ترامب وسياسة العلاج بالصدمات
أخر الأخبار

ترامب... وسياسة العلاج بالصدمات

 فلسطين اليوم -

ترامب وسياسة العلاج بالصدمات

بقلم : خير الله خير الله

في شهر واحد، منذ دخوله إلى البيت الأبيض في العشرين من يناير الماضي، قلب الرئيس دونالد ترامب العالم. قلب في الوقت ذاته الولايات المتحدة نفسها بعدما وضع إيلون ماسك أغنى أغنياء العالم في الواجهة ودعاه إلى تغيير مفاهيم صرف الأموال الحكومية الأميركية. لجأ ترامب إلى العلاج بالصدمات. اعتمد أسلوباً عجيباً غريباً يتوقع الرئيس الأميركي أن تكون له نتائج في غزّة أو في أوكرانيا، تحديداً.

يؤكّد الانقلاب الترامبي الخروج بدعوة إلى تهجير أهل غزّة، أي تهجير مليوني فلسطيني، من أرضهم. خرج بمشروع لا أفق سياسياً له على الرغم من أنّّه لا يمكن إنكار مسؤولية «حماس» عن اندلاع حرب استغلتها إسرائيل إلى أبعد حدود. استغلت إسرائيل حرب غزّة من أجل إزالة القطاع، البالغة مساحته 365 كيلومتراً مربّعاً، من الوجود. المضحك المبكي أن «حماس» تحتفل حالياً بانتصارها في غزّة رافضة أن تأخذ علماً بأن القطاع صار أرضاً طاردة لأهلها بفضل «طوفان الأقصى». هذا التطور سمح لدونالد ترامب بطرح نظريته المستهجنة التي استطاع الجانب العربي استيعابها، وإن ليس كلّياً.

على هامش مأساة غزّة، لا تفسير منطقياً، باستثناء الرغبة في قلب الحقائق، لخطوة ترامب تبرئة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من العملية العسكريّة التي شنّها قبل ثلاث سنوات على أوكرانيا. انضمّ ترامب إلى بوتين في حملة مباشرة على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي. غض الطرف عن الرئيس الروسي، وحساباته السياسيّة والعسكريّة التي قادته إلى إشعال حرب هي في الواقع حرب على أوروبا. تبدو أوروبا الهدف من إعادة الحياة إلى الأوهام بأن زوال الاتحاد السوفياتي كان خطأً كبيراً وأنّ ثمة مجالاً لإعادة الحياة إليه. يحلم بوتين باستعادة الهيمنة على جزء من أوروبا، كما كانت عليه الحال قبل سقوط جدار برلين، بمساعدة من دونالد ترامب!

بغض النظر عن الفساد الذي تعاني منه أوكرانيا، ليس لدى دونالد ترامب من دروس يلقيها على أحد، خصوصاً عندما يتعلّق الأمر بالمعايير الأخلاقية. ليس سرّاً أنّ روسيا هاجمت أوكرانيا في 24 فبراير 2022. استخدم بوتين حججاً واهية لتبرير حملة عسكريّة كان يعتقد أنّها ستكون نزهة. في الطريق إلى كييف، التي لم يستطع الجيش الروسي دخولها، كان الجنرالات الروس يلمّعون الأوسمة العسكرية التي على صدورهم استعداداً لعرض عسكري، لم يحصل، في العاصمة الأوكرانيّة.

كان من نتائج حرب أوكرانيا ارتماء روسيا في الحضن الصيني. وفّرت الحرب الأوكرانيّة فرصة للصين كي تحسم أخيراً المنافسة بينها وبين روسيا.

تعرف الصين مدى أهمّية روسيا وتعرف خصوصاً نقاط ضعفها. روسيا بلد غني بالمعادن الثمينة، لكنّها تعاني من عجز عن تطوير نفسها في ضوء العجز عن إقامة اقتصاد قابل للحياة. في الواقع، لولا النفط والغاز والسلاح لما كان لدى روسيا دخل. على العكس من الصين لا وجود لأي منتج روسي في منزل المواطن الروسي. من البراد... إلى مكيُف الهواء، مروراً بالغسّالة، كل ما في المنزل مستورد.

تبدو خطوة ترامب الهادفة إلى إخراج فلاديمير بوتين من المأزق الذي وضع نفسه فيه مستغربة إلى أبعد حدود. لا تفسير آخر لما قام به الرئيس الأميركي غير انتزاع الورقة الروسية من الصين...

يبدو نهج الرئيس الأميركي غريباً، بدءاً بنظرته إلى مستقبل غزّة وانتهاء بالتقارب مع روسيا على حساب أوكرانيا. يظلّ أخطر ما في الأمر أنّ ترامب يثير كلّ المخاوف الأوروبيّة، خصوصاً أنّ كلّ دولة من دول القارة العجوز تشعر بأنّها باتت مهددة في حال حقّق بوتين انتصاراً في أوكرانيا.

توجد إيجابية وحيدة للعلاج بالصدمات الذي اعتمده ترامب. على الصعيد العربي، بدأت مشاورات عربيّة تستهدف وضع خطة بديلة من تلك التي طرحها الرئيس الأميركي. خطة عربيّة تقنع دونالد ترامب، في نهاية المطاف، بأنّه لا مجال من صيغة تأخذ في الاعتبار وجود شعب فلسطيني، لا تستطيع إسرائيل تجاوزه، كونه موجوداً على الخريطة الشرق أوسطيّة. بكلام أوضح توجد حاجة إلى استخدام سياسة الصدمات مع إسرائيل أيضاً، خصوصاً أن ثمّة قناعة عربيّة تولّدت فحواها أنّه لا مكان لـ«حماس» في حال كان مطلوباً إعادة إعمار غزّة وعودة سكانها إليها.

انتفضت أوروبا، بما في ذلك ألمانيا التي تمثّل القوة الأكبر فيها، في وجه ترامب. هل في استطاعة أوروبا، بكل مشاكلها، الرد على الرئيس الأميركي عبر توفير الدعم الكافي الذي يسمح لأوكرانيا بالصمود؟

سيتقرر مصير سياسة العلاج بالصدمات في غزّة وفي أوكرانيا.

هل يستطيع دونالد ترامب التعامي عن الوجود العربي، وليس فقط الفلسطيني، في الشرق الأوسط إلى ما لا نهاية؟ هل يستطيع تجاهل أن ليس في استطاعته الانتصار على الصين اقتصادياً بالاعتماد على روسيا... والتخلي عن أوكرانيا، وبالتالي عن أوروبا؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترامب وسياسة العلاج بالصدمات ترامب وسياسة العلاج بالصدمات



GMT 06:43 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

التنازع على سوريا

GMT 06:41 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

لا أحد يقول الحقيقة!!

GMT 06:37 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

نهاية العولمة؟!

GMT 06:35 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

السردية المصرية

GMT 00:42 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

سمعة مصر!

GMT 00:38 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

لوبان و ترامب

GMT 00:37 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

حرب من نوع آخر

GMT 09:30 2025 الإثنين ,07 إبريل / نيسان

هل وقع “الإخوان” في فخ أفعالهم؟!

أناقة ياسمين صبري على الشاطئ من الأبيض الكلاسيكي إلى الألوان المبهجة وجولات الموضة لا تتوقف

القاهرة ـ فلسطين اليوم
النجمة المصرية ياسمين صبري مع كل ظهور لها عبر حسابها على انستجرام، تنجح في لفت الانتباه بإطلالاتها الجذابة التي تبدو خلالها أنيقة واستثنائية، كما أن إطلالاتها على الشاطئ تلهم المتابعات لها باختيارات مميزة يسرن من خلالها على خطى نجمتهن المفضلة، فدعونا نرصد أجمل الأزياء التي ظهرت بها ياسمين على الشاطئ من قبل وتناسب الأجواء النهارية والمساء أيضًا. إطلالات باللون الأبيض تناسب أجواء الشاطئ من وحي ياسمين صبري النجمة المصرية خطفت الأنظار في أحدث ظهور لها خلال تواجدها في المالديف؛ بإطلالة ناعمة للغاية ظهرت فيها بفستان أبيض بتصميم عملي ومجسم ووصل طوله حتى منطقة الكاحل، مع الحمالات الرفيعة وفتحة الصدر غير المنتظمة، وتزين الفستان بفتحة ساق جانبية طويلة، كما أكملت أناقتها باكسسوارات ناعمة وأنيقة اللون الأبيض حليف ياسمين صبري في ...المزيد

GMT 21:11 2017 الجمعة ,06 كانون الثاني / يناير

استطلاع يؤكد رغبة جمهور سنغافورة في استمرار فورمولا1

GMT 00:11 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

كيف توسّع المكعبات خيال الطفل؟

GMT 05:25 2016 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أفكار لتوفير المساحة في الشقق عن طريق الأثاث

GMT 21:48 2015 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

عرض الفلامنكو "الطريق المفتوح" في دار الأوبرا الأحد

GMT 10:22 2014 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

جولة لتوعية مزارعي وادي بيضان بطرق الزراعة

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday