استعادة تجربة غزة في صنعاء
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

استعادة تجربة غزة في صنعاء

 فلسطين اليوم -

استعادة تجربة غزة في صنعاء

بقلم : خيرالله خيرالله

يشكو اليمن من انسداد الحلّ السياسي وذلك منذ استيلاء الحوثيين “أنصارالله” على صنعاء وإصرارهم على تحويل المدينة عاصمة للإمارة التي أعلنوها مبشّرين بعودة عصر الإمامة إلى اليمن.

كان الانسداد الذي تسبّب به “أنصارالله” تغطية لعملية إلحاق اليمن كلّه بإيران وتحويل البلد الذي منه أصل العرب إلى شوكة في خاصرة الخليج العربي ودول شبه الجزيرة العربية.

تبدّل المشروع الإيراني، في ضوء الضربة التي تعرّض لها، وصار مطلوبا الاكتفاء بالسيطرة على جزء من اليمن، بما في ذلك صنعاء، ووضعها تحت سلطة الحوثيين.

كان الانسداد السياسي، الذي ترافق مع ظهور عجز لدى ما يسمّى “الشرعية” في استيعاب معنى وصول الحوثيين إلى صنعاء، مؤشرا إلى بداية مرحلة جديدة استطاعت بعدها إيران الإعلان عن أنّها باتت تسيطر على أربع عواصم عربية هي بغداد ودمشق وبيروت… وصنعاء.

لم يكن مهمّا ما قاله المسؤولون الإيرانيون عن انضواء اليمن تحت المظلة الإيرانية بمقدار ما أنّ المهمّ كان ممارسات معيّنة من بينها ذهاب وفد حوثي إلى طهران في مرحلة ما بعد سقوط صنعاء.

وقع الوفد الحوثي في العاصمة الإيرانية، باسم اليمن، اتفاقا في شأن رحلات بين صنعاء وطهران بمعدل يزيد على عشر رحلات في الأسبوع لكلّ شركة من شركتي الطيران في البلدين. هل صار اليمن وجهة سياحية للإيرانيين أو إيران وجهة سياحية لليمنيين؟

ترافق توقيع الوفد الحوثي الاتفاق باسم اليمن مع مناورات عسكرية قام بها “أنصارالله” في منطقة محاذية للحدود السعودية. لذلك، لم يكن أمام دول الخليج من خيار آخر غير إسقاط المشروع الإيراني في اليمن. وهذا ما يفسّر انطلاق “عاصفة الحزم” في آذار – مارس من العام 2015، وهي عملية عسكرية لا يمكن فصلها عن الإطار الإقليمي.

تكمن خطورة الحوثيين في قدرتهم على التكيّف والاستفادة من أي ثغرات تحصل. كانت الثغرة الأولى، التي عرفوا من خلالها تحقيق اختراق، الرهان على العداء الذي كان يكنّه الرئيس الانتقالي عبدربّه منصور هادي للرئيس السابق علي عبدالله صالح.

كان أفضل تعبير عن هذا العداء إعادة النظر في تركيبة الجيش اليمني، وهي تركيبة كان عبدربّه يعتقد أنّها تجعل من هذه المؤسسة في خدمة علي عبدالله صالح وأقربائه والضباط الموالين له. هذا صحيح إلى حدّ كبير، لكنّ المشكلة أنّ الرئيس الانتقالي ذهب إلى أبعد من ذلك بكثير عندما اعتبر أن نصيحة علي عبدالله صالح له بالتصدي للحوثيين في محافظة عمران، أي قبل بلوغهم مداخل صنعاء، تستهدف استخدامه في تصفية حسابات قديمة بينهم وبين الرئيس السابق.

ليس سرّا استفادة الحوثيين من الحساسية الزائدة للرئيس الانتقالي تجاه الرئيس السابق الذي كان يعرف ما الذي سيترتب على الانتهاء من زعماء حاشد (آل الأحمر) في محافظة عمران ثم اللواء 310 الذي كان على رأسه العميد حميد القشيبي والذي كان يحتل مواقع استراتيجية تؤمن حماية للعاصمة.

كان يعرف ذلك على الرغم من أنّ ولاء اللواء 310 كان لغريمه الفريق علي محسن صالح الذي أصبح نائبا لرئيس الجمهورية. كذلك، ليس سرّا أن الحوثيين عرفوا كيف التعايش مع علي عبدالله صالح لدى دخولهم صنعاء وسيطرتهم عليها يوم الحادي والعشرين من أيلول – سبتمبر 2014 تحت غطاء تظاهرات لأنصارهم احتجاجا على إجراءات ذات طابع اقتصادي اتخذتها الحكومة وقتذاك.

تبدو كلّ خطوة يقوم بها الحوثيون مدروسة. طمأنوا الرئيس الانتقالي في البداية ووقعوا معه، بحضور ممثل الأمين العام للأمم المتحدة جمال بنعمر، “اتفاق السلم والشراكة” الذي حظي بإشادة من الأمين العام لـ”حزب الله” السيّد حسن نصرالله الذي يعتبر نفسه، لأسباب إيرانية طبعا، معنيّا بشكل مباشر بالملفّ اليمني.

شيئا فشيئا تخلصوا من الرئيس الانتقالي ووضعوه في الإقامة الجبرية. قدّم عبدربّه استقالته من الرئاسة، لكنّ الحوثيين منعوا مجلس النواب من الاجتماع كي لا يصبح رئيس المجلس يحيى الراعي، بموجب الدستور، رئيسا مؤقتا للبلاد. والراعي يتمتع بدعم قبلي إضافة إلى أنّه من حزب “المؤتمر الشعبي العام” الذي يتزعمّه علي عبدالله صالح.

استطاع عبدربّه منصور في الحادي والعشرين من شباط – فبراير من العام 2015 الفرار من صنعاء إلى عدن في ظروف غامضة وعاد عن استقالته، فيما بدأ الحوثيون يتراجعون عسكريا في المناطق الجنوبية التي احتلوها وكان من بينها عاصمة الجنوب.

لم تحصل منذ أشهر تغييرات جذرية على الأرض، خصوصا أنّ الحوثيين توزعوا وحدهم على جبهات القتال. لم يعد الحوثيون يريدون من القوات التي لا تزال موالية لعلي عبدالله صالح سوى وجود رمزي في هذه الجبهات.

اقتنعوا في ما يبدو أن عليهم الانكفاء أكثر على صنعاء ومحيطها والاكتفاء بالسيطرة على مناطق محددة، خصوصا بعدما خسروا ميناء المخا الاستراتيجي الذي يتحكّم بمضيق باب المندب ذي الأهمّية الكبيرة للتجارة العالمية ولحركة المرور في قناة السويس.

كان طبيعيا أن يؤدي انكفاء “أنصارالله” إلى صدام مع علي عبدالله صالح. لا هو يشبههم ولا هم يشبهونه وذلك على الرغم من الدور الذي لعبه في قيام حركتهم تحت تسمية “الشباب المؤمن” في البداية. هم يمثلون “الشرعية الثورية” التي تعني رفض كلّ ما شهده اليمن منذ السادس والعشرين من أيلول – سبتمبر 1962 تاريخ سقوط النظام الإمامي، وهو يمثل تاريخا امتد منذ قيام الجمهورية التي أصبح رئيسها في منتصف العام 1978 وصولا إلى الاستقالة في شباط – فبراير 2012 نتيجة انقلاب نفّذه الإخوان المسلمون كان أحد فصوله البارزة محاولة لاغتياله في الثالث من حزيران – يونيو 2011.

ليس لدى الحوثيين أي مشروع سياسي أو حضاري أو اقتصادي. ليس لديهم ما يفاوضون في شأنه، على الرغم من الكلام الذي يؤكده غير سياسي يمني عن توصلهم في أثناء المفاوضات اليمنية – اليمنية في الكويت قبل ما يزيد على سنة إلى اتفاق يتضمن بنودا عدة مع المملكة العربية السعودية. فوجئ ممثلو “المؤتمر الشعبي” وقتذاك بقيادي حوثي يدعى محمّد عبدالسلام يغادر الكويت إلى الرياض ويعود منها بهذا الاتفاق الذي لم تكن له أي ترجمة تذكر على الأرض.

ماذا يبقى أمام الحوثيين عمله بعد تقلص المساحة التي يسيطرون عليها عسكريا وبعد إصرارهم على أن يكونوا القوّة المهيمنة في صنعاء ووضع دوائر ومؤسسات الدولة، أو ما بقي منها، تحت سيطرتهم؟

هناك مثل وحيد يستطيعون الاقتداء به هو مثل سيطرة “حماس” على غزّة في منتصف العام 2007 وإخراج “فتح” منها بقوّة الإرهاب والترهيب وسلاح الاغتيالات. هل في استطاعة علي عبدالله صالح القبول بهذا الوضع، خصوصا بعدما تبيّن أن لديه دعما شعبيا كبيرا عبّر عنه مئات آلاف اليمنيين الذين تدفّقوا على صنعاء للمشاركة في تظاهرة يوم الرابع والعشرين من آب – أغسطس الماضي في ذكرى تأسيس “المؤتمر الشعبي”.

لجأ “أنصارالله” إلى سلسلة أعمال ذات طابع استفزازي لتأكيد سيطرتهم الكاملة على صنعاء. شملت تصرفاتهم إقامة حواجز في أحياء قريبة من منازل علي عبدالله صالح وأفراد عائلته وكبار مساعديه. لم يترددوا في الغدر بضابط هو العقيد خالد الرضي يعتبر من بين المسؤولين عن أمن أفراد عائلة الرئيس السابق ومن قادة “المؤتمر الشعبي”.

ليس ما قاموا به، بما في ذلك اغتيالهم غدرا لضابط ينتمي إلى عائلة معروفة جيّدا تنتمي إلى قبيلة حاشد، سوى تأكيد لرغبتهم في إرهاب المواطنين وتكرار تجربة “حماس” في غزّة، وهي تجربة لا يريدون الاقتناع بأنهّا فاشلة أصلا ولا مستقبل لها.

الأكيد أن اليوم الذي سيتعرّضون فيه لعلي عبدالله صالح ليس بعيدا. إلاّ أن ذلك لا يمنع من طرح سؤال في غاية البساطة. هل تدعهم القبائل المقيمة في محيط صنعاء القيام بما قامت به “حماس” في غزّة؟ هل انتهى دور هذه القبائل مساء تظاهرة الرابع والعشرين من آب – أغسطس عندما خرج رجالها من العاصمة مباشرة بعد التظاهرة؟

ترك المشاركون في التظاهرة الحوثيين يقيمون مزيدا من الحواجز في المدينة كي يقولوا إننا لن نقبل أي تقاسم للسلطة أو مشاركة فيها وإن يوم تصفية الحسابات القديمة مع علي عبدالله صالح ليس بعيدا. سيتوقف الكثير على موقف القبائل المحيطة بصنعاء. سيتبيّن قريبا هل تدجين آل الأحمر، زعماء حاشد في محافظة عمران، كان أيضا تدجينا حوثيا لكلّ قبائل اليمن في الشمال.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استعادة تجربة غزة في صنعاء استعادة تجربة غزة في صنعاء



GMT 07:40 2020 الخميس ,16 تموز / يوليو

ما لن تقوله محكمة رفيق الحريري

GMT 10:50 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

قليل من التواضع ضروري في لبنان

GMT 09:45 2020 السبت ,07 آذار/ مارس

الثابت الوحيد في إسرائيل

GMT 14:00 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

لماذا لا يمكن الوثوق بالحوثيين

GMT 07:48 2020 الإثنين ,10 شباط / فبراير

لا ثقة بحكومة حسّان دياب

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 10:19 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحداث المشجعة تدفعك إلى الأمام وتنسيك الماضي

GMT 16:13 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتورة أميرة الهندي تؤكد استحواذ إسرائيل على ثلث المرضى

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عروض فنية للأطفال في افتتاح مسرح "متروبول"

GMT 06:02 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تألق سويفت ولارسون وكلارك وصلاح في حفل "تايم"

GMT 14:01 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

سكارليت جوهانسون تُوضِّح أنّ وقف تقنية "deepfake" قضية خاسرة

GMT 06:31 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

خبراء يكشفون عن أسوأ 25 كلمة مرور تم استعمالها خلال عام 2018

GMT 15:38 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحمد أحمد يتوجّه إلى فرنسا في زيارة تستغرق 3 أيام

GMT 09:02 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"إسبانيا" الوجهة المثالية لقضاء شهر عسل مميز

GMT 04:53 2015 الأحد ,15 آذار/ مارس

القلادة الكبيرة حلم كل امرأة في موضة 2015
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday