مقتدى الصدر في السعودية يظل حدثا
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

مقتدى الصدر في السعودية.. يظل حدثا

 فلسطين اليوم -

مقتدى الصدر في السعودية يظل حدثا

بقلم :خير الله خير الله

بكل مقياس من المقاييس، كانت زيارة الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر للمملكة العربية السعودية في غاية الأهمّية، خصوصا أنه التقى نائب الملك وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان في جدة، على الرغم من أن مقتدى لا يشغل منصبا رسميا.

لا شك أن الخطوة السعودية المتمثلة في استقبال مقتدى الصدر في غاية الذكاء، إضافة إلى أن توقيتها كان مناسبا، على الرغم من أن ثمّة من يعتبر أنها تأخرت كثيرا. وهذا قول يمكن أن يكون مثار أخذ وردّ طويلين إذا أخذنا في الاعتبار أنه سبق للسعودية أن أرسلت إلى بغداد سفيرا، هو ثامر السبهان، ما لبث أن تعرّض لحملة قوية رافقتها تهديدات أدت إلى سحبه. ولكن ما يبقى ثابتا قبل كل شيء أن لا عداء سعوديا للعراق والعراقيين، بغض النظر عن الطائفة والمذهب والمنطقة والقومية. إضافة إلى ذلك، هناك تململ عراقي، ليس معروفا بعد إلى أيّ حدّ سيبلغ مداه، من الوجود الإيراني الضاغط ومن الأحزاب المذهبية التي رعتها وما زالت طهران ترعاها من أجل تكريس واقع جديد لا عودة عنه في العراق تحت لافتة “الحشد الشعبي”. يمثّل “الحشد” في الواقع امتدادا لـ“الحرس الثوري” الإيراني في الأرض العراقية لا أكثر.

كان لا بد من خطوة سعودية جديدة لتأكيد المؤكد لجهة أنّ المملكة منفتحة على كل ما من شأنه تطوير العلاقات السعودية- العراقية في وقت تمرّ فيه المنطقة بمرحلة في غاية الدقّة. في أساس هذه المرحلة التي تصب في إعادة تشكيل الشرق الأوسط، بما في ذلك منطقة الخليج، الزلزال العراقي الذي بدأ في العام 2003 والذي لا تزال المنطقة كلّها تعيش في ظلّ تداعياته.

سارعت إيران في 2003 إلى وضع يدها على العراق. حصل انكفاء عربي عن هذا البلد الأساسي، بل المحوري، خصوصا أن إدارة جورج بوش الابن خاضت الحرب الهادفة إلى إسقاط نظام صدام حسين بمشاركة إيرانية واضحة. الأهم من ذلك كله، أن إيران لم تكتف بالحلول مكان الاحتلال الأميركي بعدما عملت على إزاحته، بل ساهمت بشكل مباشر في اختراق كل المؤسسات العراقية أو تدميرها من جهة، وتغيير طبيعة العراق ومدنه، بدءا بالبصرة القريبة منها، من جهة أخرى.

يمثّل مقتدى الصدر حالة عراقية لا يمكن الاستهانة بها، بغض النظر عن مزاجيته والشكوك في مدى قدرته على الذهاب بعيدا في السير في خط مستقلّ عن إيران. لكنّ ما لا يمكن الاستخفاف به أنّه يمتلك قدرة على تجييش قسم لا بأس به من العراقيين وتعبئتهم ليس من زاوية شيعية فحسب، بل من زاوية عربية أيضا. هل يمكن الرهان على مقتدى الصدر، أم أن مثل هذا الرهان يفترض أن يكون على مسائل أخرى في الوقت ذاته؟

ما يطرح هذه المسائل التي قد يجوز الرهان عليها الصعوبات التي تواجه المشروع الإيراني في العراق. قام هذا المشروع على إلحاق العراق بإيران بموافقة أميركية. كان أبرز تعبير عن هذه الموافقة مؤتمر المعارضة العراقية الذي انعقد في لندن في كانون الأول- ديسمبر من العام 2002، أي قبل أربعة أشهر من بدء الحملة العسكرية على العراق. لولا إيران، لم يكن في الإمكان عقد هذا المؤتمر، الذي أشرف عليه مسؤولون اميركيون وقتذاك. كان هناك الضوء الأخضر الإيراني لانعقاد المؤتمر. قبضت إيران سلفا ثمن الضوء الأخضر إذ سمحت بمشاركة فصائل شيعية فيه. صدر عن المؤتمر بيان يشير إلى “الأكثرية الشيعية” في العراق. حصلت ترجمة عملية لهذه العبارة لاحقا حين حل المفوض السامي الأميركي بول بريمر الجيش العراقي، وحين تشكّل “مجلس الحكم الانتقالي” الذي كرّس تهميش السنّة العرب في العراق.


يكاد يمر خمسة عشر عاما على مؤتمر لندن. الثابت الوحيد أن العراق لن تقوم له قيامة. كان العراق مفيدا جدا لإيران وخشبة خلاص لاقتصادها في مرحلة ارتفاع أسعار النفط. استطاعت إيران الاستفادة إلى أبعد حدود من موارد العراق ومن مليارات الدولارات التي جناها البلد في مرحلة كان فيها سعر برميل النفط يزيد على مئة دولار.

لعلّ أهمّ ما فعلته إيران في العراق منذ 2003 لا يتمثل في القضاء على المدن، بدءا بالبصرة وانتهاء بالموصل، مرورا ببغداد طبعا. يظل أهم ما فعلته هو التخلص من الوجود الأميركي، بعدما استسلم لها باراك أوباما من جهة، وخلق قوى تابعة لها مباشرة مثل ميليشيات “الحشد الشعبي” من جهة أخرى. هذا النموذج، الذي اسمه “الحشد الشعبي” هو ذلك المطلوب تعميمه في المنطقة كلها، في العراق وسوريا ولبنان واليمن وحيث أمكن…

تدخل السعودية على العراق من بوابة مقتدى الصدر ولكن من دون تجاهل الأبواب والمسائل الأخرى التي يمكن الرهان عليها أيضا، من نوع فشل المشروع الإيراني الذي ليس لديه ما يقدّمه للعراق باستثناء نشر البؤس والتخلّف والميليشيات المذهبية التي كان تدمير الموصل آخر إنجازاتها.

سيبقى في نهاية المطاف سؤال محيّر، يترافق بالطبع مع أسئلة أخرى، من نوع هل من أفق للمشروع الإيراني في العراق، بل في داخل إيران نفسها؟

هذا السؤال المحير مرتبط بإدارة دونالد ترامب وموقفها الفعلي من إيران. إلى أي حد ستكون هذه الإدارة واعية بالدور الذي تلعبه إيران انطلاقا من العراق في نشر كل أنواع الفوضى في المنطقة وفي كل اتجاه من الاتجاهات. ليس ما يشير، إلى الآن، إلى استيعاب أميركي في العمق للدور التخريبي الذي تلعبه إيران وذلك على الرغم من كلّ التصريحات الصادرة عن كبار المسؤولين في إدارة ترامب. ولكن هل يعني ذلك الاستسلام العربي لإيران في العراق؟

من هذا المنطلق، كان استقبال محمد بن سلمان لمقتدى الصدر حدثا بحد ذاته. أعطى الاستقبال بعدا جديدا للسياسة السعودية في المنطقة. مثلما أن إيران تستطيع اللعب في اليمن من أجل مضايقة السعودية وكلّ دولة من دول الخليج العربي، تستطيع السعودية البحث عن حلفاء طبيعيين في العراق. تفعل ذلك كي تثبت أن قرار تحويل العراق مستعمرة إيرانية وجرما يدور في الفلك الإيراني ليس قدرا، على الرغم من كل ما قام به جورج بوش الابن. تكمن مصيبة جورج بوش الابن وإدارته في إهمال البعد الإيراني للمسألة العراقية وحصر الهمّ الأميركي بالتخلص من صدّام حسين ونظامه البائس الذي بدأ بعض العراقيين يترحمون عليه حاليا.

أيا تكن نتيجة استقبال السعودية لمقتدى الصدر، يظلّ أن العراق يبدو مقبلا على أحداث كبيرة، خصوصا أن ليس ما يشير إلى أن الأكراد الذين وُعدوا بـ“الفدرالية” في مؤتمر لندن للعام 2002، مثلما وُعد الشيعة بالهيمنة على العراق، على استعداد للتراجع. بل إنّهم مصرون اكثر من أي وقت على الذهاب إلى أبعد في ضوء الحلف القوي مع الولايات المتحدة واليأس من إصلاح أي شيء في النظام الذي أنشأته إيران في العراق بفضل أشخاص عادوا إلى بغداد على دبّابة أميركية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مقتدى الصدر في السعودية يظل حدثا مقتدى الصدر في السعودية يظل حدثا



GMT 03:23 2023 الجمعة ,03 آذار/ مارس

ستون عاماً على الزلزال السوري

GMT 07:48 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

الحقد … بديل رفيق الحريري

GMT 06:52 2020 الخميس ,02 تموز / يوليو

هروب الدولار من لبنان

GMT 06:21 2020 الخميس ,25 حزيران / يونيو

رهان عربي على مصر.. من ليبيا

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 10:19 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحداث المشجعة تدفعك إلى الأمام وتنسيك الماضي

GMT 16:13 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتورة أميرة الهندي تؤكد استحواذ إسرائيل على ثلث المرضى

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عروض فنية للأطفال في افتتاح مسرح "متروبول"

GMT 06:02 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تألق سويفت ولارسون وكلارك وصلاح في حفل "تايم"

GMT 14:01 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

سكارليت جوهانسون تُوضِّح أنّ وقف تقنية "deepfake" قضية خاسرة

GMT 06:31 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

خبراء يكشفون عن أسوأ 25 كلمة مرور تم استعمالها خلال عام 2018

GMT 15:38 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحمد أحمد يتوجّه إلى فرنسا في زيارة تستغرق 3 أيام

GMT 09:02 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"إسبانيا" الوجهة المثالية لقضاء شهر عسل مميز

GMT 04:53 2015 الأحد ,15 آذار/ مارس

القلادة الكبيرة حلم كل امرأة في موضة 2015
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday