الفصل ما قبل الأخير في صنعاء
آخر تحديث GMT 07:46:26
 فلسطين اليوم -

الفصل ما قبل الأخير في صنعاء

 فلسطين اليوم -

الفصل ما قبل الأخير في صنعاء

بقلم : خير الله خير الله

ما نشهده حاليا في صنعاء هو الفصل ما قبل الأخير من عملية انفضاض التحالف الذي قام في مرحلة معيّنة بين الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح من جهة والحوثيين (أنصار الله) من جهة أخرى. كيف سيكون الفصل الأخير الذي بدأت ترتسم معالمه في الرابع والعشرين من آب-أغسطس الماضي؟

يومذاك، منع الحوثيون، تحت التهديد، علي عبدالله صالح من إلقاء الكلمة التي كان يريد إلقاءها في المهرجان الذي أقامه “المؤتمر الشعبي العام” في ميدان السبعين في صنعاء. كان لا بدّ من وساطة خارجية كي يسمح “أنصار الله” للرئيس السابق، الذي أراد الاحتفال بالذكرى الخامسة والثلاثين لتأسيس حزبه، بالكلام.

اقتصر كلامه على خطاب قصير، لا طعم له ولا لون، خضع نصّه للرقابة الحوثية المسبقة. انصرف بعد ذلك الرئيس السابق إلى منزله، فيما انصرف الجمهور، كلّ من حيث أتى، خصوصا إلى المناطق المحيطة بصنعاء التي يردّد معظم وجهائها عبارة “نخزّن مع علي عبدالله صالح ونقاتل مع الحوثي”. أي أنّهم يشاركون الرئيس السابق في جلسة القات، وهذا ما يسمّى “التخزين”، فيما يقفون مع الحوثي ويقاتلون معه عندما يأتي وقت الجدّ.

يختزل المشهد الحالي مقطع من رسالة لصالح الصمّاد رئيس المجلس السياسي الأعلى الذي قام بين “أنصار الله” والمؤتمر في مرحلة ما بعد استيلاء “أنصار الله” على العاصمة في الحادي والعشرين من أيلول-سبتمبر 2014.

يسأل الصمّاد جماعة “المؤتمر الشعبي العام” الذين هددوا بفض الشراكة بين الجانبين “أيّ شراكة صورية تتحدثون عنها وأنتم المعطلون لدور المجلس السياسي الأعلى والحكومة. نحن أيضا لا يشرّفنا البقاء في مسؤولية صورية تعجز عن إصلاح أبسط الإصلاحات”. لا يكشف ما ورد على لسان الصمّاد تحدّيا مباشرا ورغبة في الانتهاء من التحالف القائم فحسب، بل يكشف أيضا جهلا باللغة العربية وبماذا تعني الكلمات. ماذا تعني عبارة “إصلاح أبسط الإصلاحات”؟

في كلّ الأحوال، تظهر رسالة الصمّاد التي جاءت ردّا على رسالة صادرة عن عارف الزوكا، الأمين العام لـ”المؤتمر” رغبة في الاستيلاء على كلّ مؤسسات الدولة. يكفي للتأكد من ذلك شكوى المسؤول الحوثي من عدم استيعاب عناصر “اللجان الشعبية” في المؤسسات الحكومية ووزارات الدولة “مكافأة” على ما قامت به هذه العناصر “من حماية لمؤسسات الدولة”.

أين توجد دولة في العالم تستوعب فيها المؤسسات الرسمية والوزارات عناصر تنتمي إلى ميليشيا مذهبية بديلا عن العناصر التي تتمتع بكفاءات معيّنة واختصاصات في ميادين محدّدة ترفع من مستوى الدولة ومؤسساتها وتساعد في تحسين أداء الحكومة والقطاع العام. ما يريده الحوثيون من دمج للميليشيا التابعة لهم بالدولة القضاء نهائيا على ما بقي من مؤسسات في اليمن لا أكثر.

ما فشل الإخوان المسلمون في تحقيقه في العام 2011، أي الانتهاء من علي عبدالله صالح، سينجح فيه الحوثيون الذين لديهم حساب قديم يريدون تصفيته مع الرجل الذي كان وراء وجودهم، بل إنّه من ارتكبهم في مرحلة البحث عن توازنات جديدة في البلد نتيجة انهيار الحزب الاشتراكي بعد حرب الانفصال صيف العام 1994.

كان علي عبدالله صالح وراء توجيه الحوثيين نحو إيران وربطها بهم على كلّ الصعد، بما في ذلك المجال المذهبي… إلى أن اكتشف في العام 2003 أنّهم صاروا في حضنها. حدث ذلك، عندما أطلقوا “الصيحة” في وجهه. بعد صلاة الجمعة في المسجد الرئيسي في صعدة وقف شاب وصاح “الموت لأميركا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام”.

أدرك الرئيس اليمني الذي كان في عزّ جبروته في تلك المرحلة، خصوصا بعد توقيعه اتفاق ترسيم الحدود مع المملكة العربية السعودية، أن من كانوا يسمّون “الشباب المؤمن”، المعبئين لمواجهة تمدّد الإخوان المسلمين ومدارسهم في الشمال اليمني، لم يعودوا في جيبه.

منذ ذلك اليوم من العام 2003، لم يتوقفّ الصراع بين علي عبدالله صالح والحوثيين الذين صاروا “أنصار الله” بعدما كانوا “الشباب المؤمن”. خلافا لكلّ ما قيل ويقال عن امتلاك الحوثيين مشروعا سياسيا أو ما شابه ذلك، يشير الواقع إلى أنّهم ليسوا سوى أداة إيرانية ولا شيء آخر. إضافة إلى ذلك، لديهم ارتباط وثيق جدّا بـ”حزب الله” في لبنان. والحزب ليس في نهاية المطاف سوى لواء في “الحرس الثوري” الإيراني.

في الواقع، ليس ما يدور حاليا في صنعاء سوى تتمة لأحداث 2011 حين سعى الإخوان المسلمون ممثلين بحزب “التجمّع اليمني للإصلاح” إلى التخلّص من علي عبدالله صالح والحلول مكانه. لم يدركوا معنى استغلال “الربيع العربي” وخطف ثورة شباب يمني صادق كان يبحث فعلا عن التغيير وقتذاك.

ما لم يدركه الإخوان المسلمون على وجه الخصوص أن نقل الصراع إلى داخل أسوار صنعاء سيكون على حسابهم وأن المستفيد منه في المدى الطويل هو الحوثيون الذين تحركّهم السياسة الإيرانية.

حصل ما حصل وقام التحالف بين عبدالملك الحوثي وعلي عبدالله صالح. ولد هذا التحالف ميتا. أراد الرئيس السابق استخدام أسلوب المناورة الذي سمح له بأن يحكم اليمن من العام 1978 إلى العام 2011.

لم يكن الانقضاض التدريجي لـ“أنصار الله” على علي عبدالله صالح مفاجأة سوى للذين لا يعرفون شيئا عن الدهاء الإيراني. في مرحلة معيّنة، هادن الحوثيون الرئيس الانتقالي عبدربّه منصور هادي الذي أعاد هيكلة الجيش بعد توليه السلطة في الربع الأوّل من العام 2012. لم يتصدّ الجيش اليمني لـ“أنصار الله” عندما اجتاحوا محافظة عمران، معقل آل الأحمر، زعماء حاشد.

دفع عبدربّه ثمنا باهظا لهذا الخطأ الذي ينمّ عن جهل بالسياسة واليمن واليمنيين أكثر من أيّ شيء آخر. لم يصل الحوثيون إلى صنعاء، إلّا بعدما فتحت لهم المعسكرات المحيطة بها أبواب العاصمة على مصراعيها في الحادي والعشرين من أيلول-سبتمبر 2014.

يسيطر الحوثيون الآن على كلّ هذه المعسكرات التي كان قسم منها مواليا لعلي عبدالله صالح. كان آخر هذه المعسكرات معسكر الضبوة الذي يشرف على سنحان، وهي مسقط رأس علي عبدالله صالح.

ما لا يمكن تجاهله أيضا أن الرئيس السابق الذي لم يعد يمتلك ما يكفي من الإمكانات للدخول في أيّ مواجهة عسكرية مع خصومه القدامى، وهم خصومه الجدد، بات أسير الحيّ الذي يقيم فيه في صنعاء. أكثر من ذلك، خسر عددا كبيرا من أفضل الضباط الذين كانوا يدينون له بالولاء في الضربة الجوية التي استهدفت مجلس عزاء (مجلس عزاء آل رويشان) أقيم في صنعاء في مثل هذه الأيّام من العام الماضي.

في ظل كلّ هذه المعطيات، يصحّ التساؤل هل ينجح علي عبدالله صالح في الخروج من صنعاء تلبية لدعوة من أحد المعاهد الروسية؟ المرجّح أن الحوثيين لن يسمحوا له بذلك إلّا في حال استطاعت القيادة الروسية إقناع إيران بالتدخل لدى الحوثيين وممارسة نفوذها عليهم..

الأكيد أنّ أكثر ما يخيف الرئيس السابق هذه الأيّام أن الحوثيين لا يتركون ليلة تمرّ إلّا ويفهمونه أنّهم يعرفون تماما البيت الذي سينام فيه. يقولون له بكلّ بساطة إن أمنه مخترق حتّى النخاع..

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفصل ما قبل الأخير في صنعاء الفصل ما قبل الأخير في صنعاء



GMT 03:23 2023 الجمعة ,03 آذار/ مارس

ستون عاماً على الزلزال السوري

GMT 07:48 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

الحقد … بديل رفيق الحريري

GMT 06:52 2020 الخميس ,02 تموز / يوليو

هروب الدولار من لبنان

GMT 06:21 2020 الخميس ,25 حزيران / يونيو

رهان عربي على مصر.. من ليبيا

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:06 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر
 فلسطين اليوم - الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر

GMT 17:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25
 فلسطين اليوم - "نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 08:51 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 21:38 2020 الأحد ,03 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 06:51 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحمل" في كانون الأول 2019

GMT 07:28 2020 الخميس ,18 حزيران / يونيو

«الهلال الشيعي» و«القوس العثماني»

GMT 01:18 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة "أيقونة" رفع الأثقال بعد صراع مع المرض

GMT 22:54 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أصحاب دور العرض يتجهون إلى رفع "عمود فقرى" من السينما

GMT 10:32 2020 الأربعاء ,20 أيار / مايو

فساتين خطوبة للممتلئات بوحي من النجمات

GMT 16:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أحدث تصاميم ديكور لحدائق المنزل

GMT 17:03 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

اعتقال موظف وعشيقته داخل مقر جماعة في شيشاوة

GMT 12:46 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

العقوبات الأميركية تطال منح الطلاب الفلسطينيين في لبنان

GMT 09:52 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

قناعاتنا الشخصية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday