إيران وروسيا… بعد ضربة سوريا
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

إيران وروسيا… بعد ضربة سوريا

 فلسطين اليوم -

إيران وروسيا… بعد ضربة سوريا

بقلم : خير الله خير الله

لن تكون روسيا مستاءة من الخروج الإيراني من سوريا. ستجد طريقة للتأقلم مع مرحلة ما بعد الضربة الأميركية. ستقبض ثمن الاستثمار في مؤسسة الجيش السوري وفي الطائفة العلوية.الوجود الروسي مستمر
بعد الضربة الأميركية – الفرنسية – البريطانية التي استهدفت السلاح الكيميائي السوري، في ظل اعتماد روسيا موقف المتفرّج، ثمة ملاحظات لا يمكن تجاهلها. إنّها ملاحظات مرتبطة بالوضع السوري ككل، وموقع إيران وروسيا في هذا البلد الذي بات تحت خمسة احتلالات.في مقدّم الملاحظات أن كلّ الإستراتيجية الإيرانية قائمة على شخص بشار الأسد، في حين أن لدى الجانب الروسي خيارات أخرى في ضوء الدور الذي لعبه في بناء المؤسسة العسكرية السورية وتغلغله فيها.

 هناك علاقة تاريخية بين موسكو ودمشق منذ صفقة السلاح الأولى، غير المباشرة، بين البلدين في أواخر خمسينات القرن الماضي وبدء تخرّج كبار الضباط السوريين، خصوصا العلويين منهم، من الأكاديميات العسكرية السوفياتية، ثمّ الروسية في مراحل لاحقة.تتفوق روسيا على إيران بأن وجودها في سوريا غير مرتبط بشخص بمقدار ما إنّه مرتبط بطائفة ومؤسسة، هي المؤسسة العسكرية. مثل هذا الارتباط الإيراني ببشّار الأسد جرّ إلى مزيد من الاعتماد لدى رئيس النظام السوري على ميليشيا “حزب الله” اللبنانية، التي يتأكد كل يوم أنّها ليست سوى لواء في “الحرس الثوري” الإيراني الذي ارتبط بالأسد الابن ارتباطا وثيقا، بل عضويا، وذلك منذ ما قبل خلافته والده في الرئاسة رسميا صيف العام 2000 وزيادة الحضور القوي للحزب في الأراضي السورية.من هذا المنطلق، لن يكون سهلا على القوى التي تسعى إلى تحديد مستقبل سوريا في مرحلة ما بعد بشّار الأسد تجاهل الدور الروسي بوجوهه المتعددة، بما في ذلك العلاقة بالكنيسة الأنطاكية الأرثوذكسية التي مقرّها الأساسي في دمشق. هذا لا يعني أن روسيا في وضع مريح في سوريا، خصوصا أنها تتبع سياسة تقوم على معاداة أهل السنّة في بلد نسبة هؤلاء فيه تزيد على خمسة وسبعين في المئة. أسوأ من ذلك، أن الموقف الروسي يستند أساسا على أن النظام القائم في دمشق “شرعي”، في حين أنّه لا يمتّ إلى الشرعية بصلة لا من قريب ولا من بعيد. إنّه نظام طائفي أولا وأخيرا يقوم على تحكم الأجهزة الأمنية برقبة المواطن. وقد تحول هذا النظام مع خلافة بشّار لوالده إلى نظام مافيوي عائلي أكثر من أيّ شيء آخر. 

ليست تصفية آصف شوكت، صهر العائلة، بالطريقة التي تمت بها سوى دليل إضافي على ذلك بعد اكتشاف أن الرجل يمتلك علاقات عربية ودولية قد تسمح له بأن يكون بديلا من داخل العائلة لبشّار الأسد.ما تعنيه المقارنة بين الدورين الروسي والإيراني في سوريا أن الدور الروسي يمكن أن يكون له مستقبل، فيما لا وجود لهذا المستقبل للدور الإيراني. هذا عائد إلى سبب في غاية البساطة.

 يتمثّل هذا السبب في أن الدور الإيراني على الصعيد الإقليمي في مرحلة تراجع، فيما لا تزال روسيا قوّة عسكرية لا يمكن تجاهلها على الرغم من كلّ النكسات التي حصلت منذ انهيار الاتحاد السوفياتي في مطلع العام 1992، وحتّى في مرحلة سبقت الانهيار.تخلل تلك المرحلة سقوط جدار برلين في تشرين الثاني – نوفمبر 1989. لم يكن ذلك السقوط مجرد سقوط لجدار، بل كان إيذانا بدخول العالم مرحلة جديدة أسّس لها دونالد ريغان الذي باشر منذ دخوله البيت الأبيض مطلع ثمانينات القرن الماضي التصعيد مع الكرملين، وصولا إلى وصف الاتحاد السوفياتي بـ“إمبراطورية الشرّ” وإدخاله في سباق تسلح، عبر إطلاق مشروع “حرب النجوم”.

 تبيّن وقتذاك أن اقتصاد الاتحاد السوفياتي عاجز حتّى عن التأقلم مع فكرة “حرب النجوم”، وأنه ليس في واقع الحال سوى “نمر من ورق”، كما كان الزعيم الصيني ماو تسي تونغ يصف “الامبريالية الأميركية” التي تسعى بلاده منذ وفاته إلى الاقتداء بها، وإن على طريقتها الخاصة.

تفرض المقارنة بين الوجوديْن الروسي والإيراني في سوريا الاعتراف بأنّ الوجود الروسي يمكن أن يكون له أساس ما، كما قد تكون هناك حاجة أميركية إليه في مرحلة معيّنة في حال صار مطلوبا إيجاد صيغة جديدة تشمل حصول لملمة لكيان تعرّض للتفتيت. تزداد الحاجة إلى مثل هذا الوجود الروسي في حال بقي شيء من الجيش السوري يصلح نواة لجيش جديد.

أمّا الوجود الإيراني، فهو وجود مصطنع قائم على التدمير وإحلال الميليشيات المذهبية المستوردة مكان السلطة القمعية القائمة. لن تستطيع إيران تغيير كلّ التركيبة الديموغرافية لسوريا حتّى لو كان تركيزها على تدمير كلّ مدينة كبيرة وتهجير أكبر عدد من السوريين من بلدهم. لن تستطيع إيران ذلك نظرا إلى أنّ في المنطقة قوى كثيرة ترفض منطقها الذي لا علاقة له بالمنطق.هناك العراق الذي يسعى كلّ يوم إلى الخروج من تحت الهيمنة الإيرانية. 

كان العراق في أساس الانطلاقة الجديدة لإيران بعدما سلمته لها الولايات المتحدة في مثل هذه الأيّام من العام 2003. تتراجع إيران حاليا في كلّ مكان بعدما وجدت في شخص وليّ العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان من يقول الأشياء كما هي، أخذا في الاعتبار أن المملكة العربية السعودية تمتلك ما يكفي من القوّة كي لا تكون لها أي عقدة تجاه نظام إيراني لم يتورّع عن استخدام الإرهاب والترهيب ووضعهما في خدمة سياساته.تتراجع إيران في العراق. ستكون الانتخابات العراقية في الثاني عشر من أيّار – مايو المقبل اختبارا حقيقيا لمدى رغبة العراقيين في التحرّر من الاستعمار الإيراني. لكنّ المكان الذي سيكون فيه الامتحان الحقيقي لإيران، هو سوريا حيث ربطت مصيرها بمصير رجل لم يستطع في يوم من الأيام استيعاب خطورة أن يكون أسير “الحرس الثوري” وأدواته.ستسعى إيران إلى التشبث بالورقة السورية. لا يسمح الوضع الداخلي للنظام بغير ذلك. يعلم “الحرس الثوري” 

وقادته أن الخروج من سوريا سيعني الخروج من طهران، وأن الهزيمة السورية ستكون لها انعكاساتها في الداخل الإيراني حيث لم يعد في استطاعة النظام مواجهة حال التذمر السائدة. هناك تذمّر على كل صعيد، خصوصا بعد انكشاف النظام الذي صرف أموال إيران في سوريا ولبنان وغزّة واليمن ولم يستطع أن يستجيب لأي مطلب شعبي في بلد يعيش أكثر من نصف سكانه تحت خط الفقر.

لن تكون روسيا مستاءة من الخروج الإيراني من سوريا.

 ستجد طريقة للتأقلم مع مرحلة ما بعد الضربة الأميركية. ستقبض ثمن الاستثمار في مؤسسة الجيش السوري وفي الطائفة العلوية. لم يكن بشّار الأسد في يوم من الأيّام رجلا لا يُستغنى عنه بالنسبة إلى فلاديمير بوتين… في حين شكّل الضمانة الوحيدة لإيران.

 تعرف موسكو هذه الأيّام أن هناك كلاما جديا في العالم عن بديل من بشار الأسد في مرحلة انتقالية تبدو سوريا مقبلة عليها.

ستدفع إيران، عاجلا أم آجلا، ثمن رهانها على شخص ظن أنه يستطيع إلقاء دروس في الوطنية والتنظير على العرب الآخرين في شأن كيفية مواجهة إسرائيل. انتهى الأمر ببشار أن قبل بضمّ إسرائيل لهضبة الجولان المحتلة التي رفض والده استعادتها كي تبقى حال اللاحرب واللاسلم سائدة في المنطقة ووسيلة ابتزاز للعرب الآخرين.

 لم يستطع بشّار حتّى ممارسة لعبة الابتزاز التي أتقن والده أصولها، والتي كانت إيران من بين الدول التي شملتها.المصدر : جريدة العربالمقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران وروسيا… بعد ضربة سوريا إيران وروسيا… بعد ضربة سوريا



GMT 03:23 2023 الجمعة ,03 آذار/ مارس

ستون عاماً على الزلزال السوري

GMT 07:48 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

الحقد … بديل رفيق الحريري

GMT 06:52 2020 الخميس ,02 تموز / يوليو

هروب الدولار من لبنان

GMT 06:21 2020 الخميس ,25 حزيران / يونيو

رهان عربي على مصر.. من ليبيا

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 10:19 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحداث المشجعة تدفعك إلى الأمام وتنسيك الماضي

GMT 16:13 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتورة أميرة الهندي تؤكد استحواذ إسرائيل على ثلث المرضى

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عروض فنية للأطفال في افتتاح مسرح "متروبول"

GMT 06:02 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تألق سويفت ولارسون وكلارك وصلاح في حفل "تايم"

GMT 14:01 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

سكارليت جوهانسون تُوضِّح أنّ وقف تقنية "deepfake" قضية خاسرة

GMT 06:31 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

خبراء يكشفون عن أسوأ 25 كلمة مرور تم استعمالها خلال عام 2018

GMT 15:38 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحمد أحمد يتوجّه إلى فرنسا في زيارة تستغرق 3 أيام

GMT 09:02 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"إسبانيا" الوجهة المثالية لقضاء شهر عسل مميز

GMT 04:53 2015 الأحد ,15 آذار/ مارس

القلادة الكبيرة حلم كل امرأة في موضة 2015
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday