في ظل حرب على الاستقلال الكردي
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

في ظل حرب على الاستقلال الكردي

 فلسطين اليوم -

في ظل حرب على الاستقلال الكردي

بقلم : خيرالله خيرالله

هل تقوم دولة كردية مستقلة في أراضي ما كان يسمّى العراق الموحّد، أو الجمهورية العراقية التي قامت على أنقاض النظام الملكي في العام الذي انهار في العام 1958؟ الجواب نعم كبيرة بالنسبة إلى كردستان العراق. ما ليس واضحا حدود هذه الدولة التي بدأت الحرب عليها منذ الآن، خصوصا في ظل الخلافات الدائرة في شأن مستقبل مهمة مثل مدينة كركوك. ما ليس واضحا أيضا ما سيفعله أكراد تركيا وإيران وسوريا على أرض الواقع في حال قيام دولة مستقلة في كردستان العراق.

عندما يتبيّن بوضوح أن هناك عملية إعادة تشكيل للمنطقة، ليس أمام الأكراد في العراق سوى التمسّك بموعد الاستفتاء على الاستقلال في الخامس والعشرين من الشهر الجاري. مثل هذا الاستفتاء سيكون فرصة لتثبيت حقوقهم أكثر بكثير مما أنّه سيوفّر مناسبة لإعلان الاستقلال. المهمّ بالنسبة إليهم نجاح الاستفتاء. أمّا الاستقلال فيستطيع أن ينتظر، لا لشيء سوى لأن كل المؤشرات تدل على أن لا عراق موحّدا يمكن أن تقوم له قيامة بعد اليوم. تبدو الأزمة العراقية عميقة إلى درجة تستحيل معها استعادة البلد، الذي تأسس في عشرينات القرن الماضي بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية، لوحدته.

بدأت الحرب على كردستان العراق قبل الاستفتاء الذي أكد غير مسؤول كردي كبير، بما في ذلك هوشيار زيباري وزير الخارجية السابق في العراق، أنّ نتائجه لا تعني إعلان الاستقلال بشكل تلقائي. في النهاية يستطيع الأكراد الانتظار، بل الانتظار طويلا، لا لشيء سوى لأن الرياح الإقليمية تسير وفق ما يريدونه ويشتهونه وما يطمحون إليه في المدى البعيد في أراض تتجاوز العراق وحدوده الجغرافية.

هناك سؤال كبير سيبقى مطروحا، بغض النظر عن استقلال كردستان العراق أو عدم الإعلان عن ذلك. هذا السؤال هو: ما العمل بأكراد تركيا وأكراد سوريا وأكراد إيران؟

نظرا إلى أن هذا السؤال مطروح بجدّية كبيرة، نجد قيام تحالف من نوع جديد يضمّ النظام السوري وإيران وتركيا ضد أكراد سوريا قبل أن يكون ضدّ أكراد العراق. يفسّر قيام هذا التحالف تلك الجهود التي بذلها “حزب الله”، الذي ليس في نهاية المطاف سوى لواء في “الحرس الثوري” الإيراني، من أجل نقل مقاتلي “داعش” مع عائلاتهم من منطقة الحدود السورية-اللبنانية إلى دير الزور.

لم يكتف الحزب بتأمين وقف المعارك بين الجيش اللبناني وإرهابيي “داعش” كي لا يتمكن الجيش من القضاء عليهم، بل حرص على تهيئة كل الأجواء والوسائل التي تضمن انتقال هؤلاء إلى دير الزور التي تبدو وجهة المعركة الجديدة مع أكراد سوريا الذين يتحرّكون ويتوسّعون في الشمال السوري وعلى الحدود السورية-العراقية بغطاء جوّي أميركي.

ما يفترض أن يتفهمّه اللبنانيون وأن يستوعبوه جيّدا هو أن ما يجري في المنطقة يتجاوز لبنان. أن يحفظ لبنان نفسه يبقى إنجازا في حدّ ذاته.

الأمر يتعلق بدول كبيرة مثل العراق وسوريا لم يعد في الإمكان إعادة اللحمة إليها. الأمر يتعلق أيضا بأزمة تمر فيها تركيا التي لم تعرف في أي وقت كيف تدير سياستها السورية ولا كيف تتعاطى مع الأكراد، بما في ذلك أكرادها. أما إيران، وخلافا لكلّ ما يقال عن مشروعها التوسّعي الذي توفرت له انطلاقة جديدة بعد انهيار النظام في العراق في العام 2003، فإنّها في مأزق عميق.

نعم، إنها في مأزق عميق حتّى في علاقاتها مع شيعة العراق الذين يكتشفون يوما بعد يوم أنهم عرب وليسوا إيرانيين، وأنّ لديهم مصلحة في أن تكون بلادهم على علاقة جيّدة مع محيطها العربي قبل أيّ شيء آخر. سيكون صعبا على اللبنانيين فهم التعقيدات التي تشهدها المنطقة ولماذا يلعب “حزب الله” الدور المطلوب منه إيرانيا في ظلّ الحرب على الاستفتاء الكردي. من أجل تبسيط الأمور عليهم، يُفترض بهم الاقتناع أولا بواقع يريدون الهرب منه بشكل مستمرّ. يقول هذا الواقع إن “حزب الله” ليس سوى ميليشيا مذهبية عناصرها لبنانية تعمل في خدمة إيران. هذا على الأقلّ ما يقوله الأمين العام للحزب حسن نصرالله الذي يعترف علنا بأن كلّ ما لدى الحزب مصدره إيران. ليس لبنان سوى “ساحة” تستخدمها إيران للترويج لسياستها في المنطقة وللإساءة لهذه الدولة العربية أو تلك وللهرب من الأزمة العميقة التي تعاني منها على كلّ المستويات، وهي أزمة مرتبطة أوّلا وأخيرا بأنّها لا تمتلك الوسائل، خصوصا الاقتصاد القوي، التي تسمح لها بمتابعة هجمتها على كلّ ما هو عربي في المنطقة.

قبل الاستفتاء على استقلال كردستان العراق، التقت قوى عدّة بينها تركيا وإيران عند اتخاذ موقف حذر منه خوفا من امتداد العدوى إلى خارج الحدود العراقية، مع ما يعنيه ذلك من انعكاسات على أكراد تركيا وإيران. من الطبيعي أن تتوجّه الأنظار إلى ما يدور في الشمال السوري وإلى استخدام “داعش” في السعي إلى التصدّي للتمدد الكردي المدعوم أميركيا في تلك المنطقة.

يتلهى اللبنانيون بأمورهم الداخلية غير مدركين أن اللعبة في المنطقة كبيرة، بل كبيرة جدا. ما بدأ باحتلال أميركا للعراق وتسليمها البلد على صحن من فضة إلى إيران كان في العام 2003 زلزالا لا تزال تفاعلاته تتردد في كلّ الشرق الأوسط والخليج.

ما تفعله الولايات المتحدة حاليا هو التفرّج على ما يدور في المنطقة. تتدخل متى تدعو الحاجة إلى ذلك. منعت قافلة “داعش” من الانتقال من الحدود السورية-اللبنانية إلى منطقة قريبة من الحدود السورية-العراقية ثمّ انكفأت. هل تُقْدم على ما هو أكثر من ذلك؟ لن تقدم على أي خطوة ما دام كل شيء يسير حسب الخطة المرسومة التي تصب في مزيد من الشرذمة بإشراف من إيران وروسيا والنظام السوري “الممانع” الذي أدّى دائما الدور المطلوب منه إسرائيليا.

الأكيد أن لا شيء يحدث بالصدفة، بما في ذلك انكشاف العلاقة القائمة بين “حزب الله” والنظام السوري من جهة، و”داعش” من جهة أخرى. هناك خدمات متبادلة بين الأطراف الثلاثة. يوفّر “داعش” فرصة للنظام السوري ولـ”حزب الله”، ومن خلفه إيران، للادعاء بأنّهم يخوضون حربا على الإرهاب.

ستستقل كردستان العراق. ليس معروفا متى ستستقل. المعروف أنّ على بلد صغير مثل لبنان أن يحفظ رأسه وأن يقتنع أهله بأن اللعبة الدائرة في المنطقة أكبر منهم. الأهمّ من ذلك، عليهم استيعاب أنّ هذه مرحلة في غاية الدقّة والخطورة وأنّه لا يمكن من دون أدنى شكّ الاستخفاف بالتنسيق الأميركي-الإسرائيلي على كلّ صعيد وفي غير منطقة، من سوريا إلى العراق، إلى كردستان. أميركا لا تعترض من حيث المبدأ على الاستفتاء الكردي. اعتراضها على توقيته. أما إسرائيل، فليس ما يشير إلى أنّها متضايقة من شيء، خصوصا من انهماك “حزب الله” في ترتيب انتقال “داعش” إلى الشمال السوري، ومن تركيز إيران وتركيا على الاستفتاء الكردي وتفاعلاته وتلهيهما بذلك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في ظل حرب على الاستقلال الكردي في ظل حرب على الاستقلال الكردي



GMT 03:23 2023 الجمعة ,03 آذار/ مارس

ستون عاماً على الزلزال السوري

GMT 07:48 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

الحقد … بديل رفيق الحريري

GMT 06:52 2020 الخميس ,02 تموز / يوليو

هروب الدولار من لبنان

GMT 06:21 2020 الخميس ,25 حزيران / يونيو

رهان عربي على مصر.. من ليبيا

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 10:19 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحداث المشجعة تدفعك إلى الأمام وتنسيك الماضي

GMT 16:13 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتورة أميرة الهندي تؤكد استحواذ إسرائيل على ثلث المرضى

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عروض فنية للأطفال في افتتاح مسرح "متروبول"

GMT 06:02 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تألق سويفت ولارسون وكلارك وصلاح في حفل "تايم"

GMT 14:01 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

سكارليت جوهانسون تُوضِّح أنّ وقف تقنية "deepfake" قضية خاسرة

GMT 06:31 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

خبراء يكشفون عن أسوأ 25 كلمة مرور تم استعمالها خلال عام 2018

GMT 15:38 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحمد أحمد يتوجّه إلى فرنسا في زيارة تستغرق 3 أيام

GMT 09:02 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"إسبانيا" الوجهة المثالية لقضاء شهر عسل مميز

GMT 04:53 2015 الأحد ,15 آذار/ مارس

القلادة الكبيرة حلم كل امرأة في موضة 2015
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday