عندما يحتفل النظام السوري بذكرى كارثة
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

عندما يحتفل النظام السوري بذكرى كارثة

 فلسطين اليوم -

عندما يحتفل النظام السوري بذكرى كارثة

بقلم : خير الله خير الله

النظام السوري لا يستطيع في الوقت الراهن استيعاب أن الخيار الوحيد الذي بقي أمامه هو الرحيل من دمشق. عاجلا أم آجلا سيحتفل السوريون بجلاء النظام عن دمشق. سيحصل ذلك بعد تدمير الغوطة الشرقية وتهجير أهلها من منطلق مذهبي ليس إلا تلبية لرغبات إيران.

السيادة الوطنية وفق مفهوم نظام الأسد
من أطرف ما شهدته الأيّام القليلة الماضية صدور بيان عن القيادة القطرية لحزب البعث في سوريا في مناسبة مرور خمسة وخمسين عاما على الانقلاب العسكري الذي جاء بهذا الحزب إلى السلطة في الثامن من آذار – مارس من العام 1963. قتل ذلك الانقلاب، الذي خطّط له في الواقع ضباط علويون، على رأسهم محمّد عمران وصلاح جديد وحافظ الأسد، أي أمل في أن تقوم لسوريا قيامة في يوم من الأيّام.

ما زرعه النظام الأمني، الذي قام مع الوحدة المصرية – السورية في العام 1958، من بؤس وقمع وتهجير لأبناء الطبقة المعلّمة والمستنيرة والبورجوازية السنّية والمسيحية، حصده الضبّاط الذين انقلبوا على “الانفصاليين” الذين حاولوا إعادة الحياة إلى سوريا عندما أنهوا الوحدة مع مصر في الثامن والعشرين من أيلول – سبتمبر 1961.

كان الانفصال المحاولة اليتيمة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من سوريا المؤهلة، في الماضي طبعا، لأن تكون إحدى الدول الطليعية في المنطقة. بدل أن تلعب سوريا دورا طليعيا، سقطت في يد الأجهزة الأمنية التي كانت الوسيلة التي لجأ إليها الضباط العلويون ثمّ حافظ الأسد ابتداء من خريف العام 1970 لإقامة نظام أقلّوي تحت شعار “الحركة التصحيحية”.

تحول هذا النظام الأقلّوي بعد العام 2000، في عهد بشّار الأسد إلى نظام عائلي. لعلّ الميزة الأهم لهذا النظام السوري في عهد الأسد الابن كونه يرفض الاعتراف بالواقع السوري وبالحال التي وصلت إليها سوريا التي صارت تعاني من خمسة احتلالات، بل صارت تحت خمس وصايات.

من يقرأ البيان الصادر عن القيادة القطرية لحزب البعث يحتار بين الضحك والبكاء. لكن هذه الحيرة تتوقف عند الوصول إلى بعض المقاطع التي تؤكد أن النظام السوري يعيش في عالم آخر. من بين العبارات الواردة في البيان تلك التي ورد فيها الآتي “في إطار التطوير الذاتي هذا، استقامت الثورة (انقلاب الثامن من آذار 1963) بالحركة التصحيحية (في العام 1970) التي قادها القائد المؤسس حافظ الأسد. واندفعت عملية التنمية الشاملة على المستوى الداخلي مترافقة مع سياسة قومية عربية فاعلة ومواقف دولية تؤكّد أهميّة السيادة واستقلال القرار. هذا التطوّر النوعي جعل من سوريا دولة مستقلّة تماما في منطقة عزّ فيها الاستقلال. دولة متحرّرة من قيود البيوتات المالية الدولية وشروطها. إن تعاظم دور سوريا في المنطقة وعلى المستوى العالمي جعل أعداء العروبة والاستقلال والإنسانية يحشدون كل ما لديهم من طاقات وإمكانات لمواجهة سوريا. يدفعهم في ذلك خوف من أن تنتقل عدوى الاستقلال إلى دول أخرى..”.

تختزل هذه المقاطع الواقع السوري. هناك نظام يتحدّث عن الاستقلال فيما البلد واقع تحت خمسة احتلالات. يسيطر الأميركيون على ثلث الأراضي السورية وعلى معظم ثروات البلد. ويسيطر الروسي على الساحل السوري وتركيا على مساحة تزيد على مساحة لبنان من الأراضي السورية. ويسيطر الإيراني على دمشق وعلى جزء من الجنوب السوري، فيما لا يزال الإسرائيلي في الجولان المحتل منذ العام 1967، أي منذ ما يزيد على نصف قرن بقليل.

إذا كان من دور لعبه النظام السوري، منذ العام 1963، مع التوقف عند محطّتي 1966 و1970، فهذا الدور يتمثّل في تفتيت سوريا ولا شيء آخر غير ذلك. عندما يتحدّث هذا النظام، الذي تذكّر أخيرا حزب البعث وانقلاب 1963، عن الاستقلال فإنّه يبحث عن غطاء لعملية الاغتيال التي نفّذت ببطء واستهدفت التخلص من سوريا.

لا يستطيع النظام السوري في الوقت الراهن استيعاب أن الخيار الوحيد الذي بقي أمامه هو الرحيل من دمشق. عاجلا أم آجلا سيحتفل السوريون بجلاء النظام عن دمشق. سيحصل ذلك بعد تدمير الغوطة الشرقية وتهجير أهلها من منطلق مذهبي ليس إلّا تلبية لرغبات إيران.

عاجلا أم آجلا أيضا، سيجد النظام السوري نفسه أمام حائط مسدود. يعود ذلك إلى أن الجانب الروسي الذي يعاونه في الخلاص من الغوطة الشرقية يريده ورقة ضغط في مفاوضات مع الأميركيين تتجاوز سوريا. تكمن مشكلة موسكو في أنّ إدارة ترامب ليست في وارد إعطاء شيء لفلاديمير بوتين في مقابل رأس بشار الأسد.

يعرف النظام ذلك وهو يمتلك ما يكفي من الدهاء لتوريط الجانب الروسي في لعبة لا أفق لها ما دام في وضع يستطيع فيه الرهان على منافسة بين موسكو وطهران وعلى تجاذب بين العاصمتين عنوانه لمن ستكون الكلمة الأخيرة في دمشق في مرحلة ما بعد رحيل بشّار الأسد.

في انتظار الرحيل عن دمشق والمعركة الكبيرة التي سيشهدها الجنوب السوري في حال إصرار إيران على البقاء فيه وعلى أن تكون دولة متوسطية، ليس أمام النظام سوى متابعة ممارسة لعبة الهروب إلى أمام. ليس البيان الصادر عن القيادة القطرية لحزب البعث سوى دليل آخر على أن النظام يعاني من مرض التوحّد. يمنعه هذا المرض من رؤية الأمور كما هي وأن يكون على تماس مع الواقع، بما في ذلك أنّ النظام الذي أقامه حافظ الأسد لم يكن في يوم من الأيّام سوى أداة تستخدم في لعبة لم يكن من هدف نهائي لها سوى الانتهاء من سوريا عمليا.

مؤسف أن عربا كثيرين لم يفهموا ذلك منذ البداية. تغاضوا عن تسليم الجولان لإسرائيل في العام 1967، عندما كان الأسد الأب لا يزال وزيرا للدفاع. تغاضوا عن الدور الذي لعبه النظام في توريط الفلسطينيين في حروب لبنان من أجل القضاء على الوطن الصغير.

تغاضوا عن الدور الذي لعبه النظام في إدخال إيران إلى سوريا ثم إلى لبنان بهدف تأجيج الصراع المذهبي في تلك المناطق.

تغاضوا عن دوره التآمري على العراق في كلّ وقت من الأوقات. هذا غيض من فيض ممارسات النظام في نصف قرن وأكثر.

هناك لائحة لا تنتهي وربّما لن تنتهي يوما لإنجازات النظام السوري الذي لا يخجل من ترديد كلمة “استقلال” ومن استعادة ذكرى الكارثة التي حلت بسوريا في مثل هذه الأيّام من العام 1963. هل من نظام في العالم يفتخر بكارثة ويلجأ إلى ذكرى تلك الكارثة لتبرير حربه على شعبه؟

متى ينتهي دور النظام السوري. لن ينتهي قبل الانتهاء من سوريا. السيناريو اليوغوسلافي صار جاهزا. قد يكون هذا السيناريو الوحيد الذي يصلح لسوريا ما بعد المراحل التي مرّت فيها منذ استيلاء البعث على السلطة قبل خمسة وخمسين عاما…

المصدر : جريدة العرب

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عندما يحتفل النظام السوري بذكرى كارثة عندما يحتفل النظام السوري بذكرى كارثة



GMT 03:23 2023 الجمعة ,03 آذار/ مارس

ستون عاماً على الزلزال السوري

GMT 07:48 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

الحقد … بديل رفيق الحريري

GMT 06:52 2020 الخميس ,02 تموز / يوليو

هروب الدولار من لبنان

GMT 06:21 2020 الخميس ,25 حزيران / يونيو

رهان عربي على مصر.. من ليبيا

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 10:19 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحداث المشجعة تدفعك إلى الأمام وتنسيك الماضي

GMT 16:13 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتورة أميرة الهندي تؤكد استحواذ إسرائيل على ثلث المرضى

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عروض فنية للأطفال في افتتاح مسرح "متروبول"

GMT 06:02 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تألق سويفت ولارسون وكلارك وصلاح في حفل "تايم"

GMT 14:01 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

سكارليت جوهانسون تُوضِّح أنّ وقف تقنية "deepfake" قضية خاسرة

GMT 06:31 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

خبراء يكشفون عن أسوأ 25 كلمة مرور تم استعمالها خلال عام 2018

GMT 15:38 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحمد أحمد يتوجّه إلى فرنسا في زيارة تستغرق 3 أيام

GMT 09:02 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"إسبانيا" الوجهة المثالية لقضاء شهر عسل مميز

GMT 04:53 2015 الأحد ,15 آذار/ مارس

القلادة الكبيرة حلم كل امرأة في موضة 2015
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday