرتبط بالدعم الإيراني من جهة، والحلف غير المعلن بينه وبين “داعش” من جهة أخرى. ليست سوريا وحدها المكان الذي يستعين به النظام القائم بـ“داعش” لتبرير وجوده، علما أنه صار في مزبلة التاريخ. هناك العراق أيضا حيث ينفّذ “الحشد الشعبي” عمليات تطهير ذات طابع مذهبي في كلّ المناطق السنّية بحجة أنّه يتصدّى لـ“داعش”!

كان لا بدّ من الاستجابة للتطور النوعي في الموقف الأميركي، وهو تطوّر ليس مرتبطا بوجود دونالد ترامب في البيت الأبيض فحسب، بل بوجود عقول عسكرية تمتلك في الوقت ذاته ثقافة سياسية واسعة ومعرفة عميقة بالشرق الأوسط أيضا. هذه العقول العسكرية، المحيطة بالرئيس الأميركي، تعرف تماما ما هي روسيا وكيف يمكن التعاطي معها والاستفادة من نفوذها في حال كانت هناك فائدة من ذلك، وفي حال عرف فلاديمير بوتين أن الرهان على سذاجة باراك أوباما والمحيطين به صارت جزءا من الماضي. هذه العقول تعرف أيضا ما هي إيران، ولماذا يستحيل الرهان على تغيير فيها في حال لم يطرأ تغيير جذري على تركيبة النظام الخميني القائم منذ العام 1979.

من الواضح، أن زيارة وليّ عهد أبوظبي لواشنطن أظهرت أن هناك بين الخليجيين على وجه الخصوص وبين العرب عموما، من يدرك معنى التغيير الحاصل في واشنطن وأبعاده الاستراتيجية. الأهم من ذلك كلّه أن هناك إدراكا لحقيقة أن العلاقة بين أيّ طرفين، أكانت هذه العلاقة سياسية أو عسكرية أو اقتصادية، لا بد أن تكون علاقة أخذ وعطاء في الوقت ذاته.

هناك إدارة أميركية لديها حساباتها الاستراتيجية. لا بدّ من أخذ هذه الحسابات في الاعتبار في حال المطلوب إقامة علاقة متوازنة بين جانبين، لكل منهما مصالحه وأهـدافه في منطقة حبلى بالأحداث والتطورات وبكل أنواع الأزمات. أثبت محمّد بن زايد أنه يستطيع التعاطي مع المتغيرات العالمية من دون أي نوع من العقد. كـل ما هنالك أن المهم المحافظة على الإمارات وحمايتها في ظل ظروف أقل ما يمكن أن توصف بأنها دقيقة ومعقدة.

كانت القمّة الأميركية- الإماراتية مقدّمة جيدة للقمم الثلاث التي ستعقد في الرياض بعد أيام قليلة. دلت على أن ما سيكون موضع بحث في العاصمة السعودية ليس مجرّد أفكار عامة يغلّفها كلام جميل عن الإسلام والتعايش بين الأديان السماوية وأهمية احترام كلّ دين للدين الآخر، ثمّ يعود كلّ طرف إلى بيته للانصراف إلى عاداته القديمة.

هناك ما هو أبعد من ذلك بكثير. هناك أفكار عملية ستكون لها ترجمة على الأرض، بما في ذلك كيفية التصدّي للإرهاب بكلّ أشكاله من دون تمييز بين إرهاب وآخر، كما كان يفعل باراك أوباما. أراد أوباما اختزال كلّ مشاكل المنطقة وأزماتها بالملفّ النووي الإيراني الذي لم يعد يوجد الآن من يريد أخذه على محمل الجدّ.

في النهاية التي هي أيضا بداية، يدخل دونالد ترامب المنطقة من حيث يجب أن يدخل، أي من البوابة الخليجية، من البوّابة السعودية تحديدا. ففي عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز، هناك مملكة عربية سعودية جديدة تمتلك، مثلها مثل الإدارة الأميركية الحالية، حسابات خاصة بها. هذه المملكة الجديدة التي تؤمن بثقافة الحياة والتي يعبّر عن تطلعاتها الأمير محمّد بن سلمان وليّ وليّ العهد.

لم تعد السعودية مستعدة لتقديم هدايا مجّانية لأحد، خصوصا في ضوء حاجتها إلى توظيف ثروات المملكة في خدمة مشروع طويل الأمد قائم على إعادة بناء الإنسان السعودي. هذا المشروع الذي عمره سنة هو “رؤية 2030”.

عندما توجه شارل ديغول إلى المشرق في أربعينات القرن الماضي، ولم يكن بعد رئيسا للجمهورية الفرنسية، قـال ما معناه إنه ذاهب إلى ذلك المشرق المعقد بـ“أفكار بسيطة”.

لا يحتاج دونالد ترامب والفريق المحيط به هذه الأيام سوى إلى أفكار بسيطة أيضا. بين هذه الأفكار الاقتناع بأن الجانب العربي عموما والجانب الخليجي تحديدا، لا يبحثان عن أي مشاكل مع أي طرف كان، وأنّهما يدركان طبيعة المشاكل التي تعاني منها دولهما، بما في ذلك مشكلة التعليم والبرامج التعليمية التي تنتج أجيالا من المتطرّفين.

ليس ما يمنع أن تساعد الولايات المتحدة في تطوير البرامج التعليمية من أجل نشر ثقافة التسامح من دون أن يعني ذلك غياب أي مسؤوليات أميركية.

تبقى المسؤولية الأميركية الأولى بالطبع، الاعتراف بأنّ الإرهاب ليس سنّيا فقط. مثلما هناك “داعش” هناك الميليشيات المذهبية الإيرانية، في مقدّمها “الحشد الشعبي” الذي يضمّ مجموعة متميّزة من هذه الميليشيات العراقية. من هذه الفكرة البسيطة يمكن أن ينطلق ترامب في القمم الثلاث التي ستنعقد في الرياض.

انطلاقا من هذه الفكرة البسيطة أيضا، يستطيع الرئيس الأميركي الذهاب بعيدا، بل بعيدا جدّا في تغيير المنطقة وخوض حرب ناجحة على الإرهاب بمشاركة روسيا… أو من دون مشاركتها في حال رفضت معرفة حجمها الحقيقي في عالم الثورة التكنولوجية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قمة تمهد لثلاث قمم قمة تمهد لثلاث قمم



GMT 03:23 2023 الجمعة ,03 آذار/ مارس

ستون عاماً على الزلزال السوري

GMT 07:48 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

الحقد … بديل رفيق الحريري

GMT 06:52 2020 الخميس ,02 تموز / يوليو

هروب الدولار من لبنان

GMT 06:21 2020 الخميس ,25 حزيران / يونيو

رهان عربي على مصر.. من ليبيا

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 02:22 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

أبل تقلّل أداء الموديلات القديمة للحفاظ على البطارية

GMT 14:47 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

فوزي غلام يستمر مع نابولي ويجدد لفقراء الجنوب

GMT 08:57 2014 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

نصائح إيمي تشايلدز لتعيش حفل رأس سنة مميز

GMT 08:55 2015 الأربعاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ترشيح ثلاثة مدربين لقيادة نادي "اتحاد الشجاعية"

GMT 20:31 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

"أسرة فيلم الفيل الأزرق2" تنتهي من تصوير العمل بعد أسبوعين

GMT 07:59 2018 الخميس ,27 كانون الأول / ديسمبر

السياح يغلقون فنادق موسكو في أعياد رأس السنة الجديدة

GMT 18:08 2018 السبت ,22 كانون الأول / ديسمبر

سانتياغو سولاري في حيرة بسبب خط الوسط قبل مواجهة "العين"
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday