حماس والإفلاس
آخر تحديث GMT 21:12:46
 فلسطين اليوم -

"حماس" والإفلاس

 فلسطين اليوم -

حماس والإفلاس

بقلم : خير الله خير الله

كيف يمكن لـ"حماس" الاقتناع بأن صواريخها تصب في خدمة إسرائيل وتجويع الشعب الفلسطيني وأن عليها أن تتنحى وتترك شؤون القطاع لغيرها، بالتنسيق مع مصر طبعا، في انتظار إعادة تشكيل السلطة الوطنية الفلسطينية.

شعب غزة يدفعون ثمن إفلاس حماستتصرّف حركتا “حماس” و“الجهاد الإسلامي” في غزة وكأن شيئا لم يحدث منذ نصف قرن زائدا سنة واحدة.قبل واحد وخمسين عاما كانت هزيمة 1967. بعد مرور كلّ هذا الوقت، هناك من يريد أن يتعلم وهناك من لا يريد أن يتعلّم.

لو أرادت “حماس”، ومعها “الجهاد”، أن تتعلم شيئا من تجارب الماضي القريب، لكانت تصرفت بطريقة مختلفة من أجل رفع الحصار الظالم عن غزة. نعم، إنه حصار ظالم مستمر منذ ما يزيد على عشر سنوات.

المطلوب كسره اليوم قبل غد، بدل توفير كلّ المبررات المطلوبة إسرائيليا لاستمراره.قبل كلّ شيء، لن تساعد “سفينة الحرّية” التي انطلقت من غزّة في اتجاه قبرص وعليها مرضى وطلاب يريدون الالتحاق بجامعاتهم في فكّ الحصار.

لا يفكّ الحصار سوى عودة إلى المنطق.

يقول المنطق إنّ إطلاق الصواريخ من غزة في اتجاه إسرائيل لا يخدم سوى بنيامين نتانياهو، مثلما أن ذلك خدم في الماضي أرييل شارون الذي قرّر صيف العام 2005 الانسحاب من كل غزة، بغية الإمساك بطريقة أفضل بالضفة الغربية والقدس الشرقية تحديدا.

هذا ما أكّده دوف فايسغلاس في حديث طويل نشرته صحيفة “هآرتس” يشرح فيه الأسباب التي دفعت شارون إلى اتخاذ قـرار بالانسحاب من كل غزة وتفكيك المستوطنات الإسرائيلية المقامة في القطاع. كان فايسغلاس، وهو محام، مديرا لمكتب شارون، رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتذاك.

قال، بكل وضوح، إن الهدف من الانسحاب من غزة هو التفرّغ للضفّة الغربية وتكريس الاحتلال للجزء الأكبر منها في وقت كان معروفا تماما أن إسرائيل غير معنيّة أصلا باحتلال غزة، وكانت مستعدة في كل وقت للانسحاب منها وتركها فريسة للبؤس.

من بين أهمّ ما حققه ياسر عرفات عندما وفّر الغطاء المطلوب لاتفاق أوسلو في العام 1993، الإصرار على صيغة “غزة وأريحا أوّلا”، أي على ألا تقتصر بداية الانسحاب الإسرائيلي على القطاع، بل على أن يكون هناك أيضا انسحاب من الأرض في الضفّة الغربية في الـوقت ذاته. كان هناك إصرار لدى “أبوعمار” على الربط بين الضفة الغربية وغزة

. كل ما فعلته “حماس” منذ استيلائها على غـزة يتمثّل في تنفيذ ما تريده إسرائيل التي تمنت دائما أن يأخذ البحر غـزة ويبتلعها بمن فيها. ليس الحصار الذي شجعت عليه “حمـاس” في مرحلة معيّنة سوى ترجمة لهذا التفكير الإسرائيلي.

الأكيد أن فكّ الحصار عن غزة لا يكون بالتصعيد، خصوصا بإطلاق الصواريخ. هناك واقع لا مفرّ من الاعتراف به.

يتمثّل هذا الواقع في أن “حماس” وقعت في الفخّ الإسرائيلي عندما وفّرت كل التبريرات كي يقف العالم متفرّجا على مأساة غزة. تريد “حماس” تحويل غزّة قاعدة لتحرير فلسطين من البحر إلى النهر أو من النهر إلى البحر، لا فارق.

في الواقع، صارت “حماس” تريد اليوم، كما أرادت في السنوات القليلة الماضية، التوصّل إلى هدنة طويلة المدى مع إسرائيل، تثبت من خلالها شرعيتها كطرف مسؤول عن إدارة القطاع الذي حوّلته إلى “إمارة إسلامية” على الطريقة الطالبانية، نسبة إلى طالبان.

في مقابل الهدنة، تريد “حماس” في ضوء فشل مشروعها، خصوصا بعد التغيير الكبير الذي حصل في مصر عام 2013، فكّ الحصار عن القطاع. ه

ل هذه معادلة قابلة للحياة؟ هل سلاحها يردع إسرائيل ويقيم توازنا معها يسمح بالتفاوض في شأن الهدنة الطويلة؟كلمة واحدة تختزل ما فعلته "حماس" في غزة. الكلمة هي الإفلاس. لا خروج من الإفلاس باعتماد سياسة الهرب إلى أمام، أي إلى حرب مع إسرائيل خاسرة سلفا.

الخروج من الإفلاس يعني الاعتراف بالفشلصحيح أن إسرائيل ستحصل، بفضل الهدنة الطويلة، على جزء مما تريد، أي على تكريس الانفصال بين الضفّة الغربية وغزّة، لكن الصحيح أيضا أن ليس ما يضمن خلال الهدنة التي تطمح “حماس” إليها عدم وصول مزيد من الصواريخ الأكثر تطوّرا إلى القطاع. أضف إلى ذلك، أن “حركة الجهاد الإسلامي” التي شاركت في جولة الصواريخ الأخيرة التي أطلقت في اتجاه الأراضي الإسرائيلية مرتبطة عضويا بإيران. 

قرارها إيراني مئة في المئة، في حين أن النفوذ الإيراني داخل “حماس” موسمي ويعتمد على حسابات من نوع آخر أكثر تعقيدا.

باختصار شديد، لا يسمح ميزان القوى القائم بالوصول إلى هدنة طويلة.

هذا يعني أن هناك خطأ أساسيا تقوم عليه كلّ حسابات “حماس” التي لم تتعلّم شيئا من مدرسة الواقع، بل ما زالت تعيش في ظلّ أوهام الأفكار التي يروّج لها الإخوان المسلمون التي هي جزء لا يتجزأ منهم.يفترض في “حماس” البحث عن طريقة أخرى لإخراج غزّة من الحصار الذي لم يعد يناسبها كما كانت عليه الحال في الماضي.

لم يعد هذا الحصار، الذي غيّر طبيعة المجتمع الغزّاوي، يفيدها في هذه المرحلة في ظل الوضع الاجتماعي الذي يهدد بانفجار داخلي، وفي ظل حاجتها إلى بقاء قنوات الاتصال مفتوحة مع مصر.

لم يعد في استطاعة “حماس” تحويل غزّة قاعدة خلفية للإخوان المسلمين في مصر، كما كانت عليه الحال قبل سنوات.

ليس مطلوبا من “حماس”، في حال كانت تريد بالفعل فكّ الحصار عن غزّة، الاستسلام لإسرائيل.

كلّ ما عليها عمله هو أن تتذكّر أنّ في العالم شيئا آخر غير الصواريخ والسلاح والأنفاق، حتّى في غياب سلطة وطنية فلسطينية منهمكة حاليا في ترتيب مرحلة ما بعد “أبومازن”.

وهذا ما كشفه الاجتماع الذي عقده أخيرا في واشنطن مدير الاستخبارات الفلسطينية في الضفة الغربية ماجد فرج مع وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو الذي كان قبل ذلك مديرا لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي. آي. إي).

هناك طريق للعودة إلى المنطق والواقعية الذي يعني، أوّل ما يعني، أنّ الشعارات التي رفعتها “حماس” والتي ترفعها معها “الجهاد الإسلامي” تجلب البؤس ولا تطعم الغزاويين خبزا.

يكفي أن تتذكر “حماس” أنّها تستطيع إعادة عقارب الساعة إلى خلف، أي إلى الأيّام التي كان فيها مطار غزّة يعمل، إلى الأيام التي زار فيها الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون القطاع في العام 1998 وقصّ بنفسه الشريط إيذانا بتدشين المدرج الأساسي لمطار غزّة.

كان ذلك قبل عشرين عاما فقط.

لم يكن هناك حصار. كانت هناك رغبة دولية في مساعدة القطاع.هناك كلمة واحدة تختزل ما فعلته “حماس” في غزّة.

الكلمة هي الإفلاس. لا خروج من الإفلاس باعتماد سياسة الهرب إلى أمام، أي إلى حرب جديدة مع إسرائيل خاسرة سلفا. الخروج من الإفلاس يعني، أول ما يعني، الابتعاد عن المكابرة والاعتراف بالفشل وتوفير مزيد من العذابات على الشعب الفلسطيني.

لا يزال هناك فلسطينيون، هدم القصف الإسرائيلي بيوتهم، يقيمون في العراء منذ حرب أواخر العام 2008. كيف يمكن لـ”حماس” الاقتناع بأن سلاحها وصواريخها تصبّ في خدمة إسرائيل وتجويع الشعب الفلسطيني وأن عليها أن تتنحى وتترك شؤون القطاع لغيرها، بالتنسيق مع مصر طبعا، في انتظار إعادة تشكيل السلطة الوطنية الفلسطينية.

هل من مخرج آخر لفكّ الحصار بدل بقاء “حماس” في أسر الفكر الإخواني الذي تدّعي أنها تخلصت منه قبل عام لكنه لا يزال في الواقع يتحكم بكل سلوكها؟

المصدر : جريدة العرب

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حماس والإفلاس حماس والإفلاس



GMT 04:37 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

من مفكرة الأسبوع

GMT 04:32 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حين غابت الرقابة على الأسعار

GMT 04:22 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

دافوس الصحراء والأمل يتحول لأرقام

GMT 04:12 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الأردن يتحدى إسرائيل

GMT 04:42 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

يوم أردني مُشبع بالفوضى والفساد.. خربانة!

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:06 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر
 فلسطين اليوم - الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر

GMT 17:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25
 فلسطين اليوم - "نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 08:51 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 21:38 2020 الأحد ,03 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 06:51 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحمل" في كانون الأول 2019

GMT 07:28 2020 الخميس ,18 حزيران / يونيو

«الهلال الشيعي» و«القوس العثماني»

GMT 01:18 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة "أيقونة" رفع الأثقال بعد صراع مع المرض

GMT 22:54 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أصحاب دور العرض يتجهون إلى رفع "عمود فقرى" من السينما

GMT 10:32 2020 الأربعاء ,20 أيار / مايو

فساتين خطوبة للممتلئات بوحي من النجمات

GMT 16:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أحدث تصاميم ديكور لحدائق المنزل

GMT 17:03 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

اعتقال موظف وعشيقته داخل مقر جماعة في شيشاوة

GMT 12:46 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

العقوبات الأميركية تطال منح الطلاب الفلسطينيين في لبنان

GMT 09:52 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

قناعاتنا الشخصية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday