الكويت تحت عنوان الواقعية
آخر تحديث GMT 18:06:51
 فلسطين اليوم -

الكويت تحت عنوان الواقعية

 فلسطين اليوم -

الكويت تحت عنوان الواقعية

بقلم خير الله خير الله

مثلما كانت الانتخابات الكويتية التي جرت في 26 تشرين الثاني- نوفمبر 2016 مفصلية، كونها الأولى التي تشارك فيها المعارضة وفق نظام الصوت الواحد، كانت كلمة أمير دولة الكويت الشيخ صُباح الأحمد في افتتاح البرلمان الكويتي الجديد مفصلية أيضا، لجهة رسمها حدودا للسلطتين التشريعية والتنفيذية تشكل إطار عملهما في المرحلة المقبلة تحت عنوان كبير اسمه: الواقعية.

أمير الكويت لم يجار أعضاء البرلمان والحكومة في الخطاب الشعبوي الجماهيري الذي يعتمد الشعارات الفارغة، في معظمها. قال الأمور كما يجب أن تقال. هناك نار إقليمية قد تمتد إلى الكويت إن ساهم المسؤولون في تكريس حالات انقسام طائفية ومذهبية. هناك تحد اقتصادي يفرض شد الأحزمة والتقشف، وعلى من يمثّل الناس ألا يمثّل عليهم وأن يقول الحقائق كما هي مع تراجع أسعار النفط. وهناك حاجة ماسة لتفرغ البرلمان للتشريع والرقابة من أجل تثبيت الاستقرار وتطوير المؤسسات السياسية. حذّر أيضا الحكومة من تعطيل مصالح الناس، وطالبها بتغيير منهجية عملها لجهة الإسراع في بت الملفات وإنجاز المشاريع الحيوية.

من يزور الكويت هذه الأيّام يكتشف أن هناك مشاريع كبيرة نفّذت في السنوات القليلة الماضية، في عهد المجلس السابق الذي تميّز أداؤه بالتعاون مع الحكومة، بدل وضع العراقيل في وجهها والدخول في جدل عقيم عندما يتعلّق الأمر بالمباشرة في العمل الجدي الهادف إلى إيجاد بنية تحتية تليق بالكويت. الأهمّ من ذلك كلّه، أن التعاون الذي قام بين الحكومة التي كانت برئاسة الشيخ جابر المبارك، الذي بقي في موقعه، من جهة، ومجلس الأمة الذي رأسه مرزوق الغانم من جهة أخرى، وضع الأسس لاستكمال التوجه نحو مواجهة تحديات المرحلة التي تبدو المنطقة كلّها مقبلة عليها.

قبل كلّ شيء، أعاد المجلس الجديد انتخاب الغانم رئيسا له، وذلك بأكثرية واضحة هي 48 صوتا، فاقت تلك التي حصل عليها في المجلس السابق. إنْ دلّ ذلك على شيء، فهو يدلّ على نضج لدى معظم القوى السياسية، فضلا عن استيعاب للمعادلة الجديدة التي يفترض أن تتحكّم بكلّ ما يخصّ الوضع الكويتي. هناك وضع دقيق في المنطقة كلّها، ومخاطر تهدّد كلّ دولة من دوله، وهناك تراجع في موارد الدولة. هذا ما حمل الشيخ صُباح الأحمد على التركيز على أهمّية الوحدة الوطنية “السور الذي يحمي مجتمعنا”. شدّد في الوقت ذاته على أنّ “هذا ليس وقت الترف السياسي أو التكسّب على حساب المصلحة العليا للكويت”، مضيفا أنّ “خيار خفض الإنفاق أصبح أمرا حتميا من خلال تدابير مدروسة ووقف الهدر واستنزاف مواردنا الوطنية”.

بكلام أوضح، كان على الكويت أن تواجه في السنوات الماضية تجارب كثيرة بدأت بالاحتلال العراقي في صيف العام 1990. بقيت طويلا في أسر عقدة الاحتلال. بدا في مرحلة معيّنة أن كويتيين كثيرين لم يتعلّموا شيئا من تلك التجربة المرّة، على الرغم من أنّها كشفت، عندما وقفوا جميعا في مواجهة الاحتلال، كم أنّ الوحدة الوطنية مترسّخة في البلد. مرّت سنوات طويلة سادتها روح اللامسؤولية، خصوصا في الساحة السياسية وفي العلاقة بين مجلس الأمّة والحكومة. صار إسقاط الحكومات أقرب إلى هواية أكثر من أيّ شيء آخر. تراجعت الكويت على كلّ المستويات، في وقت كانت الدول المحيطة بها تتقدّم بعدما كانت مركز إشعاع لبلدان المنطقة كلّها.

كان لا بدّ لأمير الدولة، عبر سلسلة من القرارات الجريئة، من ضبط الأمور والتأكيد أنّ زمن المزايدات ولّى إلى غير رجعة. وضع التعاون الذي قام بين الحكومة ومجلس الأمّة السابق حجر الزاوية لما يّفترض أن تكون عليه العلاقة الصحيّة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. من خلال هذا التعاون، أمكن إنجاز مشاريع كثيرة، علما أن البلد يحتاج إلى أكثر من ذلك بكثير وإلى تحديث نفسه والاستفادة من تجربتي أبوظبي ودبي، خصوصا في مجال الانفتاح على الحداثة، ورفض البقاء رهينة للجماعات المتطرفة التي تسعى إلى فرض قيمها المتزمّتة والهيمنة على الحياة الاجتماعية في بلد تلعب فيه المرأة دورها الطبيعي والطليعي بصفـة كونهـا تمثّل نصف المجتمع.

في كلّ الأحوال، بدا من خلال الجلسة الأولى لمجلس الأمّة الجـديد، ومن تجديد الثقة برئيس المجلس، ومن تشكيل حكومة جـديدة برئاسة الشيخ جـابر المبـارك، أنّ هناك وعيا بضرورة التأقلم مع الوضع الجديد الذي دخلته المنطقة. أكثر من ذلك، اكتشف الكويتيون أن هناك، في شخص الأمير، من هو على استعداد لوضع حدّ لأيّ تجاوزات يمكن أن تلحق ضررا بالمصلحة العليا للكويت. أكثر من ذلك، اكتشف الكويتيون أن لا بديل من التعاون بين المجلس والحكومة.

سمح هذا التعاون بمواجهة الإرهاب الذي مصدره إيران، من يريد دليلا على ذلك يستطيع العودة إلى موضوع “خليّة العبدلي”. سمح هذا التعاون أيضا بمواجهة تطرّف تنظيم “داعش” الذي ضرب في الكويت مستهدفا إحدى الحسينيات. كان الهدف الذي أراده “داعش” واضحا كلّ الوضوح. تمثّل الهدف بإثارة النعرات المذهبية في بلد لا تفريق فيه بين مواطن سنّي وآخر شيعي. سمح هذا التعاون بالتعاطي الهادئ مع التحرّشات التي مصدرها الحدود مع العراق. فوق ذلك كلّه، سمح هذا التعاون بأن تستعيد الكويت دورها على الصعيد الإقليمي. لعلّ المفاوضات بين اليمنيين التي استضافتها الكويت، وتحمّلت خلالها الكثير معتمدة الصبر أوّلا، وضعت الأسس لتسوية ما يحتاج إليها اليمنيون اليوم قبل غد.

من خلال هذا التعاون بين السلطتين استطاعت الكويت مواجهة المؤامرة الداخلية ذات الامتدادات الإقليمية التي تعرّضت لها الرياضة الكويتية. كان تجديد الثقة بوزير الإعلام والثقافة والشباب والرياضة الشيخ سلمان الحمود اعترافا بدوره في إفشال هذه المؤامرة ومساعدة الكويت في تجاوزها وكشف الذين يقفون خلفها من ذوي الحسابات الخاصة والأنانيات المفرطة. كذلك، كان تجديد الثقة بالرجل دليلا على مدى أهمّية استمرار مسيرة تحديث الإعلام التي يقوم بها.

أثبتت الجلسة الأولى لمجلس الأمة الجديد، إنْ من خلال كلمة أمير الدولة أو من خلال ما قاله رئيس المجلس ورئيس الوزراء، أن هناك اتجاها إلى استمرار هذا التعاون بين السلطتين واستيعابا للتعقيدات الإقليمية والداخلية. لعل العبارة الصادرة عن مرزوق الغانم تختزل الكثير، فهو قال إن “الهدم يحتاج إلى عمل منفرد، بينما البناء يحتاج إلى عمل جماعي”. نعم، يحتاج البناء إلى عمل جماعي من جهة، وإلى استبعاد كلّ من يسعى إلى الاصطياد في الماء العكر من جهة أخرى. على رأس المصطادين بالماء العكر يأتي الإخوان المسلمون الذين بات الكويتيون يدركون مدى خطورتهم وانتهازيتهم. لذلك، لم تحصل صفقة بينهم وبين الحكومة. سقط “صقر الإخوان” جمعان الحربش في امتحان الوصول إلى موقع نائب رئيس مجلس الأمة. وهذا يدل أيضا على أنه في الكويت ما يكفي من الوعي لفهم خطورة ما يمثله الإخوان على البلد ومستقبله في منطقة تهددها كلّ أنواع الحرائق…

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكويت تحت عنوان الواقعية الكويت تحت عنوان الواقعية



GMT 03:23 2023 الجمعة ,03 آذار/ مارس

ستون عاماً على الزلزال السوري

GMT 07:48 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

الحقد … بديل رفيق الحريري

GMT 06:52 2020 الخميس ,02 تموز / يوليو

هروب الدولار من لبنان

GMT 06:21 2020 الخميس ,25 حزيران / يونيو

رهان عربي على مصر.. من ليبيا

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 08:51 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 21:38 2020 الأحد ,03 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 06:51 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحمل" في كانون الأول 2019

GMT 07:28 2020 الخميس ,18 حزيران / يونيو

«الهلال الشيعي» و«القوس العثماني»

GMT 01:18 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة "أيقونة" رفع الأثقال بعد صراع مع المرض

GMT 22:54 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أصحاب دور العرض يتجهون إلى رفع "عمود فقرى" من السينما

GMT 10:32 2020 الأربعاء ,20 أيار / مايو

فساتين خطوبة للممتلئات بوحي من النجمات
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday