شهران على اغتيال علي عبدالله صالح
آخر تحديث GMT 07:46:26
 فلسطين اليوم -

شهران على اغتيال علي عبدالله صالح

 فلسطين اليوم -

شهران على اغتيال علي عبدالله صالح

بقلم : خير الله خير الله

بعد أيام قليلة، يمضي شهران على اغتيال الحوثيين (أنصار الله) لعلي عبدالله صالح، رئيس الجمهورية العربية اليمنية، ثم الجمهورية اليمنية من منتصف العام 1978 إلى مطلع 2012، لا يزال السؤال المحيّر يطرح نفسه. كيف يمكن لرجل حذر مثل علي عبـدالله صالح استطاع البقـاء في السلطة كل هذه السنـوات أن يقع في الفخّ الذي نصبه له عبدالملك بدرالدين الحوثي الذي يعتقد أن لديه حسابا يريد تصفيته مع ذلك الذي حكم اليمن طوال ما يزيد على ثلاثة وثلاثين عاما.من الصعب العثور على جواب عن مثل هذا السؤال، حتى لشخص عرف علي عبدالله صالح منذ العام 1986، حين كان يرفض إجراء حوار صحافي مباشر، إلى أن صار بعد العام 1995 يريد أن يكون صاحب الأسئلة والأجوبة في المقابلة الصحافية.

ربما ساهم تبسيط الأمور في فهم لماذا استطاع الحوثيون محاصرة علي عبدالله صالح في بيته وقتله بطريقة وحشية بذريعة أنه وراء مقتل حسين بدرالدين الحوثي، شقيق عبدالملك الحوثي، في العام 2004.على الرغم من امتلاكه ذكاء فطريا من النوع الذي يجعل منه سياسيا استثنائيا، يظل علي عبدالله صالح إنسانا بسيطا ذا ثقافة متواضعة. المرجح أنه كان يعتقد أن في استطاعته الاعتماد على الذين دعمهم في الماضي من جهة، وعلى قدرته على تجاوز كل أنواع الأزمات من جهة أخرى.كان يظن أن لديه قاعدة شعبية واسعة وأن القبائل المقيمة في محيط صنعاء والتي تسمى “قبائل الطوق” لا يمكن أن تتخلى عنه، خصوصا أنه قدم لها الكثير طوال سنوات حكمه الطويل.

لم يدرك أن هذه القبائل اختارت السير مع الحوثيين منذ فترة طويلة، وأن زعماءها كانوا يقولون في مجالسهم الخاصة: نخزّن مع الرئيس، أي نمضغ القات معه، ونقاتل مع الحوثي.جاء عشرات الآلاف من رجال القبائل إلى ميدان السبعين في صنعـاء في آب – أغسطس الماضي للمشـاركة في احتفـال ضخم في الذكرى الـ35 لتأسيس “المؤتمر الشعبي العام”، وهـو الحزب الذي أسسه علي عبدالله صالح في العام 1982 وكان من بين الأدوات التي استخدمها للإمساك بالسلطة وتذويب الأحزاب الصغيرة واحتوائها.بعد ساعات قليلة من انتهاء الاحتفال، عاد رجال القبائل من حيث أتوا. تلقى علي عبدالله صالح في ذلك اليوم سلسلة من التحذيرات، من بينها منعه من إلقاء كلمة طويلة في الاحتفال. اقتصرت كلمته على نص قصير أُخضع مسبقا لموافقة الحوثيين الذين نشروا قناصين في مواقع تشرف على المنصة التي كان يجلس فيها الرئيس السابق.كان علي عبدالله صالح يعرف الحقيقة لكنه أصر على المكابرة.

كان يعرف تماما أن “قبائل الطوق” صارت في مكان آخر، لكنه لم يصدق لحظة أن هذه القبائل لن تهبَّ، في اللحظة الأخيرة، لنجدته عندما تصبح حياته في خطر.ذهب ضحية المكابرة والإيمان والثقة بقبائل كان يعرف تماما أنه لا يمكن الوثوق بها. هل من جاء واشترى هذه القبائل في مرحلة كان يمكن أن تدعم علي عبدالله صالح في المواجهة الأخيرة مع الحوثيين؟قبل ذلك، لم تعد هناك من قوات عسكرية بإمرة علي عبدالله صالح وذلك منذ اليوم الذي سلم فيه الرئاسة إلى نائبه عبدربه منصور هادي في شباط – فبراير من العام 2012. من بقي مواليا له من كبار الضباط في القوات المسلحة، قُتل في قصف الصالة الكبرى خلال عزاء لآل الرويشان في صنعاء يوم الثامن من تشرين الأول – أكتوبر من العام 2016.كان يتظاهر بالقوة لكنه لم يكن يملك شيئا منها على أرض الواقع. لم يبق معه سوى عـدد قليل من المخلصين قاتلوا بشجاعة في الأيام الثلاثة التي انتهت باقتحام بيته، وتنفيذ حكم أصدره عبدالملك الحوثي بحقه.ما يدلّ على أن علي عبدالله صالح لم يكن يتوقع، في أيّ وقت، أن يدخل “أنصار الله” بيته هو أن معظم الوثائق السرية التي كانت تعود إليه بقيت سليمة في المنزل. الأكيد أن الحوثيين استولوا عليها ونقلوها إلى حيث يجب نقلها.ما الذي يمكن قـوله بعد شهرين تقريبا من اغتيال علي عبدالله صالح؟ لعل أول ما يمكن الإشارة إليه هو الافتقاد إلى قيادات يمنية استطاعت أن ترث زعامته.كان علي عبدالله صالح الشخص القادر على الحوار مع الجميع وعلى تقديم كلّ التنازلات المطلوبة متى تدعو الحاجة إلى ذلك.

كان رمزا للقدرة على الأخذ والعطاء في اليمن. لم يعد يوجد في البلد من يـريد التعاطي مع الآخر.لا يوجد في الواقع أي مشروع سياسي يمكن أن يكون موضع اتفاق بين “شرعية”، تبدو في حال ضياع أكثر من أي وقت، وبين حوثيين تحولوا إلى أداة إيرانية لا أكثر.ما الذي تريده إيران في اليمن حاليا؟ تريد تحويل الشمال إلى ما يشبه قطاع غزّة الذي تديره “حماس” منذ منتصف العام 2007، أي منذ ما يزيد على سبع سنوات ونصف سنة.خسر علي عبدالله صالح معركته في اليوم الذي قرر فيه البقاء في صنعاء بعد وضع الحوثيين يدهم عليها في الواحد والعشرين من أيلول – سبتمبر 2014. بدأ العد العكسي للتخلص منه في ذلك اليوم.كانت المسألة مسألة وقت لا أكثر. جاء التخلص منه ليؤكد أن مرحلة الحوار في اليمن صارت من الماضي. كانت الشراكة بينه وبين الحوثيين، وإن كانت شكلية ومصطنعة ولا منطق لها، توحي بأن باب الحوار لم يغلق كليا.بقتلهم علي عبدالله صالح، لم يغلق “أنصار الله” باب الحوار نهائيا فحسب، بل وجهوا في الوقت ذاته رسالتين.الرسالة الأولى أن لديهم رغبة في إقامة إمارة خاصة بهم في مناطق شمالية يمنية على تماس مع المملكة العربية السعودية. ليس كلام عبدالملك الحوثي عن “شرعية ثورية” كلاما عابرا.هناك إصرار لدى الحوثيين على إلغـاء الجمهورية اليمنية التي تأسست في العام 1962 والعودة إلى الإمـامة. بالنسبة إلى عبـدالملك الحوثي، ألغت “ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر 2014” “ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962”.أما الرسالة الأخرى التي وجهها الحوثيون، فهي تتمثل في أنهم لن يخرجوا من صنعاء إلا بالقوة. هل من يستطيع إلحاق هزيمة عسكرية بهم تعيدهم إلى كهوف صعده التي انطلقوا منها في اتجاه المحافظات الأخرى، وبلغوا عدن والمخا في مرحلة معينة؟إذا كان من درس يمكن تعلمه من اغتيال علي عبدالله صالح، فهذا الدرس هو أن لا أمـان للحوثيين وأنهم وحدهم الـذين يمتلكون مشروعا سياسيا في اليمن تقف خلفه إيران.إنه مشروع متخلف، على كل صعيد، إلى أبعد حدود ولا أفق له في المدى البعيد، لكنه مشروع قائم على تحويل اليمن إلى شوكة في خاصرة دول الخليج العربي.كذلك، يتبين الآن أنه لم يكن من بديل لـ“عاصفة الحزم” التي شنها التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية في آذار – مارس 2015. لم تكن هذه الحملة العسكرية، بغض النظر عن كل ما يقال عنها، سوى رد فعل في سياق الدفاع عن النفس في وجه المشروع الإيراني في اليمن الذي كان علي عبدالله صالح من ضحاياه!

نقلًا عن جريدة العرب

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شهران على اغتيال علي عبدالله صالح شهران على اغتيال علي عبدالله صالح



GMT 03:23 2023 الجمعة ,03 آذار/ مارس

ستون عاماً على الزلزال السوري

GMT 07:48 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

الحقد … بديل رفيق الحريري

GMT 06:52 2020 الخميس ,02 تموز / يوليو

هروب الدولار من لبنان

GMT 06:21 2020 الخميس ,25 حزيران / يونيو

رهان عربي على مصر.. من ليبيا

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:06 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر
 فلسطين اليوم - الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر

GMT 17:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25
 فلسطين اليوم - "نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 08:51 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 21:38 2020 الأحد ,03 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 06:51 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحمل" في كانون الأول 2019

GMT 07:28 2020 الخميس ,18 حزيران / يونيو

«الهلال الشيعي» و«القوس العثماني»

GMT 01:18 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة "أيقونة" رفع الأثقال بعد صراع مع المرض

GMT 22:54 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أصحاب دور العرض يتجهون إلى رفع "عمود فقرى" من السينما

GMT 10:32 2020 الأربعاء ,20 أيار / مايو

فساتين خطوبة للممتلئات بوحي من النجمات

GMT 16:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أحدث تصاميم ديكور لحدائق المنزل

GMT 17:03 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

اعتقال موظف وعشيقته داخل مقر جماعة في شيشاوة

GMT 12:46 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

العقوبات الأميركية تطال منح الطلاب الفلسطينيين في لبنان

GMT 09:52 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

قناعاتنا الشخصية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday