دفاعا عن الحصن اللبناني الأخير
آخر تحديث GMT 12:11:16
 فلسطين اليوم -

دفاعا عن الحصن اللبناني الأخير

 فلسطين اليوم -

دفاعا عن الحصن اللبناني الأخير

بقلم : خير الله خير الله

الحل الوحيد أمام لبنان واللبنانيين يتمثل في تشكيل حكومة تضم كفاءات بما يؤدي إلى تمكين البلد من الحصول على المساعدات الخارجية الموعود بها. هذه المساعدات لن تأتي من إيران ودول مفلسة أخرى.

ليس سعد الحريري وحده من يرفض الخضوع لإرادة "حزب الله"
يصعب تحديد طبيعة الأزمة اللبنانية التي يبدو أنّها تزداد خطورة مع مرور الأيّام في ظلّ مزيد من العراقيل توضع في طريق سعد الحريري الرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة. يسهل في المقابل تحديد طبيعة هذه الأزمة لدى العودة إلى الجذور، أي إلى السلاح غير الشرعي لدى ميليشيا مذهبية تابعة لإيران تتحكّم بكلّ صغيرة وكبيرة في البلد.

زادت الأزمة اللبنانية تعقيدا بعد الانتخابات النيابية الأخيرة التي أجريت في السادس من أيّار – مايو الماضي. إلى الآن، لم تظهر نتائج الانتخابات على حقيقتها في ظل إصرار “حزب الله” على التصرّف من موقع المنتصر في هذه الانتخابات التي استطاع إجراءها استنادا إلى قانون وُضعَ على مقاسه.

أنجب هذا القانون العجيب الغريب، القائم على النسبية وعلى ما هو مناقض لها في آن، مجلسا نيابيا حقّق الكثير مما كان يطمح إليه الحزب الذي أغلق مجلس النواب عامين كاملين بغية فرض مرشحه لرئاسة الجمهورية.

خيّر “حزب الله” البلد، في الماضي، بين انتخاب مرشّحه رئيسا للجمهورية، وبين الفراغ الرئاسي. وضع اللبنانيين الصادقين الذين يمتلكون حدّا أدنى من الروح الوطنية، أمام خيارين أحلاهما مرّ. اختار اللبنانيون الشرفاء الذين يرفضون أي مجازفة بمصير البلد استبعاد الفراغ الرئاسي. المشكلة أنّ هذا الخيار الذي كان في محله لم يفضِ إلى النتائج المرجوة. الدليل على ذلك واضح. يتمثل في أن الأزمة التي يعاني منها لبنان مستمرّة وزادت هذه الأزمة تجذّرا بعد الانتخابات النيابية التي لا تزال في حاجة إلى من يفسّر نتائجها، وكيف تنعكس هذه النتائج على تشكيل الحكومة الجديدة.

عندما فُرض رئيس الجمهورية اللبنانية على اللبنانيين فرضا، كرّس “حزب الله” عُرفا سيكون من الصعب على البلد الخروج منه. لم يعد مجلس النواب يجتمع، كما يطلب الدستور، مع اقتراب موعد نهاية ولاية رئيس الجمهورية. صار على المجلس أن يجتمع من أجل غرض واحد هو التصويت لمصلحة المرشّح الذي اختاره “حزب الله”، الذي ليس سوى لواء في “الحرس الثوري” الإيراني، كي يصبح رئيسا للجمهورية. دون ذلك، يبقى مجلس النوّاب مغلقا ويبقى كل شيء يراوح مكانه في ظلّ فراغ رئاسي.

ما نشهده اليوم نتيجة مباشرة لما حدث قبل عامين وشهر تقريبا عندما التأم مجلس النواب لانتخاب ميشال عون رئيسا للجمهورية. ففي ظل الحاجة إلى بقاء سعد الحريري رئيسا لمجلس الوزراء، تبذل محاولة لفرض حكومة ذات تركيبة معيّنة على الرجل. بكلام أوضح، مثلما أنّ “حزب الله” صار في موقع من يختار للبنان رئيس جمهوريته، لا بدّ من الانتقال إلى ما هو أبعد من ذلك، أي إلى تشكيله للحكومة اللبنانية. يمارس هذا الفعل استنادا إلى ما سمّاه حسن نصرالله، الأمين العام للحزب، “معايير” معيّنة فرضتها نتائج الانتخابات النيابية.

مطلوب بكلّ بساطة أن يتحوّل رئيس مجلس الوزراء في لبنان إلى “مدير” لجلسات المجلس، أي إلى موظف آخر رفيع المستوى لدى “حزب الله”. هذا ما لا يمكن لسعد الحريري القبول به. ليس سعد الحريري وحده من يرفض ذلك، مع ما يعنيه الأمر من انقلاب على اتفاق الطائف وتهميش لكلّ الطائفة السنّية في لبنان… امتدادا لما حصل في سوريا منذ استيلاء حافظ الأسد على كلّ السلطات في تشرين الثاني – نوفمبر 1970، وفي العراق بعد العام 2003 وتشكيل مجلس الحكم الموقت الذي كان الهدف منه واضحا كل الوضوح، أي التهميش الكامل للسنّة العرب وعزلهم عن القرار السياسي.

نعم، ليس سعد الحريري وحده من يرفض الخضوع لإرادة “حزب الله”. وقف إلى جانبه رؤساء الوزارة السابقون وهم تمام سلام وفؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي. أنْ يتخذ نجيب ميقاتي موقفا حازما من أي مسّ بصلاحيات رئيس مجلس الوزراء بموجب المادة 53 من الدستور حدث مهمّ، خصوصا أن الأخير خاض الانتخابات في طرابلس على رأس لائحة منافسة للائحة “تيار المستقبل”، إضافة إلى أنه قبل في العام 2011 أن يكون رئيسا لحكومة شكّلها له “حزب الله” وذلك في ظلّ ضغوط كبيرة، لم تكن سرّا على أحد، مارسها عليه وعلى أفراد عائلته بشّار الأسد شخصيا.

المضحك-المبكي في كل المشهد اللبناني أن هناك فئة من المسيحيين تعتقد أنّ في استطاعتها استرجاع حقوقها وتعديل اتفاق الطائف معتمدة على سلاح “حزب الله”. لا تدري هذه الفئة أن ما تفعله وتمارسه يُعتبر الطريق الأقصر لتهجير مزيد من اللبنانيين من لبنان، خصوصا من المسيحيين.

مخيف أنّه لا وجود لأي إدراك لخطورة السلاح غير الشرعي في لبنان من جهة، إضافة إلى رغبة في تجاهل تجارب الماضي القريب من جهة أخرى. تقول هذه التجارب إن الحلّ الوحيد أمام لبنان واللبنانيين يتمثل في تشكيل حكومة تضمّ كفاءات بما يؤدي إلى تمكين البلد من الحصول على المساعدات الخارجية الموعود بها. هذه المساعدات لن تأتي من إيران ودول مفلسة أخرى.

هذه المساعدات لا تأتي إلا إذا تشكلت حكومة برئاسة سعد الحريري تكون مقبولة من المجتمع الدولي الذي لن ينقذ الاقتصاد اللبناني إلّا في إطار شروط معيّنة على اللبنانيين التزامها بصرامة. باختصار شديد، لن يُفرج عن أي مساعدات مخصصة للبنان بموجب مؤتمر “سيدر” الذي انعقد في باريس في نيسان – أبريل الماضي في غياب حكومة شبه معقولة لا يتحكّم بها “حزب الله”.

هذا هو الوضع اللبناني كما هو. أصبحت رئاسة مجلس الوزراء الحصن الأخير في الدفاع عن لبنان، خصوصا بعدما تعلّم السنّة من تجارب الماضي القريب عندما ارتكبوا خطيئة اعتبار أن الفلسطينيين جيشهم، وأن هذا الجيش سيخلّصهم من “المارونية السياسية”. تغيّر السنّة كلّيا في السنوات الماضية. عرفوا معنى التجاوزات الفلسطينية في لبنان، وعرفوا خطورة أن يحلّ مكان زعمائهم الكبار، من وزن صائب سلام وتقيّ الدين الصلح، زعران أحياء من مستوى إبراهيم قليلات، المدان في جريمة اغتيال كامل مروّة.

على الرغم من الوضع الاقتصادي المهترئ وغياب الرؤية لدى مسيحيين كثيرين، لم يفقد كلّيا بعد الأمل في إنقاذ لبنان، علما أن الخطوة الأولى في عملية الإنقاذ هذه تبدأ بالاعتراف بأن هناك أزمة عميقة على كلّ المستويات.

ليست الأزمة أزمة اقتصادية فقط، وليست أزمة بنى تحتية وطرقات وعجز عن معالجة الازدحام في مطار رفيق الحريري في بيروت أو التقصير في التعاطي مع ملفي الكهرباء والنفايات. هناك محاولة لوضع اليد على مؤسسة رئاسة مجلس الوزراء عبر سلاح غير شرعي لميليشيا مذهبية تتلقى أوامرها من خارج لبنان.

هل من يعي هذا الواقع، أم المطلوب تكرار الخطأ الذي ارتكبته في الماضي أوساط سنّية اعتقدت أن في استطاعتها تحصيل حقوقها عبر السلاح الفلسطيني؟ انتهى الأمر بأن سقطت هذه الأوساط، مع الفلسطينيين طبعا، في لعبة كان يديرها النظام السوري من دمشق. هذه اللعبة نفسها تدار الآن بوسائل أخرى ولكن من طهران!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دفاعا عن الحصن اللبناني الأخير دفاعا عن الحصن اللبناني الأخير



GMT 03:23 2023 الجمعة ,03 آذار/ مارس

ستون عاماً على الزلزال السوري

GMT 07:48 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

الحقد … بديل رفيق الحريري

GMT 06:52 2020 الخميس ,02 تموز / يوليو

هروب الدولار من لبنان

GMT 06:21 2020 الخميس ,25 حزيران / يونيو

رهان عربي على مصر.. من ليبيا

تارا عماد تتألق بإطلالات عصرية ملهمة لطويلات القامة من عاشقات الموضة والأناقة

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 18:41 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

أميركا توسع قائمة العقوبات ضد إيران

GMT 21:49 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

انتقال النسخة الـ23 من بطولة كأس الخليج إلى الكويت

GMT 16:12 2016 الخميس ,30 حزيران / يونيو

أجنحة الدجاج بالليمون والعسل

GMT 09:12 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

استبعاد تاج محل من كتيب السياحة الهندي يُثير السخرية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday